في عام 1997 وقعت واحدة من أكثر العمليات الاستخباراتية فشلاً في العالم وهي من تنفيذ الموساد الإسرائيلي
لكنها أيضًا سلطت الضوء على واحدة من أبرز لحظات الحسم والسيادة في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية.
إنها قصة محاولة اغتيال خالد مشعل القيادي البارز في حركة حماس على الأراضي الأردنية
والتي انتهت بكارثة استخباراتية لإسرائيل وانتصار سياسي وأخلاقي مميز للدولة الأردنية.
قرار الاغتيال
بعد سلسلة من العمليات التي نفذتها حركة حماس داخل الأراضي المحتلة قررت حكومة بنيامين نتنياهو الارهابية
في ذلك الوقت اغتيال خالد مشعل أحد أبرز قادة الحركة والذي كان يقيم في عمّان تحت حماية الدولة الأردنية
أوكلت المهمة إلى الموساد الإسرائيلي الذي وضع خطة دقيقة لاغتيال مشعل باستخدام مادة سامة
لكنها تُرش بطريقة خفية دون ترك أثر يمكن تتبعه.
التنفيذ
في 25 سبتمبر 1997 تسلل فريق من عملاء الموساد إلى الأردن بجوازات سفر كندية مزورة
اقترب اثنان من العملاء من خالد مشعل أمام مكتب حماس في شارع وصفي التل في عمّان
وأحدهم قام برش السم على أذنه أثناء مروره ظنًا أن العملية ستمر دون ضجيج.
لكن الحادث لم يمر كما خُطط له.
حراس مشعل لاحظوا الحادث وبدأت مطاردة في الشارع انتهت بإلقاء القبض على اثنين من العملاء
في حين تم القبض على آخرين لاحقًا . خلال ساعات ، أصبح الأمر قضية أمنية وسياسية كبرى
غضب أردني وموقف حازم من الملك حسين
عندما تم الكشف عن أن الجناة يحملون جوازات سفر كندية مزورة وأنهم عملاء للموساد الصهيوني
تفجرت أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين الأردن وإسرائيل خاصة أن العملية كانت اختراق صارخ لسيادة المملكة
الملك حسين الذي كان قد وقع معاهدة سلام مع إسرائيل قبل ثلاث سنوات فقط (عام 1994) شعر بإهانة شخصية وسياسية
وطالب إسرائيل فورًا بتسليم الترياق المضاد للسم لإنقاذ حياة خالد مشعل الذي بدأ وضعه الصحي يتدهور.
هدد الملك بقطع العلاقات وإلغاء اتفاقية السلام وتصعيد القضية دوليًا
بل وصل به الأمر إلى التلويح بمحاكمة العملاء علنًا في الأردن وهي سابقة خطيرة.
إسرائيل ترضخ
تحت ضغط أردني وعربي ودولي هائل اضطرت إسرائيل إلى إرسال الترياق عبر طائرة خاصة إلى عمان لإنقاذ مشعل من الموت.
لكن لم ينتهي الأمر هنا.
كجزء من الصفقة التي تفاوض عليها الأردن وافقت إسرائيل أيضًا على الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين
مؤسس حركة حماس والذي كان معتقلًا في السجون الإسرائيلية منذ سنوات.
بالنسبة للأردن كانت الحادثة لحظة فارقة أكدت على السيادة الوطنية، وأثبتت أن المملكة قادرة على فرض شروطها حتى على قوة استخباراتية بحجم الموساد.
الموضوع اهداء
