لا خاب من استشار

طويق (!)

عضو
إنضم
24 مارس 2013
المشاركات
2,946
التفاعل
6,198 49 0
الدولة
Saudi Arabia

ما قبل الموضوع.....
كنا مجموعة من الشباب في استراحة ، نتناقش ، نتجادل ، نلهو ، ..إلخ من أمور الراحة المرجوة من هذه الاستراحة ، طرأ لي أمر ، أحببت أن استشير عمدتنا في تلك الاستراحة ، فأرسلت له رسالة بما أودُّ قوله له ، فأنتظرك يوم ، فأخر ، لم يجب ، فكتبت هذه الموضوع ، أسخر فيه من مغزى ومعنى الاستشارة ، وكنتُ أنوي أرسلها له ، ولكني عرفت لاحقاً أنه مشغول جداً ، ولم يشاهد حتى في الاستراحة من مدة ، فحفظتها عندي ولم ارسلها له ، لعلمي أنه فعلا مشغول ، وبعد ، قلت أنشرها هنا ، لعل أحد يستفيد منها ، ولا يقع مثلي فيها:


لا خاب من استشار​

هناك إشكال عندي في تحرير هذا المثل: هل الأصح 'لا خاب' أم 'ما خاب'؟، المهم أن تلك اللفظة التعيسة "خاب"، موجودة في النص ، وهذا هو المهم ، فوجودها فيه يعني ، أنه في حالات ، وقبل الاستشارة ، يكون هذا الـ "خاب" ، ملازم لك ، بين الجلد واللحم ، يثقل قدماك ، وفي أحوال ، قد يسبق "الخاب" خطاك ، فينتظرك عند مفترق الطريق ، ليرشدك للهاوية ، وفي الحالتين ، إما أن يكون "الخاب" مقيدا بك ، أو تكون أنت مقيد به، ولا أدري ايهما أخيب لك من الأخر؟ ، ولكي لا ننغمس في كل ما خاب و لا طاب ، لنرجع لأصل موضوعنا ، وهو الاستشارة.

في التراث ، كمال الحكمة في الرأي أخذه من أهله ، فيعطونك المشورة ساعة طلبها ، ومن قصدته لا بد أنه يعرف ، أنك لم تقصده إلا لأنه رأس القوم وحكيمهم ، لذا كانوا قديماً ، هؤلاء الكبار ، يعرفون أن لكل قَدَرٍ قَدَرٌ ، فيفتحون أبوابهم للصغير قبل الكبير ، ولا يعطونهم الحكمة إلا مغلفة باللحمة والسمنة ، فلم يكتفوا بأنه عيب في حقهم قفل الأبواب لمن لجأ إليهم ساعة طلب مشورة ، بل زادوا في ذلك واشبعوهم وادسموهم ، وفي حالات ، تجدهم يقدمونها لك دون طلب ، فتخرج من محيطهم ، وكأن وجهك مبلل برشة مطر بارد في يوم حار قائظ ، فيالله ما أجود هؤلاء الأجداد وأطيبهم.

اليوم تغيرت الأمور ، فبدل الأبواب المشرعة ، أصبح الحكماء المستشارون لا يقدمون الاستشارة إلا بموعد مسبق ، وحتى وإن فعلت وحجزت ودفعت ، فقد وقد ، لا يرد عليك ، فليس كل أحد تُشرع له الأبواب ، ولكن الملفت في الأمر ، أن هنالك أمر مازال على قيمه وأصله مقيم ، فالوحيد الذي لم يتغير ، هو ذلك الخائب الذي استشار، ولم يدرك أن الزمن تغير ، وأن أصل الخيبة كلها في محاولة الاستشارة ، وأن الحكمة القديمة ، أصبحت الآن: "خاب من استشار" ، ولكن الجميل في الأمر ، إن الإشكال عندي في "لا" ، و "ما" ، لم يعد موجوداً ، فالحمد لله على الأقل أنني خلصت من هذا الإشكال.​
 
أولاً، أحييك على أسلوبك الساخر واللطيف في طرح قضية الاستشارة، وكيف تحولت من حكمة الأجداد إلى معضلة العصر الحديث! لفتني كثيراً ربطك بين "لا خاب" و"ما خاب"، وكيف أن الخيبة أصبحت لصيقة بالمستشير لا بالمستشار، في زمن تغيرت فيه الأبواب والمفاهيم.

في الحقيقة، أظنك لخصت معاناة جيل كامل في سطورك، فاليوم أصبح الوصول إلى "الحكيم" يحتاج إلى حجز مسبق وربما "تذكرة دخول"، ولم يعد الكبار يوزعون الحكمة مع اللحم والسمن كما كانوا يفعلون قديماً، بل بالكاد تجد من يرد على الرسائل!

ومع ذلك، أرى أن الاستشارة رغم كل شيء، ما زالت باباً للنجاة أحياناً، حتى لو تأخر الرد، فمجرد البحث عن رأي آخر يخفف عن النفس وطأة القرار. وربما في صبرك على انتظار الرد، حكمة لم تكن لتدركها لو جاءك الجواب سريعاً.

أما عن "لا خاب" أم "ما خاب"، فصدقني، الأهم أن لا نخيب نحن في حسن الظن بمن نستشيرهم، وأن نحتفظ بروح الفكاهة التي أضفتها على الموضوع، فهي وحدها كفيلة بأن تفتح لنا أبواب الحكمة ولو كانت مغلقة!
 
أولاً، أحييك على أسلوبك الساخر واللطيف في طرح قضية الاستشارة، وكيف تحولت من حكمة الأجداد إلى معضلة العصر الحديث! لفتني كثيراً ربطك بين "لا خاب" و"ما خاب"، وكيف أن الخيبة أصبحت لصيقة بالمستشير لا بالمستشار، في زمن تغيرت فيه الأبواب والمفاهيم.

في الحقيقة، أظنك لخصت معاناة جيل كامل في سطورك، فاليوم أصبح الوصول إلى "الحكيم" يحتاج إلى حجز مسبق وربما "تذكرة دخول"، ولم يعد الكبار يوزعون الحكمة مع اللحم والسمن كما كانوا يفعلون قديماً، بل بالكاد تجد من يرد على الرسائل!

ومع ذلك، أرى أن الاستشارة رغم كل شيء، ما زالت باباً للنجاة أحياناً، حتى لو تأخر الرد، فمجرد البحث عن رأي آخر يخفف عن النفس وطأة القرار. وربما في صبرك على انتظار الرد، حكمة لم تكن لتدركها لو جاءك الجواب سريعاً.


أما عن "لا خاب" أم "ما خاب"، فصدقني، الأهم أن لا نخيب نحن في حسن الظن بمن نستشيرهم، وأن نحتفظ بروح الفكاهة التي أضفتها على الموضوع، فهي وحدها كفيلة بأن تفتح لنا أبواب الحكمة ولو كانت مغلقة!


محتمل لو أن العمدة ، حفظه الله لنا ، لم يتأخر في الرد ، لما خرج هذا النص من الأساس ، ولا رأيت الربط الحاصل بين "لا خاب" و "ما خاب" ، لا في البداية ، ولا في النهاية، وأكاد أجزم أن العمدة ، لو أدرك أن استشارتي ، كانت عبارة تغيير دفع القطة ، من الكاش إلى الـ stcpay ، لخاب رأيه فيني ولا طاب ، ولكن ، لنحمد الله على أنه لا يدرك الأمر بعد.
بعض الأحيان ، قد تكون الخيبة مبالغ فيها ، أو قد تكون من قبيل خلق المأساة ، ومحاولة التلذذ في جلد الذات ، أو قد تكون ، وببساطة شديدة ، معاتبة لطيفة ، وتنبيه فكر عافل ، والحمد لله أني غيرت مقطع المقدمة في النص الأصلي بالكامل ، صحيح أنها مقاربة للمعنى الجديد ، ولكنها كانت موغلة في السخرية السوداوية ، وتبقى إشكالية "لاخاب" و "ماخاب" موجودة فيهما ، ولكنها كانت ستمزج بما هو "أخيب" مما كتب هنا!!.
تحياتي لك.​
 
عودة
أعلى