عرف الصحراويين قديما بنظامهم المتميز والمتمثل في مجلس ايت أربعين، بمعنى حكم الأربعين، وهو عبارة عن مجلس لأعيان القبائل تتم العضوية فيه على أساس الترشيح القبلي ورئاسته متداولة بين الأعضاء، وتصدر قراراته بالإجماع طبقا للأعراف والتقاليد وعلى قاعدة الشريعة الإسلامية.
أيت أربعين هي السلطة العليا التي تضم في تشكيلتها وجهأ الأعيان من كل القبائل الذين تفويضهم لتمثيلها. ويقوم المجلس بسن القوانين الملزمة للجميع ويسهر على الدفاع عن الوطن، تأمين المراعي، حضانة أبار المياه، الحفاظ على ألاماكن الصالحة للحرث والإشراف على توزيعها وحدود التماس مع الجيران. كما أنه مفوض للتفاوض باسم القبائل. وقد تختلف التأويلات لمعنى الاسم ( ايت أربعين ) أو مجلس الأربعين كما يسميه البعض، فهناك من يرى أن الاسم يدل على عدد الأعضاء حيث أنه كان يتكون من أربعين عضوا. وهناك من يرى أن كلمة أربعين مرتبطة بعمر العضو حيث لا تمكن العضوية في المجلس إلا بعد بلوغ سن الأربعين.
وهناك الكثير من المراجع تشير إلى تراث ايت أربعين المكتوب، ومنها ما ذكره الاسباني خليو كاروباروخا في كتابه دراسات صحراوية وكتاب جامع المهمات لمؤلفه المرحوم محمد سالم لحبيب الحسين، ونورد هنا نموذجا من التشريع الذي تبنته أيت أربعين في وثيقة مؤرخة في 24 ذو الحجة 1165 هجرية، والتي يؤكد فيها المجلس على انه من بين الأسباب التي دعت إلى قيامه:
1 ـ إقامة حدود الله.
2 ـ عدم وجود سلطان في الأرض غير سلطان القبائل.
3 ـ أهمية السلطة لما توفره من أمن وحماية للجميع.
وفي ما يلي مقتطفات من الوثيقة المذكورة: ... (وجعلوا أيضا فرائض فرضوها على من تحدى وخالف ما هو الأصلح بهم عقوبة له إذ لا يردع ولا يجزا إلا بها). ونذكر من بين هذه العقوبات ما يلي:
1 ـ من أتلف حرث غيره فعقوبته 5 مثاقيل فضة.
2 ـ من سل مكحلة ( من اشهر سلاح ) في وجه أحد فعقابه خمسة مثاقيل فضة، وإن جرحه فابن لبون من الإبل.
3 ـ من أكل أموال أخر ظلما فعقوبته وعقوبة من يساعده أبن لبون من الإبل لكل واحد ويرد للمظلوم ما أخذ منه.
4 ـ من منع الشريعة ( أي دعاه القاضي ولم تستجب ) يغرم بعشرة مثاقيل فضة.
5 ـ كل قبيلة تعلن العداوة لقبيلة أخرى تدفع عشرة نوق (عشراوات).
هذه البنود القانونية التي يعود تاريخها إلى أكثر من قرنين ونصف من الزمن تبرهن أن الصحراويين لا يقبلون الفوضى ويرفضون شريعة الغاب. وكل دارس متأني سيجد أنها تمجد الإنسان والقيم الأخلاقية وتكتسي طابع شمولي وارتباط عميق بالشريعة الإسلامية الحنيفة كمرجع أساسي وعادات وتقاليد شعب عربي نبيل في تعامله ومعاملاته كعماد وركيزة ثابتة.
وبالرغم من صعوبة الظروف الطبيعية وتخلف وسائل الحياة عموما، قاوم الشعب الصحراوي العديد من المحاولات الأجنبية التي سببها الطمع في القوافل التجارية قديما والبحث عن مواقع استراتيجية على شوا طي أفريقيا التي اتجهت إليها الأنظار بعد النهضة الأوروبية ونظرا للأهمية الاستراتيجية للصحراء الغربية والمتمثلة في :
1 ـ موقع جغرافي يربط إفريقيا بأوروبا.
2 ـ قربها من جزر الكناري الاسبانية.
3 ـ شوا طي غنية بمختلف أنواع الأسماك.
4 ـ قنطرة عبور للقوافل التجارية شمالا وجنوبا.
هذه الأسباب وغيرها تفسرها المحاولات الاستعمارية المتتالية على الصحراء الغربية، على مر القرون الماضية والتي نذكر منها:
القرن الخامس عشر والسادس عشر:
وصول البعثات الاستكشافية الأوروبية إلى الصحراء الغربية، اهتمام البرتغال، وقوى أوروبية أخرى بالصحراء الغربية، تجارة الذهب وريش الطيور والصمغ العربي
1478: بناء أول مركز إسباني في الصحراء الغربية.
1572: دخول بعثات استكشافية كنارية في الصحراء الغربية.
1638: احتل الهولنديون إقليم وادي الذهب (Rio de Oro)، وهي التي سيتحكم فيها الإنجليز بشكل مؤقت عام 1665م.
1727: الهولنديون يسلمون الإقليم إلى الفرنسيين.
1767: توقيع معاهدة مراكش بين السلطان المغربي محمد بن عبد الله والملك الإسباني كارلوس الثالث، التي يقر فيها السلطان المغربي بأن لا سيادة له بعد وادي نون.
أواخر القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر:
ظهور أوائل الإسبان على سواحل الصحراء الغربية، الذين انطلقوا من جزر الكناري للقيام بالنشاطات نفسها التي قام بها البرتغاليون 1444 ـ المغاربة 1583 ـ الإيطاليون 1869 ـ الإنجليز 1872 ـ البلجيكيون1875 ـ الفرنسيون 1880 ـ الألمان 1883 ـ الاسبان 1884
مع نهاية القرن الرابع عشر، وصلت جماعات من البرتغاليون والاسبان إلى شوا طي الصحراء الغربية يحذوهم الأمل في الهيمنة على الطريق التجارية الصحراوية والسيطرة على منجم الذهب في مالي، وقد واجهتهم القبائل الصحراوية. ثم كان الاتفاق الأسباني ـ البرتغالي المعروف بمعاهدة ( ترويسياس) وفيها حصلت إسبانيا على حق إخضاع المنطقة الصحراوية.
والواقع أن علاقة إسبانيا بالمنطقة تعود إلى سنة 1525، حيث كان البحارة الكناريون يقومون بالتبادل التجاري ( المقايضة ) مع سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب، وبموجب هذا الاحتكاك أصبح بعض السكان على إلمام نسبي باللغة الاسبانية.
ثم جاء مؤتمر برلين عام 1884 وفيه اقر الأوروبيون لأسبانيا بحقها في استعمار إقليم الساقية الحمراء ووادي الذهب. وبذلك حصل الأسبان على ما كانوا يحتاجونه لتشريع احتلالهم لمنطقة الصحراء الغربية
أيت أربعين هي السلطة العليا التي تضم في تشكيلتها وجهأ الأعيان من كل القبائل الذين تفويضهم لتمثيلها. ويقوم المجلس بسن القوانين الملزمة للجميع ويسهر على الدفاع عن الوطن، تأمين المراعي، حضانة أبار المياه، الحفاظ على ألاماكن الصالحة للحرث والإشراف على توزيعها وحدود التماس مع الجيران. كما أنه مفوض للتفاوض باسم القبائل. وقد تختلف التأويلات لمعنى الاسم ( ايت أربعين ) أو مجلس الأربعين كما يسميه البعض، فهناك من يرى أن الاسم يدل على عدد الأعضاء حيث أنه كان يتكون من أربعين عضوا. وهناك من يرى أن كلمة أربعين مرتبطة بعمر العضو حيث لا تمكن العضوية في المجلس إلا بعد بلوغ سن الأربعين.
وهناك الكثير من المراجع تشير إلى تراث ايت أربعين المكتوب، ومنها ما ذكره الاسباني خليو كاروباروخا في كتابه دراسات صحراوية وكتاب جامع المهمات لمؤلفه المرحوم محمد سالم لحبيب الحسين، ونورد هنا نموذجا من التشريع الذي تبنته أيت أربعين في وثيقة مؤرخة في 24 ذو الحجة 1165 هجرية، والتي يؤكد فيها المجلس على انه من بين الأسباب التي دعت إلى قيامه:
1 ـ إقامة حدود الله.
2 ـ عدم وجود سلطان في الأرض غير سلطان القبائل.
3 ـ أهمية السلطة لما توفره من أمن وحماية للجميع.
وفي ما يلي مقتطفات من الوثيقة المذكورة: ... (وجعلوا أيضا فرائض فرضوها على من تحدى وخالف ما هو الأصلح بهم عقوبة له إذ لا يردع ولا يجزا إلا بها). ونذكر من بين هذه العقوبات ما يلي:
1 ـ من أتلف حرث غيره فعقوبته 5 مثاقيل فضة.
2 ـ من سل مكحلة ( من اشهر سلاح ) في وجه أحد فعقابه خمسة مثاقيل فضة، وإن جرحه فابن لبون من الإبل.
3 ـ من أكل أموال أخر ظلما فعقوبته وعقوبة من يساعده أبن لبون من الإبل لكل واحد ويرد للمظلوم ما أخذ منه.
4 ـ من منع الشريعة ( أي دعاه القاضي ولم تستجب ) يغرم بعشرة مثاقيل فضة.
5 ـ كل قبيلة تعلن العداوة لقبيلة أخرى تدفع عشرة نوق (عشراوات).
هذه البنود القانونية التي يعود تاريخها إلى أكثر من قرنين ونصف من الزمن تبرهن أن الصحراويين لا يقبلون الفوضى ويرفضون شريعة الغاب. وكل دارس متأني سيجد أنها تمجد الإنسان والقيم الأخلاقية وتكتسي طابع شمولي وارتباط عميق بالشريعة الإسلامية الحنيفة كمرجع أساسي وعادات وتقاليد شعب عربي نبيل في تعامله ومعاملاته كعماد وركيزة ثابتة.
وبالرغم من صعوبة الظروف الطبيعية وتخلف وسائل الحياة عموما، قاوم الشعب الصحراوي العديد من المحاولات الأجنبية التي سببها الطمع في القوافل التجارية قديما والبحث عن مواقع استراتيجية على شوا طي أفريقيا التي اتجهت إليها الأنظار بعد النهضة الأوروبية ونظرا للأهمية الاستراتيجية للصحراء الغربية والمتمثلة في :
1 ـ موقع جغرافي يربط إفريقيا بأوروبا.
2 ـ قربها من جزر الكناري الاسبانية.
3 ـ شوا طي غنية بمختلف أنواع الأسماك.
4 ـ قنطرة عبور للقوافل التجارية شمالا وجنوبا.
هذه الأسباب وغيرها تفسرها المحاولات الاستعمارية المتتالية على الصحراء الغربية، على مر القرون الماضية والتي نذكر منها:
القرن الخامس عشر والسادس عشر:
وصول البعثات الاستكشافية الأوروبية إلى الصحراء الغربية، اهتمام البرتغال، وقوى أوروبية أخرى بالصحراء الغربية، تجارة الذهب وريش الطيور والصمغ العربي
1478: بناء أول مركز إسباني في الصحراء الغربية.
1572: دخول بعثات استكشافية كنارية في الصحراء الغربية.
1638: احتل الهولنديون إقليم وادي الذهب (Rio de Oro)، وهي التي سيتحكم فيها الإنجليز بشكل مؤقت عام 1665م.
1727: الهولنديون يسلمون الإقليم إلى الفرنسيين.
1767: توقيع معاهدة مراكش بين السلطان المغربي محمد بن عبد الله والملك الإسباني كارلوس الثالث، التي يقر فيها السلطان المغربي بأن لا سيادة له بعد وادي نون.
أواخر القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر:
ظهور أوائل الإسبان على سواحل الصحراء الغربية، الذين انطلقوا من جزر الكناري للقيام بالنشاطات نفسها التي قام بها البرتغاليون 1444 ـ المغاربة 1583 ـ الإيطاليون 1869 ـ الإنجليز 1872 ـ البلجيكيون1875 ـ الفرنسيون 1880 ـ الألمان 1883 ـ الاسبان 1884
مع نهاية القرن الرابع عشر، وصلت جماعات من البرتغاليون والاسبان إلى شوا طي الصحراء الغربية يحذوهم الأمل في الهيمنة على الطريق التجارية الصحراوية والسيطرة على منجم الذهب في مالي، وقد واجهتهم القبائل الصحراوية. ثم كان الاتفاق الأسباني ـ البرتغالي المعروف بمعاهدة ( ترويسياس) وفيها حصلت إسبانيا على حق إخضاع المنطقة الصحراوية.
والواقع أن علاقة إسبانيا بالمنطقة تعود إلى سنة 1525، حيث كان البحارة الكناريون يقومون بالتبادل التجاري ( المقايضة ) مع سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب، وبموجب هذا الاحتكاك أصبح بعض السكان على إلمام نسبي باللغة الاسبانية.
ثم جاء مؤتمر برلين عام 1884 وفيه اقر الأوروبيون لأسبانيا بحقها في استعمار إقليم الساقية الحمراء ووادي الذهب. وبذلك حصل الأسبان على ما كانوا يحتاجونه لتشريع احتلالهم لمنطقة الصحراء الغربية