الطريق الى عابدين!!

إنضم
26 سبتمبر 2007
المشاركات
2,743
التفاعل
3,152 13 8
الدولة
Egypt
بسم الله الرحمن الرحيم

تعالوا اخوانى الكرام لنتذكر ايام مجيدة من تاريخنا العريق ، الثورة العرابية، وكيف وقف احمد عرابى فى وجه الطاغوت توفيق الذى خان بلده وتعاون مع الانجليز ليسهل لهم احتلال البلاد.

حيث بدات المشاكل مع تولى اسماعيل حيث كان رجلا مسرفا بطبعه وانبهر بمظاهر الحضارة الاوروبيه فعمل على نقل تلك المظاهر فقط إلى مصر من بناء أوبرا وبناء الكباري والحدائق والقصور الفخمة واضطر إلى الاستدانة من الدول الاوروبيه للإنفاق على تلك المظاهر وسقطت مصر فى مستنقع الديون الاجنبيه حتى انه باع نصيب مصر فى قناة السويس للإنفاق على حفل افتتاح القناة وكان إسماعيل قد توسع فى استخدام نظام السخرة لحفر قناة السويس كهدية لصديقه المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس صاحب فكرة مشروع القناة

وسيق عشرات الآلاف من أبناء مصر بالكرباج لحفر قناة السويس ومات حوالى مائه وعشرون ألف مصرى من الإرهاق والجوع والعطش فى حفر القناة التى باع إسماعيل نصيب مصر فيها لأقامه حفل افتتاحها الذى دعى إليه ملوك أوروبا وازدادت ديون مصر للدول الاوروبيه التى فرضت على مصر تواجد وزيرين أجنبيين فى الوزارة المصرية ( وزير مالية انجليزى ووزير أشغال فرنسى ) لمراقبه الخزينة المصرية وضمان وفاء مصر بديونهاوكان أبناء مصر من الضباط يعانون من طغيان وجبروت قادتهم من الأتراك والجراكسه .

وتولى الخديوى توفيق حكم مصروازداد جبروت وظلم الضباط الأتراك للضباط المصريين وازداد جبروت وظلم الأتراك والأجانب للمصريين الذين كانوا يعانون الفقر والظلم فى وطنهم الذى أصبحوا أغرابا فيه وقد حرموا من كل خيرات وطنهم .

كانت الأسرة المالكة الفاسدة وأذنابها من الجراكسة والأجانب يتمتعون بكل خيرات مصر بينما كان أبناء الشعب المصرى فريسة للذل والمهانة والفقر والمرض حيث كانت الاوبئة تفتك بهم وانتشر الجهل بعد إغلاق المدارس التى فتحت فى عهد محمد على وانتشر الفساد ليعم كل مصر !.

كان الغضب يغلى فى قلوب أبناء مصر، غضب كان ينتظر ذلك القائد الذى يلتف المصريين حوله ليفجر بداخلهم كل براكينه ويقودهم ليسترد مصر لهم ممن اغتصبها وقد وجدت مصر ضالتها فى ابنها احمد عرابى الذى ولد فى 31 مارس 1841 ببلده هريه رزنه بضواحى مدينه الزقازيق بمحافظه الشرقية
والتحق بالعسكرية فى 6 ديسمبر 1854 بناء على أمر الوالى سعيد بانتظام أبناء العمد والمشايخ فى سلك العسكرية والسماح بترقيهم الى رتب الضباط الصغيرة مع تحريم ترقيهم الى الرتب العليا وتولى المناصب القيادية الكبيرة التى ظلت حكرا على الأتراك والجراكسه، وعرف عن الضابط احمد عرابى اعتزازه بنفسه ورفضه الخنوع فى مواجهه الظلم وشجاعته فى مواجهه ظلم القادة الأتراك للمصريين والتى بلغت أوجها فى تصديه لظلم اللواء خسرو باشا الشركسى ودفع عرابى ثمن شجاعته وعزة نفسه وتمت محاكمته وتم طرده من الجيش، وثار عرابى مثلا للشجاعة وظل اسمه يتردد وسط ضباط الجيش والجنود المصريين كمثل للشجاعة والقوة فى الحق ،ونجحت مساعى بعض المصريين فى استصدار عفو من الخديوى يعود بمقتضاه عرابى الى صفوف الجيش على أن يحرم من راتبه عن فترة الفصل وان تجمد رتبته حتى انه ظل فى رتبه العقيد 19 عام كاملة.
وبتولى الخديوى توفيق حكم مصر رقى عرابى الى رتبه اميرالاى وتشكلت فى مصر وزارة رأسها رياض باشا وتم تعيين عثمان باشا رفقى وزيرا للحربية وكان تركيا شديد التعصب لعنصره شديد الكره للمصريين ،وأصدر أمرا بعدم ترقى المصريين الى رتب الضباط ليظلوا مجرد أنفار ( جنود ) تحت تسلط وجبروت الضباط الأتراك والجراكسه .
وبدأ فى التخلص من الضباط المصريين فأصدر أمرا برفت احمد بك عبد الغفار قائم مقام السوارى وعين بدلا منه ضابطا تركيا ،وأصدر أمرا أخر بعزل عبد العال بك حلمى اميرالاى الالاى( اللواء ) السودانى وعين بدلا منه خورشيد بك نعمان الجركسى وثار الضباط المصريين لما يتعرضون له من ظلم وجبروت
وبدون اى تخطيط مسبق التفوا حول احمد عرابى حيث كانت كلماته تدوى فى أسماعهم وطلبوا منه ان يتقدم بطلباتهم تلك الى رئيس الوزارة .

فى يوم 15 يناير 1881 امسك عرابى القلم وصاغ مطالب الضباط فى أربعه مطالب محددة.

عزل وزير الحربية عثمان رفقى وتعيين ضابط مصرى وزيرا للحربية.

تأليف مجلس نواب مصرى ( برلمان ) على النهج الاوروبى ليساهم فى حكم مصر ويراقب حكومتها.

زيادة عدد الجيش المصرى ليصل الى 18000 مقاتل ليضمن الحد الأدنى لقدرة البلاد على مواجهه اى عدوان تتعرض له.

تعديل القوانين العسكرية بحيث تحقق العدالة والمساواة بين جميع أفراد الجيش المصرى بصرف النظر عن اختلاف الجنس واللون.

وقام احمد عرابى بتوقيع الوثيقة ووقعها معه على بك فهمى وعبد العال بك حلمى من الضباط المصريين.وفى اليوم التالى 16 / 1 / 1881 توجه الفرسان الثلاثة بمطالب الضباط المصريين بالجيش الى رئيس الوزراء رياض باشا وعرضوها عليه مطالبين بتنفيذها واخذ منهم رياض باشا الوثيقة ووعدهم بالنظر فيها.

وفى 31 / 1 / 1881 انعقد بسراى عابدين ( مقر الخديوى توفيق حاكم مصر ) مجلس غير عادى ترأسه الخديوى توفيق بنفسه وحضرة جميع الباشاوات واجمع المجلس المنعقد برئاسة الخديوى توفيق على عزل الضباط المصريين الثلاثة وتقديمهم فورا الى محكمه عسكريه برئاسة عثمان رفقى وزير الحربية تحكم بإعدامهم فورا.

وفى مساء ذلك اليوم 31 يناير 1881 أرسل عثمان رفقى وزير الحربية الى احمد عرابى وزميليه يدعوهم للحضور الى مقر وزارة الحربية بسراى قصر النيل فى صباح اليوم التالى أول فبراير للمشاركة فى حفل زفاف شقيقه الخديوى توفيق( وكان المخطط أن يتم استدراج عرابى وزميليه لاعتقالهم فى سراى قصر النيل ومحاكمتهم وإعدامهم فورا ).


ولندع الرافعى يحكى لنا ما حدث

فلما علم عيون الالاى الأول ( قوة الحراسة الخاصة بقصر عابدين مقر الخديوى توفيق ) باعتقال عرابى وزميليه أسرعوا بالعودة الى مركز الالاى بقشلاق ( معسكر ) عابدين وانهوا الى المصريين من الضباط ما وقع فهاجوا جميعا واعتزموا إنقاذ إخوانهم ونهض البكباشى ( المقدم ) محمد افندى عبيد مناديا الجنود النداء العسكرى بالاحتشاد والتأهب للمسير فاعترضه قائم مقام الالاى ( قائد الحرس الخديوى ) خورشيد بك بسمى وسأله عن سبب هذا النداء ( سبب جمعه للجنود ) فلم يجبه بكلمه وأمر بعض الجنود باعتقاله فى إحدى قاعات القشلاق ( المعسكر ) واصطف الجنود بأسلحتهم وساروا بقياده محمد افندى عبيد وقصد بهم قصر النيل حيث الضباط المعتقلون وبينما كان الجند يستعدون للخروج من القشلاق علم الخديوى ( الخديوى توفيق حاكم مصر ) بهذه الحركة وشهدها بنفسه من سلاملك السراى المقابل للقشلاق فأمر الفريق راشد باشا حسنى سر ياوره ( كبير ياوران القصر الملكى ) بان يتوجه إليهم لوقف الحركة فلم تجد هذه الوساطة نفعا فاستدعى الخديوى الضباط ( محمد عبيد وزملاؤه ) فلم يحضر احد .

وسار جنود الالاى الأول من قشلاق عابدين الى قصر النيل فلما بلغوها وضع البكباشى محمد عبيد الحصار حوله ( حاصر سراى قصر النيل ) وأمر الجنود بالهجوم عليه فهجم الجنود حاملين بنادقهم وفى أطرافها الرماح ( السناكى وهى سكاكين تركب فى مقدمه البنادق للقتال المتلاحم ) واقتحموا الديوان فوقع الرعب فى نفوس القادة والضباط الأتراك وفى مقدمتهم عثمان رفقى وزير الحربية وبادروا جميعا الى الفرار أما عثمان رفقى فقد فر من إحدى النوافذ الى ورشه الترزيه يطلب النجاة لنفسه.

ولما لم يجده الجنود اقتحموا غرفه أفلاطون باشا وكيل الحربية وضربوه وحاول استون باشا ولارمى باشا ودبلتسن باشا ( من القادة الأتراك بالجيش المصرى ) إنقاذه فضربهم الجنود

واخذ الجنود يحطمون كل الأبواب بحثا عن عرابى وزميليه الى أن وصلوا الى مقر حبسهم ففك البكباشى محمد عبيد سراحهم

وقد روى الزعيم احمد عرابى هذه الواقعة فى مذكراته كما رواها الرافعى وختمها بقوله (وهكذا كان الشكر والفخر للبطل المقدام والشجاع الهمام محمد افندى عبيد الذى كان إنقاذنا من الهلاك على يديه).

وكانت الجماهير من أبناء الشعب المصرى قد أحاطت بسراى قصر النيل بعدما سمعت بما يحدث وخرج عرابى وزميليه يحيط بهم الضباط والجنود المصريين وجموع كبيرة من أبناء الشعب المصرى وتوجه عرابى بالمسيرة الى سراى عابدين

ودب الرعب والفزع فى قلب الخديوى توفيق، فاستدعى احمد عرابى وزميلاه واخبرهم انه قبل بكل طلباتهم وانه أصدر أمره بعزل عثمان رفقى وتعيين محمود سامى البارودى باشا وزيرا للحربية ليكون هو أول مصرى يتولى هذا المنصب

ويطالبهم بالانصراف بالجنود مع وعده لهم بتنفيذ باقى مطالبهم
وتمر الأيام ويكتشف احمد عرابى أن الخديوى غير صادق فى الوفاء بعهوده لهم ،وأدرك عرابى أن الخديوى يتلاعب بهم تمهيدا للبطش بهم جميعا،فأرسل إلى كل الضباط يطالبهم بالحضور بجنودهم الى ميدان عابدين فى الرابعة من بعد ظهر الجمعة الموافق 9 سبتمبر 1881 لعرض مطالب الامه المصريه على الخديوى حاكم البلاد.

وانتشر الخبر فى كل أرجاء مصر وتوافدت الجموع الغفيرة من أبناء الشعب المصرى لتقف مع عرابى وهو يتقدم بمطالبهم إلى حاكم مصر!!



ممتطيا صهوة جواده شاهرا سيفه وخلفه اصطفت وحدات الجيش المصرى ( الضباط والجنود المصريين فقط بهذه الوحدات )

الاى السوارى ( لواء الفرسان ) بقياده احمد بك عبد الغفار

الاى البياده ( لواء المشاة ) وكان تحت قياده احمد عرابى

الاى الطوبجيه ( لواء المدفعية ) بقياده إسماعيل بك صبرى

الاى الحرس الخديوى ( اسمه الآن الحرس الجمهورى ) بقياده على بك فهمى

الالاى الثانى من قصر النيل بقياده اليوزباشى ( النقيب ) احمد افندى صادق

الالاى الثالث من القلعة بقياده فودة افندى حسن

الالاى السودانى بقياده عبد العال بك حلمى

وأورطه المستحفظين بقياده القائم مقام ( مقدم ) إبراهيم بك فوزى

وقد أحاطت بالميدان الآلاف من أبناء الشعب المصرى والأجانب لمتابعه ما يحدث بعدما زحف المصريين من كل أنحاء مصر ليكونوا بجانب احمد عرابى فى هذا الموقف.

ويتقدم احمد عرابى وخلفه ثلاثون ضابطا مصريا على جيادهم شاهرين سيوفهم

والخديوى يطلب من احمد عرابى أن يترجل عن فرسه وان يغمد سيفه ،ويترجل احمد عرابى ويغمد سيفه ويتقدم من الخديوى ويلقى عليه التحية

و يصيح الخديوى بغضب بباقى الضباط أن يترجلوا عن خيولهم وان يغمدوا سيوفهم ويعودوا لأماكنهم أمام وحداتهم، ويتجاهل الظباط أوامر الخديوى ويصمدون فى أماكنهم على خيولهم شاهرين سيوفهم.!

ويتقدم عرابى بطلبات الامة الى الخديوى وكانت تتمثل فى:

هى إسقاط الوزارة المستبدة ( وزارة رياض باشا )

وتأليف مجلس نواب على النسق الاوروبى .

وإبلاغ الجيش إلى العدد المعين بالفرمانات السلطانية ( زيادة عدد الجيش ) .

والتصديق على القوانين العسكرية التى أمرتم بوضعها ( إلغاء التفرقة بين المصريين والأتراك فى الجيش ).

لاذ الخديوى بالخنوع وتحول الجبار المستبد إلى فأر مذعور وأعلن قبوله لكل الطلبات وانه سيشرع فورا فى تنفيذها وعاد مسرعا إلى داخل قصره

وأسقطت الوزارة وتم تكليف شريف باشا ( تركى ) بتأليف وزارة جديدة برئاسته ،وفى 4 أكتوبر 1881 صدر أمر الخديوى بإجراء انتخابات مجلس النواب وتم افتتاح المجلس فى 26 ديسمبر 1881 .

غير أن هذه الخطوة الوليدة إلى الحياة النيابية تعثرت بعد نشوب الخلاف بين الخديوي ووزارة البارودي حول تنفيذ بعض الأحكام العسكرية، ولم يجد هذا الخلاف مَن يحتويه من عقلاء الطرفين، فاشتدت الأزمة، وتعقد الحل، ووجدت بريطانيا وفرنسا في هذا الخلاف المستعر بين الخديوي ووزرائه فرصة للتدخل في شئون البلاد، فبعثت بأسطوليهما إلى شاطئ الإسكندرية بدعوى حماية الأجانب من الأخطار.
ولم يكد يحضر الأسطولان الإنجليزي والفرنسي إلى مياه الإسكندرية حتى أخذت الدولتان تخاطبان الحكومة المصرية بلغة التهديد والبلاغات الرسمية، ثم تقدم قنصلا الدولتين إلى البارودي بمذكرة مشتركة في (7 رجب 1299 هـ = 25 مايو 1882 م) يطلبان فيها استقالة الوزارة، وإبعاد عرابي وزير الجهادية عن القطر المصري مؤقتًا مع احتفاظه برتبه ومرتباته، وإقامة "علي باشا فهمي" و"عبد العال باشا حلمي" –وهما من زملاء عرابي وكبار قادة الجيش- في الريف مع احتفاظهما برتبتيهما ومرتبيهما.

وكان رد وزارة البارودي رفض هذه المذكرة باعتبارها تدخلا مهينًا في شئون البلاد الداخلية، وطلبت من الخديوي توفيق التضامن معها في الرفض؛ إلا أنه أعلن قبوله لمطالب الدولتين، وإزاء هذا الموقف قدم البارودي استقالته من الوزارة، فقبلها الخديوي.
...
غير أن عرابي بقي في منصبه بعد أن أعلنت حامية الإسكندرية أنها لا تقبل بغير عرابي ناظرًا للجهادية، فاضطر الخديوي إلى إبقائه في منصبه، وتكليفه بحفظ الأمن في البلاد، غير أن الأمور في البلاد ازدادت سوءًا بعد حدوث مذبحة الإسكندرية في (24 رجب 1299 هـ = 11 يونيو 1882م)، وكان سببها قيام مكاري (مرافق لحمار نقل) من مالطة من رعايا بريطانيا بقتل أحد المصريين، فشب نزاع تطور إلى قتال سقط خلاله العشرات من الطرفين قتلى وجرحى.
..
وعقب الحادث تشكلت وزارة جديدة ترأسها "إسماعيل راغب"، وشغل "عرابي" فيها نظارة الجهادية، وقامت الوزارة بتهدئة النفوس، وعملت على استتباب الأمن في الإسكندرية، وتشكيل لجنة للبحث في أسباب المذبحة، ومعاقبة المسئولين عنها.


مؤتمر الآستانة (23 يونيو 1882م)



دعت الدول الأوروبية و علي رأسها إنجلترا و فرنسا إلي عقد مؤتمر بالآستانة عاصمة الدولة العثمانية في يونيو1882م للنظر في المسألة المصرية و تطورها، و رفض السلطان العثماني في البداية مشاركة بلاده في المؤتمر بحجة أن الحالة في مصر لا تستدعي التدخل في شئونها، و استمر المؤتمر في عقد جلساته، و تعهدت الدول المشتركة فيه بعدم التدخل في مصر ،إلا أن مندوب إنجلترا في المؤتمر اقترح أن تضاف إلي هذا التعهد جملة:"...إلا للضرورة القصوي".



انتهز الإنجليز فرصة قيام المصريين بقيادة أحمد عرابي بتحصين قلاع الإسكندرية، فبادر الأدميرال سيمور قائد الأسطول البريطاني بإرسال إنذار إلي الحكومة المصرية في يوم 10 يوليو 1882 يطلب فيه تسليم بعض قلاع المدينة خلال أربع و عشرين ساعة و إلا أطلق نيران مدافعه علي الإسكندرية، و قد رفضت الحكومة المصرية هذا الإنذار.



ضرب الإسكندرية



و في صباح اليوم التالي أطلق الأسطول البريطاني قنابله علي الإسكندرية، فردت القلاع المصرية بإطلاق مدافعها عليه، و ظل الجنود المصريون و من ورائهم الأهالي يدافعون عن المدينة دفاع الأبطال، و لم يكتف الأسطول البريطاني بضرب المواقع العسكرية، بل امتد الضرب إلي مباني المدينة، فتهدم الكثير منها، و اشتعلت النيران في أحيائها، و لم تستطع قلاع المدينة الصمود طويلا لقدم مدافعها، و انسحب الجنود المصريون من الإسكندرية في اليوم التالي للدفاع عن داخل البلاد إذا حاول الإنجليز التوغل فيها واضطر أحمد عرابي إلى التحرك بقواته إلى "كفر الدوار"، وإعادة تنظيم جيشه.

وبدلاً من أن يقاوم الخديوي المحتلين، استقبل في قصرالرمل بالإسكندرية الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية. فأثناء القتال أرسل الإنجليز ثلة من جنودهم ذوي الجاكتات الزرقاء لحماية الخديوي أثناء انتقاله من قصر الرمل إلى قصر التين عبر شوارع الإسكندرية المشتعلة. ثم أرسل الخديوي إلى أحمد عرابي في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية، ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية، ويأمره بالمثول لديه في قصر رأس التين؛ ليتلقى منه تعليماته.



رفض عرابي الانصياع للخديوي بعد موقفه المخزي، وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديوي بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من اتباع أوامره، وأرسل إلى "يعقوب سامي باشا" وكيل نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية في (غرة رمضان 1299هـ= 17 يوليو 1882م)، وكان عدد المجتمعين نحو أربعمائة، وأجمعوا على استمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون الإسكندرية.

وكان رد فعل الخديوي على هذا القرار هو عزل عرابي من منصبه، وتعيين "عمر لطفي" محافظ الإسكندرية بدلا منه، ولكن عرابي لم يمتثل للقرار، واستمر في عمل الاستعدادات في كفر الدوار لمقاومة الإنجليز.


معركة كفر الدوار

في فجر 11 يوليو 1882 تحرك الاسطول البريطاني بقيادة الادميرال »سيمون« وقام باحتلال الاسكندرية والتمهيد للاستيلاء علي مصر وقامت القوات البريطانية بالتوجه براً بقيادة الجنرال أليسون باتجاه مدينة كفر الدوار، ولكن كان احمد عرابي اكثر ذكاء حيث قام بتوزيع معظم قواته في كفر الدوار وعلي سواحل البحر المتوسط القريبة من ادكو ورشيد في زمام كفر الدوار، واستقر معظم الجيش بقيادة طلبة عصمت في كفر الدوار، ومعه مدفعية الميدان، وكان اهالي كفر الدوار ومعهم قوات عرابي يحاربون بأسلحتهم التقليدية ومعهم مجموعة العربان ودارت معركة عنيفة خسرت فيها بريطانيا وتم أسر الكثير من جنودها، وذلك في مناطق خط النار بجوار قرية قومبانية أبو قير وكوبري الهويس علي ترعة المحمودية مما اجبر الجنرال أليسون علي الانسحاب من الاسكندرية ويعود بقواته للتوجه الي المنطقة الشمالية الشرقية عند بورسعيد تمهيدا لدخول قناة السويس والنزول في التل الكبير، لكن الانجليز انتصروا في معركتها بخيانة!! وقد سقط في معركة كفر الدوار العديد من ابناء كفر الدوار شهداء في هذه الملحمة البطولية علي كوبري الهويس وخط النار، ولم تستطع القوات البريطانية الدخول من جهة الغرب بسبب بسالة اهالي كفر الدوار.


ويوم السبت الموافق 15 يوليو تموز عام 1882، اكتشف الخديو توفيق قطاراً محملاً بالدقيق من مخابز منطقة القبارى متوجهاً إلى الجيش فى كفر الدوار، فاحتجزه وقرر صرفه للجنود الإنجليز فى الإسكندرية

وفي (6 رمضان 1299 ه - 22 يوليو1882) عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمئة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العُمَد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة

وفي الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر- وهم محمد عليش،
وحسن العدوي، والخلفاوي- بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده. وبعد تداول الآراء أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي ونظّاره (الوزراء) وعدم تنفيذها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف. واتفق الحاضرون على إرسال لجنةٍ يترأسها علي باشا مبارك إلى الإسكندرية ليبلغ الخديو بقرارات هذه "اللجنة العرفية"، ولترى اللجنة إن كان الخديو والوزراء أحراراً من سيطرة الإنجليز فليأتوا إلى القاهرة.

وتحول الانجليز الى الجهة الشرقية ليدخلوا مصر عن طريق قناة السويس وللأسف أيضاً فإن عرابي لم ينصت إلى فكرة محمود فهمي باشا رئيس الأركان بسد قناة السويس لإقفال الطريق في وجه الإنجليز‏، وأخذ برأي فرديناند ديلسبس الذي أقنعه بأن الإنجليز سيحترمون حيدة القناة.

وكان عرابي قد فكر ردم القناة كإجراء دفاعي، لكن دي ليسابس أكد له أن القناة لن تُستخدم في الهجوم على مصر، وأنه يضمن له ذلك، وقد أرسل له كتاباً في هذا الصدد "لا تحاول أية محاولة في سد قناتي، فإني هنا، فلا تخش شيئاً من هذه الناحية، فإنهم لن يستطيعوا إنزال جندي إنجليزي.وفي ظل الوضع المرتبك "انتقلت البوارج البريطانية تحت جنح الظلام إلى بور سعيد، ثم دخلت القناة، وقد قال القائد البريطاني ولسلي فيما بعد: "لو أن عرابي سد القناة كما كان ينوي أن يفعل، لكنا للآن لا نزال في البحر نحاصر مصر))



معركة القصاصين

في 28 أغسطس1882 أثناء تقدم الجيش البريطاني غربا في محافظة الإسماعيلية بقيادة الجنرال جراهام حوصر من قبل الأهالي العزل فطلب الإمداد بمزيد من الذخيرة في الساعة 4:30 عصرا فوصلته الساعة 8:45 مساءا مما مكنه من القيام بمذبحة كبيرة بين الأهالي، واضطرت القوات المصرية الى الانسحاب الى مواقعها المحصنة فى التل الكبير!


معركة التل الكبير

وكان الزحف الإنجليزي قد بدأ من القصاصين فسار الإنجليز دون أن يشعر بهم محمود باشا سامي البارودي قائد فرقة الصالحية فلم يلقوا أية مقاومة لا من جانبه ولا من جانب مقدمة العرابيين التي يقودها علي بك يوسف "خنفس" –أميرالاي الثالث "بيارة"- الذي كلفه عرابي بموافاته بالأخبار يوما بيوم عن حركات الإنجليز فلم يصدق معه، وبعث إليه في ‏12‏ سبتمبر أيلول يقول‏:‏ كله تمام!


اطمأن عرابي إلى أقوال "خنفس" وأصدر أوامره إلى جيشه بالراحة والترويح، فانصرف الجنود إلى حلقات الذِكر تحت إشراف الشيخ عبد الجواد المشهور بالورع والتقوى

ووسط الاستعدادات للمواجهة، يجيء الطحاوي إلى عرابي في خيمته يقسم له أن الإنجليز لن يهجموا قبل أسبوع ثم يتسلل خارجاً إلى صفوف الإنجليز ليرشد طلائعهم في صباح اليوم التالي، ويطمئن القائد الانجليزي ولسلي إلى أن المصريين سينامون ليلتهم نوم الأبرار. ويطفيء الجيش الغازي أنواره ويخيم الظلام الدامس ويزحف الغزاة، والطحاوي في المقدمة يرشدهم إلى الطريق. ولم يكن يؤدي هذه المهمة وحده، بل كان يعاونه لفيفٌ من ضباط أركان حرب المصريين من الشراكسة الذين خانوا واجبهم

ويتقدم الجيش الزاحف في الظلام خمسة عشر كيلومتراً دون أن يشعر به أحد وقد ترك خلفه ناراً ليوهم المصريين أنه لم يتحرك، ويتقدم حتى يصل إلى طلائع الخطوط المصرية. وكان المفروض أن تكون في المواجهة فرقة السواري، لكن عبد الرحمن حسن قائدها كان يعلم بنبأ الهجوم، وعلى اتصالٍ دائم بالإنجليز، فتحرك بجنوده تحت جنح الليل إلى الشمال، بعيداً عن أرض المعركة، ليمر الجيش الإنجليزي في سلام

ويتقدم الجيش الزاحف، ويلمح عن بعدٍ مصابيح تنير الطريق. إنه علي يوسف "خنفس" قد أرسل جنوده للراحة، ثم خاف أن يضل الإنجليز، فوضع لهم المصابيح التي ترشدهم إلى الطريق الذي يسلكونه

وعند الساعة الرابعة والدقيقة الخامسة والأربعين، وقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أعطيت إشارة الهجوم وانطلق ستون مدفعاً وأحد عشر ألف بندقية، وألفان من الحراب، تقذف الهول والموت على الجند النائمين، الذين قاموا على صرخة واحدة، وتفرقوا باحثين عن مهرب في الصحراء الواسعة، تاركين أسلحتهم وذخائرهم والسبعين مدفعاً رابضة في أماكنها لم تنبس ماسورة أي منها ببنت شفة.
حيث وقعت معركة "التل الكبير" التي استغرقت أقل من 30 دقيقة. فقد فاجأ الإنجليز القوات المصرية المتمركزة في مواقعها منذ أيام والتي كانت نائمةً وقت الهجوم. وجدت القوات الإنجليزية الفرصة السانحة لمداهمة قوات عرابي تحت جنح الظلام بعد أن نام الجنود من شدة الإجهاد والتعب‏،‏ فزحف 11 ألفاً من المشاة و 2000 من الفرسان البريطانيين ومعهم 60 مدفعاً،‏ وكان جيش العرابيين النائم بثيابه الداخلية يفوقه في العتاد والعدد فهو مؤلفٌ من 20 ألف جندي‏،‏ و2500 من السواري،‏ وستة آلاف من العربان و70 مدفعاً



وكان عرابي يصلي الفجر على ربوةٍ قريبة حين باغته الهجوم وسقطت قذيفة مباشرة على خيمته، فتركها طعمة للنيران، وأسرع وامتطي جواده، ونزل في ساحة المعركة فأذهله أن رأى جنوده يفرون ووقف يحاول جمعهم ولكن التيار كان جارفاً، وقد ضاع صوته في انفجارات القنابل وطلقات الرصاص، وكادت المدافع تصيبه، ولكن خادمه لوى عنان فرسه قهراً عنه فأنقذ حياته، وانطلق يعدو بجواده إلى بلبيس ليحاول عبثاً أن يقيم خطاً ثانياً للدفاع عن القاهرةأما القوات البريطانية فقد واصلت بعد تلك المعركة تقدمها السريع إلى الزقازيق حيث أعادت تجمعها ظهر ذلك اليوم، ثم استقلت القطار (سكك حديد مصر) إلى القاهرة التي استسلمت حاميتها بالقلعة عصر اليوم نفسه.

وكان ذلك بداية الاحتلال البريطاني لمصر الذي دام 74 عاماً.


..تم بحمد الله..


 
بسم الله الرحمن الرحيم
-----------------------------

موضوع رائع والله اخى (ابوالبراء) كما عودتنا .. بارك الله فيك .. انا ارى ان البطل عرابى هو الزعيم المصرى الوحيد الذى قام بفعل (شئ) لة قيمة حقيقية .
والمحزن نهايتة .. ولكن المرء يسال الله ان يتغمدة برحمتة .​
 
موضوع رائع والله اخى (ابوالبراء) كما عودتنا .. بارك الله فيك .. انا ارى ان البطل عرابى هو الزعيم المصرى الوحيد الذى قام بفعل (شئ) لة قيمة حقيقية .
والمحزن نهايتة .. ولكن المرء يسال الله ان يتغمدة برحمتة .
 
عودة
أعلى