في غرب الجيزة ، في مقهى بلا اسم ، قرب تمثال أبي الهول ، جلس أفلاطون يقرأ في كتاب كبير عتيق أمامه، يحتسي شاياً كثيفاً لا يظهر فيه قاع الكوب من ثقله، في هدوء إلا من نسمة غبار حارة وعابرة.
فجأة ،يختفي السكون بصوت دراجة نارية مقبلة، من نوع هارلي، وقبل أن يقف صاحبها، داس على ذيل قطة محلية ، فصرخت :
آآآه، ماتحاسب يابن الكلب يا بن الـ (******).
افلاطون ، يرى الحادث ، ويميط فمه بابتسامة ساخرة. ثم لا يلبث أن يتقزز ، بعد إعادة قراءة الصورة بعين الفيلسوف.
ينزل الكابوي من الدراجة النارية ، وهو يرتدي قميصا مفتوح الأزرار ، وبنطلون جينز مع حزام من جلد بقر ، مخيط بإتقان ، وحذاؤه من جلد تمساح ، مع قبعة واسعة بيضاء ، ويتقدم نحوه بعزم ، فيقول له أفلاطون بنبرة حادة :
يالك من مخلوق متكبر ومتغطرس.
جلس الكابوي على نفس الطاولة ، وقال :
لماذا أيها الكهل العتيق؟!.
أفلاطون:
لأنك تبدو في نفسك كأنك شيء كبير ، بينما أكبر شيء فيك ، هو هذا السيجار المقزز الرائحة.
الكابوي (وهو يضحك):
مقزز الرائحة؟!، ألا تشم معي هذه الرائحة الصادرة منك ، التي تشبه رائحة بردعة حمار رُبط تحت الشمس منذ زمن البطالمة.
أفلاطون (ساخراً) :
هذا ماتجيدونه وتبحثون عنه، القشور الخارجية ، وتسخرون منها؟!.
الكابوي :
يبدو أيها الكهل ، أنك تشكي من الفقد اللحظي، ألم تبدأ بالسخرية من رائحة السيجار؟!.
أفلاطون:
هنالك فرق ، بين رائحة عبق الماضي ، ورائحة سيجارك المبتذل.
يشفط الكابوي السيجار بقوة ، وينفثها في وجهه أفلاطون، ثم يرفع يده للنادل ، فيقول :
يبدو يا حكيم الزمن البائد ، أن الحوار معك مسلٍ ، لذا ، لحظة فقط أطلب شيئاً للمزاج.
يأتي فرج النادل :
أمرك ياباشا ، طلباتك؟! ، سحلب ، حلبة حصى ، شاي كشري ، خروب ، قرفة باللبن ، ....
يقاطعه الكابوي :
اسبريسو.
فرج:
أيه؟! ، اسبيرو ؟ المطعم؟!، يااه ، دى عالكورنيش يابيه ، بعيد أوي.
الكابوي:
طيب ، قهوة سادة.
النادل :
حاضر.
الكابوي ، يمد رجليه على الطاولة ، ويقول:
أين وصلنا أيها الرمز الأثري؟!.
أفلاطون :
سيجارك الرخيص!!.
الكابوي:
وماذا عنه؟!.
افلاطون:
رائحته تذكرني بأنك شخص يختصر الحياة في دقائق ، تقتل نفسك باختيارك ، وبأموالك ، بينما أعيش في الأبدية بين الكتب والحضارة.
الكابوي:
وأنت تحكي عن الأبدية، ألا تعتقد أن من نبشك من الأبدية إلى الواقعية، هي أموالي واختياري ، ولولاها لكنت دفين نصب أثري لا يعرف صاحبه.
أفلاطون:
هكذا أنتم يا محدثي النعم ، يارعاة البقر ، الهمجيون ، القادمون من صحراء الفكر والثقافة، لا تملكون غير المال ، لا تملكون إلا البترول والغاز الذي اغناكم وأظهركم ، وأما الحكمة والوقار فلا تملكون منه شيئاً .
الكابوي :
على ذكر الغاز ، أيها الأثري البائد، أتعلم ، لو نغزتك بإبرة، لانبعث منك غاز قديم معتق كافٍ لإخلاء القاهرة لمدة عام ، كما أنك، لو حركت رداءك بعنف ، لهبت عاصفة رملية دفنت الأهرامات.
أفلاطون :
هذا ما تجيدونه ، السخرية فقط ، أما الحكمة والوقار ، فهو معدوم في مفاهيمكم.
الكابوي:
ألم تبدأ بالسخرية مني لحظة قدومي أيها المخرف العتيق؟!.
أفلاطون :
لأنك أفسدت علي يومي ، ودست على ذيل قطتي!!.
الكابوي:
أتلك قطتك؟! ، غريب ، لقد تكلمت!! ، اليس كذلك ، أم أنه مجرد هلوسة من الجو الحار؟.
أفلاطون :
نعم ،لقد عاشت مع الحكمة ، فنطقت بها.
الكابوي:
ولكن الفاظها سيئة!!.
أفلاطون (وهو يضحك) :
نعم ، لمن يستحقها.
الكابوي:
إذن الحكمة تظل حبيسة في بطنك العتيق ، تجترها ثم تردها مقرها ، أما مايستفاد منها للأخرين ، فهذه قطتك ، وهذه حكمتها!!.
أفلاطون:
قلت لك ، انكم لا تفهون من الحكمة إلا قشورها ، فحكمتنا انطقت الحيوان ، وأما أنتم ماذا فعلتم؟!.
الكابوي:
جعلنا الحديد يتحرك ويتكلم.
أفلاطون (متأففاً):
وحطمتم المدن وقتلتم الملايين ، بينما نحن مهد الاقناع والمنطق.
الكابوي:
ومن أين جاءكم المنطق والعلم؟! ، نزل عليكم من السماء؟!.
أفلاطون:
إرث طورناه.
الكابوي:
ونحن إرث نشرناه للعالم.
أفلاطون:
لكن لم يتشرب لعقولكم ، فقط جيوبكم.
الكابوي:
وكأن الغنى عيب؟!.
أفلاطون:
بل التبختر في مشية عملاق والفكر فكر قزم ، غطرسة بلا حكمة.
الكابوي:
عندما كنت حياً أيها المتعالي، لم تر أحداً غيرك. متعال متغطرس ، ترى أن ما تقوله هو الحق ، وأنك لا تخطئ.
حاول أفلاطون المقاطعة ، فيرفع الكابوي سبابته في إشارة إلى أنه لم ينته بعد ، فيكمل:
تتحدث عن الحكمة ، ولا تراها إلا في الفلسفة ، ترفض غيرك ، تقاطع الفن ، الشعر ، الأدب ، وحتى الشعوب الأخرى ، ثم تأتي تناظر علينا عن الغطرسة!!. نعم قد لا نكون بلد فيه حضارة تضاهي بلدك، ولكن بلدي دمجت جميع الفنون والعلم وحتى الشعوب تحت سقف واحد ، وحلقت بهم إلى السماء.
يهز أفلاطون رأسه ، ويقول:
تظلون رعاة بقر ، ونبقى أهل الحكمة والفلسفة.
الكابوي:
ومع ذلك ، نقلنا التراث والعلم والفلسفة إلى المنصات، أنتم صنعتم الحكمة، ونحن بعناها في 15 ثانية إعلان.
أفلاطون :
صحيح ، فأنتم اصبحتم حضارة الـ "APP" و"Ad"، بينما كنا نحن مهد الإقناع والمنطق.
فجأة اهتز المكان ، وثارت زوبعة غبارية ، وكأن أبا الهول عطس.
افلاطون ، وهو يضحك :
أرأيت؟! ، لقد ازكمت انفه ، فعطس.
الكابوي ، وهو يزيل الغبار من على قبعته:
ربما ، عطس من تراكم رائحتك العتيقة في انفه.
افلاطون :
الحضارة لا تشتك من اختها ، ...
الكابوي ، مقاطعاً :
ولكنها تغار من جارتها.
افلاطون (مبتسماً) :
عموما طال النقاش، وتأخر الوقت ،وكما يليق بأهل الحضارة والكرم، سوف استضيفك الليلة في بيتي.
الكابوي :
على شرط ، أن تستحم ياصديقي.
أفلاطون (بنبرة أكثر حزنا وتأمل):
الاغتسال؟! ، لكني أخشى ، يا صاحبي، أن اغتسالي هذا، قد يذهب مع الماء عبق حضارتي القديمة، وأفقد قوامها التي أعتمد عليها، وأقف أمامك عار بلا جذور، بلا شيء أفتخر به. كأنني بلا أساس، شامخ بلا حول ولا قوة، وضعيف بلا ظل الماضي.
الكابوي (مبتسمًا):
ياصديقي، الماء لا يسرق منك الماضي، بل يزيل الأثقال والقيود ليجعلك تنظر للأفق بوضوح، والمستقبل واسع، يحمل كل العلم والفن والحكمة، من كل الأعراق، ليرفعنا جميعا في السماء، وأنظر للقطة ، عندما أورثتها حكمة وعبق الماضي ، وحرمتها من الحاضر والمستقبل ، ماذا كانت مخرجاتها؟!، تكلمت ، ولكن في الاتجاه الخاطئ.
افلاطون:
حسناً ، لا إشكال ، إنما اشتر لي قبل أن تأتي صابونة (oribe) ، ورغم أني لا احبذ فقد عبق الماضي ، إنما إن كانت الصابونة منك ، ومن تلك الماركة بالذات ، فلا بأس.
الكابوي:
والماء أيها البخيل؟!.
أفلاطون ، وهو ينظر إليه ضاحكاً :
النيل ببلاش. وغداً صباحاً ، سوف نكمل حوارنا.
الكابوي:
في الصباح سوف تفتح فمك؟!. إذن سوف اشتري معي معطر لفمك.
أفلاطون ، وهو يضحك:
لا بأس ، ولكنك سوف تفقد رائحة عبق الماضي العتيق.
وهكذا، تحت أنف أبو الهول، لا تنتهي المعركة بين عبق الماضي وواقع الحاضر. كلاهما يحاول فرض وجوده، غير مدركين أن التمسك به غالباً ما يكون مدفوعاً بعواطف ترتدي لباس العقل. وربما، كما قالا، لا تشكو الحضارة من أختها، بل تغار من جارتها.وبين هذا وذاك، يبقى السؤال: هل ننتصر بالتفاخر بالمجد القديم، أم نتقدم بفهم الواقع بكل تناقضاته؟
فجأة ،يختفي السكون بصوت دراجة نارية مقبلة، من نوع هارلي، وقبل أن يقف صاحبها، داس على ذيل قطة محلية ، فصرخت :
آآآه، ماتحاسب يابن الكلب يا بن الـ (******).
افلاطون ، يرى الحادث ، ويميط فمه بابتسامة ساخرة. ثم لا يلبث أن يتقزز ، بعد إعادة قراءة الصورة بعين الفيلسوف.
ينزل الكابوي من الدراجة النارية ، وهو يرتدي قميصا مفتوح الأزرار ، وبنطلون جينز مع حزام من جلد بقر ، مخيط بإتقان ، وحذاؤه من جلد تمساح ، مع قبعة واسعة بيضاء ، ويتقدم نحوه بعزم ، فيقول له أفلاطون بنبرة حادة :
يالك من مخلوق متكبر ومتغطرس.
جلس الكابوي على نفس الطاولة ، وقال :
لماذا أيها الكهل العتيق؟!.
أفلاطون:
لأنك تبدو في نفسك كأنك شيء كبير ، بينما أكبر شيء فيك ، هو هذا السيجار المقزز الرائحة.
الكابوي (وهو يضحك):
مقزز الرائحة؟!، ألا تشم معي هذه الرائحة الصادرة منك ، التي تشبه رائحة بردعة حمار رُبط تحت الشمس منذ زمن البطالمة.
أفلاطون (ساخراً) :
هذا ماتجيدونه وتبحثون عنه، القشور الخارجية ، وتسخرون منها؟!.
الكابوي :
يبدو أيها الكهل ، أنك تشكي من الفقد اللحظي، ألم تبدأ بالسخرية من رائحة السيجار؟!.
أفلاطون:
هنالك فرق ، بين رائحة عبق الماضي ، ورائحة سيجارك المبتذل.
يشفط الكابوي السيجار بقوة ، وينفثها في وجهه أفلاطون، ثم يرفع يده للنادل ، فيقول :
يبدو يا حكيم الزمن البائد ، أن الحوار معك مسلٍ ، لذا ، لحظة فقط أطلب شيئاً للمزاج.
يأتي فرج النادل :
أمرك ياباشا ، طلباتك؟! ، سحلب ، حلبة حصى ، شاي كشري ، خروب ، قرفة باللبن ، ....
يقاطعه الكابوي :
اسبريسو.
فرج:
أيه؟! ، اسبيرو ؟ المطعم؟!، يااه ، دى عالكورنيش يابيه ، بعيد أوي.
الكابوي:
طيب ، قهوة سادة.
النادل :
حاضر.
الكابوي ، يمد رجليه على الطاولة ، ويقول:
أين وصلنا أيها الرمز الأثري؟!.
أفلاطون :
سيجارك الرخيص!!.
الكابوي:
وماذا عنه؟!.
افلاطون:
رائحته تذكرني بأنك شخص يختصر الحياة في دقائق ، تقتل نفسك باختيارك ، وبأموالك ، بينما أعيش في الأبدية بين الكتب والحضارة.
الكابوي:
وأنت تحكي عن الأبدية، ألا تعتقد أن من نبشك من الأبدية إلى الواقعية، هي أموالي واختياري ، ولولاها لكنت دفين نصب أثري لا يعرف صاحبه.
أفلاطون:
هكذا أنتم يا محدثي النعم ، يارعاة البقر ، الهمجيون ، القادمون من صحراء الفكر والثقافة، لا تملكون غير المال ، لا تملكون إلا البترول والغاز الذي اغناكم وأظهركم ، وأما الحكمة والوقار فلا تملكون منه شيئاً .
الكابوي :
على ذكر الغاز ، أيها الأثري البائد، أتعلم ، لو نغزتك بإبرة، لانبعث منك غاز قديم معتق كافٍ لإخلاء القاهرة لمدة عام ، كما أنك، لو حركت رداءك بعنف ، لهبت عاصفة رملية دفنت الأهرامات.
أفلاطون :
هذا ما تجيدونه ، السخرية فقط ، أما الحكمة والوقار ، فهو معدوم في مفاهيمكم.
الكابوي:
ألم تبدأ بالسخرية مني لحظة قدومي أيها المخرف العتيق؟!.
أفلاطون :
لأنك أفسدت علي يومي ، ودست على ذيل قطتي!!.
الكابوي:
أتلك قطتك؟! ، غريب ، لقد تكلمت!! ، اليس كذلك ، أم أنه مجرد هلوسة من الجو الحار؟.
أفلاطون :
نعم ،لقد عاشت مع الحكمة ، فنطقت بها.
الكابوي:
ولكن الفاظها سيئة!!.
أفلاطون (وهو يضحك) :
نعم ، لمن يستحقها.
الكابوي:
إذن الحكمة تظل حبيسة في بطنك العتيق ، تجترها ثم تردها مقرها ، أما مايستفاد منها للأخرين ، فهذه قطتك ، وهذه حكمتها!!.
أفلاطون:
قلت لك ، انكم لا تفهون من الحكمة إلا قشورها ، فحكمتنا انطقت الحيوان ، وأما أنتم ماذا فعلتم؟!.
الكابوي:
جعلنا الحديد يتحرك ويتكلم.
أفلاطون (متأففاً):
وحطمتم المدن وقتلتم الملايين ، بينما نحن مهد الاقناع والمنطق.
الكابوي:
ومن أين جاءكم المنطق والعلم؟! ، نزل عليكم من السماء؟!.
أفلاطون:
إرث طورناه.
الكابوي:
ونحن إرث نشرناه للعالم.
أفلاطون:
لكن لم يتشرب لعقولكم ، فقط جيوبكم.
الكابوي:
وكأن الغنى عيب؟!.
أفلاطون:
بل التبختر في مشية عملاق والفكر فكر قزم ، غطرسة بلا حكمة.
الكابوي:
عندما كنت حياً أيها المتعالي، لم تر أحداً غيرك. متعال متغطرس ، ترى أن ما تقوله هو الحق ، وأنك لا تخطئ.
حاول أفلاطون المقاطعة ، فيرفع الكابوي سبابته في إشارة إلى أنه لم ينته بعد ، فيكمل:
تتحدث عن الحكمة ، ولا تراها إلا في الفلسفة ، ترفض غيرك ، تقاطع الفن ، الشعر ، الأدب ، وحتى الشعوب الأخرى ، ثم تأتي تناظر علينا عن الغطرسة!!. نعم قد لا نكون بلد فيه حضارة تضاهي بلدك، ولكن بلدي دمجت جميع الفنون والعلم وحتى الشعوب تحت سقف واحد ، وحلقت بهم إلى السماء.
يهز أفلاطون رأسه ، ويقول:
تظلون رعاة بقر ، ونبقى أهل الحكمة والفلسفة.
الكابوي:
ومع ذلك ، نقلنا التراث والعلم والفلسفة إلى المنصات، أنتم صنعتم الحكمة، ونحن بعناها في 15 ثانية إعلان.
أفلاطون :
صحيح ، فأنتم اصبحتم حضارة الـ "APP" و"Ad"، بينما كنا نحن مهد الإقناع والمنطق.
فجأة اهتز المكان ، وثارت زوبعة غبارية ، وكأن أبا الهول عطس.
افلاطون ، وهو يضحك :
أرأيت؟! ، لقد ازكمت انفه ، فعطس.
الكابوي ، وهو يزيل الغبار من على قبعته:
ربما ، عطس من تراكم رائحتك العتيقة في انفه.
افلاطون :
الحضارة لا تشتك من اختها ، ...
الكابوي ، مقاطعاً :
ولكنها تغار من جارتها.
افلاطون (مبتسماً) :
عموما طال النقاش، وتأخر الوقت ،وكما يليق بأهل الحضارة والكرم، سوف استضيفك الليلة في بيتي.
الكابوي :
على شرط ، أن تستحم ياصديقي.
أفلاطون (بنبرة أكثر حزنا وتأمل):
الاغتسال؟! ، لكني أخشى ، يا صاحبي، أن اغتسالي هذا، قد يذهب مع الماء عبق حضارتي القديمة، وأفقد قوامها التي أعتمد عليها، وأقف أمامك عار بلا جذور، بلا شيء أفتخر به. كأنني بلا أساس، شامخ بلا حول ولا قوة، وضعيف بلا ظل الماضي.
الكابوي (مبتسمًا):
ياصديقي، الماء لا يسرق منك الماضي، بل يزيل الأثقال والقيود ليجعلك تنظر للأفق بوضوح، والمستقبل واسع، يحمل كل العلم والفن والحكمة، من كل الأعراق، ليرفعنا جميعا في السماء، وأنظر للقطة ، عندما أورثتها حكمة وعبق الماضي ، وحرمتها من الحاضر والمستقبل ، ماذا كانت مخرجاتها؟!، تكلمت ، ولكن في الاتجاه الخاطئ.
افلاطون:
حسناً ، لا إشكال ، إنما اشتر لي قبل أن تأتي صابونة (oribe) ، ورغم أني لا احبذ فقد عبق الماضي ، إنما إن كانت الصابونة منك ، ومن تلك الماركة بالذات ، فلا بأس.
الكابوي:
والماء أيها البخيل؟!.
أفلاطون ، وهو ينظر إليه ضاحكاً :
النيل ببلاش. وغداً صباحاً ، سوف نكمل حوارنا.
الكابوي:
في الصباح سوف تفتح فمك؟!. إذن سوف اشتري معي معطر لفمك.
أفلاطون ، وهو يضحك:
لا بأس ، ولكنك سوف تفقد رائحة عبق الماضي العتيق.
وهكذا، تحت أنف أبو الهول، لا تنتهي المعركة بين عبق الماضي وواقع الحاضر. كلاهما يحاول فرض وجوده، غير مدركين أن التمسك به غالباً ما يكون مدفوعاً بعواطف ترتدي لباس العقل. وربما، كما قالا، لا تشكو الحضارة من أختها، بل تغار من جارتها.وبين هذا وذاك، يبقى السؤال: هل ننتصر بالتفاخر بالمجد القديم، أم نتقدم بفهم الواقع بكل تناقضاته؟
التعديل الأخير: