الآن مستقبل سوريا بعد التحرير

قرارات المصرف المركزي لضبط السوق النقدية تهدد شركات الصرافة شمالي سوريا

=========================

تواجه شركات الصرافة لاسيما العاملة في الشمال السوري تحديات وأزمات تهدد كثيراً منها بالإفلاس أو الإغلاق، في ظل عقبات تقف أمام جهود المصرف المركزي لإعادة هيكلة وضبط وتنظيم السوق المالية في سوريا، خاصة مع الدور الكبير الذي ما تزال تلعبه شركات الصرافة، سواء المرخصة من قبل النظام المخلوع وحكومتي الإنقاذ والمؤقتة (سابقا) كقناة رئيسية لتدفق الدولار في السوق.

وينص القرار رقم (199/ ل إ) الصادر عن مصرف سوريا المركزي، على تحديد خمسة إجراءات لتسوية المكاتب والشركات أوضاعها، وهي تقديم المؤسسات الراغبة في توفيق أوضاعها بطلب ترخيص وفق النموذج المعتمد، وإيصال بتسديد نفقات التحقق والدراسة المحددة إلى صندوق مصرف سوريا المركزي، والقيام بكل الإجراءات وتقديم الوثائق التي تطلبها مديرية مفوضية الحكومة لدى المصارف سواء من الملفات التي تم على أساسها منح الترخيص للمؤسسة المعنية ابتداءً أو أي وثائق تراها لازمة لمتابعة عملية منح الترخيص المبدئي وفق أحكام هذا القرار، وتقديم طلب فتح حساب بالدولار الأميركي باسم المؤسسة المعنية لدى مصرف سوريا المركزي، وما يُشعر بإيداع مبلغ مليون وربع المليون دولار أميركي على الأقل في الحساب المفتوح باسم المؤسسة المعنية بالدولار الأميركي ويعتبر المبلغ جزءاً من رأسمال المؤسسة المدفوع.

وفي المقابل، يمنح القرار مؤسسات الصرافة المعنية والملتزمة بأحكام القرار ترخيصاً مبدئياً لمزاولة أعمالها، على أن تنتهي مفاعيل الترخيص عند منح الترخيص النهائي أو انتهاء المهلة التي سيتم تحديدها لإتمام إجراءات توفيق أوضاعها ومنحها الترخيص النهائي بحسب الأصول.

وحدد المصرف مهلة أقصاها شهر تبدأ من تاريخ صدوره في 11 من آذار، لتوفيق شركات ومؤسسات الصرافة المعنية أوضاعها مع أحكام هذا القرار.

وأشار القرار إلى أن "عدم الالتزام بتنفيذ الإجراءات يترتب عليه آثار قانونية أهمها اعتبار الأعمال التي تمارسها المؤسسات غير الملتزمة أعمالاً غير مرخصة وفق أحكام القوانين والأنظمة النافذة".


شركات الصرافة والحوالات شمالي سوريا.. تحديات كبيرة



ويرى الباحث ومدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم أن شركات الصرافة والحوالات شمال غربي البلاد تشعر بأنها مستهدفة من قبل الحكومة من خلال آلية الترخيص الجديدة التي تمنح امتيازات كبيرة للشركات التي كانت مقربة من النظام المخلوع.

ويلفت خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا إلى أن الآلية الجديدة للترخيص صعبة جدا مقارنة بإجراءات الترخيص البسيطة التي كانت متبعة في المناطق المحررة سابقا، وبقدر ما تعبر الشروط الجديدة عن دخول مرحلة المأسسة إلا أنها قد تفضي في نهاية المطاف إلى إقفال الشركات المالية في الشمال السوري أبوابها نظرا لأن الكلف باتت توازي رأس المال أو تستهلك الجزء الأكبر منه.


ويشير الكريم إلى بعض التحديات الأخرى التي تواجه الشركات المالية ومنها أن قسما كبيرا منها تحول نحو البورصة، عبر المضاربة على العملات الإلكترونية وبالتالي محاولة تحقيق أرباح خلال فترة التجميد ما أدى إلى خسائر فادحة طالت هذه الشركات.

من جانبه يرى الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر أن شركات الصرافة في الشمال السوري، تواجه حالياً عدة تحديات، أهمها تراجع نسبي في نشاطها وبالتالي تراجع الدخل ما سبب أزمة مالية للبعض منها، لذلك قد تواجه خطر الإفلاس أو الإغلاق، كما أن نسبة كبيرة منها قد لا تستطيع الالتزام بالمعايير والشروط والضوابط التي حددها البنك المركزي.

ويضيف خلال حديث لموقع تلفزيون سوريا أن نجاح البنك المركزي في ضبط وتنظيم سوق الصرافة في سوريا عموماً وفي الشمال السوري على وجه الخصوص ممكن، لكن يحتاج إلى بعض الوقت، وفي الوقت ذاته هناك تحديات تواجه البنك المركزي في هذا الشأن، أهمها أن بعض مكاتب وشركات الصرافة قد تتجه إلى سوق الظل، بحيث تمارس الصرافة من دون ترخيص، وضبط هذه الظاهرة ليس سهلاً ويحتاج إلى تعاون بين البنك المركزي والجهات الأمنية ممثلة بوزارة الداخلية.

أما فيما يتعلق بقرارات توفيق أوضاع مكاتب الصرافة مع البنك المركزي، فيؤكد أن هذه القرارات تعد التحدي الأكبر الذي يواجه مكاتب الصرافة، كون القرار يشترط على المكاتب الراغبة بالترخيص أن تضع وديعة في المركزي بقيمة مليون وربع المليون دولار وهذا الرقم كبير، وقد لا تستطيع توفيره غالبية الشركات، ما قد يدفعها إما للإغلاق أو للعمل في سوق الظل بشكل غير مرخص، وهذا الأمر قد يعرضها لتبعات قانونية وربما جنائية.

من يتحكم بقرارات المركزي؟


وحول التحديات التي سيواجهها البنك المركزي أمام ضبط سوق الصرافة والحوالات وشحن الأموال خاصة مع الدور الكبير الذي ما تزال تلعبه هذه الشركات كقناة رئيسية لتدفق الدولار، يوضح الكريم أن المصرف المركزي يواجه عراقيل داخلية تتمثل بوجود هيئة تتحكم بسير العمليات المالية والقرارات، لافتا إلى النفوذ القوي داخل البنك لكل من حازم الشرع شقيق الرئيس أحمد الشرع وأبو عبد الرحمن سلامة أحد الأذرع الاقتصادية لهيئة تحرير الشام سابقا، إضافة لبعض الشخصيات ذات التأثير القوي مثل رعد ناصر وعبد الرحمن زربة.

ويرى الكريم أن هذه الشخصيات الأربع باتت هي من يتحكم بالسوق المالية والتحويلات ونقل الأموال، ما يجعل قرارات البنك المركزي غير قابلة للتنفيذ بسبب تعقيدات هذه القرارات ووجود من يتحكم بها من خلف الكواليس.

وبناء على ما سبق، يخلص الكريم إلى أن هذه المؤشرات تجعل من النشاط النقدي لشركات الصرافة والحوالات عملا مرهقا، ومحفوفا بالمخاطر.

ماذا عن الشركات المقربة من النظام السابق؟


يمكن ملاحظة التعاون الكبير مع شركات الصرافة المقربة أو التي كانت محسوبة على النظام السابق، وفي هذا السياق عقد "شام كاش" المقرب من السلطة الجديدة شراكات عديدة مع هذه الشركات، ما يثير إشارات استفهام محقة حول الأسباب التي تلجئ الحكومة إلى هذا التعاون.

وتعليقا، يوضح الكريم أن شركات المالية التي كانت مقربة من النظام المخلوع تملك أصولا واسعة ولديها علاقات دولية متينة ويريد العهد الجديد الاستفادة من هذه الأصول وهذه العلاقات، كما تضطر الحكومة إلى التعامل مع هذه الشركات لمعرفة مصير المبالغ المالية والأرصدة الموزعة على شركات الصرافة والتي لم تتمكن الحكومة من معرفة أماكنها، وذلك لضخ السيولة وعدم حرمان الاقتصاد منها.


وفي المقابل، يشير الكريم إلى الانعكاسات السلبية المترتبة عن استمرار هذا التعاون، ومن أبرزها استمرار العقوبات الغربية نتيجة لبقاء هذه الشركات في العمل، إضافة لمواصلة الفساد وآليات التحكم السابقة التي كانت زمن النظام البائد، وإعادة تشكيل رؤى النظام المخلوع وسياساته بشكل غير مباشر وربما غير مقصود من خلال طبقة التجار التي يتم الاعتماد عليها حتى الآن.

بدوره، يبرر يحي السيد عمر التعاون مع شركات الحوالات المالية كانت تعمل في عهد النظام البائد مثل شركات الهرم والفؤاد، بامتلاك هذه الشركات شبكة واسعة من الفروع، تغطي مساحة واسعة من الجغرافية السورية ما يجعلها شريكا فعالا، على عكس مكاتب الصرافة والحوالات المالية في الشمال السوري، والتي يقتصر نشاطها على مساحة محدودة.

لكنه يتوقع، في الوقت ذاته، أن يضعف اقتصار التعاون على شركات الهرم والفؤاد المنافسة في سوق الصرافة، ويعزز من احتكار هذه الشركات للسوق، مقترحا أن الحل الأفضل هو توسيع مظلة التعاون بحيث يشمل عددا كبيرا من شركات الحوالات المالية، مؤكدا أن هذا الأمر إيجابي بالنسبة للشركات وللعملاء كون الموظفين يصبح بإمكانهم استلام رواتبهم عبر خيارات واسعة من الشركات وعدم إلزامهم بشركات محددة.

ولضبط السوق، يقترح الكريم على البنك المركزي أن يعمل على مستويات عدة داخلية وخارجية، على رأسها ضبط التضخم عبر توفير السماح بتداول الدولار لتوفير السيولة للسوق وخاصة في العمليات الكبيرة لنزع السيطرة من يد شركات الحوالات التي كانت مقربة من النظام السابق، ومراجعة آليات ترخيص الشركات فعوضا عن اشتراط إيداع مبالغ مقطوعة يمكن وضع احتياطي إجباري بالتوازي مع إغلاق الحسابات اليومية في البنك المركزي، كما يقترح إعادة التنسيق مع وزارة الاقتصاد والصناعة لتحديد أولويات التمويل، وإعادة تفعيل البنوك بالحياة التجارية و الصناعية لتوليد السيولة .

 

"إما العودة لصفوفنا أو الاستعداد للحرب"..

تنظيم داعش يهدد الرئيس السوري أحمد الشرع بعد مطالب قدمتها واشنطن لدمشق بالانضمام للتحالف الدولي

 
عودة
أعلى