صفقة 100 مقاتلة قآن للسعودية فعلا تناولته عدة وسائل اعلامية وصحفية احدها هي صحيفة يديعوت احرنوت الاسرائيلية.
في حين لا يوجد اي تصريحات رسمية بخصوص هذه الصفقة من أي من الطرفين حتى الآن تبقى هناك مؤشرات لاحتمالية صحة هذا الخبر، أبرز هذه المؤشرات اجتماعات رفيعة المستوى عقدت في تركيا قبل ايام واستمرت 3 أيام من وفود سعودية مرتبطة بوزارة الدفاع و رئاسة اركان الجيش السعودي.
الجوانب العسكرية والسياسية لهذه الصفقة متداخلة لحد كبير، ولعل خارطة الاجابة عن اغلب التساؤلات التي تدور حول هذه الصفقة مرهونة بالإجابة عن سؤال واحد؛ مع عودة ترامب للحكم لماذا لا تشتري السعودي F35 الموثوقة و قيد الخدمة في اقوى جيوش العالم وتتجه لخيار لا يزال قيد الإنشاء؟
اولا لنقيم ترامب وعلاقته بالسعودية في عهده الثاني في البيت الابيض.
1- السعودية طبعت مع ايران بوساطة تاريخية من الصين عدوة ترامب الأولى
2- السعودية من بعد طوفان الاقصى تبدو ابعد عن صفقة ابراهام من السعودية التي تركها ترامب في 2020
في ظل هذين الإطارين إلى أي حد سيضغط ترامب على السعودية لتطبع مع إسرائيل، وهل سيفلح ترامب بتحقيق الشرط السعودي المتمثل باقامة دولة فلسطينية وانسحاب اسرائيل لحدود 67؟
حسنا لنفترض الاتي السعودية طبعت فعلا و تخلت عن الصين وعادت لتضع بيضها كله في السلة الأميريكة و اشترت فعلا F35.
ثم قامت حرب مع الحوثي مثلا او مع اي عدو تراه السعودية يهدد امنها القومي ومصالحها الاستراتيجية.
لنفترض ان هذه الحرب قامت في عهد ترامب، ثم انتهت ولاية ترامب وأتى من بعده رئيس لا يدعم هذه الحرب لأي سبب كان، هل السعودية ستتحمل الذي حصل لها من إدارة بايدن والذي عندما منع عنها السلاح والذخيرة لحين ايقافهت الحرب على الحوثي؟
هناك فلسفة او عقيدة جديدة نشأت عند الأتراك بعد الحظر على التسليح الذي حصل عليهم ابان دخول الحيش التركي لقبرص، هذه العقيدة يمكن تلخيصها بالآتي:
السلاح الحديث مهم ولكن الأهم قدرتنا الاستراتيجية على استعماله في أي حرب.
ببدو أن السعودية تعلمت ايضا هذا الدرس وتشكلت لديها هذه العقيدة، وللأسف اضطرت لتعلمه بالطريقة الأقسى عندما وجدت نفسها ترضخ لبايدن وتضطر لاستضافة الحوثي -العدو- في الرياض، حينها رأى المحللون لأول مرة الصوت الحوثي يعلو ويهدد والصوت السعودي يخفت و يهدئ.
لهذا، الحديث الآن ليس عن قدرة السعودية اقناع ترامب لشراء F35 منه، ترامب رجل اعمال وسيصل لتفاهم وسيبيع السعودية F35 اذا ما قررت السعودية حقا الحصول على هذه المقاتلة.
لكن صانع القرار السعودي اليوم لديه سؤال استراتيجي في خلده؛ هل يمكنني حقا استعمال هذه المقاتلة في حرب لا ترضى عنها الولايات المتحدة؟
الجواب لا.
لذلك بوصلة التسليح السعودي اليوم تقودها في نظري عقيدة:
السلاح الحديث مهم ولكن حرية استخدامه اهم.
في ظل هذه الاستراتيجية فإن نظرة السعودية لتوطين صناعة السلاح هي نظرة امن قومي وامن وجودي وليست من باب تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص عمل جديدة و تقليل تدفق المال خارج الدولة لصفقات تسليح خارجية.
لذلك تسعى السعودية للدخول في شراكات تصنيع لتعويض عقود الزمن التي تأخرت فيها في هذا المجال، وليس هناك حدود للاموال التي ستنفقها السعودية في هذا المجال، لأنها لا ترى الموضوع من ناحية اقتصادية بل تراه من ناحية امنية بل امن وجودي.
وكما قلنا من البداية ان اجابتنا لسؤال لم لا تشتري السعودية F35 من ترامب سيعطينا فهما اوضحا لتحركات السعودية وصفقات تسليحها، فمع هذا الفهم اتوقع ان هذه الصفقة ليست بعيدة و هي قطعا لن تكون مجرد صفقة شراء بل هي صفقة شراكة ونقل تكنلوجيا في مقابل تحالف سياسي بين تركيا والسعودية تستفيد منه تركيا سياسيا و ماديا وتستفيد منه السعودية بتدعيم امنها القومي الوجودي عن طريق دفع توطين صناعة الدفاع لقطع شوط كبير جدا بالشراكة مع الاتراك واخذ خبرات السنين المتراكمة عندهم ونقلها للسعودية.
سؤال اخر يجب الاجابة عليه لتكتمل الصورة، لم لا تشتري السعودية J35 من الصين؟
مع ثقل وزخم العلاقات السعودية الاميريكة لا تبدو الصين خيارا يمكن ان تتقبله السعودية وتواجه الغضب الاميريكي بسهولة، خصوصا اميركا ترامب!
لكن لو ان الصين عرضت المقاتلة الشبحية مع نقل تكنلوجيا سيسيل ذلك لعاب صانع القرار السعودي في صفقة ستغير حقيقة شكل الشرق الاوسط للابد وخارطة التحالفات، وستدخل الصين الى الخليج العربي من اوسع بوابة واكبرها-السعودية-.
ولكن تبقى هذه الاحتمالية ضعيفة في ضوء العلاقات الحالية وخارطة التحالفات الحالية.
يبقى الخيار التركي فعلا خيارا قابلا للتحقيق ستولد تحالفا سنيا سنيا عميقا ومتينا بين تركيا والسعودية.
هل تستخدم السعودية هذه الصفقة للضغط على اميركا لتزويدها بF35؟
نعم هناك احتمالية لهذا، للأسف ان تم هذا الامر فإن السعودية ستقع مرة اخرى في فخ القوة الهائلة الفارغة، وستأخذ مقاتلات هي الاقوى في العالم لكنها لا تملك حق استخدامها في حروبها الاستراتيجية، ولربما ستضطر السعودية لتجرع نفس الكأس الذي سقاها لها بايدن في 2020 مرة اخرى في حرب مستقبلية لا ترضى عنها اميركا!