الصواريخ الكورية الجنوبية: التكنولوجيا والاستراتيجية في عصر التوترات الإقليمية

مقارنة صاروخ هيونمو-5 (كوريا الجنوبية) مع هيوسونغ-18 (كوريا الشمالية)


يُعد الصاروخ هيونمو-5 (Hyunmoo-5) صاروخًا باليستي تقليديًا (غير نووي) قصير إلى متوسط المدى (SRBM/IRBM) من كوريا الجنوبية، بينما يُعد هيوسونغ-18 (Hwasong-18) صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات (ICBM) نوويًا من كوريا الشمالية. كلا الصاروخين يعتمدان على وقود صلب ومنصات إطلاق متحركة (TEL) ذات 9 محاور، لكن هيونمو-5 يركز على الضربات الدقيقة التقليدية للأهداف المحصنة، بينما هيوسونغ-18 مصمم للضربات النووية بعيدة المدى. الجدول التالي يقارن بينهما بناءً على الخصائص الرئيسية.

الخاصية هيونمو-5 (كوريا الجنوبية) هيوسونغ-18 (كوريا الشمالية)
الأصل كوريا الجنوبية (2024) كوريا الشمالية (2023)
التصنيف SRBM/IRBM تقليدي (غير نووي) ICBM نووي (قادر على MIRV)
الطول حوالي 16 متر حوالي 25 متر
القطر 1.6 متر 2.5 متر
وزن الإطلاق 36 طن حوالي 40 طن
الدفع مرحلتان بالوقود الصلب ثلاث مراحل بالوقود الصلب
المدى 3,000-5,000 كم (مع حمولة مخفضة) 15,000 كم
الحمولة/الرأس الحربي 8-9 أطنان (مدمّر مخازن تقليدي) 1-2 طن (نووي، MIRV قادر)
القاعدة متحرك على الطرق (TEL 9 محاور) متحرك على الطرق (TEL 9 محاور)
الحالة في الخدمة (2023) في الخدمة (2023)
الدقة (CEP) أقل من 2 متر (MaRV) 100-500 متر (تقديري)


الأهمية الاستراتيجية

هيونمو-5 يركز على الضربات التقليدية الدقيقة للأهداف المحصنة (مثل مراكز القيادة الكورية الشمالية)، بينما هيوسونغ-18 مصمم للضربات النووية العابرة للقارات، مما يجعله تهديدًا أكبر للولايات المتحدة. كلا الصاروخين يعتمدان على TEL 9 محاور للحركة، لكن هيونمو-5 أصغر حجمًا وأكثر تركيزًا على الدقة.
 
تعتمد كوريا الجنوبية ما يطلق عليه استراتيجية "المحاور الثلاثة" (Kill Chain، KAMD، KMPR) لمواجهة التهديدات من كوريا الشمالية فيما شرح مفصل لمحاور الاستراتيجيا و ما هي الاصول المعتمدة لتنفيذ تلك المحاور :

شرح تفصيلي لاستراتيجية "سلسلة القتل" (Kill Chain) الكورية الجنوبية


استراتيجية "سلسلة القتل" (Kill Chain) هي إحدى ركائز الدفاع الرئيسية في كوريا الجنوبية (جمهورية كوريا - ROK)، وتُعد جزءًا من نظام "المحاور الثلاثة" (Three-Axis System) الذي يهدف إلى مواجهة التهديدات النووية والصاروخية من كوريا الشمالية (جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية - DPRK). تم تطوير هذه الاستراتيجية في أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، رداً على تطور برنامج كوريا الشمالية النووي والصاروخي، وتهدف إلى الكشف عن التهديدات وتدميرها قبل تنفيذها، مما يقلل من مخاطر التصعيد ويحافظ على الردع. هذه الاستراتيجية ليست هجومية بحتة، بل دفاعية استباقية تهدف إلى منع الهجمات بدلاً من الرد عليها بعد وقوعها.

الشرح التفصيلي لـ "سلسلة القتل"


"سلسلة القتل" هي نظام استباقي يعتمد على سلسلة من الخطوات المتتالية للكشف عن الاستعدادات لإطلاق صواريخ أو أسلحة دمار شامل من كوريا الشمالية، وتدميرها قبل الإطلاق. الفكرة الأساسية هي (left of launch)، أي التصدي للتهديد قبل أن يصبح فعالاً. الاستراتيجية تعمل كالتالي:

1- الكشف والمراقبة (Detection): مراقبة مستمرة للنشاط العسكري الكوري الشمالي، بما في ذلك تحركات الصواريخ، المنشآت النووية، والمدفعية طويلة المدى. إذا تم اكتشاف علامات وشيكة للهجوم (مثل تحميل الصواريخ أو حركة الوحدات)، يتم تفعيل الرد.

2- التحديد والاستهداف (Targeting): تحديد الأهداف بدقة عالية باستخدام بيانات الاستخبارات، وتخصيص أسلحة الضربة.

3- الضربة الاستباقية (Preemptive Strike): استخدام صواريخ باليستية أو جوية لتدمير الصواريخ الشمالية، المنشآت النووية، والمدفعية قبل إطلاقها، مما يمنع التصعيد إلى حرب شاملة.

التقييم (Assessment): تقييم نجاح الضربة وإعادة الاستهداف إذا لزم الأمر.

هذه الاستراتيجية تعمل بالتكامل مع المحورين الآخرين: "الدفاع الجوي والصاروخي الكوري" (KAMD) لاعتراض الصواريخ التي تنجو، و"العقاب والرد الضخم الكوري" (KMPR) للضربات الانتقامية على القيادة الشمالية. تم تحديث الاستراتيجية في 2023 تحت إدارة الرئيس يون سوك يول لتعزيز القدرات الاستباقية، رداً على تطورات كوريا الشمالية في الصواريخ النووية وفوق الصوتية.

الأصول المستخدمة مع "سلسلة القتل"

تعتمد "سلسلة القتل" على مزيج من الأصول العسكرية والتكنولوجية لضمان الكشف السريع والضربة الدقيقة. إليك التفاصيل الرئيسية:

أنظمة المراقبة والاستخبارات (ISR - Intelligence, Surveillance, Reconnaissance):

أقمار صناعية:
أقمار Arirang (مثل Arirang-3 وArirang-5) للمراقبة البصرية والرادارية، بالإضافة إلى التعاون مع أقمار أمريكية مثل KH-12 للكشف عن حركات الصواريخ الشمالية.
kompsat-3__1.jpg

طائرات بدون طيار (UAVs): RQ-4 Global Hawk (حوالي 4 وحدات، نشرت في 2015-2016) للمراقبة المستمرة فوق شبه الجزيرة الكورية، مع مدى 24 ساعة وارتفاع عالي لتجنب الاعتراض.

fg_3769782-jdw-8518.tmb-1170x650.jpg

طائرات استطلاع: طائرات RF-16 وBoeing E-737 Peace Eye للكشف الجوي عن النشاط الصاروخي والنووي.

jc-wings-xx20288-boeing-737-7es-peace-eye-south-korea-air-force-65-328-xdc-205680_0.jpg

رادارات أرضية: رادار Green Pine (من إسرائيل) لتتبع الصواريخ، وأنظمة رادار متقدمة مثل Iron Dome-inspired systems للكشف المبكر.

أنظمة الضربة:

صواريخ باليستية: سلسلة Hyunmoo-2 (مثل Hyunmoo-2A/2B/2C) للضربات الدقيقة، مع مدى يصل إلى 800 كم ودقة 30 متر (CEP).

صواريخ كروز: Hyunmoo-3 (مثل 3C بمدى 1,500 كم) للضربات من السفن والغواصات.

طائرات مقاتلة: F-15K Slam Eagle وF-35A Lightning II لإطلاق صواريخ دقيقة مثل JASSM أو JDAM لتدمير الأهداف المحصنة.

F-15K-USAF-696x392.jpg

مدفعية صاروخية: K9 Thunder و K239 Chunmoo لدعم الضربات الأرضية.

K239_Chunmoo_Image6.jpg

NRJSEQS3FBD6DGEJKHHRFLWIGM.jpg


أنظمة الدعم:

الاستخبارات: التعاون مع الولايات المتحدة من خلال أنظمة ISR مشتركة، مثل أقمار KH-11 وطائرات U-2.

القيادة والسيطرة: نظام C4I (Command, Control, Communications, Computers, and Intelligence) لتنسيق الكشف والضربة في دقائق.

الدفاع الإلكتروني: أنظمة تشويش إلكتروني لتعطيل الاتصالات الشمالية.

التحديات والتطورات

رغم فعاليتها، تواجه "سلسلة القتل" تحديات مثل تحسين كوريا الشمالية لصواريخها (مثل KN-23 وKN-24) لتجنب الكشف، ونقص القدرات الاستخباراتية في الطقس السيء. في 2023، أعادت كوريا الجنوبية تنشيط الاستراتيجية مع استثمار 2.5 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي لتحسين الكشف. هذا يعزز الردع، لكن يزيد من مخاطر التصعيد الخاطئ.
 

الدفاع الجوي والصاروخي الكوري" (KAMD)

استراتيجية "الدفاع الجوي والصاروخي الكوري" (Korea Air and Missile Defense - KAMD) هي الركيزة الثانية في نظام "المحاور الثلاثة"، وتهدف إلى بناء نظام دفاع متعدد الطبقات لاعتراض الصواريخ والطائرات المعادية، خاصة تلك النووية أو التقليدية من كوريا الشمالية. تم تطويرها في عام 2006، وتُعد استجابة لتطور البرنامج الصاروخي الكوري الشمالي، مع التركيز على الدفاع عن الأصول العسكرية والمدنية. KAMD ليست هجومية، بل دفاعية، وتعمل بالتكامل مع "سلسلة القتل" للضربات الاستباقية وKMPR للرد الانتقامي، مما يقلل الخسائر في حال فشل الكشف المبكر. في 2023، تم تحديثها لتشمل أنظمة متقدمة مثل L-SAM وM-SAM Block III لمواجهة الصواريخ فوق الصوتية.

الأصول المستخدمة مع KAMD

تعتمد KAMD على أنظمة متعددة الطبقات لاعتراض الصواريخ في مراحل مختلفة (انطلاق، منتصف المسار، نهائي):

أنظمة الاعتراض قصيرة المدى (Lower Tier):

M-SAM (Cheongung-II):
صاروخ سطح-جو متوسط المدى (40-60 كم)، يعترض الصواريخ الباليستية والطائرات. نشر في 2023، ويشكل جزءًا رئيسيًا من KAMD. (حوالي 200 قاذفة).

Korean_Medium-range_Surface-to-Air_Missile_%28KM-SAM%29.jpg

Patriot PAC-3: شراء 64 وحدة من الولايات المتحدة (2015)، مع رادار AN/MPQ-65 لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى (مدى 35 كم).

أنظمة الاعتراض طويلة المدى (Upper Tier):

L-SAM:
صاروخ سطح-جو طويل المدى (150 كم، ارتفاع 50-60 كم)، يعترض الصواريخ الباليستية في منتصف المسار. قيد التطوير منذ 2015، ومن المتوقع دخوله الخدمة في 2026-2028. يشمل رادار متعدد الوظائف (MFR) للكشف عن 500 هدف.

THAAD: بطارية واحدة (6 قاذفات) نشرت من الولايات المتحدة في 2017، مع رادار AN/TPY-2 لاعتراض الصواريخ طويلة المدى (مدى 200 كم). لا تُدمج مباشرة في KAMD، لكنها تدعمها.

طبعا مع استخدام ما سبق و اشير اليه من اصول اخرى.
 

استراتيجية "العقاب والرد الضخم الكوري" (KMPR)


استراتيجية "العقاب والرد الضخم الكوري" (Korea Massive Punishment and Retaliation - KMPR) هي الركيزة الثالثة في نظام "المحاور الثلاثة" (Three-Axis System) لكوريا الجنوبية، وتهدف إلى تقديم رد انتقامي هائل وسريع على أي هجوم نووي أو غير تقليدي من كوريا الشمالية، بما في ذلك تصفية القيادة الشمالية (decapitation strikes) لإجبار تغيير النظام. تم تطوير هذه الاستراتيجية في عام 2016 تحت إدارة الرئيسة بارك غيون-هي، رداً على الاختبارات النووية الكورية الشمالية في ذلك العام، وتُعد امتدادًا لاستراتيجية "سلسلة القتل" (Kill Chain) لكنها تركز على الرد بعد الهجوم بدلاً من الاستباق. KMPR ليست هجومية بحتة، بل جزء من الردع بالعقاب (deterrence by punishment)، حيث تهدف إلى إقناع قادة كوريا الشمالية بأن أي هجوم سيؤدي إلى تدمير قيادتهم، مما يقلل من احتمالية التصعيد. في عام 2023، تم تحديثها تحت إدارة الرئيس يون سوك يول لتشمل استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف والاستهداف، مع التركيز على الضربات الدقيقة لتجنب التصعيد إلى حرب شاملة.

Cover-Web-Article-5-1536x865.png


161101_a9_3military.jpg
 
عودة
أعلى