بعد مرور أكثر من عقد على نهاية مأساة معتقل تازمامارت السري، أعلن المغرب أخيرًا عن السماح بإجراء تحاليل الحمض النووي لتحديد هويات الضحايا الذين ماتوا في أحد أسوأ معتقلات المملكة الموروكية خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
تعتبر هذه الخطوة محاولة متأخرة لإنهاء واحدة من أحلك فترات انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب خلال حكم الملك الراحل الحسن الثاني.
معتقل تازمامارت كان مسرحًا لانتهاكات وحشية، حيث تم احتجاز العسكريين الذين اتهموا بالتورط في محاولتين انقلابيتين فاشلتين ضد الحسن الثاني في أوائل السبعينات.
وبدلاً من المحاكمة العادلة، عُذّب المعتقلون بطرق غير إنسانية في ظروف قاسية للغاية. كانت السنوات التي شهدت انتهاكات حقوق الإنسان تُعرف بـ"سنوات الرصاص"، حيث ارتكب النظام العديد من الجرائم ضد الإنسانية.
في عام 1991، أطلق الملك الراحل عملية الإفراج عن المعتقلين الأحياء من تازمامارت، لكن رفات الضحايا الذين ماتوا هناك ظلّت مجهولة الهوية، مما أضاف ألمًا إضافيًا إلى عائلاتهم. وعلى مدى سنوات، ناشد أهالي الضحايا بإجراء تحاليل الحمض النووي لتحديد هويات أحبائهم، لكن السلطات تجاهلت مطالبهم.
المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب قدّم أخيرًا استجابة لمطالب عائلات الضحايا، رغم تأخرها، وقام بإجراء التحاليل الجينية لتحديد هويات الرفات. ورغم أن هذه الخطوة قد تكون لها قيمة رمزية، إلا أنها جاءت متأخرة جدًا، مما يبرز إمعان النظام في تجاهل المآسي الإنسانية التي ارتكبها. وأعرب أحمد المرزوقي، أحد المعتقلين السابقين، عن استغرابه من التوقيت المفاجئ لهذه الاستجابة، مؤكدًا أن عائلات الضحايا كانت تطالب بهذا الإجراء منذ سنوات طويلة، في حين كانت السلطات تتجاهل أو ترفض بشكل قاطع.
تعتبر هذه الخطوة جزءًا من الجهود الأوسع التي بذلها المغرب لطي صفحة انتهاكات حقوق الإنسان من خلال هيئة الإنصاف والمصالحة التي أُنشئت عام 2004، ولكن تساؤلات كثيرة تبقى حول مدى جدية السلطات في معالجة هذا الملف وتقديم تعويضات مناسبة للضحايا.
مصدر