محور سني إسلامي جديد؟
انخراط تركيا في بناء القوة العسكرية السورية.
مركز ألما الإسرائيلي
كما أحدثت الثورة السورية والتي أوصلت المتمردين السنة بقيادة أحمد الشرع إلى السلطة، تحولاً جذرياً في ميزان القوى الإقليمي. فقد استُبدل المحور الإيراني الشيعي بقوى سنية ذات تمثيل كثيف للعناصر الإسلامية الجهادية.
استغلت تركيا السنية الفراغ الذي نشأ عقب سقوط نظام الأسد وانسحاب حلفائه من الساحة السورية، وسرعان ما أصبحت اللاعب الرئيسي في تشكيل الجيش السوري الجديد.
إنها خطوة تركية استراتيجية لتعزيز تحالف الدول السنية، وتهدف إلى إبراز قوة تركيا وبناء قدرة عسكرية سورية يمكن تفعيلها ضد أهداف تحددها أنقرة.
ويبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت هذه القوة ستستخدم ضد منافس خارجي، وعلى رأس القائمة إسرائيل.
من وجهة النظر الإسرائيلية، يشكل هذا الواقع الجديد تحدياً طويل الأمد. فالأسلحة التركية التي تستخدمها قوات نظام الشرع قد تستخدم ضد إسرائيل.
وقد يؤدي النفوذ التركي على الجيش السوري إلى استخدام سوري مستقل لهذه الأسلحة ضد إسرائيل مستقبلاً. إضافة إلى ذلك، تغيرت خريطة الصراع في سوريا جذرياً، إذ أصبح الجيش السوري الآن رصيداً لمحور مُنافس لإيران، مما يُتيح فرصاً لإضعاف هذا المحور أكثر.
تعمل حكومة الشرع على بناء الجيش السوري الجديد بنشاط، ويقدر عدده حالياً بنحو 100 ألف جندي، غالبيتهم من مقاتلي الميليشيات المتمردة السابقين. ومن المتوقع أن يتضاعف عدد المجندين ليصل إلى 200 ألف جندي.
الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لإسرائيل هو التقارير عن نقل أسلحة تركية متطورة إلى الأراضي السورية.
علاوة على ذلك، أفادت تقارير في أبريل/نيسان من هذا العام أن تركيا تخطط لنشر منظومات دفاع جوي خاصة بها في قاعدة T-4 الجوية وسط سوريا. تُعتبر هذه المنظومات بالغة الأهمية، وتشكل تهديداً مباشراً للطائرات بدون طيار والمروحيات والطائرات المقاتلة، مثل F-16 وF-15، التي تحلق على ارتفاعات منخفضة.
أوضحت إسرائيل أنها لن تتسامح مع وجود قواعد تركية قرب حدودها، وتعهدت بمنع أنقرة من ترسيخ وجودها العسكري في سوريا، ويعود ذلك جزئياً إلى مخاوفها من تسليح عناصر جهادية سنية في سوريا.
قدم الدكتور هاي إيتان كوهين ياناروجاك، الباحث البارز في الشؤون التركية في مركز ديان في جامعة تل أبيب تحليلاً لدوافع ومسارات العمل التركية في سوريا الجديدة.
وبحسب ياناروجاك، فمنذ سقوط نظام الأسد، ملأت تركيا الفراغ الناجم عن انسحاب روسيا وإيران، فأصبحت حليفاً لنظام الشرع وزودته "بكل البنية التحتية واللوجستية، وساعدته أيضاً إلى حد كبير جداً، حتى يتمكن من الاندماج في العالم الخارجي دبلوماسياً".
لكن التدخل لا يقتصر على المستوى الدبلوماسي، فتركيا مهتمة بالتواجد في سوريا عبر "القوة الصلبة".
ولتحقيق ذلك، وفقاً لياناروجاك، تسعى أنقرة إلى "تحويل الجيش السوري إلى ذراع تركيا الطويلة في المنطقة". وتتجلى هذه النية من خلال التدريب، الذي لا يمكن للجيش السوري رفضه.
بمجرد استقرار الوضع في سوريا، ستتمكن تركيا من تحويلها إلى "عميل دائم للصناعات الدفاعية التركية"، وفقاً لياناروجاك. وأضاف الخبير في الشؤون التركية أن أنقرة ترى في إسرائيل "تهديداً لتركيا، رغم أننا لا نعتقد أنها تشكل تهديداً".
إن المساعدة التركية في بناء الجيش السوري الجديد ليست مجرد دعم لوجستي، بل هي خطوة استراتيجية لإقامة تحالف إقليمي جديد وتهديد عسكري محتمل.
يصعب تجاهل احتمال وقوع صدام مستقبلي بين المحور الإسلامي السوري التركي الجديد وإسرائيل. هذا خطر حقيقي طويل الأمد يتطلب استعداداً إسرائيلياً مناسباً. هل بدأت إسرائيل بالاستعداد له؟ لسنا متأكدين.