الأحداث الهامة وردود الأفعال (من 14 مايو حتى 4 يونيه 1967)

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
الأحداث الهامة وردود الأفعال (من 14 مايو حتى 4 يونيه 1967)






بدأ التخطيط الدقيق لاستدراج مصر إلى هذه الحرب في توقيت لا يناسبها. خاصة وأن قواتها كانت منشغلة بحرب اليمن. وكان تنفيذ المخطط الإسرائيلي – الأمريكي في أوائل أبريل 1967، حين بدأت إسرائيل سلسلة من الانتهاكات لاتفاقية الهدنة مع سورية، وذلك بتوسيع المناطق الزراعية التابعة لها في المنطقة المنزوعة السلاح شرقي بحيرة طبريا، على حساب الأراضي التي يملكها المزارعون السوريون.

وكشفت إسرائيل النقاب للمرة الأولى عن قيام جهاز الموساد بمساعدة النظام الملكي اليمني أوائل الستينات في حربه ضد الثوّار الذين تدعمهم مصر، وذلك بغرض إضعاف الاقتصاد المصري، ومعرفة حقيقة القدرات العسكرية المصرية في فترة المد القومي العربي قبل نكسة 1967 وإرهاقه بهذه الحرب التي تورَّط فيها بوقوفه بجانب الثوار بجزء كبير من الجيش المصري يقارب ثلث عدد أفراده، وأن إسرائيل كانت تريد أن نتعرَّف عن قرب على حقيقة القدرات العسكرية للجيش المصري المحارب في اليمن، وقد ساعدهم ذلك على إلحاق هزيمة مروعة به عام 1967. وتابع رئيس جهاز الموساد السابق حديثه الذي نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية الاثنين الماضي 21-2-2000 بقوله: إن التدخل في الحرب الأهلية اليمنية كان جزءاً من نظرية إستراتيجية شاملة لجهاز الموساد الذي يسعى إلى إثارة الانقسامات والنزاعات في صفوف العالم العربي، والبحث عن حلفاء له في المنطقة.. كما أن التدخل الإسرائيلي في تلك الحرب مكّن الموساد من دسّ عملاء له ليحصلوا على معلومات حول قدرة الجيش المصري في تلك الفترة الحساسة التي سبقت حرب يونيو عام 1967.

أنظر " الموساد ...: ورَّطنا مصر في حرب اليمن لإضعافها قبل حرب 1967.....!!!​




قتال بالمدفعية والطيران يسفر عن إسقاط 6 طائرات ميغ 21 سورية

وأدى الرد السوري في 7 أبريل على هذا الانتهاك المتعمد إلى نشوب قتال بالمدفعية والطيران أسفر عن إسقاط 6 طائرات ميغ 21 سورية. ثم بدأت على أثر ذلك سلسلة من التهديدات الإسرائيلية لسورية. وتمت فـي الوقـت نفسـه بعض التحركات العسكرية قرب الحدود السورية، توحي بأن هناك حشوداً ضخمة. مع إنكار وجود مثل هذه الحشود لمراقبي الهدنة التابعين للأمم المتحدة.

ولما كانت مصر تربطها بسورية معاهدة دفاع مشترك، عقدت في 4 نوفمبر 1966، فقد كان من الطبيعي أن تتضامن مصر مع سورية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية الصريحة لها بالحرب، والتي جسدتها معركة 7 نوفمبر 1966 الجوية، خاصة وأن إسرائيل تعمدت استفزاز قيادتها السياسية في حميم شعورها بمسؤوليتها القومية عندما كررت التهديدات العسكرية لسورية، وأوضحت أن مصر لن تستطيع التدخل لصالح سورية لأنها ضعيفة نتيجة تورطها في اليمن.

وفـي أوائـل مـايو 1967 أخـذ المسـؤولون الإسرائيليون يصعدون تهديداتهم، فأعلن "ليفي أشكول" رئيس الوزراء بأن (حرب العصابات أمر لا يقبله العقل ولا يمكن تركه هكذا لأنه يهدد أمن إسرائيل. ومن الواضح أن سورية هي قاعدة المخربين الذين يفدون إلينا، وربما يوجد بينهم مخربون من الصين الشعبية كما تقول الشـائعات) وفي 9 مايو 67 قرر الكنيست الإسرائيلي وجوب ا لقيام بعملية حربية انتقامية ضد سورية.

وفي 10 مايو 1967 أرسل "أبا إيبـان" وزير الخارجية الإسرائيلي إلى سفرائه في الخارج يطلب منهم (العمل على إقناع الدول التي يعملون فيها بخطورة الموقف على الحدود السورية – الإسرائيلية.

فـي يوم 12 مايو 1967، صرح "إسحاق رابين" رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أننا سنقوم بهجوم خاطف على سورية، وسنحتل دمشق لنسقط النظام ثم نعود …) وحينما شعرت سورية أن التهديدات الإسرائيلية هي تمهيد لعدوان عليها، سارعت بإبلاغ أعضاء مجلس الأمن بالموقف يوم 13 مايو 1967.

وكانت هذه التصريحات كفيلة بتحريك الموقف على مختلف مستوياته وفي أركان الدنيا.. حيث اتجهت كل الأنظار إلى سورية … وماذا سيحدث هناك؟!!.

وكـان الاتحاد السوفيتي مشغولاً بما يحدث في سورية. حيث كان أول من أذاع أنباء الحشود على سورية، وقد تم الإبلاغ بوسيلتين، يوم 13 مايو 1967 الأولى بالوسائل الرسمية إلى الرئيس "عبدالناصر" في القاهرة، والثانية شبه رسمية، حيث أفضى الرئيس "بودجورني" – أحد قادة الاتحاد السوفيتي الثلاث في ذلك الوقت – إلى "أنور السادات" كان وقتها رئيساً لمجلس الشعب، أن سورية تواجه موقفاً صعباً، ونحن سنساعد سورية في الموقف الذي ستواجهه، وقد أخطرنا الرئيس "عبدالناصر" في القاهرة بما لدينا من معلومات

وقد وصلت في نفس اليوم برقية من رئيس الأركان السوري تفيد "إسرائيل استدعت قوات الاحتياط، وإنها تحشد حوالي 15 لواء أمام الجهة السورية، وأنها تنوي مهاجمة سورية مع استخدام المظليين بكثافة … والتوقيت المنتظر من 15 – 22 مايو وأبلغ وزير الدفاع السوري "العماد حافظ الأسد" المشير عامر بأن العدو يحشد 11 – 13 لواء على الحدود السورية.

وقبل ذلك بحوالي عشرة أيام طلب الملك "حسين" حضور الفريق "عبدالمنعم رياض" الذي كان يشغل وقتها رئيس أركان القيادة العربية الموحدة – لمقـابلته في عمان … وقد كان مضمون الرسالة يعتبر ذا أهمية خاصة لمصر وللشعوب العربية بالكـامل حيث تـلخصت في أن "هناك مؤامرة لاستدراج مصر وتوريطها بحيث يمكن ضربها … وأن سورية هي طعم الاستدراج أو التوريط، وأن موعد التنفيذ قريب … وأن الملك حسين – برغم كل الاعتبارات – قـرر أن يحذر مصر لسبب رئيسي هو خشية أن تصل المخاطر إلى مملكتـه لصعوبة حصر ألسنة النار إذا اشتعلت في المنطقة.

وبعد هذا وذاك، كانت وكالات الأنباء تنقل أنباء حشود عسكرية، وتصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي، ولبعض القادة العسكريين بحتمية المواجهة بين إسرائيل وسورية التي تشجع أعمال الفدائيين، وأن المواجهة في هذه المرة تختلف تماماً عن المواجهات السابقـة، وأنه قد تستغل الحشود العسكرية القائمة بتنفيذ العرض العسكري يوم 15 مايو بمناسبة ذكرى إنشاء الدولة في توجيه الضربة إلى سورية.

كل هذا لخلق الذريعة، والخداع في توجيه الضربة الرئيسية، وجر مصر (التي وقعت اتفاق إحياء معاهدة الدفاع المشترك مع سورية يوم 4 نوفمبر 1966) لاتخاذ إجراءات لتكون هي الذريعة لبدء عدوان يونيه 1967.

وقبل أن نتعمق في سير الأحداث والملابسات التي اكتنفتها، والاستعدادات التي قام بها كل من الطرفين علينا أن نتفهم بعض أوضاع الأجهزة والقيادات المسئولة عن التخطيط للحرب وسير القتال.


اجتماع القيادة العسكرية:.

صباح يوم 14 مايو، عقد المشير "عبدالحكيم عامر" اجتماعاً مع الفريق "محمد فوزي" رئيس الأركان (دون اشتراك معظم قادة القوات المسلحة الرئيسية ومنهـم رئيس هيئة العمليات الفريق "أنور القاضي" .. والذي يعتبر حضوره ضرورياً .. لبحث مواقف العمليات – ويقول الفريق "القاضي" في حديث له نشر بمجلة آخر ساعة في 8 يونيه 1988 .. أنه فوجئ بقرارات المشير لأنه يعلم جيداً قدرات القوات المسلحة، ولكنه فهم من المشير أن الأمر لا يتعدى أن يكون مظاهرة عسكرية) .. وقد ترتب على هذا الاجتماع صدور العديد من القرارات العسكرية منها تعليمات العمليات الحربية رقم 1/67 التي صدرت قبل ظهر يوم 14 مايو وتنص ملخصها على الآتي: (الوثيقة الرقم1)

تؤكد المعلومات من مصادرها المختلفة نية إسرائيل في العدوان على الجمهورية العربية المتحدة. وفي ضوء اتفاقية الدفاع المشترك بين الجمهورية العربية المتحدة والجمهورية العربية السورية قررت القيادة العليا للقوات المسلحة في الجمهورية العربية المتحدة التدخل جواً وبراً في حالة قيام إسرائيل بعدوان شامل على الأراضي السورية بقصد احتلالها أو جزء منها أو تدمير القوات الجوية السورية.

القرارات:.

أولاً: ترفع درجات استعداد القوات الجوية والدفاع الجوي والقوات البرية والقوات البحرية وقوات الدفاع المدني اعتباراً من يوم 14/5/1967 إلى درجة الاستعداد الكاملة.

ثانياً: اتمام التعبئة العامة للقوات المسلحة العربية قبل 17/5/1967، وإيقاف فرق التعليم بالمعاهد وبالمنشآت التعليمية في الجمهورية العربية المتحدة فوراً، وتوزيع الضباط لتدعيم القيادات والوحدات.

ثالثاً: إتمام التحشدات أمام جبهة الجمهورية العربية المتحدة في اتجاه إسرائيل براً وجواً قبل يوم 17/5/1967.

رابعاً: تجهيز الخطط التعرضية والدفاعية المشتركة المقررة بالاتفاق مع القيادة العامة السورية.

خامساً: التوزيع الاستراتيجي للقوات البرية طبقاً للخطط المقررة مع التجهيز لتنفيذ العمليات التعرضية البحرية.

سادساً: بإتمام الاستعداد الكامل للدفاع الجوي يبدأ استطلاع جوي في إسرائيل.

(الوثيقة موقعة بإمضاء رئيس الأركان الفريق محمد فوزي).


وصدرت قرارات مكملة لهذه التعليمات منها قرار التعبئة الذي وجه المشير "عامر" فيه (أن يكون الاعتماد فيها على القطاع المدني في أضيق الحدود) – أقل مما جاء بالخطة – حتى لا تتأثر كفاءة الإنتاج بالقطاع ا لمدني أو اقتصاديات الجمهورية بدرجة كبيرة، وحتى يمكن تطبيق سياسة النفس الطويل إذا لزم الأمر ذلك – على أن تستكمل التعبئة يوم 26/5/1967. وتقرر أن يتوجه الفريق "محمد فوزي" بالسفر فوراً إلى دمشق لاستطلاع الموقف عن قرب والتنسيق مع القيادة السورية.
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى