في عالم الاستخبارات لا تُخاض الحروب بالبنادق بل بالعقول والمعلومات والتطور التقني والبشري
ومن بين أشهر القصص التي تُروى في هذا السياق قصة القبض على أحمد إبراهيم المغسّل
أحد أخطر المطلوبين الأمنيين لدى السعودية وعقل تفجير أبراج الخبر عام 1996.
من هو أحمد المغسّل؟
أحمد المغسل هو قيادي سعودي من بلدة القطيف يُعد العقل المدبر لعملية تفجير أبراج الخبر التي استهدفت مجمع سكني
في السعودية حيث كانت العملية من أكبر الهجمات الإرهابية قبل أحداث 11 سبتمبر وقد وجهت أصابع الاتهام
إلى تنظيم "حزب الله الحجاز" المرتبط بإيران وكان المغسل هو المنفذ الرئيسي والداعم اللوجستي.
تم إدراج اسمه ضمن قائمة الإرهاب الأمريكية
الملاذ الإيراني
بعد تنفيذ التفجير فر أحمد المغسّل إلى إيران حيث وجد ملاذًا آمنًا لسنوات طويلة هناك وعاش تحت حماية الحرس الثوري
متنقلًا بين مدن إيرانية باستخدام هويات مزورة بعضها إيراني بجواز سفر بأسم "صالح علي محمدي"
ظنّ كثيرون أن المغسّل أصبح طي النسيان لكن الاستخبارات السعودية كانت تراقب بصمت وتجمع الأدلة
اللعبة تبدأ ( الطلب الأول )
قامت الاستخبارات السعودية بإرسال طلب رسمي إلى الحكومة الإيرانية تطالب فيه بتسليم أحمد المغسّل
مرفقًا بمعلومات دقيقة عن مكان إقامته في إيران بالتفصيل الممل ,, الرد الإيراني؟ لم يكن تسليمًا
بل نقله فورًا إلى موقع آخر في محاولة لإخفائه.
الدقة التي أربكت إيران ( الطلب الثاني )
لم تمضِ أيام حتى فاجأت السعودية الجانب الإيراني برسالة ثانية أكثر حرجًا
"نحن نعلم أنه تم نقله والموقع الجديد هو (*****) ونجدد الطلب بتسليمه.
كان هذا كفيلًا بأن يُظهر القدرات الاستخباراتية الهائلة للمملكة العربية السعودية
ومدى اختراقها للمشهد الداخلي الإيراني بل ولأجهزة الحرس الثوري نفسه.
-
شعرت إيران بالإحراج وربما بالخطر فقررت خطوة أخرى تهريب المغسّل إلى لبنان
حيث كان يُعتقد أن الإقامة هناك أكثر أمنًا تحت غطاء حزب الله المحلي.
تفوُّق استخباراتي سعودي
الخطوة الأخيرة
بيروت , 2015
في أغسطس 2015 وصل المغسّل إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، حاملاً جواز سفر إيراني مزور
لكن الاستخبارات اللبنانية وبتنسيق مباشر مع السعوديين ، كانت تنتظره وبهدوء إعلامي
تم تسليمه رسميًا إلى السعودية.
في قبضة السعودية وقع أحمد ابراهيم المغسل المتهم بقيادة الجناح العسكري لما كان يعرف بـ"حزب الله الحجاز"
العملية نُفذت بسرية تامة ولم يُعلن عنها إلا بعد أيام في بيان سعودي أكد القبض
على "أحد أخطر المطلوبين الأمنيين في قضية إرهاب كبرى".
الرسائل من وراء العملية
رسالة إلى إيران:
السعودية قادرة على الوصول إلى أعمق نقاطكم الأمنية ولن تتوقف عن ملاحقة الإرهابيين مهما طال الزمن
رسالة للعالم:
أن الرياض شريك جاد في محاربة الإرهاب وقادرة على تنفيذ عمليات معقدة بالتنسيق الأقليمي والدولي
رسالة إلى الداخل:
أن اليد الأمنية السعودية طويلة , ضاربة ، عادلة ، وفعالة.
ختاماً
قصة أحمد المغسّل ليست مجرد حادثة اعتقال ، بل هي نموذج نادر للحرب الاستخباراتية المعقدة بين دولتين
في صراع طويل الأمد وهي تؤكد أن من يختبئ خلف الجدران لن يحميه الزمن ولا الجغرافيا من العدالة.
اهداء للأخ

والأخ
