نتنياهو وصندوق باندورا: مقامرة خاسرة في زمن هش
في لحظةٍ سياسية حرجة، قرر بنيامين نتنياهو أن يفتح صندوق باندورا بيده، غير آبهٍ بما قد يخرج منه من كوارث تهدد استقرار المنطقة بأكملها. هو يدرك تمامًا أن شعبيته في الداخل الإسرائيلي باتت على شفا الانهيار، وأن اقتصاده يعاني من حالة شلل شبه تام، مدعوم فقط بجرعات مالية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
تحركاته الأخيرة، وخاصة استهداف إيران في توقيت حساس، تُعد مقامرة متهورة، لا تهدف سوى إلى كسب الوقت وإعادة تشكيل المشهد الداخلي عبر تصدير أزمة وجودية، تعفيه من المساءلة السياسية وتعيد توحيد الشارع خلف الخطر الخارجي.
لكن الواقع مختلف. فهذه الضربة جاءت في وقتٍ كانت فيه واشنطن تُحضّر لقنوات تفاوضية خلف الكواليس، ما يجعل هذه الخطوة صفعة دبلوماسية ليس فقط للإدارة الأميركية، بل أيضًا لقادة إقليميين حاولوا الحدّ من التصعيد.
المشهد الآن على حافة الانفجار.
فكلما اتسعت رقعة النزاع وازداد عدد الأطراف المنخرطة، كلما أصبح احتواؤه أكثر صعوبة. الولايات المتحدة، رغم حلفها التاريخي مع إسرائيل، ليست في موقع يسمح لها بخوض حرب إقليمية كبرى، خاصة مع هشاشة تمركز قواتها وأصولها في المنطقة.
من المرجّح جدًا أن تبدأ واشنطن ودول أخرى بطرح خيار "التضحية بورقة نتنياهو" كحل لإطفاء النيران قبل أن تأتي على الجميع. فإسرائيل، بكل ما تمتلكه من سلاح وتقنية، غير قادرة على تحمّل ضربات متعددة الجبهات لأكثر من أسبوعين، ما لم تتدخل قوة كبرى لحمايتها – وهو أمر يبدو غير وارد في الوقت الحالي.
أما إيران، فبعقيدتها العسكرية القائمة على مبدأ "الردع الاستراتيجي المرن"، أظهرت استعدادًا نفسيًا وعملياتيًا لمثل هذا النوع من المواجهات. حتى مع خسارة بعض القادة أو العلماء، من الواضح أن طهران لا تراهن على أفراد، بل على منظومة متكاملة تستطيع التكيّف والصمود.
يبقى السؤال الجوهري:
هل العالم مستعد للتضحية باستقراره الاقتصادي والسياسي من أجل مغامرة يقودها رجل سياسي مأزوم؟
المنطق والتجارب السابقة يشيران إلى أن لحظة الحساب قد اقتربت، وأن المغامرين دائمًا ما يدفعون الثمن في النهاية.