الجيل الثالث من المركبات العسكرية الصينية
شهد جيش التحرير الشعبي الصيني خلال العقدين الماضيين تحولًا شاملاً لم يقتصر على تطوير الصواريخ والمقاتلات، بل امتد إلى الأرض التي يتحرك عليها. في صميم هذا التحديث تقف فئة جديدة من المنصات التكتيكية واللوجستية: المركبات العسكرية الصينية من الجيل الثالث. هذه المنظومات لا تمثل مجرد تطور هندسي، بل تحولا في القدرات اللوجستية للجيش الصيني سواء في كيفية تعامل الجيش الصيني مع مفاهيم التنقل، والتكامل او والدعم القتالي في ميدان المعركة الرقمي الحديث.
ففي نهاية تسعينيات القرن الماضي و بعد انتهاء فترة التقارب الغربي، تأخرت المركبات العسكرية العامة المستخدمة في الجيش الصيني عن نظيراتها خاصة الغربية من حيث القدرة على السير خارج الطرق المعبدة، والقدرة على التكيف مع البيئات القاسية، والرقمنة، والحماية الميدانية، وذلك بسبب الاعتماد على تقنيات قديمة في مجالات حيوية مثل أنظمة التعليق، وناقل الحركة، والمحركات.
ولمعالجة هذا الخلل، جاء تطوير الجيل الثالث من المركبات عالية الحركة ، والتي باتت تتضمن ابتكارات محلية وأنظمة فرعية معيارية متقدمة، مما منحها قدرات عالية على المناورة، وحماية معززة، وتكيفا مرنا، وتكاملا متطورا.
على عكس المركبات القديمة التي تم تعديلها من منصات مدنية أو عسكرية قديمة او تصنيع لنسخ تصديرية، تم تصميم هذه المركبات الحديثة منذ البداية لتواكب متطلبات الحرب الحديثة متوافقة مع خصائص الجيش الصيني وطبيعة عمله. سواء كانت من سلسلة دونغ فنغ منغشي’ Warrior 'Mengshi متعددة الاستخدامات، او مركبات FAW MV3 ، أو الشاحنات الثقيلة الخاصة بشركة تايان و وانشان، فإن هذه المركبات تخدم في مختلف فروع الجيش الصيني من القوات البرية إلى القوة الصاروخية والقوات الجوية مؤدية أدوارا لا تقتصر على نقل الجنود والإمدادات، بل تشمل أيضًا منصات إطلاق متنقلة، ومراكز قيادة، ووحدات حرب إلكترونية وغيرها من المهام المتعددة.
نبذة تاريخية عن المركبات العسكرية الصينية
بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية سنة 1949، كانت القوات المسلحة تعاني من نقص كبير في المركبات العسكرية تزامنا مع التوترات الأمنية في محيطها القريب عجل ضرورة الحصول على المركبات العسكرية، لكن افتقارها إلى صناعة سيارات وطنية وكذلك التضييق الغربي عليها، اعتمد جيش التحرير الشعبي بشكل كبير على الواردات، خصوصا من الاتحاد السوفيتي. فبحلول عام 1957، تم اقتناء أكثر من 92,000 مركبة: ثلاثة ارباعها سوفيتية، والبقية كانت من الغرب وأوروبا الشرقية.
تم رؤية هذا الاستيراد كتهتيدا للأمن القومي، فاعتبر التصنيع المحلي أولوية. وفي عام 1953 بعد زيارة ماو لستالين في روسيا والحصول على حزمة من المساعدات والمشاريع بدأت الصين ببناء أول مصنع سيارات في تشانغتشون "مصنع السيارات الأول مايعرف حاليا ب’FAW Jiefang’، وفي عام 1956 خرجت أول شاحنة "جيي فانغ CA-10 " بوزن 4 أطنان عن طريق نقل تقنية ZIL-150، مما مثّل دخول الصين مجال تصنيع المركبات.
وبحلول عام 1958، بدأت شركة نانجينغ ا بإنتاج نسخ من مركبات GAZ-51 السوفيتية تحت اسم Nanjing Yuejin NJ130 ، وفي 1959 بدأت الإنتاج الضخم لشاحنة CA30 بوزن 2.5 طن نسخة من ZIL-157. رغم ذلك، افتقر الجيش لمركبة خفيفة للطرق الوعرة، فكان اعتماده يقتصرعلى GAZ-69 السوفيتية وجيبات أمريكية من مخلفات الحرب السابقة حتى تمكن من تصنيع نسخة محلية من مركبة Jeep CJ-5 الامريكية تحت مسمى تشانغ جيانغ 46’ CJشانغان اوتو' وبهذا تشكلت أول نواة لصناعة المركبات العسكرية الصينية.
الستينات والتمهيد لمركبات الجيل الأول
من أجل تحقيق توحيد قياسي متسلسل للمركبات العسكرية المنتجة محليا، في يونيو 1961 أنشأت لجنة العلوم والتكنولوجيا التابعة للجنة العسكرية المركزية " حاليا CMC" مجموعة عمل متخصصة في المركبات العسكرية ذات العجلات في يونيو 1961. وبعد أكثر من عامين من الجهود المكثفة، وضعت المجموعة مسودة "خطة تسلسل المركبات العسكرية ذات العجلات"، والتي نصت على تطوير وإنتاج ستة نماذج أساسية من المركبات العسكرية: 0.5 طن، 1 طن، 2.5 طن، 3.5 طن، 5 أطنان، و7 أطنان. وبناءا على هذه النماذج الستة، يمكن تطوير أكثر من 20 طرازا مشتقا وتحويلها إلى عدة مركبات متخصصة، مما يلبي فعليا متطلبات التسلسل، والتوحيد، والمعيارية في تجهيزات المركبات العسكرية. وقد تمت المصادقة على الخطة من قبل قادة اللجنة العسكرية المركزية: هو لونغ، ونيه رونغجن، ولوو رويتشينغ، وتم الإعلان عنها وتنفيذها في 1 مايو 1963.
ولتطبيق هذا المشروع تزامنا مع خطة "الجبهة الثالثة" خطة تهدف الى تقوية الداخل الصيني وتعزيز البنية الصناعية كاجراء احتياطي امني...
تم انشاء مصانع جديدة لتطوير بعض من هاته المركبات فتم انشاء:
- المصنع الثاني للمركبات بما يعرف حاليا’ ’ DongFeng motor.
- تشونغتشينغ هونغيان حاليا ‘SAIC Hongyan’.
- مصنع شانغشي للمركبات ‘Shaanxi Auto / Shacman’.
بالإضافة الى انخراط المصانع المتواجدة سابقا ك:
- جينان اوتو " '’SinoTruk HOWO.
- مصنع بكين اوتو " '’BAIC.
- مصنع Dongfanhong /لويانع للجرارات "'’YTO Group.
رغم ان الإنتاج التسلسلي في هاته الفترة اقتصر على بضع من الموديلات ابرزها:
- جييفانغ CJ-30 محدثة. - جينان JN-150.
- نانجينغ NJ-230. - بكين ,BJ-202/212.
كان التعاون التقني مع بعض الشركات الاوربية ابرزها بيرليت الفرنسية دور كبير في تطوير أداء المركبات العسكرية والتي شكلت الجيل الأول من المركبات العسكرية الصينية.
يعد بول بيرليت أول رجل أعمال غربي في مجال صناعة السيارات شارك في صناعة المركبات في الصين الشيوعية، وهذا يرجع الى سببه الى فرع شركة بيرليت المتواجدة بافريقيا ‘SADAB’ التي لم تخضع لعقوبات الأمم المتحدة وامريكا على الصين "كانت سببا في عدم تحمس العديد من المصنعين التعاون مع الصين آنذاك" اين قامت مصانع بيرليت المتاوجدة في المغرب والجزائر والتي بتصدير أولى المركبات الى الصين.
وفد صيني يزور مصنع بيرليت في شمال افريقيا
شاحنات بيرليت تم تسلمها من طرف الصين
بعض الموديلات التي تم تصديرها كانت T-25 / GLC-6 / GLM / TCO / GCH
شاحنات بيرليت تم تسلمها من طرف الصين
بعض الموديلات التي تم تصديرها كانت T-25 / GLC-6 / GLM / TCO / GCH
وهنا لما انهت باقي المصانع من تطوير واختبار المركبات التي كلفت بها أصبحت الصين تملك اول جيل من المركبات العسكرية والذي رفع من قدرات الجيش الصيني بشكل كبير كما ساهم البرنامج عن طريق الخبرات والأبحاث والتطويرات المكتسبة في الجانب المدني لصناعة السيارات بشكل عام.
تشكل الجيل الأول من المركبات العسكرية حسب التسلسل المعياري الاتي:
0.5 طن BJ-212 4x4
1 طن NJ-230 4x4
2.5 طن X66 CA-30 لاحقا EQ-240
3.5 طن X66 EQ-245
5 طن DFH-665 SX-250 6x6
7 طن CQ-260 6x6