
أعلنت وزارة القوات المسلحة الفرنسية انضمام الغواصة النووية الهجومية “تورفيل” رسميًا إلى الخدمة في البحرية الوطنية، لتكون ثالث غواصة تُدخل الخدمة ضمن برنامج “باراكودا” الحديث.
ويهدف هذا البرنامج الطموح إلى بناء أسطول من ست غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية، ما يعزز قدرات فرنسا في مجال الحرب تحت سطح البحر ويواكب التحديات الجيوسياسية المتزايدة.
فرنسا تدشن رسمياً الغواصة النووية “تورفيل”
بدأت مسيرة تطوير الغواصة “تورفيل” قبل أكثر من عقد من تدشينها خلال الساعات الماضية، وتحديدًا في 28 يونيو 2011، حيث تم قطع أول صفيحة فولاذية في حوض بناء السفن التابع لمجموعة “نافال غروب” بمدينة شيربور.وقد أطلقت فرنسا على الغواصة اسم “تورفيل” تيمنًا بالأميرال الشهير “آن هيلاريون دو كوستانتان دو تورفيل”، أحد أبرز الرموز في التاريخ البحري الفرنسي.
وبعد أن خرجت من قاعة البناء في يوليو 2023، خضعت الغواصة لمراحل متقدمة من الاختبارات والتجارب.
ففي أبريل 2024، وصل مفاعلها النووي إلى ما يُعرف بـ”النشاط الحرج”، وهي مرحلة محورية تؤذن ببدء التشغيل الفعلي للنظام النووي. تلا ذلك انطلاق التجارب البحرية في 12 يوليو من نفس العام، تخللها أول غطس ناجح في 17 يوليو، ثم عادت الغواصة إلى شيربور لإجراء تعديلات فنية نهائية.
وتم تسليمها رسميًا للبحرية الفرنسية في 16 نوفمبر 2024، أي بعد أربعة أشهر فقط من بدء التجارب، في تقدم ملحوظ مقارنة بسابقاتها من نفس الفئة.
برنامج باراكودا: نواة الردع البحري الفرنسي الحديث
تُعد “تورفيل” ثالث غواصة تدخل الخدمة ضمن برنامج باراكودا، بعد “سوفورن” و”دوغي تروا”، وتستعد غواصة رابعة من نفس الفئة تُدعى “دي غراس” لدخول الخدمة قريبًا، حيث تخضع حاليًا للتجارب البحرية.

رصد 9.1 مليار يورو لاستبدال الغواصات الفرنسية القديمة
ويساهم هذا البرنامج الاستراتيجي في تجديد القدرات البحرية الفرنسية، عبر استبدال غواصات “روبيس” القديمة (أميثيست وبيرل) بوحدات حديثة أكثر كفاءة وسرية.
وبلغت الميزانية المخصصة لتطوير البرنامج نحو 9.1 مليار يورو، منذ انطلاقه رسميًا في ديسمبر 2006.
وتُجهز غواصات باراكودا بمفاعل نووي من طراز K15، ونظام دفع منخفض الضجيج يعزز قدرات التخفي.
البقاء لمدة 70 يوم تحت الماء دون الحاجة للصعود
كما تتمتع بقدرة على البقاء تحت الماء لمدة تصل إلى 70 يومًا دون الحاجة للصعود، وتُسلح بأربعة أنابيب طوربيد عيار 533 ملم يمكنها إطلاق طوربيدات ثقيلة من طراز F21، وصواريخ كروز بعيدة المدى من طراز MdCN، وصواريخ “إكسوسيت” المضادة للسفن.كما تم تصميمها لدعم العمليات الخاصة عبر أنظمة مخصصة لإنزال السباحين القتاليين واستخدام المركبات البحرية غير المأهولة، ما يعزز مرونتها في تنفيذ المهام المعقدة والسرية.

الردع تحت الماء لحماية المصالح الفرنسية
مع دخول “تورفيل” الخدمة، يرتفع عدد الغواصات النووية في الأسطول الفرنسي إلى تسع، تشمل أربع غواصات صواريخ باليستية من فئة “لو تريومفان” المخصصة للردع النووي، وخمس غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية، ثلاث منها من فئة “باراكودا”.ويمثل تعزيز القدرات تحت السطح جزءًا جوهريًا من عقيدة الدفاع الفرنسية، خصوصًا في ظل تزايد التوترات في المحيطين الأطلسي والهندي والبحر المتوسط.
وتُمكن هذه الغواصات باريس من تنفيذ عمليات استخباراتية وقتالية بسرية تامة، وضمان حرية الملاحة البحرية، والدفاع عن مصالحها في المناطق المتنازع عليها حول العالم.
ويُعد تدشين الغواصة “تورفيل” ليس مجرد تعزيز للقدرات التكتيكية، بل هو رسالة استراتيجية مفادها أن فرنسا تواصل الاستثمار في أدوات القوة الصلبة، لتبقى على أهبة الاستعداد لمواجهة التهديدات العالمية بحزم وكفاءة.

فرنسا تُدشن رسمياً الغواصة النووية "تورفيل".. عمليات استخباراتية وقتالية بسرية تامة
أعلنت وزارة القوات المسلحة الفرنسية انضمام الغواصة النووية الهجومية "تورفيل" رسميًا إلى الخدمة في البحرية الوطنية، لتكون ثالث غواصة..
