محاولة دوليّة لسرقة نصر السوريين منهم
أردت تصويرَ رسالة فيديو لأخبرَ السوريين بما يلي لكنّ ضغطَ العمل الشديد منعني لذا سأكتب باختصار:
— أوّلاً أنا أكتبُ من الدوحة حيث أنا موجود هذا الأسبوع ومن فندق الشيراتون حيث جرت الاجتماعات الدوليّة بشأن سورية على هامش منتدى الدوحة اليومين الماضيين.
— ما تزالُ كثيرٌ من الدول تعيشُ حالةَ ذهولٍ وصدمةً بسبب سرعة الأحداث في سورية، ولا يخفى على أحد أنّ الكثير من الدول لم تكن راغبة في سقوط النظام عسكريّاً (وكثير منها لم يكن يرغب في سقوطه مطلقاً)، لكن إن كان ولا بدّ فليكن بمفاوضات مضبوطة دوليّاً. لذا فقد وجّه البيان الدولي الذي صدر البارحة بإيقاف العمليّات العسكريّة والبدء بعمليّة سياسيّة كما رأيتم.
— سقوطُ النّظام فجرَ اليوم خرّبَ الخططَ التي طُبخت على عجل البارحة مرّة أخرى، ما اضطرّهم لإجراء مشاورات جديدة اليوم تمخّض عنها التوّجه التالي:
— إطلاقُ عمليّة سياسيّة بإشراف الأمم المتّحدة ل—- لاحظ معي— إجراء *مفاوضات* بين *الأطراف* السورية في جنيف مبنيّة على إعلان جنيف والقرار ٢٢٥٤، وكأنّ النصر العسكري لم يقع، وكأنّ النظام لم يسقط وما زال طرفاً يجب تقاسم الحكم معه!!
— تشملُ المفاوضات ثلاثة أطراف: النظام ممثلاً برئيس الوزراء مثلاً، والمعارضة، وقسد.
— الرغبة في إعادة الأمور لجنيف هي بدعوى أنّ غياب دور الأمم المتّحدة وإجراء الانتقال بدون عمليّة سياسيّة في جنيف يعني الفوضى والاقتتال بين السوريّين، لكنّ الهدف الحقيقي هو ضبطُ إيقاع عمليّة التغيير في سورية. كثيرٌ من الدول التي نشطت في الملفّ السوريّ تريدُ ضمانَ مصالحها أيضاً، وفعلُ ذلك ضمن عمليّة سياسيّة في جنيف أسهل، أمّا تداولُ الأمر سوريّاً بشكل محض فيعني أنهم قد يخرجون من المولد بلا حمّص.
— أرى أنّ القبول بهذا المقترح يعني الانقلاب لا على النصر العسكريّ فحسب بل وعلى الإرادة الوطنيّة والعودة للخانة الأولى. ويعني أنّ العمليّة لن تكون قائمة على المصلحة السوريّة المحضة بل على توليف مصالح أطراف كثيرة.
— قضية أنّ هتش مدرجة على لوائح الإرهاب قضية مربكة للولايات المتّحدة من النّاحية القانونيّة وللتعامل معها خارج الإطار الاستخباري والأمني تبعات قانونيّة. يجري النظر في هذا الأمر لكنّ وحتى الساعة الثالثة عصر اليوم لم يكن هناك أيّ قرار أميركي في هذا الصدد. أمّا الأمم المتّحدة فرغم أنّ الهيئة مصنّفة عندها أيضاً إلّا أنّها أكثر مرونة في ذلك وقد لا تمانع من إشراك ممثّلين عن الهيئة في المفاوضات لأنّها تعلم أنّ المفاوضات بدونهم لن تكون أمراً واقعيّاً.
— استشرتُ عدداً من العاملين في الحقل الدبلوماسي ممّن هم متعاطفون مع قضيّتنا، وسأقدّم توصياتي وتوصياتهم سوية:
— عجّلوا، عجّلوا، عجّلوا: فكلّما أسرع السوريّون في السير في العمليّة الانتقاليّة سابقين بذلك المشاورات الدوليّة كلّما ضعفت الحجّة بالحاجة لعمليّات سياسيّة تقودها أطراف غير سوريّة.
— التعجيل بإعلان خارطة طريق لطمأنة السوريّين والعالم حيال نوايا المنتصرين ولإشاعة الثقة بأنّ هناك خطّة سورية وتماسك سوري قادر على إدارة عمليّة الانتقال باقتدار.
— يكون من ضمن ذلك الإعلانُ عن جسم مؤقّت يضمّ شخصيّات وجهات سورية متنوّعة لا شخصاً بعينه فحسب، وإطلاق عمليّة تشاوريّة سوريّة مع إدارات محليّة ذات صلاحيّات.
— من الضروري التعامل مع الفراغ الدستوري لذا فعزل رئيس الوزراء غداً مضرّ، إذ أنّ كلّ شيء صادر عنه صادر قانونيّاً عن الدولة السوريّة وكلّ شيء صادر عن غيره لم يكتسب الشرعية القانونيّة بعد وهو صادر بقوّة السلاح. ضمان ذلك يعني أنّ نستطيع القول أنّ الدولة مستمرّة بدون انقطاع وحقوقها الدوليّة المعتبرة محفوظة وأنّ التغيير هو في شخصيات الدولة فحسب لا في الدولة بذاتها.
——-