بعد اذن صاحب الموضوع :
سجن البليدة
الثوار
صورة لسجن سركاجي الذي لا يقل ضراوة عن سجن البليدة
في ليلة 31 يناير 1962، وقبيل ساعة واحدة فقط من تنفيذ حكم الإعدام بحق 26 مجاهدًا جزائريًا، نفذت مخابرات جبهة التحرير الوطني عملية جريئة أسفرت عن فرار 32 مجاهدًا من سجن البليدة، الواقع بالقرب من مقر الدرك الفرنسي، والذي كان يخضع لحراسة مشددة.

تفاصيل العملية البطولية
بدأ التخطيط للعملية عندما علمت مخابرات جبهة التحرير الوطني بقرار سلطات الاستعمار الفرنسي تنفيذ حكم الإعدام في حق 26 مجاهدًا في الساعات الأولى من صباح 31 يناير 1962. تم إبلاغ المجاهدين بمخطط الفرار قبل تنفيذه بوقت قصير، وذلك للحفاظ على سرية العملية. شارك في تنفيذ العملية حارسان من السجن: أحدهما جزائري يُدعى "مداني"، والآخر فرنسي متعاطف مع القضية الجزائرية. قام الحارسان بفتح أبواب الزنزانات في حدود الساعة الثالثة صباحًا، وتوجها نحو ساحة السجن لقطع الأسلاك الكهربائية التي كانت تحيط به، مما مكن المجاهدين من تسلق الجدران بواسطة حبل والفرار.

سجن البليدة
ما بعد الفرار
بعد فرارهم، توجه المجاهدون نحو جبال الشريعة، حيث قضوا تلك الليلة في منطقة بن علي المغطاة بالثلوج. في اليوم التالي، وأثناء توجههم إلى المكان الذي حددته لهم قيادة جبهة التحرير الوطني، وقعوا في كمين للجيش الفرنسي. أسفر الاشتباك عن استشهاد المجاهد يحياوي بن مالك، وإصابة المجاهدين سنوسي بن ميصرة ورطال بوعلام بجروح، لكنهم نجوا من قبضة العدو.

الثوار
تداعيات العملية
أثارت العملية غضب السلطات الفرنسية، التي شنت حملة واسعة النطاق لتمشيط جبال الأطلس البليدي، لكنها فشلت في إلقاء القبض على الفارين. وبعد مرور ثمانية أيام على تنفيذ العملية، قامت السلطات الفرنسية بإعدام مدير السجن الفرنسي بتهمة التواطؤ مع قيادات الثورة لتهريب المجاهدين.

صورة لسجن سركاجي الذي لا يقل ضراوة عن سجن البليدة
شهادات حية
المجاهد سنوسي بن ميصرة، أحد الفارين من السجن، يترأس حاليًا الجمعية الوطنية للمحكوم عليهم بالإعدام (1954-1962). في شهادته، أكد أن المجاهدين لم يكونوا على علم بموعد تنفيذ حكم الإعدام، وأن الموت لم يكن مصدر خوف لهم، بل كانوا مستعدين للتضحية بحياتهم في سبيل استرجاع حرية وكرامة شعبهم.
إرث العملية
تُعد هذه العملية من أبرز العمليات البطولية في تاريخ الثورة الجزائرية، حيث جسدت شجاعة المجاهدين وحنكة مخابرات جبهة التحرير الوطني. كما أظهرت تلاحم الجزائريين وتفانيهم في سبيل نيل الاستقلال، مما ساهم في تعزيز الروح الوطنية ومواصلة النضال حتى تحقيق الحرية.