اليهود وفرنسا الإستعمارية في بلاد المغرب العربي بين ضحية إغراءات التجنيس وخدمة نفوذ الإستعمار

إنضم
18 أغسطس 2025
المشاركات
1,134
التفاعل
1,629 21 0
الدولة
Algeria

Famille_Juive210304121944172~.jpg

بين ضحية إغراءات التجنيس والتجريد من الهوية:


منذ أن بسطت فرنسا نفوذها الاستعماري على بلدان المغرب العربي في القرن التاسع عشر، لم يكن مشروعها مجرد احتلالٍ عسكري أو اقتصادي، بل كان مشروعًا حضاريًا استيطانيًا هدفه الأساسي تفكيك النسيج الاجتماعي والهوية الثقافية للأمة المغاربية.

وفي هذا السياق، مثّلت الطائفة اليهودية إحدى الأدوات الحساسة في السياسة الاستعمارية الفرنسية، حيث وُضعت بين فكيّ إغراءات "التجنيس الفرنسي" من جهة، وتهديد "الاقتلاع من الجذور العربية الإسلامية" من جهة أخرى.

فرنسا واليهود: مشروع إدماج إستعماري خادع:


في الجزائر خصوصًا، شكّل مرسوم كريميو لسنة 1870 محطة فاصلة في العلاقة بين اليهود والاستعمار. فقد منحت فرنسا بموجبه الجنسية الفرنسية الكاملة ليهود الجزائر، بينما أبقت على المسلمين الجزائريين في مرتبة “الرعايا الأصليين” المحرومين من المواطنة.

كان هذا الإجراء سياسيًا بامتياز، هدفه إحداث شرخ طائفي داخل المجتمع الجزائري، وتحويل فئة من السكان الأصليين إلى أداةٍ للهيمنة الفرنسية، تُستخدم كوسيط إداري وثقافي واقتصادي بين المستعمر والمجتمع المحلي.

غير أن هذا “الامتياز” كان في حقيقته فخًا استعماريًا مزدوجًا: فقد جعل اليهود "فرنسيين بالقانون" لكنهم ظلّوا "أجانب في وجدانهم" لا يُقبلون تمامًا من قبل المستعمر ولا من قبل أبناء وطنهم الأصليين.

وهكذا وجدوا أنفسهم ضحايا تجنيسٍ أفقدهم هويتهم التاريخية دون أن يمنحهم انتماءً حقيقيًا.

التجريد من الهوية الجماعية:


مع مرور الزمن، أخذت فرنسا تعمل على طمس كل الروابط الروحية والثقافية التي كانت تجمع اليهود بمحيطهم العربي والإسلامي.

ففي المدارس الاستعمارية فُرضت اللغة الفرنسية بدل العبرية والعربية، وأُعيدت كتابة التاريخ على مقاس “الرسالة الحضارية الفرنسية”، حيث صُوِّر اليهود كمجموعة منفصلة، "متحضرة"، تحتاج إلى حماية فرنسا من “البيئة الإسلامية المتخلفة” كما كانت تصفها الدعاية الاستعمارية.

بهذه السياسات، تحولت الطائفة اليهودية في المغرب العربي من مكوّنٍ أصيلٍ في المجتمعات المحلية إلى عنصرٍ متمايزٍ ثقافيًا ومصلحيًا، ما سهّل على القوى الصهيونية لاحقًا استقطابها نحو المشروع الإسرائيلي بعد نهاية الاستعمار، خاصة مع انهيار الثقة بينها وبين الشعوب المغاربية إثر الممارسات الاستعمارية التي نُسبت إليها ظلمًا أو طوعًا.

شعور اليهود بفقدان هويتهم الموسوية:


مع مرور الزمن، بدأ اليهود المجنّسون في المغرب العربي يشعرون بأنهم فقدوا جوهرهم الموسوي الحقيقي.

لقد تخلّوا عن توراتهم القديمة في الروح والأخلاق، واستبدلوا قيمها بتعاليمٍ غربية مادية زرعتها المدرسة الفرنسية. تحول الإنسان اليهودي الذي كان متشبّعًا بالإيمان والعمل والهوية إلى إنسانٍ غربيٍّ بلا روح ولا دين ولا أخلاق، يعيش ازدواجية حادة بين أصلٍ ديني مطموس وانتماءٍ قومي زائف.

هذا الانسلاخ الروحي جعلهم في النهاية غرباء حتى عن أنفسهم، لا يجدون سكينة في اليهودية ولا اعترافًا في الفرنسية، فصاروا رموزًا لضياع الهوية في معركة الاستعمار الثقافي.

التجنيس كسلاح إستعماري:


لم يكن التجنيس الفرنسي عملًا إنسانيًا أو قانونيًا بريئًا، بل كان سلاحًا ناعمًا للاستعمار يهدف إلى خلق “نخب وسيطة” تدافع عن مصالح فرنسا من داخل المجتمع المستعمر.

وقد استُنسخت هذه السياسة لاحقًا في تونس والمغرب بصيغٍ أخرى، من خلال منح امتيازات اقتصادية وإدارية ليهودٍ موالين، مقابل إضعاف سلطة العلماء والزوايا والمؤسسات الإسلامية التي كانت تشكّل عماد الهوية الوطنية.


في المقابل، ظلّ جزءٌ من اليهود المغاربيين أوفياء لأرضهم، رافضين التجنيس والانفصال عن محيطهم. شارك بعضهم في حركات التحرر الوطني، خاصة في الجزائر حيث سُجِّل انخراط يهود وطنيين في صفوف جبهة التحرير الوطني، مؤكدين أن الانتماء للأرض أسمى من الإغراءات الاستعمارية.


من التجنيس إلى التهجير:


مع استقلال دول المغرب العربي، برزت نتيجة أخرى لتلك السياسة الاستعمارية: تهجير جماعي ليهودٍ فقدوا الانتماءين معًا — ففرنسا لم تعد تعتبرهم فرنسيين كاملي الحقوق، والدول المغاربية رأت فيهم بقايا سياسة استعمارية مشبوهة.

وفي هذا السياق، تحوّل كثيرٌ منهم إلى رهائن بين ولاءٍ مفقودٍ للماضي الفرنسي، وارتباطٍ مصطنعٍ بالمشروع الصهيوني الذي استغل هشاشة هويتهم لجرّهم نحو الهجرة إلى فلسطين المحتلة.

من ضحايا التجنيس والتهجير إلى أدوات السيطرة وخدمة فرنسا الإستعمارية إلى اليوم:


إنّ تجربة اليهود في ظل فرنسا الاستعمارية بالمغرب العربي ليست مجرّد فصلٍ ديني أو سوسيولوجي، بل صفحة من صفحات الحرب النفسية والثقافية التي شنّها الاستعمار لتدمير هوية الأمة.


لقد استخدمت فرنسا سياسة التجنيس لا لتكريم اليهود، بل لتجريدهم من هويتهم الدينية والوطنية، وتحويلهم إلى طائفة وظيفية تخدم مصالحها الاستعمارية.
فمن جماعةٍ دينية عاشت قرونًا جنبًا إلى جنب مع المسلمين والعرب والأمازيغ في تفاعل حضاري واحد، تحوّل اليهود بفعل السياسة الفرنسية إلى جسم غريب داخل أوطانهم، مرتبطٍ بالمستعمر أكثر من ارتباطه بالأرض أو بالتراث اليهودي الحقيقي.


وهكذا، خسر اليهود المغاربيون مكانتهم التاريخية الأصيلة، وتحوّلوا في نهاية المطاف إلى أداةٍ سياسية في يد فرنسا الاستعمارية، لا لخدمة أوطانهم ولا لهويتهم الدينية، بل لخدمة المشروع الإمبراطوري الذي اغتالهم ثقافيًا قبل أن يغتال شعوبهم سياسيًا.

 

اليهود الجزائريون لم ينسوا جرائم فرنسا الاستعماريّة


أرييلا عائشة أزولاي

[يُهمِل تقرير صدر حديثًا الإشارة إلى إرغام فرنسا اليهود العرب على تقمص "الشخصية" الأوروبية لليهودي بمثابته مواطنًا، وعلى رؤية العرب والمسلمين على أنهم "الآخر"].

عزيزي بنيامين ستورا،

في سنة 2017، اعترف الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون أن استعمار الجزائر كان جريمة ضد الإنسانيّة. وكنتُ، مثل كثيرين غيري، أتطلع لقراءة تقريرك الذّي صدر مؤخرًا حول الموضوع، والذي كتبته بتكليف من الرئيس. ولكن، بعد قراءته، أشعر بالاستياء لغياب أي نقاش حول الجرائم ضد الإنسانية والجرائم التي تهاجم التنوّع الإنساني وتنوّع صيغ العيش. إذ لا يمكنني فهم تغييبها. وعلى الرغم من وجود العديد منها إلا أنني سأركّز على واحدة: تدمير الثقافات اليهودية في منطقة المغرب العربي.

وأنا مثلك، لديّ مصلحة شخصية في هذه القضايا. فقد ولدت في سنة 1962، سنة انتهاء الحرب، حين أُرغمت أسرتي، وأسرتك، ومئة وأربعون ألف يهودي آخر على مغادرة الجزائر كنتيجة مباشرة لاستعمارها الطويل. وكما أشرت في كتابك "يهود الجزائر... الهجرات الثلاث" الصادر سنة 2006، فإن هجرتين أخريين سبقتا هذه الهجرة. الأولى حصلت في سنة 1870، حين فصل مرسوم كريميو اليهود عن بقية الشعب الجزائري وحوّلهم إلى مواطنين فرنسيين على أرض وطنهم. وكانت الثانية في سنة 1940، حين ألغت حكومة فيشي هذا المرسوم والجنسيّة الفرنسيّة معه.

وكان كتابك مفيدًا جدًّا بالنسبة لي حين بدأت، بعدها بنحو عقد من الزمن، في طرح أسئلة حول الهوية المفبركة التي خُصّصت لي عند الولادة: "إسرائيلية". وكنت كلما تمعّنت في دراسة الأسس التي أُنشئت لفصلي عن أسلافي من اليهود الجزائريين، كلما عجزت عن التعرّف على نفسي في الهوية التي فُرضت عليّ.

ولقد نبذتها مرتيْن؛ أولاً بصفتها شكلًا من الانتماء، وثانيًا بصفتها قالبًا إمبرياليًّا للتاريخ، في محاولة لبداية جديدة (1948)، ولفصل ما جُعل "ماضيًا" وما سُمح له أن يكون "المستقبل".

فقيام دولة إسرائيل أعلن إمّا عدم وجود الانتماءات والصيغ السابقة (فلسطين) أو أنها غير مناسبة (اليهود الجزائريون، اليهود العراقيون وهكذا).

كما أنّها قلّلت من شأن خصوصية المجموعات المتنوعة من اليهود، وأعادت تشكيلهم وتأليفهم ضمن مجموعة لا تمايز بين أفرادها. وقد واصلت هذه الخطوة بفعاليّة مشروع نابليون لتنظيم الحياة اليهودية، وجعل "الشعب اليهودي" قضية ضمن مسألة تاريخية-وطنية لا يمكن أن تكتمل تمامًا إلا من خلال دولة ذات سيادة مستقلة خاصة بها.

حين بدأت أجمع حكايات وذكريات عمّن كنّا نحن، اليهود الجزائريون حتى وقت ليس ببعيد، لاحظت شبهًا مذهلًا بين هوية المستوطن الاستعماري التي أُسقطت عليّ، وتلك التي أُسقطت على أسلافي الجزائريين في سنة 1870.

فقد غادر أبي الجزائر إلى "إسرائيل" في سنة 1949، واضطر من تبقّى من أسرتي إلى المغادرة في سنة 1962 إلى فرنسا، تاركين أكثر من ألفيّتين من الحياة اليهودية العربية في المغرب العربي.

يمكننا القول بأننا من أصول جزائريّة، لكنّ الاستعمار دمّر العالم المشترك الذي تكوّنت فيه هذه الهوية.

إنها جريمة ضد اليهود لكنها ضد الإنسانية لأنها تهدّد التنوّع.

لحسن الحظ، حتى حين تجبر الظروف العرب اليهود أن ينسوا، فإن أولئك الذين انتُزعوا منهم لا يسمحون لأنفسهم بالنسيان.

أو، كما تقول حورية بوتلجة مخاطبة اليهود "لا يمكنكم أن تتجاهلوا حقيقة أنّ فرنسا جعلتكم فرنسيين لتقصيكم عنّا، وعن أرضكم، وعن هويتكم العربية-الأمازيغية وسأتجرأ وأقول، عن هويتكم الإسلامية.

ومثلما انتُزِعتُم منّا، فسأتجرأ وأقول انتُزِعَت منا هويتنا اليهوديّة".

حين جُعل أجدادي مواطنين فرنسيين، ظلّوا مُستعمَرين، فقد كان "منحهم" جنسية المستوطن المستعمر وسيلة أخرى من الاستعمار الفرنسي، وليس نهايته.

في الواقع، كان في ذلك بداية لعملية اقتلاع جذور تم تمييز اليهود عن الناس الذين عاشوا معهم وشاركوهم اللغة والثقافة والمعتقدات والتجارب والتقاليد والأراضي والتاريخ والذكريات.

رحّب بعض اليهود الجزائريين بالجنسيّة الفرنسيّة، ولكن في سنة 1865 كانت غالبيتهم قد رفضت التقديم للحصول عليها.

إنّ الهجرات الثلاث التي تصفها في كتابك هي نماذج للثمن الباهظ الذي دفعه اليهود بدلًا لجنسية المستعمر، في قرار أثّر على أحفادهم أيضًا.

وواقع أن البعض اختار الانصياع، ولاحقًا وجد سبلًا للاستفادة من جنسيته، لا ينفي أنّ الأمر تقنية استعماريّة، تقوم بهندسة الناس بالقوة لكي يصيروا غير ما هم عليه.

إن دراسة العلاقة بين هاتين الهويتين الاستيطانيتين، الفرنسية والإسرائيلية، ساعدتني على فهم دورهما في خدمة مصالح قوى استعماريّة أوروبية كبرى، أي فصل اليهود عن العرب والمسلمين ودمجهم في "التراث اليهودي-المسيحي" المفبرك.

طبعًا، تطوّع بعض اليهود للتموضع داخل "الإطار الأكبر للحضارة الغربية"، كما تبيّن سوزانا هيشيل.

ولكن ذلك يثبت فقط الدور المهم الذي أدته، وتستمر في أدائه، الهجمة الاستعمارية على التنوع البشري ودوافعها للدمج ضمن المشروع الاستعماري.

وفيما أُرغم يهود المغرب والشرق الأوسط على الاندماج ضمن "الشخصية" الأوروبية لليهودي بصفتهم مواطنين، دُرّبوا على رؤية العرب والمسلمين على أنّهم "الآخرون" وعبر دولة إسرائيل توصلوا إلى رؤيتهم أعداءً.

المحبط أنّ هذا السياق غائب تمامًا عن تقريرك، الذي لا يأتي على ذكر الهجرات الثلاث التي كتبت عنها سابقًا.

مع أنّ الهجرة الأولى يجب أن تُعدّ الخلفية التي سمحت بقيام دولة إسرائيل الاستيطانيّة الاستعمارية، المبنيّة على تدمير فلسطين.


وعندما حلّت الهجرة الثالثة سنة 1962، كانت "إسرائيل" قد رسّخت العداوة بين اليهود وبين العرب أمرًا ثابتًا ضمن الحالة اليهودية.

وللحديث من دون مواربة، فإن وظيفة دولة إسرائيل، من بين أمور أخرى، هي إعفاء فرنسا من مسؤوليتها عن الجرائم الاستعمارية التي اقترفتها ضد اليهود في الجزائر ودول مسلمة أخرى.

ضمن هذه الصفقة، تصبح جنسية المستعمر ودولة استيطانيّة يهودية، "هدايا" استعمارية ترمي إلى التعويض للضحايا، بعملة استعمارية، في سبيل الإبقاء على استمرارية المشروع الإستعماري.

بـعد "منحهم" الجنسية الفرنسية والدولة اليهودية، يُتوقّع من اليهود "المُهَنْدَسين" استعماريًّا، هم وأحفادهم المضيّ قدمًا ببساطة، ونسيان العالم المدمّر الّذي كان من الممكن أن يكونوا جزءًا منه، وأن يتحولوا عوضًا عن ذلك إلى جزء من عالم استعماري، مواطنون مشغّلون للتقنيات التي تواصل اقتراف جرائم ضد الإنسانيّة.


في الواقع، أنا أرفض.

هذه الصفقات لا تُنهي الاستعمار بل تعمل على استدامته.

هي تسهّل تعيين بعض اليهود لاضطهاد يهود آخرين يستمّرون في النضال في سبيل القضاء التام على استعمار كل الذين كانوا مستَعمِرين والذين ما زالوا مستَعمرِين، بالإضافة إلى المؤسسات التي أُنشئت من أجل المشروع الاستعماري.

أجدادنا في المغرب العربي كانوا ضحايا مباشرين للعنف الاستعماري، حتى حين كانوا يوافقون تدريجيًّا على الصفقات التي فُرضت عليهم بالهجرات الثلاث تلك.

هل يتعين علينا نحن، أحفادهم، الموافقة عليها والتقيّد بها؟ ألسنا معنيين بالاستمرار في الصراع ضد الاستعمار الفرنسي والاستعمار الإسرائيلي، والقتال لقلب نتائج الجرائم الاستعمارية؟


أشعر بأننا لسنا فقط معنيون، بل مجبرون على القيام بذلك.

أنا لا أعتبر أن الجرائم الاستعمارية هي أحداث من الماضي. فهي ما زالت مؤثرة، وما زال من الضروري تفكيك وإلغاء المؤسسات والبنى والقوانين التي تُفعّلها.

فالتاريخ لا يمكن أن يلد المعجزة التي يتوقعها مهندسو الاستعمار، التي تتمثّل في جعلنا نصدّق أن الجرائم الاستعمارية انتهت حين أعلن المستعمرون ذلك.


إنّ تقريرك يقوم بمهمة مماثلة، ساعيًا لإيداع تلك الأحداث في الماضي، حتى وهي ما زالت مستمرة في الحاضر.

في الواقع، فإن تقريرك هو نموذج عمّا أقترح تسميته الهجرة الرابعة لليهود الجزائريين؛ محوهم من تاريخ استعمار الجزائر.

في مئة وستين صفحة، يقدّم تقريرك فقرتين فقط عن جماعة يهودية كانت موجودة في السابق في الجزائر.

في الحقيقة، لم تكن هناك جماعة واحدة، بل جماعات عدّة ومتنوعة من اليهود البربر واليهود العرب.

الجرائم الاستعمارية ضد الإنسانية، هي التي أرغمتهم على التحول إلى جماعة واحدة، في مقدمة لاختفائها.

وهكذا، فإن تصفية هذه الجماعات التي تعود إلى ألف سنة، تتحول إلى "لا-حدث" في تقريرك، وتُصوَّر على أنها علامة تقدّم.

ليست هنالك أي إشارة للجرائم التي ارتُكبت بحقهم: الهجرات الثلاث، ومعاداة السامية المستوردة من أوروبا، وعملية إعادة التعليم الإجباريّة، وفصلهم عن ثقافتهم، واحتجازهم في مخيمات اعتقال جزائرية.

إن طمس هذا التاريخ يعكس الصفقات الاستعمارية التي حوّلت تلك الهجرات إلى "إنجازات" مفترضة لليهود، وأدّت إلى ولوجهم عالم التنوير للحداثة العلمانية.

هكذا، وفّرتَ للدولة الفرنسية "إثباتًا" علميًّا بأن استعمارها استهدف فقط المسلمين والبربر (باستثناء اليهود منهم).

ولهذه الإغفالات نتائج خطيرة.

بما أنني تأثّرت بمشاريع هندسة البشر الفرنسية والإسرائيلية الاستعمارية، لم أتمكن إلّا حين بلغت الخمسين من تجميع قصة آلاف السنوات من الحياة اليهودية في المغرب العربي، والحصول على بعض من ذكريات أسلافي والتي كانت ممنوعة علي أثناء عملية تحويلنا إلى مواطنين صالحين للإمبراطورية الفرنسية.


وبسبب هذا الأثر الرجعي لانتزاع اليهود من 132 سنة من الاستعمار، يصير المرء ملزمًا بتبنّي نتائج العنف الاستعماري على أنّه تطور.

وإلّا، فما جدوى طمس هذه المجموعة من تاريخ المشروع الاستعماري الفرنسي؟ ولكن هل من السهل تصديق رواية التطور؟ هل اختار اليهود أن يكونوا هدف معاداة سامية المستوطنين لما أضحوا فرنسيين؟ هل رغبوا بمغادرة الجزائر في سنة 1962؟ هل اختاروا أن يكونوا متواطئين في إنهاء الحياة اليهودية في الجزائر؟ هل وقّعوا على عريضة مغادرة جماعية من عالم أجدادهم؟ كيف تجرّأتَ على تخويل نفسك بتولّي دور من يدفن ذلك العالم؟

هذا السؤال الأخير يتطلب الانتباه: لماذا تم اختيارك أنت بالذات لكتابة هذا التقرير؟

بعيدًا عن خبرتك، أظن أنني لست الوحيدة التي تعتقد أن اختيارك جاء جزئيًّا لأنك يهودي، وبسبب موقع اليهود في المشروع الاستيطاني.

ومن الصعب التحدث علنًا حول هذا الاحتمال في وقت بات معنى معاداة السامية محميًّا من دول استعمارية تؤيد دولة إسرائيل، وهي الكارثة التي صنعها النظام مع ذلك، يجب أن نفكّر في معناها.

أن تختار الحكومة يهوديًّا ليكتب هذا التقرير ليس بصدفة، بل هو فخ.


في هذا العالم الذي ما زال استعماريًّا، يُتوقع من اليهود التصرف وكأنهم مواطنون خام، لإثبات، ما تصفه حوريّة بوتلجة، "رغبتهم في الانصهار في البياض.. في تجسيد شرائع الحداثة".

هذا الموقف نشأ عبر ثلاثة صفقات استعمارية على الأقل، ولا يمكن مساءلتها.

الأولى هي المساومة على الجنسية؛ إن مواطنًا فرنسيًّا صالحًا من أصول يهودية لا يمكنه أن يترك يهوديته في بيته، لا سيّما حين يمارس مهنته. وأساسًا أنت أثبتَّ في كتابك هذا النوع من الوطنية الفرنسية عبر وصف هذه الهجرات الثلاث لليهود على أنها أحداث من الماضي، وهي موضوع تحقيق تاريخي.

وبما أن حياتهم المشتركة مع المسلمين تحولت إلى ماضٍ غابر، وبات بإمكانهم الاندماج في التاريخ الأوروبي.

أما الصفقة الثانية فتتمثّل في قبول مرسوم كريميو كما صمّمه مهندسوه، على أنّه هديّة عوضًا عن كونه استخدامًا للقوة من طرف واحد، أدى دورًا أساسيًّا في تدمير الأساليب المتنوعة لحياتهم.


هذا الوصف يلغي حقيقة أنّه سرق من اليهود تراثهم وعالمهم وتقاليدهم.

أما الصفقة الثالثة، فتفترض أنّ فرنسا كانت قد أنهت تسوية ديونها لـ"الشعب اليهودي" كموضوع تاريخي في سنة 1995، عندما اعترفت البلاد بمسؤوليتها عن ترحيل اليهود من فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية.

لا يهم أن جرائم فيشي ضد اليهود الجزائريين حصلت في الجزائر وأن حياتهم في الجزائر لا يمكن نقلها بمفعول رجعي إلى فرنسا.

عبر القبول بهذه التسويات، فإن تقريرك يقدم نفسه على أنه غير منحاز تاريخيًّا، ويقوم بواجبه في المساهمة في تعزيز مهمة الحكومة.

ولكن، هذه هي المشكلة تحديدًا.

ليس من الرصانة الاشتراك في جرائم استعمارية.

الإمبراطورية الفرنسية الإستعمارية اخترعت الماضي وكلّفت موظفي الأرشيف والمؤرخين بتحويل جرائمها إلى موضوعات بحث تاريخي غير منحاز.


حتى أنها استخدمت الضحايا ليقولوا إنها لم ترتكب أي جرائم ضدهم.

لمقاومة ما محته الإمبريالية، يجب على المرء أن يكون منحازًا؛ علينا، على وجه الخصوص، المطالبة بأن يقوم ضحايا هذه الجرائم بكتابة التاريخ.

أولئك الذين يرفضون النسيان، من بينهم، هم وحدهم الذين يستطيعون التكلم من هذا الموقع المتميز، والقادرون على تفكيك عمل الإمبراطورية ومواصلة قضية ما أسمّيه التجرّد من تعاليم الإمبريالية.

لا يجدر السماح لأي مؤرّخ أن يقترف إغفالات رئيسية من هذا النوع.

كما لا يتعين أن تفترض أن ضحايا الجرائم الإمبريالية وأحفادهم موافقون على هذه الصفقات التي عنت وما زالت تعني تصفية عالمهم المتنوع.

وعوضًا عن خدمة هذا المشروع الإمبريالي، كان من الممكن لتقريرك أن يقدّم محصّلة بلا استثناءات للجرائم الفرنسية المرتكبة ضد الجزائريين وللجرائم الإمبريالية ضد البشرية.

كان من الممكن أن يرسم خريطة للروابط بين هذه الجرائم وبين المؤسسات الإمبريالية (الشرطة، والسجون، والرأسمالية العنصرية، والأرشيف (الأرشفة)، والمتاحف، والجنسية، والكثير غيرها) التي مكّنتهم، وتستمر في تمكينهم، على استدامة نتائجها في فرنسا، خصوصًا إزاء الجزائريين، المستهدفين مباشرة من قبل رهاب الإسلام الرسمي ومعاداة الساميّة.

لو أنّك أجبت على هذه الدعوة، مؤكّدًا موقعك كعربي يهودي، ضحية للاستعمار الفرنسي للجزائر، لكنتَ طلبتَ أيضًا أن يشاركك كتابة التقرير جزائري فرنسي مسلم.

كان يمكن لذلك أن يكون فرصة لرسم صورة أكثر شمولية للجرائم الإمبريالية ونتائجها العالقة، ولإلغاء الهجرة الخامسة لليهود، واغترابهم عن العرب والمسلمين في العالم الجديد الذين وجدوا أنفسهم يتشاركونه خارج موطنهم، في فرنسا.


بفضل لَفَتَاتٍ من هذا النوع، كان يمكن حتى لتقرير رسمي أن يمدّ أحفادنا بموارد للاستمرار في العمل على هدم الإمبريالية من دونها، لا يخدم تقريرك إلا ترسيخها.

آرييلا عائشة آزولاي،

باوتاكيت، الثالث من فبراير/شباط عام 2021.

[نُشرت الرسالة في مجلة «بوسطن ريڤيو». ترجمة هنادي سلمان]

https://www.jadaliyya.com/Details/42456
 
ولامرة كان اليهودي ضحية
هم اهل غدر ونفاق واختاروا فرنسا عن حب كرها في الاسلام حتى لو ولدوا في الجزائر
 
ولامرة كان اليهودي ضحية
هم اهل غدر ونفاق واختاروا فرنسا عن حب كرها في الاسلام حتى لو ولدوا في الجزائر

مخطيء أنت تخلط بين الضحية والجلاد وكلامك يجمع جميع اليهود في سلة واحدة من الحقد وهذا غير صحيح؟

كم عدد الحركى من الجزائريين وهم مسلمين قدسوا الإستعمار وخانوا الوطن والثورة فهل هذا يعني يمكن القول أن المسلم هم أهل غدر ونفاق وإختاروا فرنسا عن حب كرها في الجزائر حتى لو ولدوا في الجزائر؟

ما ذنب الجزائريين الذين تم تجريدهم من هويتهم وجنسيتهم ونفيهم في أستراليا؟

نحن لا نتحدث عن الطوائف والأديان نحن نتحدث عن شعب مختلف الأعراق والأديان في أمة جزائرية واحدة تم تخريبه من طرف الإستعمار الفرنسي وهذه جريمة كبرى بغض النظر جزائري يهودي أو مسلم أو عربي أو أمازيغي بل العكس أنت تخدم خطة فرنسا وهي فرنسا أرادت إستغلال طائفة معينة داخل الجزائر وهي اليهودية وضربها ضد المسلمين حتى يدخل الجزائريين في صراع ديني وهم من نفس الأصل والوطن الواحد

وهي نفسها فرنسا اليوم من ترعى فرحات مهني وأتباعه لخدمة فرنسا في ضرب الامازيغ بالعرب داخل الجزائر يعني نفس الخطة تتكرر اليوم والضحية هم كل الجزائريين بإختلاف أصولهم للأسف

فرنسا هي مصدر الشر للجزائر وبلاد المغرب العربي وشعوبهم للأسف وحتى باقي شعوب الدول الأفريقية
 
مخطيء أنت تخلط بين الضحية والجلاد وكلامك يجمع جميع اليهود في سلة واحدة من الحقد وهذا غير صحيح؟

كم عدد الحركى من الجزائريين وهم مسلمين قدسوا الإستعمار وخانوا الوطن والثورة فهل هذا يعني يمكن القول أن المسلم هم أهل غدر ونفاق وإختاروا فرنسا عن حب كرها في الجزائر حتى لو ولدوا في الجزائر؟

ما ذنب الجزائريين الذين تم تجريدهم من هويتهم وجنسيتهم ونفيهم في أستراليا؟

نحن لا نتحدث عن الطوائف والأديان نحن نتحدث عن شعب مختلف الأعراق والأديان في أمة جزائرية واحدة تم تخريبه من طرف الإستعمار الفرنسي وهذه جريمة كبرى بغض النظر جزائري يهودي أو مسلم أو عربي أو أمازيغي بل العكس أنت تخدم خطة فرنسا وهي فرنسا أرادت إستغلال طائفة معينة داخل الجزائر وهي اليهودية وضربها ضد المسلمين حتى يدخل الجزائريين في صراع ديني وهم من نفس الأصل والوطن الواحد

وهي نفسها فرنسا اليوم من ترعى فرحات مهني وأتباعه لخدمة فرنسا في ضرب الامازيغ بالعرب داخل الجزائر يعني نفس الخطة تتكرر اليوم والضحية هم كل الجزائريين بإختلاف أصولهم للأسف

فرنسا هي مصدر الشر للجزائر وبلاد المغرب العربي وشعوبهم للأسف وحتى باقي شعوب الدول الأفريقية
لا الحركى الجزائريين المسلمين وان كانزوا مخطئين اقل سوءاا بكثير من قتلة الانبياء
اليهودي لعنة الله عليه ديدنه محاربة الاسلام
وعندما اختاروا خيانة الجزائر لان عقيدتهم ضد ماهم اسلامي عكس الحركى خيانتهم للجزائر مادية وليست عقائدية
 
05يوم أوت 1934 - 2025 : 91 سنة تمر عن إنتفاضة سكان قسنطينة ضد اليهود ، لما أقدم يهودي بالتبول أكرمكم الله على جدار مسجد سيدي لخضر ...
👈 هذا التصرف الجبان وقع ليلة الجمعة قبل صلاة العشاء ، حيث أقدم اليهودي ” إيلياهو ليفي ” ، على التبوّل على حائط مسجد سيدي لخضر و راح بعدها يسبّ المصلين (عددهم 12 رجلا) ...
👈 إستاء السكان لهذا الفعل فقدموا شكوى أمام الشرطة الفرنسية بحي " رحبة الصوف" ، التي طمأنتهم بأنها ستعاقب اليهودي على فعلته لكنها لم تفعل مما شجع اليهود إلى معاودة اعتدائهم بسب الدين و الرسول ، و لكن هذه المرة رفقة زوجته و مجموعة من اليهود ...
👈 تطور السب إلى حد القذف بالحجارة ، ودخل الطرفان في اشتباكات ...
👈 كان المستدمر الفرنسي قد زود اليهود بالسلاح ...
👈 إندلعت إنتفاضة في 05 أوت 1934 ، و جدد اليهود اعتداءاتهم بمسجد سيدي الكتاني في " رحبة سوق العصر " في وسط " حومة اليهود" ...
👈 هنا أعلنت حالة الحصار و منع المرور إلا برخصة مرور ، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الحقد الدفين الذي يبيته اليهود للمسلمين ...
👈 لتهدئة الوضع تم استدعاء الشيخ عبد الحميد بن باديس من قبل مدير الشرطة ، و مطالبته بتهدئة الناس فكان رد الشيخ إبن باديس إنه في مثل هذه الحالات التي تُمَس فيها كرامة المسلم و إهانة دينه و رسوله الكريم لا مهادنة ...
👈 إجتمع الشيخان إبن باديس و بن جلول بالآلاف من المصلين في جامع "الكبير" الكائن مقره حاليا بشارع العربي بن مهيدي "طريق جـديدة ” ...
👈 تمكن الرجلان من تهدئة الوضع ...
👈 أطلق الشيخ إبن باديس على هذه المعركة إسم "فاجعة قسنطينة " ، وإن كانت الهزيمة لليهود بسقوط ما يزيد عن 120 يهودي، و شيع اليهود قتلاهم في جنازة حضرها اليهود من مختلف الولايات الشرقية كعنابة ، سكيكدة ، جيجل ، باتنة و سطيف ، بالآلاف و ساروا من" رحبة الصوف" إلى مقبرة الأمير عبد القادر "الفوبور" ، في الوقت التي شيعت فيه جنازة المسلمين في سرية تامة بأمر من الشرطة .



وزارة المجاهدين في الجزائر تحتفل بذكرى المعركة الشعبية ضد اليهود كل سنة و تقيملها الأفراح و توزع الحلوى و الجوائز في المسجد المذكور



IMG_4280.jpeg
IMG_4279.jpeg
 
يهود شمال افريقيا لا ولاء لهم الا للكيان أو فرنسا فتش في وثائقهم الشخصية ستجد عندهم جنسية ثانية و ربما ثالثة
 
لا يزال اليهودي الفرنسي يندب و يلطم ليرى الجزائر التي ولد فيها مرة أخيرة قبل أن يفطس ، و توسط له عدة رؤساء فرنسيين من دون جدوى حيث يمنع من دخول الجزائر
 
عودة
أعلى