حذرت دراسة حديثة لباحثين بجامعة "تكساس إيه آند إم" الأميركية من أن سد النهضة قد يتسبب في فقدان مصر لثلث مساحتها الزراعية
وأشارت الدراسة التي قادها الأستاذ بمركز دراسات إمدادات المياه بقسم العلوم الفيزيائية والبيئية بجامعة "تكساس إيه آند إم" د.محمد أحمد، إلى أن مصر والسودان لم تشعرا حتى هذه اللحظة بتأثيرات كبيرة لسد النهضة الإثيوبي، وذلك نتيجة الهطول الغزير للأمطار الناجم عن التغيرات المناخية في منطقة حوض النيل، مما أسهم في تعويض كميات المياه التي حجزها السد حتى الآن.
ومع ذلك، أشارت الدراسة المنشورة في دورية "جورنال أوف هيدرولوجي"، إلى أن هذه الظروف الإيجابية قد لا تستمر على المدى الطويل، حيث قد تواجه الدولتان تأثيرات سلبية كبيرة خلال فترات الجفاف المستقبلية، مما سيؤدي إلى انخفاض حصتهما من مياه النيل ليظهر بشكل أكثر وضوحا الآثار السلبية للسد، وهو ما يتطلب ضرورة الاتفاق على إدارة للموارد المائية في حوض النيل بشكل فعال ومنصف.
واستخدم الباحثون 8 أنواع من البيانات المستندة إلى تقنيات الاستشعار عن بعد لتقييم تأثيرات عملية ملء خزان السد على الموارد المائية في إثيوبيا والسودان ومصر خلال الفترة ما بين 2013 و2022، وتم التركيز على تحليل التغيرات المكانية والزمنية في مساحة السطح وحجم المياه وكميات الأمطار والتخزين المائي لـ5 خزانات رئيسية تشمل سد النهضة في إثيوبيا، وسدود الروصيرص ومروي في السودان، وبحيرة ناصر وتوشكى في مصر.
نتيجة مطمئنة وقتيا
ووفقا للدراسة، فقد بدأت 3 مراحل رئيسية لملء خزان سد النهضة في يوليو/تموز 2020، يوليو/تموز 2021، وأغسطس/آب 2022 على التوالي، وفي بداية هذه المراحل الثلاث، غطى خزان سد النهضة مساحات تقدر بنحو 110 و233 و544 كيلومترا مربعا على التوالي.وتقول الدراسة، إنه قد "لوحظ انخفاض في مساحة سطح خزان سد النهضة بنسبة 24 إلى 49% بعد المرحلتين الأولى والثانية، وذلك نتيجة لزيادة معدلات التسرب والتبخر في موقع السد"، وهي مشكلة يعاني منها سد النهضة بسبب طبيعة الأرض التي أُنشئ عليها، وكانت قد أشارت لها دراسة أخرى، سبق أن قدمت "الجزيرة نت" تقريرا عنها.
وفي الوقت نفسه، لم تظهر تغييرات كبيرة في مساحة سطح خزاني الروصيرص ومروي، في حين لوحظت زيادة طفيفة في مساحة سطحي بحيرة ناصر وتوشكى، وهو ما عزته الدراسة إلى زيادة معدلات الأمطار (6-10%) والفيضانات الكبيرة التي حدثت خلال فترة ملء سد النهضة.
بيد أن هذه النتيجة التي قد تبدو في ظاهرها مطمئنة، تحمل في طياتها بذور الخطر، إذ حذرت الدراسة، من أن استمرار عمليات ملء السد بالمعدلات الحالية خلال فترات الجفاف المستقبلية لعدة سنوات أخرى، وفي ظل ارتفاع معدلات التسرب والتبخر، فإن حصة مصر من مياه النيل قد تتراجع بنسبة تصل إلى 35.47%، مما قد يؤدي إلى فقدان نحو 33.14% من المساحات الزراعية سنويا، أي ثلث المساحة تقريبا.
وخلص الباحثون من ذلك، إلى أنه لضمان استدامة الموارد المائية للأجيال القادمة، يجب أن يكون هناك اتفاق فعال ومنصف لإدارة الموارد المائية.