السماح بنقل التكنولوجيا يخدم خطط الرياض لبناء صناعة دفاعية خاصة بها.
الجمعة 2025/01/24
PartagerWhatsAppTwitterFacebook
مزايا الجيل الخامس دون قيود
وسط قيود غربية على صادرات الأسلحة، تسعى الرياض لتنويع شراكاتها العسكرية بما يخدم رؤية السعودية 2030 والتي تتضمن نقل التكنولوجيا لبناء صناعية دفاعية خاصة بها. وتوفر المقاتلة الشبحية التركية من الجيل الخامس، حسب محللين، هذه المزايا.
الرياض - قبل بداية العام الجديد بقليل، انخرط المسؤولون السعوديون والأتراك في سلسلة من المحادثات حول التعاون الدفاعي. وفي إحدى هذه المحادثات – والتي ضمت ممثلين عن صناعة الدفاع التركية – أشارت المملكة العربية السعودية إلى أنها تنوي شراء مئة طائرة مقاتلة تركية من طراز قآن.
ويثير حرص المملكة سابقا على الحصول على الطائرات المقاتلة من طراز أف – 35 الأميركية تساؤلات بشأن اندفاع الرياض نحو التكنولوجيا التركية.
وطائرة قآن هي مقاتلة تركية من الجيل الخامس متعددة الأدوار وشبحية طورتها شركة الصناعات الجوية التركية ومقرها لندن.
وبدأ مشروع تطوير الطائرة في عام 2010، بهدف استبدال أسطول أف – 16 التركي المتقادم وتعزيز استقلالية تركيا واعتمادها على نفسها.
وزادت الحاجة الملحة لتطوير هذه الطائرة بعد إبعاد تركيا من برنامج أف – 35 في عام 2019، حيث قامت قآن بأول رحلة لها في فبراير 2024.
وأعربت الرياض عن اهتمامها بشراء طائرات مقاتلة من طراز أف – 35 منذ عام 2017؛ ومع ذلك، لم تلتزم الولايات المتحدة بالبيع.
طائرة قآن هي مقاتلة تركية من الجيل الخامس متعددة الأدوار وشبحية طورتها شركة الصناعات الجوية التركية ومقرها لندن
وتشعر الرياض أيضا بعدم اليقين بشأن قدرتها على تأمين صفقة أف – 35. وعلاوة على ذلك، تشعر الرياض بالقلق بشأن قدرتها على تأمين صفقة أف – 35 لأن الولايات المتحدة غالبا ما تعطي الأولوية لإسرائيل، بهدف الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي على جميع القوى الإقليمية.
وبالإضافة إلى ذلك، تأتي مثل هذه المعدات عادة مع العديد من القيود المرتبطة بها، وكثيرا ما يعوق الكونغرس الأميركي بيع الأصول العسكرية المتقدمة لدول أخرى، بما في ذلك الحلفاء والشركاء.
ودفعت هذه العوامل بعض البلدان والقوى الإقليمية إلى البحث عن أسلحة متقدمة في مكان آخر، على الرغم من أن المعدات العسكرية الأميركية متفوقة من الناحية التكنولوجية.
وكما ورد في رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان 2030 للمملكة، فإن الرياض لا تهدف فقط إلى شراء الأسلحة ولكن أيضا إلى إنتاجها، والسعي إلى الحصول على المعرفة اللازمة ونقل التكنولوجيا لبناء صناعة دفاعية خاصة بها.
وفي ما يتعلق بالطائرات المقاتلة، طلبت المملكة العربية السعودية الانضمام إلى برنامج القتال الجوي العالمي (GCAP)، وهو جهد تعاوني بين بريطانيا وإيطاليا واليابان لتطوير طائرة مقاتلة شبحية من الجيل السادس لتحل محل يوروفايتر تايفون وميتسوبيشي أف – 2. ومن المتوقع أن تحلق الطائرة الجديدة في الجو بحلول عام 2040.
وفي حين تدعم المملكة المتحدة وإيطاليا طلب المملكة العربية السعودية بالانضمام إلى برنامج القتال الجوي العالمي، أفادت التقارير أن اليابان عارضت بشدة عضوية الرياض في المشروع.
إمكانية إجراء تحديثات على طائرة قآن يجعلها أكثر توافقا مع رؤية 2030 من حيث الجداول الزمنية والمتطلبات
وقد تفسر العلاقات واسعة النطاق بين الرياض والصين والعلاقات الودية مع روسيا سبب معارضة اليابان لإدراج المملكة العربية السعودية. وقد يثير قبول المملكة كشريك تساؤلات حول من يملك السلطة لبيع أو منع بيع الطائرات المقاتلة إلى دول معينة (بما في ذلك، على سبيل المثال، الصين وروسيا).
وعلاوة على ذلك، يمكن أن تُعزى معارضة اليابان إلى مخاوفها من أن دمج السعودية من شأنه في نهاية المطاف أن يبطئ التقدم ويؤخر الجداول الزمنية بسبب حاجة الرياض إلى نقل التكنولوجيا، خاصة وأن المملكة العربية السعودية تفتقر حاليا إلى البنية التحتية والموارد البشرية اللازمة لهذا المشروع.
وعلى الرغم من ظهور تفكير الرياض في قآن التركية لأول مرة في أكتوبر الماضي، فإنه بعد فترة الانتهاء من برنامج القتال الجوي العالمي قد يفسر عودة الاهتمام السعودي بقآن.
وبالنسبة إلى السعوديين، فإن التوقيت أمر بالغ الأهمية. فعلى عكس برنامج القتال الجوي العالمي، حلقت الطائرة التركية بالفعل.
ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج الضخم في عام 2028، مما يعني أن مشروع قآن من المرجح أن يكون متقدما بعشر سنوات على الأقل على برنامج القتال الجوي العالمي.
وحتى بمجرد تشغيل قآن، لا يزال من الممكن إجراء تحديثات على الطائرة النفاثة التي تتضمن تقنية الجيل السادس، مما يجعلها أكثر توافقا مع رؤية السعودية 2030 من حيث الجداول الزمنية والمتطلبات.
قد تروق قآن للمملكة العربية السعودية بسبب عدم اليقين بشأن قدرة الرياض على الحصول على طائرة برنامج القتال الجوي العالمي
وعلاوة على ذلك، قد تروق قآن للمملكة العربية السعودية بسبب عدم اليقين بشأن قدرة الرياض على الحصول على طائرة برنامج القتال الجوي العالمي إذا ظلت مستبعدة من المشروع.
ويرى علي بكر، وهو زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط، في تقرير نشره المجلس الأطلسي أنه من خلال الإشارة إلى نيتها في الحصول على مئة طائرة مقاتلة من طراز قآن، يبدو أن السعودية تعمل على تعزيز شراكاتها الإستراتيجية ورفع مكانتها الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
وهذا النهج مهم بشكل خاص في ضوء ديناميكيات الأمن الإقليمي المتغيرة، حيث أصبحت الحاجة إلى موقف دفاعي قوي ومستقل بالغة الأهمية على نحو متزايد.
ومن خلال تنويع إستراتيجيات المشتريات الدفاعية – وفي نهاية المطاف من خلال تعزيز قدراتها العسكرية، وتعزيز ردعها، ورعاية شراكات إستراتيجية جديدة – فإن السعودية لا تعمل على تعزيز استعدادها العسكري فحسب، بل وتؤكد أيضا على نفوذها في الجغرافيا السياسية الإقليمية المتطورة.
وعلاوة على ذلك، من خلال السعي إلى الاستحواذ على الطائرات المقاتلة من تركيا، تعمل السعودية على وضع نفسها إستراتيجيا لتقليل اعتمادها على المعدات العسكرية الغربية، بما في ذلك المعدات العسكرية الأميركية.
ويعود هذا التحول إلى ديناميكيات سياسية معقدة، وخاصة مع القيود الأميركية على بيع المقاتلات المتقدمة مثل أف – 35.
ومن عام 2015 إلى عام 2020، شهدت العلاقات السعودية – التركية تقلبات بسبب التطورات الإقليمية غير المواتية والأجندات الأيديولوجية المختلفة. ومع ذلك، بدأت هذه العوامل في التحول بعد تطبيع العلاقات بعد إعلان مدينة العلا في عام 2021، مما يمثل بداية حقبة غير مسبوقة من جهود التهدئة والتطبيع الإقليمية.
ويعتبر شراء الرياض لمركبة أكينجي الجوية القتالية التركية دون طيار أحد المؤشرات البارزة على الطبيعة المتطورة للتعاون الدفاعي بين السعودية وتركيا.
وفي حين لم يتم الكشف عن القيمة الدقيقة للاتفاقية، فقد تم تقديرها بأكثر من ثلاثة مليارات دولار. وقال الرئيس التنفيذي لشركة بايكار إنها “أكبر عقد تصدير دفاعي وجوي” في تاريخ تركيا. وإذا تم تنفيذ صفقة قآن، فسوف تمثل تقدما كبيرا من شأنه أن يعزز تحول التعاون الدفاعي والأمني بين الرياض وأنقرة.
والسعودية ليست فقط قوة مالية عالمية ولكنها أيضا واحدة من أكبر مشتري الأسلحة في العالم. ومن المنظور التركي، فإن الشراء السعودي من شأنه أن يوفر مصدرا مربحا للتمويل لتوسيع خط الإنتاج، مما يساعد في تسريع الإنتاج وخفض التكلفة لكل وحدة (تتجاوز حاليا مئة مليون دولار).
وسيكون هذا فوزا مزدوجا للرياض لأنها لن تستحوذ على قآن دون أيّ شروط مرتبطة بالصفقة فحسب، بل ستتاح لها أيضا فرصة لطلب أن تكون أجزاء من خط الإنتاج موجودة في السعودية، ممّا يسرع من توسيع صناعتها الدفاعية المحلية.
ولكل هذه الأسباب، من المنطقي أن تضع السعودية عينها على طائرات قآن. ولكن في نهاية المطاف، فإن ما إذا كان السعوديون سيحصلون على الطائرة يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك جاهزية الطائرة التشغيلية والقيمة الإستراتيجية (التي يتم قياسها بعد اكتمال تطويرها)، ومتانة البنية التحتية الدفاعية في السعودية، والديناميكيات الجيوسياسية المتطورة داخل المنطقة، والتي تؤثر بشكل كبير على التعاون الدفاعي.
السماح بنقل التكنولوجيا يخدم خطط الرياض لبناء صناعة دفاعية خاصة بها.
alarab.co.uk