ماذا تعلمنا من 1973
عاموس غلبوع - يتصل يوم الغفران في ذاكرتنا التاريخية بـ حرب يوم الغفران، وتتصل الحرب في ذاكرتنا التاريخية باخفاق الجماعة الاستخبارية الاسرائيلية.
كان ذلك بلا ادنى شك اكبر اخفاقات الاستخبارات الاسرائيلية. لكن الاخفاق في حرب يوم الغفران اوسع واعمق من اخفاق هو نصيب الاستخبارات فقط.
كان ذلك اخفاقا شاملا للاجهزة الحكومية في اسرائيل واكثر النخب في المجتمع الاسرائيلي. ولما كان الامر كذلك، فان الصدمة والمفاجأة الفظيعة والاثار السياسية والامنية، (وفيها السلام مع مصر) كانت ضخمة وجذرية. كان جوهر الاخفاء في أن كل تصورنا الامني بدا خطأ كبيرا. اعتقد جهاز الامن والمستوى السياسي كله ان السادات لن يجرأ على بدء حرب لانه يعلم ان الجيش الاسرائيلي اقوى منه. ولهذا سيحجم السادات عن الخروج للحرب. اشرب شعب اسرائيل هذا الاعتقاد، والتزمه الجهاز الامني والمستوى السياسي.
كان جوهر تفكير القيادة الاسرائيلية في شأن الردع معادلة عقلانية جدا: النصر او الهزيمة. واذا كان الجانب المصري يخاف الهزيمة، ويعلم أن الجانب الاسرائيلي سينتصر فانه لن يخرج للحرب. كان منشأ هذا التفكير هو التفكير الذي ساد تلك الفترة ميزان الردع الذري بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. تم بيان هذا الميزان على النحو البسيط التالي: سيارتان مملوءتان مواد متفجرة تسيران بسرعة واحدة ازاء الاخرى؛ والسائقان يعلمان بيقين ان التصادم سيفضي الى تدمير محقق لهما، ولهذا وصدورا عن تفكير عقلاني سيمتنع كلاهما عن التصادم. هذا ما فكرت فيه ايضا قيادتنا الامنية - السياسية: نحن، الجيش الاسرائيلي، نسير في شاحنة كبيرة وازاءنا شاحنة صغيرة عليها السادات وجيش مصر الذي انهار امامنا قبل ذلك بعدة سنين؛ يعلم السادات انه اذا صادمنا فسيمحق ويباد ولهذا سيمتنع عن مصادمتنا كما اننا نحن الاسرائيليين كنا نفعل لو كنا في مكانه. بعبارة اخرى حاولنا ان نفرض على استراتيجية السادات تفكيرنا العقلاني وآمنا بالردع. اعتقدنا فضلا عن ذلك ان الجيش الاسرائيلي قوي جدا وان قوتنا عظيمة. وانه حتى لو خرج السادات للحرب بخلاف تام لمنطقنا، فسنستطيع ان نقفه بالجيش النظامي فقط بغير تجنيد قوات الاحتياط. لكننا نسينا - وهذه هي المأساة - تماما عدة أشياء جوهرية لان ذلك لم يكن اصلا في اطار التفكير في صندوقنا.
اولا نسينا انه لا يوجد خسارة او نصر فقط وان الطرفين يستطيعان الخسارة والنصر في الان نفسه. وثانيا نسينا اننا نستطيع ان نخطىء ايضا.
لم تؤمن قيادتنا البتة بانها تستطيع ان تخطىء ولم يخطر في بال الجمهور الاسرائيلي ان قيادتنا قد تخطىء. وثالثا نسينا أن الردع يفضي الى زيادة قوة للعدو سريعا والى تغيير استراتيجيته والى أن يبحث طول الوقت عن نقط ضعفنا. ورابعا نسينا أننا مشغولون بالردع التقليدي لا الذري وان الردع التقليدي متحرك غير ساكن على اية حال. ونسينا أصلا اننا اذا كررنا اننا نردع المصريين والسوريين فلا يعني ذلك اننا على حق وان العدو مرتدع حقا.
مرت ست وثلاثون سنة وتعلمنا انه يمكن الخطأ وان مصطلحي الهزيمة او النصر نسبيان وانه يجب الا نؤمن ايمانا اعمى للقيادة. تغيرت التهديدات علينا مثل اشياء كثيرة اخرى لكن شيئا واحدا لم يتغير وهو ان ردع العدو ما يزال لبنة رئيسة في تصورنا الامني، ومعها الشك الدائم العميق - هل سيردع كارهونا والى متى؟
معاريف
http://www.alrai.com/pages.php?news_id=294340
عاموس غلبوع - يتصل يوم الغفران في ذاكرتنا التاريخية بـ حرب يوم الغفران، وتتصل الحرب في ذاكرتنا التاريخية باخفاق الجماعة الاستخبارية الاسرائيلية.
كان ذلك بلا ادنى شك اكبر اخفاقات الاستخبارات الاسرائيلية. لكن الاخفاق في حرب يوم الغفران اوسع واعمق من اخفاق هو نصيب الاستخبارات فقط.
كان ذلك اخفاقا شاملا للاجهزة الحكومية في اسرائيل واكثر النخب في المجتمع الاسرائيلي. ولما كان الامر كذلك، فان الصدمة والمفاجأة الفظيعة والاثار السياسية والامنية، (وفيها السلام مع مصر) كانت ضخمة وجذرية. كان جوهر الاخفاء في أن كل تصورنا الامني بدا خطأ كبيرا. اعتقد جهاز الامن والمستوى السياسي كله ان السادات لن يجرأ على بدء حرب لانه يعلم ان الجيش الاسرائيلي اقوى منه. ولهذا سيحجم السادات عن الخروج للحرب. اشرب شعب اسرائيل هذا الاعتقاد، والتزمه الجهاز الامني والمستوى السياسي.
كان جوهر تفكير القيادة الاسرائيلية في شأن الردع معادلة عقلانية جدا: النصر او الهزيمة. واذا كان الجانب المصري يخاف الهزيمة، ويعلم أن الجانب الاسرائيلي سينتصر فانه لن يخرج للحرب. كان منشأ هذا التفكير هو التفكير الذي ساد تلك الفترة ميزان الردع الذري بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. تم بيان هذا الميزان على النحو البسيط التالي: سيارتان مملوءتان مواد متفجرة تسيران بسرعة واحدة ازاء الاخرى؛ والسائقان يعلمان بيقين ان التصادم سيفضي الى تدمير محقق لهما، ولهذا وصدورا عن تفكير عقلاني سيمتنع كلاهما عن التصادم. هذا ما فكرت فيه ايضا قيادتنا الامنية - السياسية: نحن، الجيش الاسرائيلي، نسير في شاحنة كبيرة وازاءنا شاحنة صغيرة عليها السادات وجيش مصر الذي انهار امامنا قبل ذلك بعدة سنين؛ يعلم السادات انه اذا صادمنا فسيمحق ويباد ولهذا سيمتنع عن مصادمتنا كما اننا نحن الاسرائيليين كنا نفعل لو كنا في مكانه. بعبارة اخرى حاولنا ان نفرض على استراتيجية السادات تفكيرنا العقلاني وآمنا بالردع. اعتقدنا فضلا عن ذلك ان الجيش الاسرائيلي قوي جدا وان قوتنا عظيمة. وانه حتى لو خرج السادات للحرب بخلاف تام لمنطقنا، فسنستطيع ان نقفه بالجيش النظامي فقط بغير تجنيد قوات الاحتياط. لكننا نسينا - وهذه هي المأساة - تماما عدة أشياء جوهرية لان ذلك لم يكن اصلا في اطار التفكير في صندوقنا.
اولا نسينا انه لا يوجد خسارة او نصر فقط وان الطرفين يستطيعان الخسارة والنصر في الان نفسه. وثانيا نسينا اننا نستطيع ان نخطىء ايضا.
لم تؤمن قيادتنا البتة بانها تستطيع ان تخطىء ولم يخطر في بال الجمهور الاسرائيلي ان قيادتنا قد تخطىء. وثالثا نسينا أن الردع يفضي الى زيادة قوة للعدو سريعا والى تغيير استراتيجيته والى أن يبحث طول الوقت عن نقط ضعفنا. ورابعا نسينا أننا مشغولون بالردع التقليدي لا الذري وان الردع التقليدي متحرك غير ساكن على اية حال. ونسينا أصلا اننا اذا كررنا اننا نردع المصريين والسوريين فلا يعني ذلك اننا على حق وان العدو مرتدع حقا.
مرت ست وثلاثون سنة وتعلمنا انه يمكن الخطأ وان مصطلحي الهزيمة او النصر نسبيان وانه يجب الا نؤمن ايمانا اعمى للقيادة. تغيرت التهديدات علينا مثل اشياء كثيرة اخرى لكن شيئا واحدا لم يتغير وهو ان ردع العدو ما يزال لبنة رئيسة في تصورنا الامني، ومعها الشك الدائم العميق - هل سيردع كارهونا والى متى؟
معاريف
http://www.alrai.com/pages.php?news_id=294340