الإنجاز الذي حققته SpaceX في “اصطياد” الصاروخ أثناء هبوطه، يُعد قفزة علمية وهندسية هائلة. من الناحية العلمية، التقنية التي استخدمتها SpaceX تعتمد على عدة مفاهيم أساسية في الفيزياء والهندسة الفضائية:
1. التحكم الدقيق في المسار الباليستي:
• عندما يتم إطلاق الصاروخ، تكون المرحلة الأولى مسؤولة عن إعطاء المركبة دفعة قوية للخروج من الغلاف الجوي. بمجرد انفصال المرحلة الأولى، تبدأ في الهبوط الحر نحو الأرض.
• لكي تتمكن SpaceX من “اصطياد” الصاروخ أثناء هبوطه، تعتمد على أنظمة تحكم دقيقة تُدعى (GNC - Guidance, Navigation, and Control). هذه الأنظمة تجمع البيانات الحية حول الموقع، السرعة، والاتجاه باستخدام أجهزة استشعار مثل الجيروسكوبات وأنظمة تحديد المواقع.
2. التحكم بالدفع العكسي:
• لإبطاء الهبوط، يتم استخدام محركات دفع عكسية تُعرف بـ محركات الهبوط. هذه المحركات توفر قوة معاكسة لدفع الصاروخ وتخفيف سرعته أثناء اقترابه من الأرض.
• يتم حساب كمية الوقود المطلوبة وزمن إشعال المحركات بدقة لضمان أن تكون سرعة الصاروخ لحظة الهبوط بطيئة بما يكفي للإمساك به.
3. استخدام “أذرع الصيد” أو الـ “Chopsticks”:
• النظام الذي أُستخدم لاصطياد الصاروخ يعتمد على برج يحمل أذرع ضخمة تُسمى “Chopsticks”. هذه الأذرع تتحرك بدقة وتستخدم أنظمة استشعار لتحديد الموقع الدقيق للمرحلة الأولى للصاروخ، وتقوم بالتقاطه في اللحظة المناسبة.
• العملية تشبه إلى حد ما التقاط جسم متحرك في الجو، وتتطلب حسابات دقيقة للتنسيق بين حركة الأذرع وسرعة هبوط الصاروخ.
4. الحسابات الفيزيائية:
• يتم استخدام معادلات الحركة لحساب مسار الصاروخ وسرعته المتغيرة أثناء الهبوط. هذه الحسابات تعتمد على بيانات مباشرة من أجهزة الاستشعار المدمجة في الصاروخ.
• التسارع والجاذبية أيضًا تؤخذ بعين الاعتبار لضبط القوة المطلوبة لتشغيل محركات الدفع العكسية وتحديد اللحظة المناسبة للتقاط الصاروخ باستخدام الأذرع.
5. التعلم الآلي (Machine Learning) وأنظمة الذكاء الصناعي:
• يمكن استخدام أنظمة الذكاء الصناعي والتعلم الآلي لتحليل البيانات الحية من الهبوط وتعديل عمليات التحكم بالدفع وحركة الأذرع بشكل ديناميكي. هذا يسمح للنظام بالتكيف مع التغيرات المفاجئة أثناء الهبوط.
هذه العملية تعتبر خطوة هائلة نحو إعادة استخدام الصواريخ بشكل كامل وفعال، حيث يسمح “اصطياد” المرحلة الأولى من الصاروخ بإعادة استخدامها دون الحاجة لإعادة بناء أجزاء جديدة في كل عملية إطلاق. هذا يفتح الأبواب نحو تقليل تكلفة السفر إلى الفضاء بشكل كبير وجعل الاستكشاف الفضائي أكثر استدامة.