القرن الأفريقي وباب المندب أولوية استراتيجية قديمة لإسرائيل، إسرائيل عينها على القرن الأفريقي وباب المندب منذ عقود طويلة وذلك لإعتبارين إثنين؛ الأول: خط دفاع متقدم عن الملاحة الإسرائيلية، والثاني: بوابة للضغط على العمق العربي، فهو ممراً حيوياً مرتبطاً بأمن البحر الأحمر وقناة السويس، ووجودها أو اعترافها بكيانات هناك ليس مسألة دبلوماسية، بل جزء من عقيدة أمنية.
وأضف على ذلك، استثمار إسرائيل في التفكك العربي، فتحركاتها الأخيرة لا تنفصل عن واقع مرير تشهده بعض الدول العربية مثل هشاشة الدولة المركزية، وصعود كيانات محلية وانفصالية، وأيضاً ضعف الموقف العربي الجامع الموحد.
وهو ما يجعل الاعتراف بما تسمى "أرض الصومال" أو التلويح بجنوب اليمن استثماراً مباشراً في واقع التفكك، لا سبباً له.
وبهذه الاعترافات والتلميحات فإن إسرائيل توجه رسالة سياسية متعددة الاتجاهات وليس لطرف واحد، بل تحمل رسائل لعدة دول وأطراف،
رسالة للعرب تقول فيها إسرائيل بأنها لاعب إقليمي يتجاوز فلسطين المحتلة،
ورسالة لإيران تقول لها أن خاصرتها البحرية مكشوفة،
ورسالة للقوى الدولية تقول لهم أنها شريك في حماية خطوط الملاحة والتجارة العالمية،
ومن الملاحظ على إسرائيل بأنها من بعد طوفان الأقصى تتبع إستراتيجية التحول من الدفاع إلى التمدد، لم تعد إسرائيل تتصرف كدولة "محاصرة"، بل كقوة تحاول فيها إعادة رسم الجغرافيا السياسية، ونقل الصراع إلى الأطراف البعيدة، وخلق أوراق ضغط جديدة خارج ساحة فلسطين المباشرة.