بقلم
العقيد ركن (م) كمال الأعور
انعقد مؤتمر القوات الجوية في الشرق الأوسط في العاصمة العمانية مسقط ، في 23 و 24 مارس الماضي ، وانبرى للحديث فيه نخبة من القيادات الحالية والسابقة
في القوات الخليجية والأجنبية ، إضافة إلى خبراء دوليين في مجال الجوفضاء والمواضيع ذات الصلة . وتكلم في هذا المؤتمر كل من اللواء المتقاعد صابر السويدان
القائد السابق للقوات الجوية الكويتية ، واللواء حمد عبد الله الخليفة قائد سلاح الجو الملكي البحريني ، باسهاب وشفافية وموضوعية بالتتابع عن قدرات وحاجات القوات
الجوية الكويتية والبحرينية . أما البقية فتكلم معظمهم حول خبراتهم في تنظيم وتجهيز القوات الجوية التي خدموا فيها لجهة الدعم اللوجستي والصيانة. وروج بعض مسؤولي
الشركات منتجاتهم الداعمة للقوات الجوية وبخاصة طائرات الدعم المتخصصة ، مثل طائرات الانذار المبكر والسيطرة التي انفردت بها شركة نورثروب غرومان .
في الاجمال ، اقتصر البحث حول القوات الجوية الوطنية ، ولم يرقَ إلى مستوى القوات الجوية المشتركة لدول المنطقة ، وبخاصة دول الخليج العربية التي هي من
الضروريات على المستوى الاقليمي .وبدا من سياق البحث وكأن الخليج غير مسموح لها أن تفكر وتنشط اقليمياً ، وأن تحصر مهام القوات الجوية بالمجال الوطني
فقط للدفاع عن المجال الجوي ، والحدود البرية ، والمياه الاقليمية ، ودعم القوات البرية ، إضافة إلى دعم الحلفاء وبحسب تعليمات كل دولة . وهذه الأخيرة ليست
بالأمر اليسير إذ لم تنضج تخطيطاً وتجهيزاً وتدريباً.
وكما هو معروف ، اتفقت دول مجلس التعاون الخليجي على اعتبار أي اعتداء على احداها هو اعتداء على جميع دول المجلس ، ووضعت نظاماً اقليمياً لكشف التهديدات
والاختراقات الجوية كافة . وإلى ذلك أنشأت قوة خليجية مشتركة أسمتها درع الجزيرة ، أو قوة ردة الفعل على الأزمات ، ومركزها الرياض ، وتعمل الآن بعدد
5000 مقاتل ويخطط المجلس لرفعه إلى 20000 مقاتل . فلماذا هذا الاجراء لا ينسحب على القوات الجوية ؟ ولماذا لا تشكل دول المجلس قوة جوية اقليمية
مشتركة للدفاع عن أرض الخليج مستفيدة بذلك من الدروس والعبر التي عانتها القوات الجوية الأوروبية الصغيرة في أفغانستان ؟
يوجد بعض المؤشرات الايجابية في هذا المنحنى ، حيث إن هناك تفاهماً على صعيد طائرات الدعم المتخصصة الباهضة الثمن ، مثل : الانذار المبكر ، والدورية البحرية ،
والصهاريج الجوية ، لاستخدامها عند الضرورة ، لدعم جميع الدول الأعضاء . فالتهديدات الأمنية والأطماع الاقليمية في دول الخليج وثرواتها النفطية ، تستدعي تدعيم
القدرات الردعية لهذه الدول على الصعيد الاقليمي ( القدرات الوطنية قد قطعت أشواطاً كبيرة في هذا المجال ) وتشكيل قوة جوية مركزية مشتركة بحجم سرب +
في مرحلة أولى ، وجناح في ما بعد ، تتمركز في منطقة وسطية في دول المنطقة ، وتبقى على جهوزية تامة لتأمين مهام دعم عام ، أو حتى دعم مباشر للدولة المعنية بالاعتداء.
ولكن هل الوسائل تتناسب والأهداف المرجوة ؟ بالطبع نعم ، فمعظم الدول مثل دولة الامارات العربية المتحدة ، وعمان ، والبحرين ، وربما قريباً قطر (بعد بيع طائرات ميراج 2000-5)
تمتلك طائرات F-16 . كما تشترك المملكة العربية السعودية ، والكويت في حيازة طائرات صنع شركة "بوينغ" Boeing وتحديداً طائرتي F-15S
و F/A-18C/D ، وحدها الامارات تنفرد بحيازة طائرات ( ميراج 2000-9 ) الفرنسية كما تنفرد السعودية بحيازة طائرات من إئتلاف أوروبي :
تورنيدو ( Tornado ) و يوروفايتر تايفون (Eurofighter Typhoon) . وإلى ذلك ، فالقوات الجوية الخليجية هي من القوات
النادرة في العالم من حيث حيازتها أنظمة وأسلحة حديثة ، وإدارة رمي ، وصواريخ جو -جو ، و جو-أرض فائقة الدقة إظافة إلى الصواريخ الجوالة .
استناداً على ما تقدم ، قد يكون منطقياً تشكيل ، على سبيل المثال ، سرب معزز مؤلفة من أربعة رفوف ، اثنان منها مجهزان بطائرات F-16 ، والرف الثالث بطائرات F-15S
والرابع بطائرات F/A-18 . أما الطائرات الفرنسية والأوروبية فتتفرغ للمهام الوطنية مع غيرها من الطائرات خارج السرب العتيد . هل هذا كافي ؟
طبعاً لا ، فهذا التوجه دونه عقبات تقنية . ويبقى تجهيز هذه الطائرات بأنظمة إتصالات توفر توافقاً تشغيلياً في ما بينها في الصوت والبيانات. ولا بأس هنا من
الاستفادة من الأنظمة الخاصة بحلف شمال الأطلسي وبخاصة Link 16 و Link 22 ، للتوافق أيضاً مع دول هذا الحلف ، باعتبار أن دوله تشارك
بمهام أمنية في المنطقة . كما أن لدول الخليج اتفاقيات تعاون دفاعي مع معظم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لتبادل الخبرات ، والتدريب ، والدفاع عنها عند الاقتضاء .
وإلى ذلك ، فهذه الوحدة بحاجة للتوحد في أنظمة تعريف العدو من الصديق ، وأن تتشارك في أنظمة حرب الشبكة المركزية ، وأنظمة الانذار المبكر ، والسيطرة
الجوية ليصار إلى الاشتباك مع التهديدات بأسرع وقت ممكن . ولابد أيضاً من توفير معدات المناولة والمساندة الأرضية لمختلف الطائرات لرفع جهوزيتها العملانية .
وتجدر الاشارة إلى أن بوسع دول الخليج أن تستفيد من تجارب القوات الجوية الأوروبية الثانوية مثل : بلجيكا ، والدنمارك ، وهولندا . والتي شكلت
وحدات على مستوى سرب أيضاً على مسرح الأفغاني تحت قيادة ISAF .
باختصار ، قطعت دول مجلس التعاون الخليجي أشواطاً كبيرة في تعزيز قدراتها الردعية على الصعيد الوطني ، وحان الوقت الآن لتفعيل العمل الاقليمي لصون وحماية أمنها القومي ، وإن رحلة الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى ،،.
منقول
من مجلة دفاع 21
العدد 29 لشهري أبريل \ مايو 2009
تحياتي ،،
العقيد ركن (م) كمال الأعور
انعقد مؤتمر القوات الجوية في الشرق الأوسط في العاصمة العمانية مسقط ، في 23 و 24 مارس الماضي ، وانبرى للحديث فيه نخبة من القيادات الحالية والسابقة
في القوات الخليجية والأجنبية ، إضافة إلى خبراء دوليين في مجال الجوفضاء والمواضيع ذات الصلة . وتكلم في هذا المؤتمر كل من اللواء المتقاعد صابر السويدان
القائد السابق للقوات الجوية الكويتية ، واللواء حمد عبد الله الخليفة قائد سلاح الجو الملكي البحريني ، باسهاب وشفافية وموضوعية بالتتابع عن قدرات وحاجات القوات
الجوية الكويتية والبحرينية . أما البقية فتكلم معظمهم حول خبراتهم في تنظيم وتجهيز القوات الجوية التي خدموا فيها لجهة الدعم اللوجستي والصيانة. وروج بعض مسؤولي
الشركات منتجاتهم الداعمة للقوات الجوية وبخاصة طائرات الدعم المتخصصة ، مثل طائرات الانذار المبكر والسيطرة التي انفردت بها شركة نورثروب غرومان .
في الاجمال ، اقتصر البحث حول القوات الجوية الوطنية ، ولم يرقَ إلى مستوى القوات الجوية المشتركة لدول المنطقة ، وبخاصة دول الخليج العربية التي هي من
الضروريات على المستوى الاقليمي .وبدا من سياق البحث وكأن الخليج غير مسموح لها أن تفكر وتنشط اقليمياً ، وأن تحصر مهام القوات الجوية بالمجال الوطني
فقط للدفاع عن المجال الجوي ، والحدود البرية ، والمياه الاقليمية ، ودعم القوات البرية ، إضافة إلى دعم الحلفاء وبحسب تعليمات كل دولة . وهذه الأخيرة ليست
بالأمر اليسير إذ لم تنضج تخطيطاً وتجهيزاً وتدريباً.
وكما هو معروف ، اتفقت دول مجلس التعاون الخليجي على اعتبار أي اعتداء على احداها هو اعتداء على جميع دول المجلس ، ووضعت نظاماً اقليمياً لكشف التهديدات
والاختراقات الجوية كافة . وإلى ذلك أنشأت قوة خليجية مشتركة أسمتها درع الجزيرة ، أو قوة ردة الفعل على الأزمات ، ومركزها الرياض ، وتعمل الآن بعدد
5000 مقاتل ويخطط المجلس لرفعه إلى 20000 مقاتل . فلماذا هذا الاجراء لا ينسحب على القوات الجوية ؟ ولماذا لا تشكل دول المجلس قوة جوية اقليمية
مشتركة للدفاع عن أرض الخليج مستفيدة بذلك من الدروس والعبر التي عانتها القوات الجوية الأوروبية الصغيرة في أفغانستان ؟
يوجد بعض المؤشرات الايجابية في هذا المنحنى ، حيث إن هناك تفاهماً على صعيد طائرات الدعم المتخصصة الباهضة الثمن ، مثل : الانذار المبكر ، والدورية البحرية ،
والصهاريج الجوية ، لاستخدامها عند الضرورة ، لدعم جميع الدول الأعضاء . فالتهديدات الأمنية والأطماع الاقليمية في دول الخليج وثرواتها النفطية ، تستدعي تدعيم
القدرات الردعية لهذه الدول على الصعيد الاقليمي ( القدرات الوطنية قد قطعت أشواطاً كبيرة في هذا المجال ) وتشكيل قوة جوية مركزية مشتركة بحجم سرب +
في مرحلة أولى ، وجناح في ما بعد ، تتمركز في منطقة وسطية في دول المنطقة ، وتبقى على جهوزية تامة لتأمين مهام دعم عام ، أو حتى دعم مباشر للدولة المعنية بالاعتداء.
ولكن هل الوسائل تتناسب والأهداف المرجوة ؟ بالطبع نعم ، فمعظم الدول مثل دولة الامارات العربية المتحدة ، وعمان ، والبحرين ، وربما قريباً قطر (بعد بيع طائرات ميراج 2000-5)
تمتلك طائرات F-16 . كما تشترك المملكة العربية السعودية ، والكويت في حيازة طائرات صنع شركة "بوينغ" Boeing وتحديداً طائرتي F-15S
و F/A-18C/D ، وحدها الامارات تنفرد بحيازة طائرات ( ميراج 2000-9 ) الفرنسية كما تنفرد السعودية بحيازة طائرات من إئتلاف أوروبي :
تورنيدو ( Tornado ) و يوروفايتر تايفون (Eurofighter Typhoon) . وإلى ذلك ، فالقوات الجوية الخليجية هي من القوات
النادرة في العالم من حيث حيازتها أنظمة وأسلحة حديثة ، وإدارة رمي ، وصواريخ جو -جو ، و جو-أرض فائقة الدقة إظافة إلى الصواريخ الجوالة .
استناداً على ما تقدم ، قد يكون منطقياً تشكيل ، على سبيل المثال ، سرب معزز مؤلفة من أربعة رفوف ، اثنان منها مجهزان بطائرات F-16 ، والرف الثالث بطائرات F-15S
والرابع بطائرات F/A-18 . أما الطائرات الفرنسية والأوروبية فتتفرغ للمهام الوطنية مع غيرها من الطائرات خارج السرب العتيد . هل هذا كافي ؟
طبعاً لا ، فهذا التوجه دونه عقبات تقنية . ويبقى تجهيز هذه الطائرات بأنظمة إتصالات توفر توافقاً تشغيلياً في ما بينها في الصوت والبيانات. ولا بأس هنا من
الاستفادة من الأنظمة الخاصة بحلف شمال الأطلسي وبخاصة Link 16 و Link 22 ، للتوافق أيضاً مع دول هذا الحلف ، باعتبار أن دوله تشارك
بمهام أمنية في المنطقة . كما أن لدول الخليج اتفاقيات تعاون دفاعي مع معظم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لتبادل الخبرات ، والتدريب ، والدفاع عنها عند الاقتضاء .
وإلى ذلك ، فهذه الوحدة بحاجة للتوحد في أنظمة تعريف العدو من الصديق ، وأن تتشارك في أنظمة حرب الشبكة المركزية ، وأنظمة الانذار المبكر ، والسيطرة
الجوية ليصار إلى الاشتباك مع التهديدات بأسرع وقت ممكن . ولابد أيضاً من توفير معدات المناولة والمساندة الأرضية لمختلف الطائرات لرفع جهوزيتها العملانية .
وتجدر الاشارة إلى أن بوسع دول الخليج أن تستفيد من تجارب القوات الجوية الأوروبية الثانوية مثل : بلجيكا ، والدنمارك ، وهولندا . والتي شكلت
وحدات على مستوى سرب أيضاً على مسرح الأفغاني تحت قيادة ISAF .
باختصار ، قطعت دول مجلس التعاون الخليجي أشواطاً كبيرة في تعزيز قدراتها الردعية على الصعيد الوطني ، وحان الوقت الآن لتفعيل العمل الاقليمي لصون وحماية أمنها القومي ، وإن رحلة الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى ،،.
منقول
من مجلة دفاع 21
العدد 29 لشهري أبريل \ مايو 2009
تحياتي ،،