أرهاصات لتلاعب مصري بخريطة السودان ومثلث حلايب!!
تحليل سياسي الأحد, 21 فبراير 2010 06:06 تحليل رئيسي (خاص : سودان سفاري)
على الرغم من أن الحكومتين السودانية والمصرية ظلتا
طوال عقود تعملان على محاولة حل وتهدئة كافة أنواع النزاعات بينهما فيما يخص ملف مثلث
حلايب الشائك بحيث لا يوجد الآن توتر سياسي أو أمني بشأن الملف بين البلدين، الاّ أن جهات
مصرية – للأسف الشديد سعت مؤخراً لإثارة أزمة معقدة للغاية بشأن المثلث.
فقد أوردت صحيفة الأهرام المصرية – وكلنا يعلم حجم الصحيفة وتأثيرها – مقالاً مطولاً في عددها
رقم (44939) بتاريخ 20 ديسمبر 2009، أي قبل حوالي شهر ونيف أعده الصحفي (سيد صالح)
حرضت فيه بضرورة تعديل خريطة جمهورية مصر لتضم مثلث حلايب رسمياً! فقد أشار المقال الى
أن أستاذاً جامعياً يُدعى (هشام نبيه) بجامعة القاهرة بدأ تحركات محمومة منذ العـ2007ـام كرّسها
بصورة كاملة لوضع مثلث حلايب في كل الخرط والمتداولة ضمن خريطة جمهورية مصر، حيث
سعى لدى قناة الجزيرة الفضائية (لتعدل) خريطتها عن مصر واستجابت القناة، ثم تراجعت، ثم اتجه
الى تدريس الطلاب الجامعيين ولفت نظرهم الى وجهة نظره، ولما لم يجد الأمر ايضاً مؤثراً لم يتردد
في مخاطبة رئيس الوزراء المصري ووزراء الاعلام والتعليم العالي هناك، ثم سعى لمواقع
الانترنت واتجه الى محرك البحث الاشهر (غوغل) وأفادهم بأن خريطة مصر المتداولة – بدون
مثلث حلايب – هي خريطة مغلوطة وعليهم تصحيحها لتضم المثلث ومنطقة شلاتين غير أن
مسؤولي (غوغل) أفحموه برد لم يجد له حلاً، حيث طلبوا منه مخاطبة الأمم المتحدة باعتبارها
الجهة التي اعتمدت الخريطة لديها رسمياً، وان كان هنالك خطأ فهي المختصة – دون غيرها –
باجراء التصحيح المطلوب!
وبالطبع اسقط في يد الأستاذ هشام الذي سار في طريق شائك استسهله مدفوعاً بحماس غريب
ومثيراً لشبهة غريبة من وراء تحركاته.
ولكنه لم يقف عند هذا الحد وانما سعى لدى حاكم امارة دبي لتعديل الخريطة في قناتها الفضائية،
وبقراءة المقال والتمعن فيما تضمنه من تحركات (صامتة) و(خفية) يقوم بها الأستاذ المشار اليه
ومعه آخر، مقروءاً مع توقيت اجراء الانتخابات العامة في السودان يتجلى هنا عنصر ارباك واضح
وربما مقصود من جهات مصرية لا يشبه بأي حال طبيعة علاقات البلدين.
فالكل يعلم أن الخرائط الحالية هي المعتمدة رسمياً – بصرف النظر عن أحقية كل طرف في المثلث
المتنازع عليه – كما أن الكل يعلم أن النزاع لم يبت فيه بعد ومن ثم فإن أي مساس بالخرائط
الحالية من الجانب المصري هو دون شك تجاوز سافر وخطير للأعراف الدولية فضلاً عما يحتويه
من تضليل واضح للعالم.
ومن المهم جداً هنا أن نشير الى أن الأمن القومي العربي عامة والأمن القومي المصري
والسوداني هو في النهاية (أمن واحد) ولهذا فإن أسوأ ما يهدد هذا الأمن والمنطقة بأسرها – وهي
أصلاً غارقة في دوامة من عدم الاستقرار – هو أن يعتدي طرف عربي ضمن نطاق هذا الأمن
القومي على سيادة بلد آخر، والأسوأ أن يكون الاعتداء (بوسائل خداعية وبأسلوب تلاعب مؤسف
كهذا) وقد رأينا من قبل في مطلع تسعينات القرن المنصرم كيف دفعت دول المنطقة العربية ثمناً
باهظاً للغاية ولا تزال تدفع جراء قيام بلد عربي باحتلال بلد عربي آخر فالأمر هنا سيان، الخاسر
فيه هو الامن القومي العربي مجتمعاً فهل يدرك الجانب المصري هذا الأمر ويتغاضى عنه عمداً، أم
أنه غير مدرك لعواقبه لهذه الدرجة المؤسفة حقاً؟!