حاملة الطائرات الالمانية النازية. الحلم الضائع.
معلومة كان يجهلها الكثير و هي أن النازيين كانوا يطمحون لبناء حاملة طائرات للبحرية الألمانية او الكريغسمارين Kriegsmarine لكنها لم تشارك يوما واحد في الحرب كلها.
سنتطرق خلال هذا الموضوع إلى كل ما يخص هذا المشروع من بداية نشأته حتى نهايته المأساوية لكن أولا و بإيجاز علينا فهم ماهية هذا النوع من السفن و دوره و خلفيته التاريخية:
تعود فكرة بناء سفن بإمكانها حمل الطائرات إلى أوائل القرن العشرين عندما بدأت البحرية الملكية البريطانية بتحويل السفن الضخمة إلى حاملات طائرات و ذلك قبل نهاية الحرب العالمية الأولى و تحديدا في سنة 1918. فظهرت لنا حاملة الطائرات HMS Argus و التي كانت عبارة عن سفينة تجارية ضخمة مجهزرة بسطح طيران.
و سرعان ما انضمت الولايات المتحدة الأمريكية إلى القطيع ثم اليابان ثم فرنسا. و حتى ان إيطاليا و الإتحاد السوفياتي كان ليديهم مشاريع لبناء هذا النوع من السفن. أما بالنسبة لألمانيا فقد كانت معاهدة فيرساي التي تمنعها من تكوين قوات جوية و قوات بحرية قوية، تقف عائقا أمامها . لكن هذا لم يدم طويلا حتى وصل حزب العمال القومي الاشتراكي الألماني إلى الحكم سنة 1933 و عيّن هتلر مستشار لألمانيا. و مع وصوله للحكم قام بكسر تلك الحواجز و العوائق لتدخل ألمانيا حقبة جديدة من الصناعات العسكرية الهادفة لبناء قوات بحرية و جوية واعدة في الخفاء. و من بين أوائل المشاريع التي عملت عليها ألمانيا كان بناء حاملة طائرات خاصة بها وقد تم تسميتها ب Graf Zeppelin.
غراف زيبلن-Graf Zeppelin
غراف زيبلن هي فئة من حاملات الطائرات مكونة من حاملتين أختين و سميت بهذا الإسم تيمنا بصانع المناطيد الألماني "فيرديناند فون زيبلن" Ferdinand von Zeppelin.
وهي المشروع النازي الوحيد لبناء حاملة طائرات خلال فترة الحرب العالمية الثانية. فمنذ تولي هتلر الحكم في ألمانيا كان يطمح لجعل الكريغسمارين قوى عالمية لابد لها من اكتساب حاملات طائرات لدعم البحرية الألمانية في حربها ضد البحرية الملكية البريطانية و لفرض السيطرة على المحيط الأطلسي و هو ما عملت عليه سلطات الرايخ الثالث بجدية.
وضعت ألمانيا أول مخطط لها لبناء حاملة طائرات في 28 ديسمبر من عام 1936 من قبل شركة "دوتش ويرك كيل" المتخصصة في بناء السفن و من ثم بدأ العمل عليها بعد عامين من ذلك الوقت. و نظرا لأن الألمان دخلوا ميدان بناء حاملات الطائرات متأخرين ( مقارنة ببريطانيا و أمريكا و اليابان ) و كذلك عدم توفر معلومات كافية عن هذا النوع من القطع البحرية في ذلك الوقت، فقد واجهوا بعض المشاكل الهندسية و التقنية مما دفعهم للإستعانة ببعض التقنيات و الخبرات من حلفائهم اليابانيين أثناء فترة التصميم. لكن مع دخول الحرب و تركيز الألمان أكثر على بناء القوات الجوية ( اللوفتوافا ) و مدى أهميتها، و إعطاء الأولوية لمشاريع عسكرية اخرى، إضافة إلى تحقيق الجيش الألماني انتصارات ساحقة في ما عرف بحروب البرق او الحرب الخاطفة أو البليتزكريغ Blitzkrieg اعتقد الالمان انهم ليسوا بحاجة إلى أي أسلحة أخرى بالنسبة ذلك الوقت على الأقل لأن قواتهم كانت كافية. و هو ما أدى لتأخير العمل على عدة مشاريع أخرى مثل الغراف زيبلن .
و من بين الأسباب الأخرى التي أدت لتأخر اكتمال بناء الغراف زيبلن أكثر هو تأخر انجاز المشروع و اهماله نوعا ما حتى اخذت الحرب منعرجا آخرا و انقلبت الطاولة على الألمان مما عطل و انهك خطوط الإمداد و كذلك خطوط الإنتاج الالمانية فقد كانت معظم الموارد المتاحة موجهة لصناعة الدبابات و الطائرات و الذخائر و كذلك لمشاريع أخرى اعتبرت أكثر أهمية حيث كان الفوهرر يعتبرها أمل ألمانيا في قلب موازين الحرب، مثل صواريخ V1 و V2، و طائرات Messerschmitt 262، و مدفع القطارات غوستاف و غيرهم من المشاريع التي تطلبت كمًا هائلا من الموارد و بنية تحتية خاصة.
الخصائص الفنية للغراف زيبلن:
الطول: 262.5 متر
طول مدرج الطيران: 241 متر
العرض: 30.5 متر
الجزء الغاطس: 7.6 متر
الوزن: 33 الف طن (أكثر من 34 ألف طن بالحمولة القصوى)
السرعة: 35 عقدة/س
قوة المحرك: 200 ألف حصان
المدى: قرابة 15 ألف كم
الطاقم: قرابة 1700 فرد
التسليح: تسلحت الغراف زيبلن بأكثر من 60 قطعة سلاح موزعة كالآتي:
16 مدفع من نوع SK C/28عيار 15سم
10-12 مدفع من نوع SK C/33 عيار 10.5 سم
22 رشاش ثقيل من نوع SK C/30 عيار 3.7 سم
رشاشات فلاك عيار 2 سم
التدريع:
حزام سمكه 100 ملم
سطح السفينة سمكه 60 ملم
سطح طيران سمكه 45 ملم
الحمولة من الطائرات: كان مخططا للغراف زيبلن أن تحمل حوالي 42 طائرة فقط رغم حجمها الكبير نسبيا في ذلك الوقت
و توزعت هذه الحمولة من الطائرات كالآتي:
20 قاذفة طوربيد من نوع Fi 167
13 قاذفة إنقضاضية من نوع JU-87 معدلة
11 مقاتلة من نوع BF 109
مصير الغراف زيبلن
مع مرور سنوات الحرب تبين للألمان أخيرا أن مشروع حاملات الطائرات مكلف للغاية من ناحية الموارد و كذلك مع السيطرة المطلقة للحلفاء على البحار تبين أن بناء أي قطعة بحرية أخرى سيكون من دون جدوى. لذلك قام الألمان بتفكيك برنامج بناء حاملة الطائرات الثانية قبل اكتماله مع مواصلة بناء النموذج الأول ببطئ حتى تم الانتهاء منه أخيرا.
و في آخر سنة من الحرب، أي في عام 1945 و كجزء من سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها الألمان، تم جر الغراف زيبلن إلى أحد ضفاف بحر البلطيق مع فريق كوماندوز مخصص لاغراقها كي لا تقع بيد الروس و قد تم ذلك بالفعل في 25 أبريل من عام 1945. و عندما وصل الروس إلى مكان الواقعة كانت السفينة قابعة في القاع مع أضرار هيكلية جسيمة جعلت من إصلاحها أمرا شبه مستحيل. لكن مع إصرار السوفيات تمكنوا أخيرا من إعادتها للسطح في مارس 1946 لكنها لم تكن ذات فائدة لهم فقاموا باستعمالها كهدف للتدريبات العسكرية و لقاذفات القنابل و ذلك لخلق سيناريو مشابه لكيفية إغراق حاملة طائرات في حرب فعلية حيث أن الخصم الجديد للسوفيات و هو الولايات المتحدة الأمريكية، يعتمد بشكل كبير على هذا النوع من القطع البحرية.
لتغرق أخيرا أحد اكبر المشاريع النازية خلال فترة الحرب العالمية الثانية و أكثرها طموحا في قاع البحر حاملة معها آخر آمال الرايخ الثالث إلى الأبد.
آمل أن يكون أعجبكم الموضوع
تسليح حامله الطائرات
القاذفات الألمانية ستوكا مطويه الجناح للعمل على حامله الطائرات

