هذا الجزء هو الاول ضمن عشرين جزءا تؤرخ لفترة حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد 1979-1992 وقيادته البلاد من النهج الاشتراكي إلى اقتصاد السوق :
جزائر الشاذلي بن جديد :
الرئيس بن جديد بين مؤسسة الجيش و جهاز الحزب
المقدمة :
لقد شكلت الـ18 شهرا الأولى من فترة حكم الرئيس الشاذلي، نقطة تحول حقيقية في منظومة الحكم، فخلال هاته الفترة، تكونت النواة الصلبة التي ستعشش في دواليب الحكم، و ستنتج لاحقا مراكز قوى صَعُبَ التحكم فيها؛ كما كانت هاته الفترة مرحلة أَظْهَرَ فيها الناس أسوء ما فيهم، و استعملت فيها جميع أنواع الخبث السياسي، بما في ذلك الوشاية، الكذب، النفاق، التأمر و الضرب تحت الحزام، لتنتهي بانهيار جيلا كاملا من القادة السياسيين و العسكريين، ليحل محلهم جيل جديد، عاشرهم و ناضل معهم، ثم انقلب عليهم و صفاهم. لقد كانت هاته الفترة مرحلة استعمل فيها بوَعْيٍ أو بغير وَعْيْ أساليب منحطة منها التلفيق و الابتزاز كما حدث للمجاهد مسعود زقار، و منها التهويل و التضخيم، كما حدث مع السيد محمد الصالح يحياوي، و منها تصفية الحسابات، كما حدث مع اللواء مصطفى بلوصيف، و منها الوشاية الكاذبة و الضرب في الظهر و تحت الحزام كما حدث مع الدكتور محيي الدين عميمور، و منها إشعال نار الفتنة باستعمال النميمة و الوشاية الكاذبة، كما حدث مع الرائد إبراهيم براهمية، و غيرهم من رجالات الجزائر الأوفياء.
لقد مهدت هاته المرحلة لما سيأتي بعدها من سوء تسيير يتسبب في ضياع اقتصاد الجزائر و انهياره،بعدما حقق نسبة نمو بلغت 9 بالمائة عام 1977 (رقم لم تبلغه اليابان حينها)، و لتتسبب في تفكك التركيبة السياسية لمنظومة الحكم، و تسبب نزيفا في الإطارات الوطنية المخلصة التي تعرضت للتصفية و التهميش، لتنتهي كل تلك التراكمات بإنتاج أزمة حكم حقيقية أفضت لكارثة الخامس من أكتوبر 1988، التي بدورها قضت على ما بقي للدولة الجزائرية من مقومات، و لتُدْخَلَ الجزائر عُنْوَةً في تعددية سياسية غير محسوبة العواقب، و ينفتح الاقتصاد الوطني على السوق الحرة بطريقة ارتجالية، و غير مدروسة، ليتشكل في الأخير كل ما يلزم للوصول بالجمهورية لشفا الأنهار ، و كادت أن تسقط في يد الأصولية.
و إنصافا للرجل؛ علينا أن نذكر منذ البداية، أن الرئيس الشاذلي بن جديد حاول قدر المستطاع إصلاح ما يجب إصلاحه، و تغيير ما يجب تغييره، فقد عمل بجد، و نقاء سريرة على رفع الغبن عن الشعب الجزائري، ففي منظوره الخاص، إن الشعب الجزائري قد عاش الويلات، و عليه أن ينعم برخاء الاستقلال، لذلك عمد على إلغاء بعض الأمور في السياسة البومدينية التي رأى أنها شدة زائدة عن اللازم، لكنه في نفس الوقت وضع ثقته فيمن لا يستحقها، و سنرى من خلال تقدم الأحداث و تطورها، أن الرئيس الشاذلي بن جديد تعرض للكثير من الخيانات، ناهيك عن الغثبة و النميمة و حتى الظلم، كما لفقوا له ما لم يفعله، و اتهموه بما ليس فيه، و لعل أكبر خطأ ارتكبه الرئيس بن جديد، أنه كان طيبا أكثر من اللازم..
نظرا لتشعب القضايا و تضاربها، و كثرة الأحداث، سأقسم هذا الملف إلى أجزاء، و سينقسم كل جزء إلى فصول، فأرجوا من المتابعين الكرام سعة الصدر و طول البال، و أعد أنكم ستقرؤون تاريخا للجزائر، كما لم تقرؤوه من قبل.
يتبع
جزائر الشاذلي بن جديد :
الرئيس بن جديد بين مؤسسة الجيش و جهاز الحزب
المقدمة :
لقد شكلت الـ18 شهرا الأولى من فترة حكم الرئيس الشاذلي، نقطة تحول حقيقية في منظومة الحكم، فخلال هاته الفترة، تكونت النواة الصلبة التي ستعشش في دواليب الحكم، و ستنتج لاحقا مراكز قوى صَعُبَ التحكم فيها؛ كما كانت هاته الفترة مرحلة أَظْهَرَ فيها الناس أسوء ما فيهم، و استعملت فيها جميع أنواع الخبث السياسي، بما في ذلك الوشاية، الكذب، النفاق، التأمر و الضرب تحت الحزام، لتنتهي بانهيار جيلا كاملا من القادة السياسيين و العسكريين، ليحل محلهم جيل جديد، عاشرهم و ناضل معهم، ثم انقلب عليهم و صفاهم. لقد كانت هاته الفترة مرحلة استعمل فيها بوَعْيٍ أو بغير وَعْيْ أساليب منحطة منها التلفيق و الابتزاز كما حدث للمجاهد مسعود زقار، و منها التهويل و التضخيم، كما حدث مع السيد محمد الصالح يحياوي، و منها تصفية الحسابات، كما حدث مع اللواء مصطفى بلوصيف، و منها الوشاية الكاذبة و الضرب في الظهر و تحت الحزام كما حدث مع الدكتور محيي الدين عميمور، و منها إشعال نار الفتنة باستعمال النميمة و الوشاية الكاذبة، كما حدث مع الرائد إبراهيم براهمية، و غيرهم من رجالات الجزائر الأوفياء.
لقد مهدت هاته المرحلة لما سيأتي بعدها من سوء تسيير يتسبب في ضياع اقتصاد الجزائر و انهياره،بعدما حقق نسبة نمو بلغت 9 بالمائة عام 1977 (رقم لم تبلغه اليابان حينها)، و لتتسبب في تفكك التركيبة السياسية لمنظومة الحكم، و تسبب نزيفا في الإطارات الوطنية المخلصة التي تعرضت للتصفية و التهميش، لتنتهي كل تلك التراكمات بإنتاج أزمة حكم حقيقية أفضت لكارثة الخامس من أكتوبر 1988، التي بدورها قضت على ما بقي للدولة الجزائرية من مقومات، و لتُدْخَلَ الجزائر عُنْوَةً في تعددية سياسية غير محسوبة العواقب، و ينفتح الاقتصاد الوطني على السوق الحرة بطريقة ارتجالية، و غير مدروسة، ليتشكل في الأخير كل ما يلزم للوصول بالجمهورية لشفا الأنهار ، و كادت أن تسقط في يد الأصولية.
و إنصافا للرجل؛ علينا أن نذكر منذ البداية، أن الرئيس الشاذلي بن جديد حاول قدر المستطاع إصلاح ما يجب إصلاحه، و تغيير ما يجب تغييره، فقد عمل بجد، و نقاء سريرة على رفع الغبن عن الشعب الجزائري، ففي منظوره الخاص، إن الشعب الجزائري قد عاش الويلات، و عليه أن ينعم برخاء الاستقلال، لذلك عمد على إلغاء بعض الأمور في السياسة البومدينية التي رأى أنها شدة زائدة عن اللازم، لكنه في نفس الوقت وضع ثقته فيمن لا يستحقها، و سنرى من خلال تقدم الأحداث و تطورها، أن الرئيس الشاذلي بن جديد تعرض للكثير من الخيانات، ناهيك عن الغثبة و النميمة و حتى الظلم، كما لفقوا له ما لم يفعله، و اتهموه بما ليس فيه، و لعل أكبر خطأ ارتكبه الرئيس بن جديد، أنه كان طيبا أكثر من اللازم..
نظرا لتشعب القضايا و تضاربها، و كثرة الأحداث، سأقسم هذا الملف إلى أجزاء، و سينقسم كل جزء إلى فصول، فأرجوا من المتابعين الكرام سعة الصدر و طول البال، و أعد أنكم ستقرؤون تاريخا للجزائر، كما لم تقرؤوه من قبل.
يتبع