المغرب يخطط لتعزيز الأسطول العسكري البحري لمواجهة التهديدات الأمنية
أكدت إدارة التجارة الدولية “ITA” التابعة لوزارة التجارة الأمريكية، في تقرير حديث، أن المملكة المغربية تستهدف تعزيز أسطول الدوريات التابعة لقواتها البحرية بفرقاطتين جديدتين، مشيرة إلى أن “المغرب يخطط كذلك للاستثمار في نظام مراقبة ساحلي متطور، حيث أصبح تأمين السواحل من ضمن الأولويات الرئيسية للمملكة”، مسجلة في الوقت ذاته أن الرباط تخطط أيضا للاستثمار بكثافة في قدرات القيادة والسيطرة المشتركة والدفاع السيبراني.
وأوضح المصدر ذاته أن المملكة المغربية ملتزمة بقوة بجهود تحديث قواتها المسلحة، إذ خصصت الرباط ميزانية للدفاع خلال العام الماضي ناهزت 17 مليار دولار أمريكي في إطار خطة تحديث الجيش المغربي لسنة 2030 والتي تهدف إلى تعزيز قابلية التشغيل البيني مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، لافتا إلى أن المغرب يعد أكبر مشترٍ لأنظمة الدفاع لأمريكية على مستوى القارة الإفريقية. كما يستهدف المغرب، في إطار الخطة ذاتها، إنشاء صناعة دفاعية محلية؛ فقد أصدرت المملكة إطارا قانونيا لدعم ظهور قطاع صناعة الدفاع على أراضيه.
ويبدو جليا اهتمام المغرب في السنوات الأخيرة بتحديث ترسانته العسكرية خاصة البحرية منها، إضافة إلى حرصه على الحضور في كبريات المناورات والتدريبات العسكرية التي تستهدف تعزيز الأمن البحري وضبط السواحل، خاصة مع كل من إسبانيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي؛ في حين يفسر متتبعون سر هذا الاهتمام بطبيعة التهديدات والمخاطر التي تواجها المنطقة والناتجة عن التغيرات الجيو-سياسية والأمنية التي يعرفها العالم والقارة الإفريقية على وجه الخصوص.
توجه وطني وامتياز استراتيجي
هشام معتضد، خبير في الشؤون الاستراتيجية، قال إن “التوجه المغربي لتعزيز الأسطول البحري العسكري ينسجم والرؤية المغربية للدفع بفضاءاته البحرية والمحيطية لتشكيل رافعة آمنة وأكثر دينامية في التطورات الاقتصادية والتجارية التي تشهدها العديد من القطاعات الوطنية، والرفع من مستويات تأمينها الذي أصبح ضرورة حيوية للمغرب من أجل مواكبة تأمين استثماراته المرتبطة بهاته الفضاءات”.
وأضاف معتضد، في تصريح لهسبريس، أن “الفضاء البحري والمحيطي المغربي أصبح مناطق مستهدفة من قبل العديد من الجماعات الإرهابية والمجموعات الإجرامية العابرة للقارات من أجل خلق ممرات لعملياتها وتحركاتها، تفاديا للممرات الداخلية البرية التي أصبحت تؤرق بناء تنفيذ مخططاتها؛ وبالتالي، فالانخراط المغربي بقوة في العديد من المناورات العسكرية البحرية ورغبته في تحديث وتقوية قواته البحرية يأتيان استجابة للعديد من التهديدات التي تتعرض لها المناطق البحرية والمحيطات”.
وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن “هناك أيضا تنامي موجات الهجرة التي أصبحت تشكل ضغطا كبيرا على العمليات التمشيطية التي تقوم بها مختلف الفرق البحرية المغربية والتي باتت تطالب بالرفع من ترسانتها؛ وبالتالي تقوية هياكلها والدفع بتحركاتها لتكون أكثر نجاعة ومسايرة لمختلف التهديدات في المنطقة”، مشددا على أن “تأمين السواحل والمضايق أصبحت أولوية إستراتيجية وضرورة عسكرية من أجل مواكبة التهديدات الأمنية وتنزيل الرؤية السياسية للمغرب بخصوص دور هاته الفضاءات في بناء استراتيجية الاقتصاد الوطني وتقوية منصته الاستثمارية بالإضافة إلى دورها في السياسة الخارجية للمغرب”.
وخلص إلى أن “تأمين الفضاءات البحرية وتعزيز الأسطول البحري العسكري سيشكل أيضا امتيازا استراتيجيا للدول التي تستعمل هاته الفضاءات المغربية كممرات اقتصادية لاستثماراتها، وستسهم في رفع مستويات التأهب والحماية؛ وهو ما سينعكس إيجابا على الدول التي يتقاسم معا المغرب واجهاته البحرية، وسيعزز ذلك أيضا التنسيق العسكري البحري للمغرب مع الدول المطلة على مستوى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي”.
رؤية استراتيجية والتزام مغربي
من جانبه، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن “اهتمام المملكة المغربية بتعزيز القدرات العسكرية للبحرية الملكية راجع بالأساس إلى التنزيل السليم والدقيق للرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، من أجل وضع مقاربة عقلانية بهدف تعزيز القدرات الدفاعية والعملياتية واللوجستية للقوات المسلحة بصفة عامة ولأسباب مرتبطة بتأمين مجاله الجيو- أمني بزيادة منسوب الوقاية الدفاعية وإمكانية ردع أي خطر يهدد استقرار وسلامة الوطن”.
وأضاف البراق أن “القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية تحرص على تنفيذ استراتيجية شاملة لتطوير وتحديث القوات البحرية ودعم قدراتها على مواجهة التحديات والمخاطر الحالية في المنطقة لتعزيز الأمن والاستقرار. وتجلى ذلك من خلال تنفيذ استراتيجية شاملة لتطوير وتحديث الأسطول البحري المغربي لتعزيز الأمن في مناطق عمل القوات البحرية، ودعم قدرته على مواجهة التحديات والمخاطر الحالية والمتعاظمة التي تشهدها المنطقة”.
وأوضح الخبير الدولي ذاته أن “هذه الاستراتيجية تشمل جوانب عديدة؛ بما في ذلك تحسين البنية التحتية البحرية وتطوير القدرات التكنولوجية، حيث يتم العمل على تحديث وتطوير السفن والمراكب البحرية، بما في ذلك السفن الحربية والسفن ذات الاستخدام المتعدد ووسائل الدفاع الساحلي. كما يتم تعزيز التدريب والتأهيل لأفراد القوات البحرية المغربية، لتعزيز قدراتهم في مجالات مثل الملاحة والاستطلاع والقتال البحري”.
وسجل المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الإجراءات، التي يتخذها المغرب لتعزيز الأسطول البحري وتطوير قدراته العسكرية، تعكس التزام المملكة بتعزيز الأمن البحري والسواحل وتنعكس أيضا في الاستراتيجية العسكرية الشاملة للمغرب”، لافتا إلى أنه “توجد أسباب عديدة تدفع المملكة إلى اتخاذ هذه الإجراءات؛ أهمها مكافحة التهديدات الأمنية، وحماية المصالح الاقتصادية، وتعزيز الدفاع الوطني، وكذا تعزيز التعاون الأمني الإقليمي في إطار وضع تصور استباقي لمواجهة الأخطار المرتبطة بالصراع الدولي حول خطوط الملاحة الدولية واستقرار المضائق”.
وخلص البراق إلى أن “القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، تنظر إلى المغرب كشريك استراتيجي في تأمين السلام العالمي وخدمة الاستقرار الإقليمي من خلال المشاركة الواسعة لكل من الجيش المغربي والجيش الأمريكي وباقي الشركاء في العديد من المناورات العسكرية التي تستهدف بناء منظومة ردع إقليمية ودولية للمخاطر الكبرى المهددة للأمن البشري للقارة الإفريقية انطلاقا من السواحل المغربية”.
أكدت إدارة التجارة الدولية "ITA" التابعة لوزارة التجارة الأمريكية، في تقرير حديث، أن المملكة المغربية تستهدف تعزيز أسطول الدوريات التابعة لقواتها البحرية
www.hespress.com