بسم الله الرحمن الرحيم
في منطقة تموج بالتحولات الجيوسياسية وتتسم ببيئة أمنية عالية التعقيد، لم يعد سلاح الجو مجرد ذراع مساند للقوات البرية، بل بات هو رأس الحربة ومحدد النصر الأول في العقيدة العسكرية الحديثة. إن قراءة المشهد الجوي للدول العربية اليوم تكشف عن تحول جذري في استراتيجيات التسليح؛ تحول انتقل من هوس "تكديس الأعداد" الذي ساد في حقبة الحرب الباردة، إلى فلسفة "الكيف والتفوق التقني" التي تحكم حروب القرن الحادي والعشرين.
هذا التقرير لا يهدف إلى المقارنة السطحية القائمة على "من يملك أكثر"، بل يغوص في العمق التقني والعملياتي. نحن أمام مشهد معقد: دولٌ تعتنق العقيدة الغربية بالكامل وتقتني أحدث ما في ترسانة الناتو، ودولٌ أخرى تتمسك بالصلابة الشرقية، وثالثة اختارت دمج المدرستين لخلق مظلة جوية فريدة.
تعتمد هذه النظرة العامة على الحيادية التامة، مستندة إلى بيانات تقييم القدرات الحقيقية (TrueValueRating) التي تأخذ في الاعتبار ليس فقط هيكل الطائرة، بل حداثة إلكترونيات الطيران (Avionics)، قدرات الذخائر الذكية، منظومات الحرب الإلكترونية، والأهم من ذلك: الجاهزية القتالية والدعم اللوجستي.
إن استيعاب القوات الجوية العربية لطائرات الجيل الرابع والنصف (4.5 Gen)، والتوجه نحو الطائرات المسيرة (UAVs)، والاهتمام المتزايد بطائرات الإنذار المبكر والتزود بالوقود، يشير إلى نضج استراتيجي يهدف إلى فرض "السيادة الجوية" وحماية المصالح القومية بفاعلية، بعيداً عن الاستعراض، واقتراباً من الاحترافية العسكرية البحتة.
في هذا الموضوع ، نستعرض ونحلل واقع هذه القوات، وما تحمله مخازنها من صفقات قيد التسليم، وكيف تخطط لمستقبل سماواتها.

