ام الرشراش الأرض المصرية المغتصبة
-
في بدايات عام 1949،
وبعد أن وضعت حرب فلسطين الأولى (1948) أوزارها، كانت مصر قد وافقت تحت ضغط الأمم المتحدة على وقف إطلاق النار، تمهيدًا لتوقيع اتفاقية الهدنة الدائمة مع إسرائيل والأردن، وتحديد الحدود النهائية للدول الثلاث.
في تلك الأثناء، نفّذت القوات الصهيونية عملية عسكرية سرّية أُطلق عليها اسم “هَحورِب”، تسللت خلالها وحدات من الجيش الإسرائيلي إلى عمق شبه جزيرة سيناء واستولت على طريق بئر السبع – عسلوج، في خرقٍ واضح للهدنة.
أدّى هذا التوغل إلى ضغط أممي على القاهرة لوقف أي ردّ عسكري، والبدء في محادثات التهدئة.
لكن القيادة الإسرائيلية كانت تُخطّط لأبعد من ذلك.
كان هدفها الحقيقي الوصول إلى رأس خليج العقبة لامتلاك منفذٍ على البحر الأحمر، قبل أن يتم ترسيم الحدود رسميًا على طاولة المفاوضات.
ففي أوائل مارس 1949، أطلقت إسرائيل عملية جديدة سُمّيت “عوفدا” (بالعبرية: עובדה) أي فرض الأمر الواقع
تحركت كتيبة النقب بقيادة “إيغال ألون” من الجنوب الفلسطيني نحو قرية صغيرة تُدعى أم الرشراش، وهي قرية مصرية حدودية تقع على رأس خليج العقبة، وكانت تتبع إداريًا مديرية الطور في سيناء، وكان يتمركز فيها نحو 40 جنديًا وضابط شرطة مصريين لحماية الحدود.
كانت مصر في ذلك الوقت ملتزمة التزامًا صارمًا بوقف إطلاق النار، فكان الجنود في مواقعهم دون استعداد للقتال.
لكن القوات الصهيونية باغتتهم فجر 10 مارس 1949، فاقتحمت القرية وقتلت جميع أفراد الحامية المصرية بدمٍ بارد،
ثم أنزلت العلم المصري ورفعت العلم الإسرائيلي إيذانًا بإعلان السيطرة على المنطقة
مجزرة اُرتكبه بحق جنود سلميين التزموا بأوامر دولتهم، وقُتلوا غدرًا بعد اتفاقية هدنة موقّعة بالفعل منذ 24 فبراير 1949
قدّمت مصر احتجاجًا رسميًا إلى الأمم المتحدة على هذا الخرق الصارخ،
لكن المجتمع الدولي — وخصوصًا الولايات المتحدة وبريطانيا — تجاهل الشكوى،
بل تشير وثائق أردنية إلى أن واشنطن ضغطت على لندن لتغيير موقفها والسماح لإسرائيل باحتلال المنطقة،
وذلك لتحقيق هدفٍ استراتيجي هو فصل مصر عن المشرق العربي ومنع أي اتصال بري بين القاهرة وعمّان ودمشق.
وفي اجتماعٍ لاحق لمجلس رؤساء الحكومات العربية عام 1955، كشف رئيس الوزراء الأردني توفيق باشا أبو الهدى أن البريطانيين كانوا قد وعدوا بإرسال كتيبة من العقبة الأردنية لمنع تقدم القوات اليهودية إلى الخليج،
لكن الكتيبة لم تتحرك بأوامر سياسية بريطانية بعد تدخل أمريكي مباشر
بعد احتلال القرية، حرّف الاحتلال اسمها من أم الرشراش إلى إيلات،
وبدأ في بناء ميناء بحري وعسكري على ساحلها، أصبح لاحقًا شريانًا استراتيجيًا لإسرائيل، تمر عبره نحو 40٪ من صادراتها ووارداتها.
وفي الخمسينيات، امتدت منه أنابيب النفط لتغذية شمال فلسطين المحتلة،
وزادت أهميته بعد أن أغلقت مصر قناة السويس أمام الملاحة الإسرائيلية عام 1950.
ثم جاءت حرب 1956 فأُعيد فتح الخليج بالقوة،
أم الرشراش لم تكن مجرد قرية حدودية نُسيت في الهدنة، بل كانت القطعة التي فصلت مصر عن المشرق العربي،
وسمحت لإسرائيل بأن تمتلك منفذًا بحريًا استراتيجيًا على البحر الأحمر.
أما اليوم، فقد أصبحت إيلات رمزًا من رموز الاحتلال الذي تأسس على الغدر والدم.
ويبقى الحق واضحًا كالشمس:
أم الرشراش أرضٌ مصرية احتُلّت في وضح النهار عام 1949، وما زال التاريخ يشهد على ذلك
-
في بدايات عام 1949،
وبعد أن وضعت حرب فلسطين الأولى (1948) أوزارها، كانت مصر قد وافقت تحت ضغط الأمم المتحدة على وقف إطلاق النار، تمهيدًا لتوقيع اتفاقية الهدنة الدائمة مع إسرائيل والأردن، وتحديد الحدود النهائية للدول الثلاث.
في تلك الأثناء، نفّذت القوات الصهيونية عملية عسكرية سرّية أُطلق عليها اسم “هَحورِب”، تسللت خلالها وحدات من الجيش الإسرائيلي إلى عمق شبه جزيرة سيناء واستولت على طريق بئر السبع – عسلوج، في خرقٍ واضح للهدنة.
أدّى هذا التوغل إلى ضغط أممي على القاهرة لوقف أي ردّ عسكري، والبدء في محادثات التهدئة.
لكن القيادة الإسرائيلية كانت تُخطّط لأبعد من ذلك.
كان هدفها الحقيقي الوصول إلى رأس خليج العقبة لامتلاك منفذٍ على البحر الأحمر، قبل أن يتم ترسيم الحدود رسميًا على طاولة المفاوضات.
ففي أوائل مارس 1949، أطلقت إسرائيل عملية جديدة سُمّيت “عوفدا” (بالعبرية: עובדה) أي فرض الأمر الواقع
تحركت كتيبة النقب بقيادة “إيغال ألون” من الجنوب الفلسطيني نحو قرية صغيرة تُدعى أم الرشراش، وهي قرية مصرية حدودية تقع على رأس خليج العقبة، وكانت تتبع إداريًا مديرية الطور في سيناء، وكان يتمركز فيها نحو 40 جنديًا وضابط شرطة مصريين لحماية الحدود.
كانت مصر في ذلك الوقت ملتزمة التزامًا صارمًا بوقف إطلاق النار، فكان الجنود في مواقعهم دون استعداد للقتال.
لكن القوات الصهيونية باغتتهم فجر 10 مارس 1949، فاقتحمت القرية وقتلت جميع أفراد الحامية المصرية بدمٍ بارد،
ثم أنزلت العلم المصري ورفعت العلم الإسرائيلي إيذانًا بإعلان السيطرة على المنطقة
مجزرة اُرتكبه بحق جنود سلميين التزموا بأوامر دولتهم، وقُتلوا غدرًا بعد اتفاقية هدنة موقّعة بالفعل منذ 24 فبراير 1949
قدّمت مصر احتجاجًا رسميًا إلى الأمم المتحدة على هذا الخرق الصارخ،
لكن المجتمع الدولي — وخصوصًا الولايات المتحدة وبريطانيا — تجاهل الشكوى،
بل تشير وثائق أردنية إلى أن واشنطن ضغطت على لندن لتغيير موقفها والسماح لإسرائيل باحتلال المنطقة،
وذلك لتحقيق هدفٍ استراتيجي هو فصل مصر عن المشرق العربي ومنع أي اتصال بري بين القاهرة وعمّان ودمشق.
وفي اجتماعٍ لاحق لمجلس رؤساء الحكومات العربية عام 1955، كشف رئيس الوزراء الأردني توفيق باشا أبو الهدى أن البريطانيين كانوا قد وعدوا بإرسال كتيبة من العقبة الأردنية لمنع تقدم القوات اليهودية إلى الخليج،
لكن الكتيبة لم تتحرك بأوامر سياسية بريطانية بعد تدخل أمريكي مباشر
بعد احتلال القرية، حرّف الاحتلال اسمها من أم الرشراش إلى إيلات،
وبدأ في بناء ميناء بحري وعسكري على ساحلها، أصبح لاحقًا شريانًا استراتيجيًا لإسرائيل، تمر عبره نحو 40٪ من صادراتها ووارداتها.
وفي الخمسينيات، امتدت منه أنابيب النفط لتغذية شمال فلسطين المحتلة،
وزادت أهميته بعد أن أغلقت مصر قناة السويس أمام الملاحة الإسرائيلية عام 1950.
ثم جاءت حرب 1956 فأُعيد فتح الخليج بالقوة،
أم الرشراش لم تكن مجرد قرية حدودية نُسيت في الهدنة، بل كانت القطعة التي فصلت مصر عن المشرق العربي،
وسمحت لإسرائيل بأن تمتلك منفذًا بحريًا استراتيجيًا على البحر الأحمر.
أما اليوم، فقد أصبحت إيلات رمزًا من رموز الاحتلال الذي تأسس على الغدر والدم.
ويبقى الحق واضحًا كالشمس:
أم الرشراش أرضٌ مصرية احتُلّت في وضح النهار عام 1949، وما زال التاريخ يشهد على ذلك