قناة oversimplified نشرت منذ مدة فيديو يشرح الحرب للبونيقية الأولى و الثانية ظهر فيها دور الخيالة النوميدية
Follow along with the video below to see how to install our site as a web app on your home screen.
ملاحظة: This feature may not be available in some browsers.
هذا كذب وتدليس عن إبن خلدون..الشرق "الجزائري" هو تونسي بالأصل، حسب ابد خلدون
مشاهدة المرفق 707480
حقيقة الجزائر كانت دائما تحت سيطرة دول أخرى تونس المغرب الدولة العثمانية فرنسا
يا أخي الجزائر تأسست سنة 1963 مومن طرف الإستعمار الفرنسي ..
الغرب الجزائري ساكنة من أصول مغربية و الشرق ساكنة من أصول تونسية و ليبية ..
الإحتلال الفرنسي من صنع لكم هذه الخريطة الحالية بإقتطاع أراضي دول الجوار
قرطاج هي شرق تونس و نوميديا هي غرب تونس و امتدت لما يعرف الآن بالجزائر
نوميديا إقليم قرطاجي منشق يعني هي مملكة تونسية و هذا لا نقاش عليه
فعلالم يكونو بالأساس واحد، لأنه كانت تونس فقط، و لم تكن "الجزائر"
الجزائر دائما و أبدا كانت مركز نفوذ للآخرين... شرق "الجزائر" لم يكن جزائريا في يوم من الأيام، كانت تونس و فقط تونس.
فعلا
لم تكن عبر التاريخ دولة مستقلة هناك حتى جائت فرنسا وانشأت دولة واعطتها اسم
من لديه اثبات ان تلك المنطقة كانت كيان او دولة فل يتفظل ويثبت هذا
الجزائر هي أقدم دولة في المنطقة وتأسست منذ 23 قرن..عكس مملكة 12 قرن التي أسسها إدريس الأكبر الحجازي قادما من تلمسان الجزائرية وبسواعد قبيلة أوربة الجزائرية.
مملكة نوميديا الأمازيغية الموحدة تأسست سنة202 ق .م
مشاهدة المرفق 709600
هجرة قبيلة أوربة البربرية من المغرب الأوسط: المواطن والملابسات والنتائج
كانت رئاسة البربر بالمغرب الأوسط وكذلك للمغربين الآخرين عهد الفتوحات الإسلامية وحتى سنة 67ه/686م تاريخ بداية ولاية زهير بن قيس البلوي على إفريقية والمغرب كانت لقبيلة أوربة، كونها أول قبيلة بربرية بالمغرب الأوسط وتحت قيادة بربرية صرفة بقيادة كسيلة بن لمزم أستطاعت أن تتحدى العرب وتنتصر عليهم في...www.asjp.cerist.dz
مشاهدة المرفق 709604
الإثبات العلمي لأقدمية و إستقلال الدولة الجزائرية
اليوم سنجري مع بعض بحث على الطريقة الأكاديمية لموضوع انتظر الكثيرون إثباته علميا ألا وهو:
هل كانت الجزائر مستقلة عن الدولة العثمانية أم أنها كانت ولاية عثمانية؟
نتفق جميعا أنه شروط تسمية الدولة دولة هي:
– تستقل بحكمها بقرراتها.
– تكون لها حدود جغرافية واضحة.
– أن تكون لها مداخيلها وإقتصادها مستقل.
– تكون لها لغة رسمية تحرر بها مناشيرها ومراسلاتها.
– يكون لها حاكم معروف ومسمى.
– تكون لها قوانين حكومة.
– تكون قادرة على إجراء معاهدات وإتفاقيات مع الأمم الأخرى باسمها الخاص دون الرجوع لأي سلطة عليا.
– يكون لها علم لا تشترك فيه مع أي دولة أخرى.
– يكون لها جيش لا يأتمر إلا بأمر حاكمها.
– تكون لها عاصمة عندها قناصل وسفراء في الخارج وبها قناصل وسفراء للدول الأخرى في أرضها وعندها سكان مقاطعات وولاة.
نظن إذا إستطعنا إثبات كل هذه الجزئيات قبل الإستعمار الفرنسي بالدليل التاريخي سنكون أنجزنا بحث شافي وكافي في هذا الموضوع.
مشاهدة المرفق 709613
مشاهدة المرفق 709614
وننوه أنوا جميع وثائق الدولة الجزائرية التي كانت بمقر ديوان الداي والقاضي والسفراء قد إستولى عليها الإستعمار الفرنسي يوم سقوط العاصمة سنة 1830م وحزموها في أكياس وأرسلوها إلى مخازن الأرشيف الحربي في باريس ويرفضون تسليمها لحد الآن ،لكن الحقيقة لا يمكن إخفاؤها وتقفي أثر الشئ سيوصل إليه لا محالة، وقد أجريت بحوث كثيرة من طرف المختصين وألفت الكتب في هذا الموضوع بما لا يترك مجالا للشك.
نبدأ بالنقطة الأولى: تعيين وإستخلاف الداي أي حاكم الجزائر سواء بعد وفاة أو بعد عزل هل كان يتم بشكل مستقل محليا في الجزائر أم يتم بتعيين من الدولة العثمانية، هذا كتاب كومبلات سيستم أوف جيوغرافي وهذه صفحته 730
مشاهدة المرفق 709617
لنقوم بتكبير الصورة و نقرأ مع بعض:
مشاهدة المرفق 709618
يتم إختيار الداي من بين الجيش مهما كانت الرتبة، للجميع نفس الحق ليصبح داي الجزائر المهم يكون عنده الجرأة والطموح.
ولكل شخص حق إنتخاب الداي الذي يشاء ويؤكد كذلك ويقول الإنتخاب من حق الجميع مهما كان منصبه ودرجته.
وبعد ما يتم انتخاب “الشخص” ليصبح داي يحييه الجميع ويبايعونه بعبارة ربي يبارك أو ربي يوفق وربي ينجح.
إذا في هذه الجزئية وبشهادة المؤرخين الأوروبيين في نفس عصر الدايات وثقوا بشكل تام استقلالية الجزائر في إختيار الداي وعدم ورود أي ذكر لتعيين الداي بأوامر تأتي من خارج الجزائر.
مشاهدة المرفق 709620
نواصل القراءة في نفس الصفحة:
المجلس الإستشاري للداي يتكون من 800 ضابط عسكري لديهم حق مراقبة الداي وتقييم سلطته إذا لم يحصل على الإجماع وهذا يسمى نظام جمهوري بأتم معنى الكلمة عكس الممالك مثل المملكة الفرنسية في ذلك الوقت التي كان فيها الملك يتمتع بالسلطة المطلقة.
بل هناك مؤرخين كانوا يفضلون تسميتها “الجمهورية الجزائرية” في مؤلفاتهم وهنا نتحدث فقط عن المراجع التي ترجع لما قبل 1830م.
كما في الصفحة 714 نجد أن جيمس الثاني ويليام الثالث، وجورج الثاني الإنجليزيين من 1686م إلى 1708م وقعوا معاهدات سلم مع “الجمهورية الجزائرية” اي مع الجزائريين وليس العثمانيين.
مشاهدة المرفق 709622
الكتاب الأول الذي يرجع لـ 1736م يحكي قصة لما اكتشف داي الجزائر ما يخططون له للإطاحة “بالجمهورية الجزائرية”
وهنا كتب مبحث كامل عن مقارنة “الجمهورية الجزائرية” بالجمهورية الفرنسية يعني الند للند مع كلمة “الجمهورية الجزائرية”.
مشاهدة المرفق 709623
وفي حالات الطوارئ والحرب هل كانت تطلب المشورة والقرار من اسطنبول أو من الدولة العثمانية؟
مشاهدة المرفق 709627
الجواب هو لا بل كان يجري استدعاء لجميع الضباط اللي عددهم أكثر من 1500 في ذلك الوقت ويخرجون بقرار جماعي وهذا موثق بكل وضوح، فموضوع هرم السلطة واستقلاليته لاغبار عليه، صحيح ان مصطلح الداي موروث عثماني تناقلته الأجيال كرتبة عليا في البلاد تعني الحاكم أو الرئيس كما ورثنا عن الفرنسيين لفظ جينيرال المنتشرة أكثر من كلمة لواء العربية،
ولو كان الداي معناه حاكم الإقليم التابع للسلطان العثماني لسمعت عن داي تونس، وداي مصر، وداي الشام ، وداي العراق ، وداي الحجاز
،ولكن الداي لا تطلق إلا على حاكم الجزائر ،فحتى الإسم مستقل والمنصب والوصول إليه مستقل وسيادي.
والآن الجزائر التي سيحكمها الداي ،هل هي محددة إقليميا وجغرافيا، هل حدودها واضحة أم أنها ضبابية؟
مشاهدة المرفق 709634
من قبل قدوم الإستعمار الفرنسي والجزائر واضحة الحدود حدها الغربي نهر ملوية، بإتساع من الشرق إلى الغرب قدره 900 ميل ،وفي بعض الخرائط 720 ميل علما أن اتساعها الحالي فقط 560 ميل، حيث أن نهر ملوية يبعد الآن 200 كلم عن الحد الجزائري ، خاصة أن الحد الشرقي بقي كما هو منذ عهد الدايات إلى اليوم على نفس الحدود، وبالتالي هذه الدولة واضحة الحدود في تلك الفترة.
نذهب الآن لإستقلالية الإقتصاد والمداخيل حيث كانت العملة تصك محليا وتحمل إسم الجزائر كما نقرأ هنا:
مشاهدة المرفق 709635
كان بالجزائر تجار وكان أكثرهم يهود ومسيحيون كان الشحن البحري من وإلى ميناء الجزائر كثير النشاط حيث أن بريطانيا لوحدها كانت تشتري من الجزائر في عصر الدايات 7 أو 8 آلاف طن قمح وشعير سنويا بالإضافة إلى الجلد والصوف والنحاس والحرير والمطروزات والملبوسات يعني لم يكن هناك أي طرف خارجي يصدق على حكومتها أوعلى شعبها،
الشعب يعمل في الفلاحة والصناعة والإنتاج، والتجار يصدرون إلى الخارج ويستوردون منه والحكومة كانت تأتيها الجزية والإتاوة من سيطرتها على البحر الأبيض المتوسط باستقلالية تامة في الإقتصاد أيضا.
مشاهدة المرفق 709636
وقد قلنا أن من شروط استقلال الدولة أن تكون عندها لغتها وهذا أفضل مثال وهو معاهدة الجزائر مع الرئيس جورج واشنطن كانت بنفس اللغة الرسمية اليوم اللغة العربية ولم تكن لا بالتركية ولا بالإنجليزية ومؤرخة بالتاريخ الهجري الإسلامي،
ونجد كمثال في الحجاز واليمن مثلا لما كانت فعلا أرض تابعة للدولة العثمانية حكما و تسييرا، كانت هناك مطبعة واحدة تنشر جريدة يومية وكانت تنشرها باللغة التركية في أرض العرب، وهذا ما يثبت تبعية تلك الإمارة للدولة العثمانية، كما رأينا هذا لم يكن ينطبق على الجزائر.
مشاهدة المرفق 709637
فأي سيادة مباشرة للدولة العثمانية كانت على الجزائريين إذا لم تكن الجزائر تابعة لها بأي شكل من الأشكال..!
بل وعلى الرغم من أن دين الجزائريين والأتراك دين واحد إلا أن الجزائريين كانوا مسلمين على مذهبهم الأصلي المختلف على مذهب الأتراك وكان لأئمتهم إستقلالية تامة في الفقه والتفسير.
مشاهدة المرفق 709639
ورغم كل هذه الدلائل على إستقلالية الدولة الجزائرية لكن لنواصل التحقيق في النقاط المتبقية.
مشاهدة المرفق 709643
قلنا من بين شروط سيادة الدولة أن تكون مستقلة في إجراء معاهدات وإتفاقيات دولية باسمها الخاص دون الرجوع لسلطة عليا.
أفضل مثال نجده وقع في القرن 18 لما تأسست الولايات المتحدة وراسلت الدول للإعتراف بها.
إعترفت بها الجزائر سنة 1795 بقرار سيادي مستقل عكس مصر التي إعترفت بها من ورقة ممضية في اسطنبول و عكس الدولة العثمانية التي إعترفت بها بعد ذلك بـ 35 سنة،
مشاهدة المرفق 709644
هنا مثلا تشتكي مذكرات الولايات المتحدة الأمريكية أن أغلى سلم إشترته في تاريخها هو سلمها مع الجزائر الذي دفعت فيه مليون دولار عام 1794م من بينها أنه اشترطت عليها الجزائر أن تصنع 36 مدفع بحري كما قال الأمريكان نصنع بأيدينا أسلحة لهؤلاء القراصنة ليستعبدوا بها النصارى.
يعني قرار الجزائريين كان مستقلا، وسيادتها بالإعتراف بالدول أو رفضها ومعاهداتها ومراسلاتها كانت مستقلة تماما.
وذكرنا أيضا أنه لتكون دولة مستقلة يجب أن يكون لها علم، هذا علم الدولة العثمانية الذي كان ثابت في حين أن الجزائر كان عندها علم مستقل يختلف تماما عنه ،يعني علم الدولة العثمانية بقي نفسه وعلم الجزائر الذي تطور عبر عدة أجيال لم يكن يوما يشبه علم الدولة العثمانية.
مشاهدة المرفق 709646
في حين لو أردنا نأخذ مثال شاهد عن دولة كانت ولاية عثمانية نرجع لمصر التي كان علمها هو علم الدولة العثمانية وهو ما يثبت أكثر استقلالية الدولة الجزائرية عن الدولة العثمانية
مشاهدة المرفق 709647
والعلم الجزائري موثق باسمه في عديد المصادر التاريخية بصفته علما للجزائر.
مشاهدة المرفق 709648
وقلنا ايضا يجب أن نتحقق بأنه كان عندها جيش مستقل ،إذن لنقرأ معا هذه العبارة:
مشاهدة المرفق 709649
قوة جيشها ترجع لقوتها البرية والبحرية، لم يقل ترجع للدعم أو تأمين من اسطنبول أو الإنكشاريين بل نعرف حتى كم كانت ثروات بالضباط والجنود في الجيش الجزائري في تلك الفترة، وكانت الرتب العسكرية في تلك فترة شائعة بمصطلحات تركية مثلا الجنرال كان إسمه آغا والكولونال كان إسمه شيا باشا، وذلك راجع لكون الجيش الإنكشاري لما جاء في عهد خير الدين وعروج بارباروس جاؤوا منظمين برتب ودرجات وتسميات خاصة بكل رتبة وهم من ساهموا في تشكيل الجيش الجزائري وتنظيمه لما طلب منهم الجزائريين مساعدتهم في التصدي للهجمات الكاثوليكية الإسبانية فتناقلت هذه الرتب بمسميات تركية.
تقريبا كل هذه المصطلحات العثمانية إختفت في وسط الجيش الجزائري ولو أنه بعض الباحثين المعاصرين يقولون أن كلمة حضرات وحدها بقيت متداولة وتقال للضباط.
العاصمة يجب أن يقيم بها الحاكم والرئيس والوزراء وتكون بها القنصليات وهذا محقق.
مذكورة بكل وضوح بأن مدينة الجزائر هي عاصمة الدولة الجزائرية.
مشاهدة المرفق 709651
مئات الكتب القديمة تحدثت عن الإتفاقيات والمراسلات التي ذكر فيها أسماء القناصلة والسفرء الجزائريين لدى الأجانب، ونعرف حتى أسماءهم بصفتهم “القنصل الجزائري” بكل وضوح وإستقلالية مثل القنصل الجزائري في مملكة مراكش الحاج عبد الكريم بن طالب المذرور في هذه القصة.
والقنصل الجزائري في إسبانيا المذكور في هذه القصة الخاصة باسترجاع السفن المحتجزة، وفي نفس الصفحة نجد ذكر القنصل الإسباني في الجزائر.
بل أنه في معاهدة 1786م بين الجزائر واسبانيا سمي القنصل بممثل الأمة الجزائرية. وفي كتاب تاريخ الجزائر نجد عبارة الأمة الجزائرية.
مشاهدة المرفق 709652
وهكذا تكون الدولة الجزائرية في العهد العثماني متوفرة تاريخيا على كل مقومات الدولة ذات السيادة الكاملة، ومن المغالطات المقصودة ما يروج له بأنه دول الجزائر الحالية تأسست بعد إستقلالها من الإستعمار الفرنسي ولأن الإستعمار الفرنسي جاء مباشرة بعد استعمار عثماني تركي بل أن العلاقة بين الجزائر والدولة العثمانية ربما تشبه كون الجزائر اليوم تحت مظلة العالم الإسلامي، العالم العربي، الإتحاد الإفريقي.
يعني تحالف مصلحة مصير مشترك لأن في ذلك الوقت كانت مظلة إسمها الدولة العثمانية معروفة جدا وشائعة وكون الجزائر محسوبة عليها بالإسم لا يعني أبدا أنها كانت ولاية تابعة لها ولو أن الدولة العثمانية بما لها وما عليها كان لها دور عظيم جدا في إيقاف الزحف الكاثوليكي على إفريقيا حين سقطت الأندلس ولا ينكره إلا مكابر وجاحد إلا أن التاريخ يثبت إستقلالية الجزائر عن هذه الدولة العثمانية.
نعم الشاي بطريقة التحضير وليس الزراعه
والانتاج للنبته
مثله مثل تحضير القهوه
بمسمياتها وجميع هذه الدول لاتنتج القهوه
الامريكانو الفرنسيه التركيه الاسبريسو الايطاليه
وهكذا
هرطقات من وحي خيال الكاتبمدينة دوقا الأثرية التونسية عاصمة النوميديين الأولى ومهد نشأتهم والشاهدة على التعدد الحضاري
تونس ـ «القدس العربي»: تقع مدينة دوقا أو دوغا أو دُقّة الأثرية التونسية، بمعتمديّة تبرسق من ولاية باجة بالشمال الغربي على بعد قرابة 100 كيلومتر من العاصمة على هضبة صخرية مرتفعة تطل على سهول خصبة مترامية ممتدة على مرمى البصر. فتطالعك وأنت في أعلى مدرجات مسرحها أو في معابدها وساحاتها العامة وحماماتها وطرقاتها ومراكز الحكم فيها أو حتى من أي بيت أثري من بيوتها أو قصورها الفخمة، بيادر القمح في فصلي الشتاء والربيع والزياتين التي تضفي على المكان سحرا وقداسة على مدار العام.
أصل التسمية
يعود أصل تسمية دُقة أو دوقا إلى الكلمة الأصلية «توغا Thugga» وتعني باللغة المحلية القديمة الجبل الصخري، باعتبار المدينة تبدو للقادم إليها عبر طريق جبلية من مدينة تبرسق مندمجة في جبلها الصخري أو هضبتها الصخرية وكأنها منحوتة فيها باعتبارها قد بنيت بحجارتها. فلون الحجارة التي تشكلت منها مباني المدينة هو ذاته لون الجبل، حتى أن المرء يحتار في أمره حول مكان الحد الفاصل بين المدينة والجبل، خاصة بعد أن تحولت المدينة إلى منطقة أثرية، فتبدو حجارة جبلية مصقولة بفعل عوامل الزمن في أحيان كثيرة كأنها بناء مهدم، وبالمقابل يبدو بناء منهار بفعل الزمن كأنه امتداد للجبل الصخري.
وقيل أيضا أن ملك جزيرة صقلية المرتبطة تاريخيا وحضاريا بالبلاد التونسية أغاثقلس كان معجبا كثيرا بمعمار مدينة دُقة وأطلق عليها تسمية «توكاي» ووصفها بأنها المدينة الجميلة التي تم إنشاؤها بحجر كبير. ويقال أيضا أن التسمية أساسها جذر لغوي نوميدي مشكل من حروف التاء والباء والجيم TBG وهو ما يشير إلى معنى الحماية باعتبار دُقة مدينة محمية بفعل موقعها وتحصيناتها.
وبالفعل فإنه يمكن اعتبار دقة مدينة محصنة كما يجب وقادرة على صد أي عدوان سواء من خلال موقعها المرتفع الذي يجعل عسسها في أبراج مراقبتها خلال العقود الغابرة قادرين على رصد أي غاز وهو قادم من مسافة بعيدة والاستعداد له كما يجب، أو من خلال وجود جرف شديد الانحدار من الجهة الشمالية الشرقية يجعل مأمورية الغزاة في الصعود إليها شديدة الصعوبة ومرهقة ومحفوفة بالمخاطر. زد على ذلك فقد قام من استوطنوا عاصمة النوميديين الأولى على مر العصور بتحصينها بالخنادق والأسوار والأبراج ومختلف أنواع التحصينات وهو ما جعل تمردها وعصيانها وانفصالها عن أي دولة قائمة أمرا غير عصي على أصحاب القرار فيها، وهو ما يفسر نشأة مملكة نوميديا في المدينة مع اقتراب نهاية عصر قرطاج وتراجع نفوذها وانحسارها وانكفائها على ذاتها.
فمدينة دُقة أو دُوقة الأثرية المسجلة منذ سنة 1997 على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» هي العاصمة الأولى لمملكة نوميديا الشمال أفريقية ومهد نشأتها ومنها تمددت باتجاه الغرب. وهي مسقط رأس ماسينيسا ملك النوميديين الذي غدر بقرطاج في آخر حروبها مع روما وما زال قبره قائما فيها إلى اليوم شاهدا على حقبة تواجدت فيها دولتان في تونس الحالية وذلك مع تراجع نفوذ قرطاج وانحسارها بعد قرابة ثمنمئة سنة من المجد والهيمنة على غرب المتوسط والمحيط الأطلسي.
تاريخ حافل
لقد نشأت نوميديا من خلال دُقة في القرن الرابع قبل الميلاد من رحم حضارة قرطاج التي نشأت في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، واستفادت نوميديا من التفوق الحضاري للقرطاجيين في كافة المجالات. ثم استفادت أيضا من تراجع نفوذ قرطاج في أواخر عهدها لتتوسع على حسابها ثم لتحل محلها نيابة عن الرومان الذين فوضوا النوميديين لنيابتهم في شمال أفريقيا خلال السنوات الأولى التي تلت سقوط قرطاج، قبل أن يقرروا حكم المنطقة مباشرة بأنفسهم ويدخلوا في صراع مع حلفائهم السابقين من النوميديين انتهى بالقضاء على الثائر النوميدي يوغرطة الذي يقع معقله، أو مائدته بقلعة سنان من ولاية الكاف التونسية.
وكدليل على خضوع مدينة دُقة لنفوذ قرطاج في بدايات تأسيسها في القرن الرابع قبل الميلاد فقد كانت فيها، وفقا لكل المصادر التاريخية القديمة، مؤسسات مدنية منتخبة، وذلك أسوة بجميع المدن التي كانت تحت سلطة قرطاج في شمال أفريقيا والممتدة من خليج سرت في ليبيا إلى طنجة المغربية. لكن نفوذ قرطاج عليها بدأ ينحسر في القرون الموالية إلى أن أصبح حكمها ملكيا وراثيا خلافا لقرطاج الجمهورية الديمقراطية واستفرد به أبناؤها من ملوك النوميديين الذين انتقلوا منها إلى عواصم أخرى.
لقد خضعت دقة رسميا للرومان سنة 46 قبل الميلاد وتحولت سنة 205 للميلاد، إلى بلدية رومانية وذلك إلى حدود سنة 439 للميلاد تاريخ سيطرة الوندال عليها بعد أن أزاحوا الرومان من شمال أفريقيا واتخذوا من مدينة قرطاج عاصمة لدولتهم قبل أن يطيح بهم بدورهم البيزنطيون سنة 533 للميلاد. وحين قدم الفتح الإسلامي إلى شمال أفريقيا ومعه الهجرات العربية لإعمار المدن القديمة والحديثة، لم يتم استيطان دُقة ويبدو أنها تحولت منذ ذلك التاريخ إلى آثار بعد أن نفر منها القادمون الجدد وصنفوها في خانة «مساكن الذين ظلموا أنفسهم».
لكن بالمقابل بقيت تبرسق وتستور من ولاية باجة المحاذيتان لدُقة عامرتين بالسكان وصولا إلى عصر الهجرات الأندلسية إلى شمال أفريقيا، حيث استوطنها من تركوا ديارهم الأندلسية خشية على أنفسهم وعلى عائلاتهم من جحيم محاكم التفتيش لملكي قشتالة والأراغون إيزابيلا وفرديناند. وبقيت دقة مدينة أثرية متكاملة وقائمة بذاتها وراسخة في أرضها ولم تفلح السنين في محوها من الوجود وفي مسح معالم حضارتها وتطورها في كافة المجالات سواء خلال العصر القرطاجي أو النوميدي أو الروماني أو الوندالي أو البيزنطي.
ذوق فني ومعماري
تمتد مدينة دُقة الأثرية على مساحة 70 هكتارا، وتتميز بكثرة معالمها التي بقيت صامدة إلى اليوم، ذلك أن إدراجها ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو سنة 1997 سببه أنها أفضل مدينة تاريخية محفوظة في شمال أفريقيا. وتعود هذه المعالم إلى حقب مختلفة، فمنها ما بني في العصر القرطاجي، ومنها ما شيده النوميديون باعتبارها مهد مملكتهم وعاصمتهم الأصلية والأولى، ومنها ما قام الرومان بإضافته وورثه الوندال والبيزنطيون الذين أضافوا إليها بدورهم وطوروا في معمارها.
ولعل أهم معالم دُوقة هو صرحها الثقافي، أي مسرحها المهيب والذي لا يقل هيبة عن مسرح قرطاج الأثري والذي تم تشييده بين سنتي 166 و169 للميلاد ويتميز بطاقة استيعابه الهامة وهو ما يؤكد ولع أغلب سكان المدينة بالأنشطة الثقافية. كما يتميز المسرح الأثري بدُقة بسعة ركحه وبإطلالته على مناظر طبيعية جميلة متمثلة بسهول ممتدة على مرمى البصر وسماء فسيحة تمنح نجومها وكذا قمرها ليلا أثناء العروض مشهدا أسطوريا مهيبا جعل من دقة لؤلؤة المدن التاريخية التونسية القديمة بامتياز.
ومن معالم دقة أيضا الحمامات الرومانية التي لم تكن مجرد أماكن للاستحمام بل نواد فيها أنشطة عديدة مثل الرياضة والمطالعة وأيضا هي مكان لعقد الصفقات التجارية. كما يوجد سوق بجانب الفوروم مورست فيه مختلف الأنشطة التجارية في مدينة مزدهرة اقتصاديا ومنفحة على محيطها وغير بعيدة عن قرطاج المنفتحة على بحار ومحيطات العالم بفعل أسطولها البحري الاستثنائي في ذلك العصر.
ومن معالم المدينة أيضا لوحات الفسيفساء أو الموزاييك الموجودة في البيوت، وهي لوحات أرضية تتضمن أشكالا هندسية جميلة وحائطية تصور الحياة اليومية لسكان دُقة في أدق تفاصيلها بالإضافة إلى مشاهد دينية وأسطورية، وتعتبر جميعها وثائق تاريخية للباحثين حول معالم الحضارة في هذه المدينة ومعتقدات أهلها. وقد تم نقل عدد من هذه اللوحات إلى المتحف الوطني بباردو أشهر المتاحف التونسية والعالمية الذي يتضمن كنوزا ونفائس لا تقدر بثمن من دقة ومن قرطاج ومن غيرها من المدن التاريخية التونسية جعلت هذا المتحف يحوز على شهرته العالمية.
تعددية سياسية ودينية
ومن معالم مدينة دُقة أيضا الساحة العمومية، وتسمى الفوروم وكانت تعقد فيها الاجتماعات العامّة لتكون على مرأى ومسمع من جميع سكان المدينة وبحضورهم. فالمدينة عرفت الديمقراطية القرطاجية خلال فترة ما من تاريخها وكانت فيها مؤسسات منتخبة تم القضاء عليها مع تأسيس مملكة نوميديا فيها، وتحول الحكم مع الأسرة النوميدية إلى ملكية وراثية فردية تم فيها جمع جميع السلطات بيد شخص واحد. ومن المؤكد أن انتخاب المؤسسات المحلية وممارسة الشأن العام خلال فترة النفوذ القرطاجي والقرنين الأخيرين من الحقبة الرومانية كان يتم في الفوروم أو الساحة العامة كفضاء بإمكانه أن يجمع أغلب سكان المدينة.
ومن المعالم الهامة أيضا معبد الكابيتول وهو معبد روماني لعبادة آلهة الرومان من الثالوث المقدس لمرحلة ما قبل تبني الإمبراطورية الرومانية للديانة المسيحية، وهذه الآلهة هي جوبيتير كبير الآلهة وجينو زوجته وكبيرة الآلهة بدورها وأكثرها نفوذا ومينارفا آلهة العقل والحكمة. كما يوجد بالمدينة معبد للإله الروماني ماركور إله التجارة والمكاسب المالية، وقد شُيد هذا المعبد حسب أغلب المصادر التاريخية في نهاية القرن الثاني وأكد تواجده أهمية الاقتصاد بالنسبة لسكان هذه المدينة خلال الحقبة الرومانية، وهي أهمية موروثة عن القرطاجيين الذين برعوا في التجارية البحرية وأسسوا لها أعرافا أصبحت قوانين في عصرنا الحالي وتدرس في كليات الحقوق.
ومن المعالم أيضا معبد الإله بعل حمون أو بعل آمون أو أشمون، وهو كبير آلهة القرطاجيين الذي حظي أيضا بقداسة النوميديين الذين تحدثوا لغة قرطاج البونيقية أو البونية واستعملوا عملاتها وكتبوا بحروفها. وتوجد أيضا آثار قرطاجية أخرى ونوميدية على غرار اللوحات التذكارية القرطاجية والقبور التي تخص القرطاجيين والنوميديين ومنها ضريح دُقة الذي يرجح على أنه للملك النوميدي ماسينيسا الذي ولد في دُقة ودفن فيها وفق أهم المراجع التاريخية ذات المصداقية.
مدينة استثنائية
إن ما تجدر الإشارة إليه أن كل ما في دُقة، هي معالم أثرية هامة، بما في ذلك أبوابها وأقواس نصرها وتحصيناتها القرطاجية والنوميدية والرومانية والوندالية والبيزنطية، وكذلك أعمدتها وقصور ومنازل سكانها الفخمة والعادية التي تدل آثارها على ذوق فني استثنائي أمكن تخيله بالاعتماد على ما بقي منها سليما من جدران وأرضيات وتخطيط هندسي. كما أن نقوشها التي تقدر بألفي نقشة وتعود إلى مختلف الحضارات، هي معالم هامة، وكذا طرقاتها وطريقة ترصيف حجارتها والطبقات التي تضمنتها والمواد المستعملة في تشييدها. فهذه المسالك هي مرجع في هندسة الطرقات باعتبارها صمدت بوجه الزمن وحافظت على صلابتها خلافا لطرقات شيدت حديثا طالها التخريب بعد مرور سنوات قليلة.
وبالتالي ليس من باب الصدفة أن يتم إدراج دُقة ضمن لائحة التراث العالمي الإنساني لمنظمة اليونسكو باعتبارها أفضل مدينة تاريخية محفوظة في شمال أفريقيا، وتتحول إلى مزار سياحي عالمي لسياح الفئة الراقية من المثقفين والباحثين والراغبين في الاستفادة من تجارب مختلف الحضارات. فالمدينة قادرة وحدها أن تروي تاريخ تونس القديم لحقبة ما قبل الإسلام بما في ذلك الحضارة القبصية المنسوبة إلى مدينة قفصة أو قبصة والتي تعتبر مهد نشأة الحضارة التونسية واستفادت منها جميع الحضارات التي عرفتها الخضراء لاحقا.
ورغم أن دُقة غير مأهولة بالسكان في الوقت الحاضر وتوقف تطورها العمراني مع الفتح الإسلامي إلا أن لديها مهرجانا فنيا دوليا يحمل إسمها يقام بمسرحها الأثري سنويا خلال فصل الصيف ويأتيه الزوار من أهالي المناطق القريبة ومن مختلف أنحاء البلاد ومن الخارج بالنظر إلى أهمية عروضه الوطنية والعربية والعالمية، وبالنظر أيضا إلى جمالية المسرح الأثري بدُقة وجمال المدينة ككل، وجمال الطبيعة المحيطة بها والفضاء المفتوح على السماوات الشاسعة والممتدة.
انت هذه استعملها مع صاحبك و كلاستك.هرطقات من وحي خيال الكاتب
سيرتا قسنطينة حاليا هي مهد و قلب و بداية نوميديا لا علاقة لا بتونس او موريتانيا بنوميديا
روح نام انت و كاتب المقال التونسي و احلم بنوميديا
نستعملها وين نحب مع انسان كذاب ميبحثش أصلا قبل ما يجي يخرط علينا هناانت هذه استعملها مع صاحبك و كلاستك.
لا دوقا ولا بوقا في وقت قرطاج كانت قائمة كانت بمحاذاتها kingdom of Numidia الجزائرية و على حدود الجزائر الحاليةمدينة دوقا الأثرية التونسية عاصمة النوميديين الأولى ومهد نشأتهم والشاهدة على التعدد الحضاري
تونس ـ «القدس العربي»: تقع مدينة دوقا أو دوغا أو دُقّة الأثرية التونسية، بمعتمديّة تبرسق من ولاية باجة بالشمال الغربي على بعد قرابة 100 كيلومتر من العاصمة على هضبة صخرية مرتفعة تطل على سهول خصبة مترامية ممتدة على مرمى البصر. فتطالعك وأنت في أعلى مدرجات مسرحها أو في معابدها وساحاتها العامة وحماماتها وطرقاتها ومراكز الحكم فيها أو حتى من أي بيت أثري من بيوتها أو قصورها الفخمة، بيادر القمح في فصلي الشتاء والربيع والزياتين التي تضفي على المكان سحرا وقداسة على مدار العام.
أصل التسمية
يعود أصل تسمية دُقة أو دوقا إلى الكلمة الأصلية «توغا Thugga» وتعني باللغة المحلية القديمة الجبل الصخري، باعتبار المدينة تبدو للقادم إليها عبر طريق جبلية من مدينة تبرسق مندمجة في جبلها الصخري أو هضبتها الصخرية وكأنها منحوتة فيها باعتبارها قد بنيت بحجارتها. فلون الحجارة التي تشكلت منها مباني المدينة هو ذاته لون الجبل، حتى أن المرء يحتار في أمره حول مكان الحد الفاصل بين المدينة والجبل، خاصة بعد أن تحولت المدينة إلى منطقة أثرية، فتبدو حجارة جبلية مصقولة بفعل عوامل الزمن في أحيان كثيرة كأنها بناء مهدم، وبالمقابل يبدو بناء منهار بفعل الزمن كأنه امتداد للجبل الصخري.
وقيل أيضا أن ملك جزيرة صقلية المرتبطة تاريخيا وحضاريا بالبلاد التونسية أغاثقلس كان معجبا كثيرا بمعمار مدينة دُقة وأطلق عليها تسمية «توكاي» ووصفها بأنها المدينة الجميلة التي تم إنشاؤها بحجر كبير. ويقال أيضا أن التسمية أساسها جذر لغوي نوميدي مشكل من حروف التاء والباء والجيم TBG وهو ما يشير إلى معنى الحماية باعتبار دُقة مدينة محمية بفعل موقعها وتحصيناتها.
وبالفعل فإنه يمكن اعتبار دقة مدينة محصنة كما يجب وقادرة على صد أي عدوان سواء من خلال موقعها المرتفع الذي يجعل عسسها في أبراج مراقبتها خلال العقود الغابرة قادرين على رصد أي غاز وهو قادم من مسافة بعيدة والاستعداد له كما يجب، أو من خلال وجود جرف شديد الانحدار من الجهة الشمالية الشرقية يجعل مأمورية الغزاة في الصعود إليها شديدة الصعوبة ومرهقة ومحفوفة بالمخاطر. زد على ذلك فقد قام من استوطنوا عاصمة النوميديين الأولى على مر العصور بتحصينها بالخنادق والأسوار والأبراج ومختلف أنواع التحصينات وهو ما جعل تمردها وعصيانها وانفصالها عن أي دولة قائمة أمرا غير عصي على أصحاب القرار فيها، وهو ما يفسر نشأة مملكة نوميديا في المدينة مع اقتراب نهاية عصر قرطاج وتراجع نفوذها وانحسارها وانكفائها على ذاتها.
فمدينة دُقة أو دُوقة الأثرية المسجلة منذ سنة 1997 على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» هي العاصمة الأولى لمملكة نوميديا الشمال أفريقية ومهد نشأتها ومنها تمددت باتجاه الغرب. وهي مسقط رأس ماسينيسا ملك النوميديين الذي غدر بقرطاج في آخر حروبها مع روما وما زال قبره قائما فيها إلى اليوم شاهدا على حقبة تواجدت فيها دولتان في تونس الحالية وذلك مع تراجع نفوذ قرطاج وانحسارها بعد قرابة ثمنمئة سنة من المجد والهيمنة على غرب المتوسط والمحيط الأطلسي.
تاريخ حافل
لقد نشأت نوميديا من خلال دُقة في القرن الرابع قبل الميلاد من رحم حضارة قرطاج التي نشأت في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، واستفادت نوميديا من التفوق الحضاري للقرطاجيين في كافة المجالات. ثم استفادت أيضا من تراجع نفوذ قرطاج في أواخر عهدها لتتوسع على حسابها ثم لتحل محلها نيابة عن الرومان الذين فوضوا النوميديين لنيابتهم في شمال أفريقيا خلال السنوات الأولى التي تلت سقوط قرطاج، قبل أن يقرروا حكم المنطقة مباشرة بأنفسهم ويدخلوا في صراع مع حلفائهم السابقين من النوميديين انتهى بالقضاء على الثائر النوميدي يوغرطة الذي يقع معقله، أو مائدته بقلعة سنان من ولاية الكاف التونسية.
وكدليل على خضوع مدينة دُقة لنفوذ قرطاج في بدايات تأسيسها في القرن الرابع قبل الميلاد فقد كانت فيها، وفقا لكل المصادر التاريخية القديمة، مؤسسات مدنية منتخبة، وذلك أسوة بجميع المدن التي كانت تحت سلطة قرطاج في شمال أفريقيا والممتدة من خليج سرت في ليبيا إلى طنجة المغربية. لكن نفوذ قرطاج عليها بدأ ينحسر في القرون الموالية إلى أن أصبح حكمها ملكيا وراثيا خلافا لقرطاج الجمهورية الديمقراطية واستفرد به أبناؤها من ملوك النوميديين الذين انتقلوا منها إلى عواصم أخرى.
لقد خضعت دقة رسميا للرومان سنة 46 قبل الميلاد وتحولت سنة 205 للميلاد، إلى بلدية رومانية وذلك إلى حدود سنة 439 للميلاد تاريخ سيطرة الوندال عليها بعد أن أزاحوا الرومان من شمال أفريقيا واتخذوا من مدينة قرطاج عاصمة لدولتهم قبل أن يطيح بهم بدورهم البيزنطيون سنة 533 للميلاد. وحين قدم الفتح الإسلامي إلى شمال أفريقيا ومعه الهجرات العربية لإعمار المدن القديمة والحديثة، لم يتم استيطان دُقة ويبدو أنها تحولت منذ ذلك التاريخ إلى آثار بعد أن نفر منها القادمون الجدد وصنفوها في خانة «مساكن الذين ظلموا أنفسهم».
لكن بالمقابل بقيت تبرسق وتستور من ولاية باجة المحاذيتان لدُقة عامرتين بالسكان وصولا إلى عصر الهجرات الأندلسية إلى شمال أفريقيا، حيث استوطنها من تركوا ديارهم الأندلسية خشية على أنفسهم وعلى عائلاتهم من جحيم محاكم التفتيش لملكي قشتالة والأراغون إيزابيلا وفرديناند. وبقيت دقة مدينة أثرية متكاملة وقائمة بذاتها وراسخة في أرضها ولم تفلح السنين في محوها من الوجود وفي مسح معالم حضارتها وتطورها في كافة المجالات سواء خلال العصر القرطاجي أو النوميدي أو الروماني أو الوندالي أو البيزنطي.
ذوق فني ومعماري
تمتد مدينة دُقة الأثرية على مساحة 70 هكتارا، وتتميز بكثرة معالمها التي بقيت صامدة إلى اليوم، ذلك أن إدراجها ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو سنة 1997 سببه أنها أفضل مدينة تاريخية محفوظة في شمال أفريقيا. وتعود هذه المعالم إلى حقب مختلفة، فمنها ما بني في العصر القرطاجي، ومنها ما شيده النوميديون باعتبارها مهد مملكتهم وعاصمتهم الأصلية والأولى، ومنها ما قام الرومان بإضافته وورثه الوندال والبيزنطيون الذين أضافوا إليها بدورهم وطوروا في معمارها.
ولعل أهم معالم دُوقة هو صرحها الثقافي، أي مسرحها المهيب والذي لا يقل هيبة عن مسرح قرطاج الأثري والذي تم تشييده بين سنتي 166 و169 للميلاد ويتميز بطاقة استيعابه الهامة وهو ما يؤكد ولع أغلب سكان المدينة بالأنشطة الثقافية. كما يتميز المسرح الأثري بدُقة بسعة ركحه وبإطلالته على مناظر طبيعية جميلة متمثلة بسهول ممتدة على مرمى البصر وسماء فسيحة تمنح نجومها وكذا قمرها ليلا أثناء العروض مشهدا أسطوريا مهيبا جعل من دقة لؤلؤة المدن التاريخية التونسية القديمة بامتياز.
ومن معالم دقة أيضا الحمامات الرومانية التي لم تكن مجرد أماكن للاستحمام بل نواد فيها أنشطة عديدة مثل الرياضة والمطالعة وأيضا هي مكان لعقد الصفقات التجارية. كما يوجد سوق بجانب الفوروم مورست فيه مختلف الأنشطة التجارية في مدينة مزدهرة اقتصاديا ومنفحة على محيطها وغير بعيدة عن قرطاج المنفتحة على بحار ومحيطات العالم بفعل أسطولها البحري الاستثنائي في ذلك العصر.
ومن معالم المدينة أيضا لوحات الفسيفساء أو الموزاييك الموجودة في البيوت، وهي لوحات أرضية تتضمن أشكالا هندسية جميلة وحائطية تصور الحياة اليومية لسكان دُقة في أدق تفاصيلها بالإضافة إلى مشاهد دينية وأسطورية، وتعتبر جميعها وثائق تاريخية للباحثين حول معالم الحضارة في هذه المدينة ومعتقدات أهلها. وقد تم نقل عدد من هذه اللوحات إلى المتحف الوطني بباردو أشهر المتاحف التونسية والعالمية الذي يتضمن كنوزا ونفائس لا تقدر بثمن من دقة ومن قرطاج ومن غيرها من المدن التاريخية التونسية جعلت هذا المتحف يحوز على شهرته العالمية.
تعددية سياسية ودينية
ومن معالم مدينة دُقة أيضا الساحة العمومية، وتسمى الفوروم وكانت تعقد فيها الاجتماعات العامّة لتكون على مرأى ومسمع من جميع سكان المدينة وبحضورهم. فالمدينة عرفت الديمقراطية القرطاجية خلال فترة ما من تاريخها وكانت فيها مؤسسات منتخبة تم القضاء عليها مع تأسيس مملكة نوميديا فيها، وتحول الحكم مع الأسرة النوميدية إلى ملكية وراثية فردية تم فيها جمع جميع السلطات بيد شخص واحد. ومن المؤكد أن انتخاب المؤسسات المحلية وممارسة الشأن العام خلال فترة النفوذ القرطاجي والقرنين الأخيرين من الحقبة الرومانية كان يتم في الفوروم أو الساحة العامة كفضاء بإمكانه أن يجمع أغلب سكان المدينة.
ومن المعالم الهامة أيضا معبد الكابيتول وهو معبد روماني لعبادة آلهة الرومان من الثالوث المقدس لمرحلة ما قبل تبني الإمبراطورية الرومانية للديانة المسيحية، وهذه الآلهة هي جوبيتير كبير الآلهة وجينو زوجته وكبيرة الآلهة بدورها وأكثرها نفوذا ومينارفا آلهة العقل والحكمة. كما يوجد بالمدينة معبد للإله الروماني ماركور إله التجارة والمكاسب المالية، وقد شُيد هذا المعبد حسب أغلب المصادر التاريخية في نهاية القرن الثاني وأكد تواجده أهمية الاقتصاد بالنسبة لسكان هذه المدينة خلال الحقبة الرومانية، وهي أهمية موروثة عن القرطاجيين الذين برعوا في التجارية البحرية وأسسوا لها أعرافا أصبحت قوانين في عصرنا الحالي وتدرس في كليات الحقوق.
ومن المعالم أيضا معبد الإله بعل حمون أو بعل آمون أو أشمون، وهو كبير آلهة القرطاجيين الذي حظي أيضا بقداسة النوميديين الذين تحدثوا لغة قرطاج البونيقية أو البونية واستعملوا عملاتها وكتبوا بحروفها. وتوجد أيضا آثار قرطاجية أخرى ونوميدية على غرار اللوحات التذكارية القرطاجية والقبور التي تخص القرطاجيين والنوميديين ومنها ضريح دُقة الذي يرجح على أنه للملك النوميدي ماسينيسا الذي ولد في دُقة ودفن فيها وفق أهم المراجع التاريخية ذات المصداقية.
مدينة استثنائية
إن ما تجدر الإشارة إليه أن كل ما في دُقة، هي معالم أثرية هامة، بما في ذلك أبوابها وأقواس نصرها وتحصيناتها القرطاجية والنوميدية والرومانية والوندالية والبيزنطية، وكذلك أعمدتها وقصور ومنازل سكانها الفخمة والعادية التي تدل آثارها على ذوق فني استثنائي أمكن تخيله بالاعتماد على ما بقي منها سليما من جدران وأرضيات وتخطيط هندسي. كما أن نقوشها التي تقدر بألفي نقشة وتعود إلى مختلف الحضارات، هي معالم هامة، وكذا طرقاتها وطريقة ترصيف حجارتها والطبقات التي تضمنتها والمواد المستعملة في تشييدها. فهذه المسالك هي مرجع في هندسة الطرقات باعتبارها صمدت بوجه الزمن وحافظت على صلابتها خلافا لطرقات شيدت حديثا طالها التخريب بعد مرور سنوات قليلة.
وبالتالي ليس من باب الصدفة أن يتم إدراج دُقة ضمن لائحة التراث العالمي الإنساني لمنظمة اليونسكو باعتبارها أفضل مدينة تاريخية محفوظة في شمال أفريقيا، وتتحول إلى مزار سياحي عالمي لسياح الفئة الراقية من المثقفين والباحثين والراغبين في الاستفادة من تجارب مختلف الحضارات. فالمدينة قادرة وحدها أن تروي تاريخ تونس القديم لحقبة ما قبل الإسلام بما في ذلك الحضارة القبصية المنسوبة إلى مدينة قفصة أو قبصة والتي تعتبر مهد نشأة الحضارة التونسية واستفادت منها جميع الحضارات التي عرفتها الخضراء لاحقا.
ورغم أن دُقة غير مأهولة بالسكان في الوقت الحاضر وتوقف تطورها العمراني مع الفتح الإسلامي إلا أن لديها مهرجانا فنيا دوليا يحمل إسمها يقام بمسرحها الأثري سنويا خلال فصل الصيف ويأتيه الزوار من أهالي المناطق القريبة ومن مختلف أنحاء البلاد ومن الخارج بالنظر إلى أهمية عروضه الوطنية والعربية والعالمية، وبالنظر أيضا إلى جمالية المسرح الأثري بدُقة وجمال المدينة ككل، وجمال الطبيعة المحيطة بها والفضاء المفتوح على السماوات الشاسعة والممتدة.
اين وجدت هذا الخرطيمدينة دوقا الأثرية التونسية عاصمة النوميديين الأولى ومهد نشأتهم والشاهدة على التعدد الحضاري
تونس ـ «القدس العربي»: تقع مدينة دوقا أو دوغا أو دُقّة الأثرية التونسية، بمعتمديّة تبرسق من ولاية باجة بالشمال الغربي على بعد قرابة 100 كيلومتر من العاصمة على هضبة صخرية مرتفعة تطل على سهول خصبة مترامية ممتدة على مرمى البصر. فتطالعك وأنت في أعلى مدرجات مسرحها أو في معابدها وساحاتها العامة وحماماتها وطرقاتها ومراكز الحكم فيها أو حتى من أي بيت أثري من بيوتها أو قصورها الفخمة، بيادر القمح في فصلي الشتاء والربيع والزياتين التي تضفي على المكان سحرا وقداسة على مدار العام.
أصل التسمية
يعود أصل تسمية دُقة أو دوقا إلى الكلمة الأصلية «توغا Thugga» وتعني باللغة المحلية القديمة الجبل الصخري، باعتبار المدينة تبدو للقادم إليها عبر طريق جبلية من مدينة تبرسق مندمجة في جبلها الصخري أو هضبتها الصخرية وكأنها منحوتة فيها باعتبارها قد بنيت بحجارتها. فلون الحجارة التي تشكلت منها مباني المدينة هو ذاته لون الجبل، حتى أن المرء يحتار في أمره حول مكان الحد الفاصل بين المدينة والجبل، خاصة بعد أن تحولت المدينة إلى منطقة أثرية، فتبدو حجارة جبلية مصقولة بفعل عوامل الزمن في أحيان كثيرة كأنها بناء مهدم، وبالمقابل يبدو بناء منهار بفعل الزمن كأنه امتداد للجبل الصخري.
وقيل أيضا أن ملك جزيرة صقلية المرتبطة تاريخيا وحضاريا بالبلاد التونسية أغاثقلس كان معجبا كثيرا بمعمار مدينة دُقة وأطلق عليها تسمية «توكاي» ووصفها بأنها المدينة الجميلة التي تم إنشاؤها بحجر كبير. ويقال أيضا أن التسمية أساسها جذر لغوي نوميدي مشكل من حروف التاء والباء والجيم TBG وهو ما يشير إلى معنى الحماية باعتبار دُقة مدينة محمية بفعل موقعها وتحصيناتها.
وبالفعل فإنه يمكن اعتبار دقة مدينة محصنة كما يجب وقادرة على صد أي عدوان سواء من خلال موقعها المرتفع الذي يجعل عسسها في أبراج مراقبتها خلال العقود الغابرة قادرين على رصد أي غاز وهو قادم من مسافة بعيدة والاستعداد له كما يجب، أو من خلال وجود جرف شديد الانحدار من الجهة الشمالية الشرقية يجعل مأمورية الغزاة في الصعود إليها شديدة الصعوبة ومرهقة ومحفوفة بالمخاطر. زد على ذلك فقد قام من استوطنوا عاصمة النوميديين الأولى على مر العصور بتحصينها بالخنادق والأسوار والأبراج ومختلف أنواع التحصينات وهو ما جعل تمردها وعصيانها وانفصالها عن أي دولة قائمة أمرا غير عصي على أصحاب القرار فيها، وهو ما يفسر نشأة مملكة نوميديا في المدينة مع اقتراب نهاية عصر قرطاج وتراجع نفوذها وانحسارها وانكفائها على ذاتها.
فمدينة دُقة أو دُوقة الأثرية المسجلة منذ سنة 1997 على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» هي العاصمة الأولى لمملكة نوميديا الشمال أفريقية ومهد نشأتها ومنها تمددت باتجاه الغرب. وهي مسقط رأس ماسينيسا ملك النوميديين الذي غدر بقرطاج في آخر حروبها مع روما وما زال قبره قائما فيها إلى اليوم شاهدا على حقبة تواجدت فيها دولتان في تونس الحالية وذلك مع تراجع نفوذ قرطاج وانحسارها بعد قرابة ثمنمئة سنة من المجد والهيمنة على غرب المتوسط والمحيط الأطلسي.
تاريخ حافل
لقد نشأت نوميديا من خلال دُقة في القرن الرابع قبل الميلاد من رحم حضارة قرطاج التي نشأت في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، واستفادت نوميديا من التفوق الحضاري للقرطاجيين في كافة المجالات. ثم استفادت أيضا من تراجع نفوذ قرطاج في أواخر عهدها لتتوسع على حسابها ثم لتحل محلها نيابة عن الرومان الذين فوضوا النوميديين لنيابتهم في شمال أفريقيا خلال السنوات الأولى التي تلت سقوط قرطاج، قبل أن يقرروا حكم المنطقة مباشرة بأنفسهم ويدخلوا في صراع مع حلفائهم السابقين من النوميديين انتهى بالقضاء على الثائر النوميدي يوغرطة الذي يقع معقله، أو مائدته بقلعة سنان من ولاية الكاف التونسية.
وكدليل على خضوع مدينة دُقة لنفوذ قرطاج في بدايات تأسيسها في القرن الرابع قبل الميلاد فقد كانت فيها، وفقا لكل المصادر التاريخية القديمة، مؤسسات مدنية منتخبة، وذلك أسوة بجميع المدن التي كانت تحت سلطة قرطاج في شمال أفريقيا والممتدة من خليج سرت في ليبيا إلى طنجة المغربية. لكن نفوذ قرطاج عليها بدأ ينحسر في القرون الموالية إلى أن أصبح حكمها ملكيا وراثيا خلافا لقرطاج الجمهورية الديمقراطية واستفرد به أبناؤها من ملوك النوميديين الذين انتقلوا منها إلى عواصم أخرى.
لقد خضعت دقة رسميا للرومان سنة 46 قبل الميلاد وتحولت سنة 205 للميلاد، إلى بلدية رومانية وذلك إلى حدود سنة 439 للميلاد تاريخ سيطرة الوندال عليها بعد أن أزاحوا الرومان من شمال أفريقيا واتخذوا من مدينة قرطاج عاصمة لدولتهم قبل أن يطيح بهم بدورهم البيزنطيون سنة 533 للميلاد. وحين قدم الفتح الإسلامي إلى شمال أفريقيا ومعه الهجرات العربية لإعمار المدن القديمة والحديثة، لم يتم استيطان دُقة ويبدو أنها تحولت منذ ذلك التاريخ إلى آثار بعد أن نفر منها القادمون الجدد وصنفوها في خانة «مساكن الذين ظلموا أنفسهم».
لكن بالمقابل بقيت تبرسق وتستور من ولاية باجة المحاذيتان لدُقة عامرتين بالسكان وصولا إلى عصر الهجرات الأندلسية إلى شمال أفريقيا، حيث استوطنها من تركوا ديارهم الأندلسية خشية على أنفسهم وعلى عائلاتهم من جحيم محاكم التفتيش لملكي قشتالة والأراغون إيزابيلا وفرديناند. وبقيت دقة مدينة أثرية متكاملة وقائمة بذاتها وراسخة في أرضها ولم تفلح السنين في محوها من الوجود وفي مسح معالم حضارتها وتطورها في كافة المجالات سواء خلال العصر القرطاجي أو النوميدي أو الروماني أو الوندالي أو البيزنطي.
ذوق فني ومعماري
تمتد مدينة دُقة الأثرية على مساحة 70 هكتارا، وتتميز بكثرة معالمها التي بقيت صامدة إلى اليوم، ذلك أن إدراجها ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو سنة 1997 سببه أنها أفضل مدينة تاريخية محفوظة في شمال أفريقيا. وتعود هذه المعالم إلى حقب مختلفة، فمنها ما بني في العصر القرطاجي، ومنها ما شيده النوميديون باعتبارها مهد مملكتهم وعاصمتهم الأصلية والأولى، ومنها ما قام الرومان بإضافته وورثه الوندال والبيزنطيون الذين أضافوا إليها بدورهم وطوروا في معمارها.
ولعل أهم معالم دُوقة هو صرحها الثقافي، أي مسرحها المهيب والذي لا يقل هيبة عن مسرح قرطاج الأثري والذي تم تشييده بين سنتي 166 و169 للميلاد ويتميز بطاقة استيعابه الهامة وهو ما يؤكد ولع أغلب سكان المدينة بالأنشطة الثقافية. كما يتميز المسرح الأثري بدُقة بسعة ركحه وبإطلالته على مناظر طبيعية جميلة متمثلة بسهول ممتدة على مرمى البصر وسماء فسيحة تمنح نجومها وكذا قمرها ليلا أثناء العروض مشهدا أسطوريا مهيبا جعل من دقة لؤلؤة المدن التاريخية التونسية القديمة بامتياز.
ومن معالم دقة أيضا الحمامات الرومانية التي لم تكن مجرد أماكن للاستحمام بل نواد فيها أنشطة عديدة مثل الرياضة والمطالعة وأيضا هي مكان لعقد الصفقات التجارية. كما يوجد سوق بجانب الفوروم مورست فيه مختلف الأنشطة التجارية في مدينة مزدهرة اقتصاديا ومنفحة على محيطها وغير بعيدة عن قرطاج المنفتحة على بحار ومحيطات العالم بفعل أسطولها البحري الاستثنائي في ذلك العصر.
ومن معالم المدينة أيضا لوحات الفسيفساء أو الموزاييك الموجودة في البيوت، وهي لوحات أرضية تتضمن أشكالا هندسية جميلة وحائطية تصور الحياة اليومية لسكان دُقة في أدق تفاصيلها بالإضافة إلى مشاهد دينية وأسطورية، وتعتبر جميعها وثائق تاريخية للباحثين حول معالم الحضارة في هذه المدينة ومعتقدات أهلها. وقد تم نقل عدد من هذه اللوحات إلى المتحف الوطني بباردو أشهر المتاحف التونسية والعالمية الذي يتضمن كنوزا ونفائس لا تقدر بثمن من دقة ومن قرطاج ومن غيرها من المدن التاريخية التونسية جعلت هذا المتحف يحوز على شهرته العالمية.
تعددية سياسية ودينية
ومن معالم مدينة دُقة أيضا الساحة العمومية، وتسمى الفوروم وكانت تعقد فيها الاجتماعات العامّة لتكون على مرأى ومسمع من جميع سكان المدينة وبحضورهم. فالمدينة عرفت الديمقراطية القرطاجية خلال فترة ما من تاريخها وكانت فيها مؤسسات منتخبة تم القضاء عليها مع تأسيس مملكة نوميديا فيها، وتحول الحكم مع الأسرة النوميدية إلى ملكية وراثية فردية تم فيها جمع جميع السلطات بيد شخص واحد. ومن المؤكد أن انتخاب المؤسسات المحلية وممارسة الشأن العام خلال فترة النفوذ القرطاجي والقرنين الأخيرين من الحقبة الرومانية كان يتم في الفوروم أو الساحة العامة كفضاء بإمكانه أن يجمع أغلب سكان المدينة.
ومن المعالم الهامة أيضا معبد الكابيتول وهو معبد روماني لعبادة آلهة الرومان من الثالوث المقدس لمرحلة ما قبل تبني الإمبراطورية الرومانية للديانة المسيحية، وهذه الآلهة هي جوبيتير كبير الآلهة وجينو زوجته وكبيرة الآلهة بدورها وأكثرها نفوذا ومينارفا آلهة العقل والحكمة. كما يوجد بالمدينة معبد للإله الروماني ماركور إله التجارة والمكاسب المالية، وقد شُيد هذا المعبد حسب أغلب المصادر التاريخية في نهاية القرن الثاني وأكد تواجده أهمية الاقتصاد بالنسبة لسكان هذه المدينة خلال الحقبة الرومانية، وهي أهمية موروثة عن القرطاجيين الذين برعوا في التجارية البحرية وأسسوا لها أعرافا أصبحت قوانين في عصرنا الحالي وتدرس في كليات الحقوق.
ومن المعالم أيضا معبد الإله بعل حمون أو بعل آمون أو أشمون، وهو كبير آلهة القرطاجيين الذي حظي أيضا بقداسة النوميديين الذين تحدثوا لغة قرطاج البونيقية أو البونية واستعملوا عملاتها وكتبوا بحروفها. وتوجد أيضا آثار قرطاجية أخرى ونوميدية على غرار اللوحات التذكارية القرطاجية والقبور التي تخص القرطاجيين والنوميديين ومنها ضريح دُقة الذي يرجح على أنه للملك النوميدي ماسينيسا الذي ولد في دُقة ودفن فيها وفق أهم المراجع التاريخية ذات المصداقية.
مدينة استثنائية
إن ما تجدر الإشارة إليه أن كل ما في دُقة، هي معالم أثرية هامة، بما في ذلك أبوابها وأقواس نصرها وتحصيناتها القرطاجية والنوميدية والرومانية والوندالية والبيزنطية، وكذلك أعمدتها وقصور ومنازل سكانها الفخمة والعادية التي تدل آثارها على ذوق فني استثنائي أمكن تخيله بالاعتماد على ما بقي منها سليما من جدران وأرضيات وتخطيط هندسي. كما أن نقوشها التي تقدر بألفي نقشة وتعود إلى مختلف الحضارات، هي معالم هامة، وكذا طرقاتها وطريقة ترصيف حجارتها والطبقات التي تضمنتها والمواد المستعملة في تشييدها. فهذه المسالك هي مرجع في هندسة الطرقات باعتبارها صمدت بوجه الزمن وحافظت على صلابتها خلافا لطرقات شيدت حديثا طالها التخريب بعد مرور سنوات قليلة.
وبالتالي ليس من باب الصدفة أن يتم إدراج دُقة ضمن لائحة التراث العالمي الإنساني لمنظمة اليونسكو باعتبارها أفضل مدينة تاريخية محفوظة في شمال أفريقيا، وتتحول إلى مزار سياحي عالمي لسياح الفئة الراقية من المثقفين والباحثين والراغبين في الاستفادة من تجارب مختلف الحضارات. فالمدينة قادرة وحدها أن تروي تاريخ تونس القديم لحقبة ما قبل الإسلام بما في ذلك الحضارة القبصية المنسوبة إلى مدينة قفصة أو قبصة والتي تعتبر مهد نشأة الحضارة التونسية واستفادت منها جميع الحضارات التي عرفتها الخضراء لاحقا.
ورغم أن دُقة غير مأهولة بالسكان في الوقت الحاضر وتوقف تطورها العمراني مع الفتح الإسلامي إلا أن لديها مهرجانا فنيا دوليا يحمل إسمها يقام بمسرحها الأثري سنويا خلال فصل الصيف ويأتيه الزوار من أهالي المناطق القريبة ومن مختلف أنحاء البلاد ومن الخارج بالنظر إلى أهمية عروضه الوطنية والعربية والعالمية، وبالنظر أيضا إلى جمالية المسرح الأثري بدُقة وجمال المدينة ككل، وجمال الطبيعة المحيطة بها والفضاء المفتوح على السماوات الشاسعة والممتدة.
فركرتني في نكتة حول بوتفليقة اخرا وين حبيتنستعملها وين نحب مع انسان كذاب ميبحثش أصلا قبل ما يجي يخرط علينا هنا
يعني مخلي آلاف المصادر الاجنبية و المحلية و جايبلي مقال كاتبو تونسي هاذي كامل باش يثبت بلي نوميديا تونسية و بدات من تونس
من معمارها تعرف أنها مجرد مدينة رومانية لا علاقة لها بنوميديامدينة دوقا الأثرية التونسية عاصمة النوميديين الأولى ومهد نشأتهم والشاهدة على التعدد الحضاري
تونس ـ «القدس العربي»: تقع مدينة دوقا أو دوغا أو دُقّة الأثرية التونسية، بمعتمديّة تبرسق من ولاية باجة بالشمال الغربي على بعد قرابة 100 كيلومتر من العاصمة على هضبة صخرية مرتفعة تطل على سهول خصبة مترامية ممتدة على مرمى البصر. فتطالعك وأنت في أعلى مدرجات مسرحها أو في معابدها وساحاتها العامة وحماماتها وطرقاتها ومراكز الحكم فيها أو حتى من أي بيت أثري من بيوتها أو قصورها الفخمة، بيادر القمح في فصلي الشتاء والربيع والزياتين التي تضفي على المكان سحرا وقداسة على مدار العام.
أصل التسمية
يعود أصل تسمية دُقة أو دوقا إلى الكلمة الأصلية «توغا Thugga» وتعني باللغة المحلية القديمة الجبل الصخري، باعتبار المدينة تبدو للقادم إليها عبر طريق جبلية من مدينة تبرسق مندمجة في جبلها الصخري أو هضبتها الصخرية وكأنها منحوتة فيها باعتبارها قد بنيت بحجارتها. فلون الحجارة التي تشكلت منها مباني المدينة هو ذاته لون الجبل، حتى أن المرء يحتار في أمره حول مكان الحد الفاصل بين المدينة والجبل، خاصة بعد أن تحولت المدينة إلى منطقة أثرية، فتبدو حجارة جبلية مصقولة بفعل عوامل الزمن في أحيان كثيرة كأنها بناء مهدم، وبالمقابل يبدو بناء منهار بفعل الزمن كأنه امتداد للجبل الصخري.
وقيل أيضا أن ملك جزيرة صقلية المرتبطة تاريخيا وحضاريا بالبلاد التونسية أغاثقلس كان معجبا كثيرا بمعمار مدينة دُقة وأطلق عليها تسمية «توكاي» ووصفها بأنها المدينة الجميلة التي تم إنشاؤها بحجر كبير. ويقال أيضا أن التسمية أساسها جذر لغوي نوميدي مشكل من حروف التاء والباء والجيم TBG وهو ما يشير إلى معنى الحماية باعتبار دُقة مدينة محمية بفعل موقعها وتحصيناتها.
وبالفعل فإنه يمكن اعتبار دقة مدينة محصنة كما يجب وقادرة على صد أي عدوان سواء من خلال موقعها المرتفع الذي يجعل عسسها في أبراج مراقبتها خلال العقود الغابرة قادرين على رصد أي غاز وهو قادم من مسافة بعيدة والاستعداد له كما يجب، أو من خلال وجود جرف شديد الانحدار من الجهة الشمالية الشرقية يجعل مأمورية الغزاة في الصعود إليها شديدة الصعوبة ومرهقة ومحفوفة بالمخاطر. زد على ذلك فقد قام من استوطنوا عاصمة النوميديين الأولى على مر العصور بتحصينها بالخنادق والأسوار والأبراج ومختلف أنواع التحصينات وهو ما جعل تمردها وعصيانها وانفصالها عن أي دولة قائمة أمرا غير عصي على أصحاب القرار فيها، وهو ما يفسر نشأة مملكة نوميديا في المدينة مع اقتراب نهاية عصر قرطاج وتراجع نفوذها وانحسارها وانكفائها على ذاتها.
فمدينة دُقة أو دُوقة الأثرية المسجلة منذ سنة 1997 على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» هي العاصمة الأولى لمملكة نوميديا الشمال أفريقية ومهد نشأتها ومنها تمددت باتجاه الغرب. وهي مسقط رأس ماسينيسا ملك النوميديين الذي غدر بقرطاج في آخر حروبها مع روما وما زال قبره قائما فيها إلى اليوم شاهدا على حقبة تواجدت فيها دولتان في تونس الحالية وذلك مع تراجع نفوذ قرطاج وانحسارها بعد قرابة ثمنمئة سنة من المجد والهيمنة على غرب المتوسط والمحيط الأطلسي.
تاريخ حافل
لقد نشأت نوميديا من خلال دُقة في القرن الرابع قبل الميلاد من رحم حضارة قرطاج التي نشأت في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، واستفادت نوميديا من التفوق الحضاري للقرطاجيين في كافة المجالات. ثم استفادت أيضا من تراجع نفوذ قرطاج في أواخر عهدها لتتوسع على حسابها ثم لتحل محلها نيابة عن الرومان الذين فوضوا النوميديين لنيابتهم في شمال أفريقيا خلال السنوات الأولى التي تلت سقوط قرطاج، قبل أن يقرروا حكم المنطقة مباشرة بأنفسهم ويدخلوا في صراع مع حلفائهم السابقين من النوميديين انتهى بالقضاء على الثائر النوميدي يوغرطة الذي يقع معقله، أو مائدته بقلعة سنان من ولاية الكاف التونسية.
وكدليل على خضوع مدينة دُقة لنفوذ قرطاج في بدايات تأسيسها في القرن الرابع قبل الميلاد فقد كانت فيها، وفقا لكل المصادر التاريخية القديمة، مؤسسات مدنية منتخبة، وذلك أسوة بجميع المدن التي كانت تحت سلطة قرطاج في شمال أفريقيا والممتدة من خليج سرت في ليبيا إلى طنجة المغربية. لكن نفوذ قرطاج عليها بدأ ينحسر في القرون الموالية إلى أن أصبح حكمها ملكيا وراثيا خلافا لقرطاج الجمهورية الديمقراطية واستفرد به أبناؤها من ملوك النوميديين الذين انتقلوا منها إلى عواصم أخرى.
لقد خضعت دقة رسميا للرومان سنة 46 قبل الميلاد وتحولت سنة 205 للميلاد، إلى بلدية رومانية وذلك إلى حدود سنة 439 للميلاد تاريخ سيطرة الوندال عليها بعد أن أزاحوا الرومان من شمال أفريقيا واتخذوا من مدينة قرطاج عاصمة لدولتهم قبل أن يطيح بهم بدورهم البيزنطيون سنة 533 للميلاد. وحين قدم الفتح الإسلامي إلى شمال أفريقيا ومعه الهجرات العربية لإعمار المدن القديمة والحديثة، لم يتم استيطان دُقة ويبدو أنها تحولت منذ ذلك التاريخ إلى آثار بعد أن نفر منها القادمون الجدد وصنفوها في خانة «مساكن الذين ظلموا أنفسهم».
لكن بالمقابل بقيت تبرسق وتستور من ولاية باجة المحاذيتان لدُقة عامرتين بالسكان وصولا إلى عصر الهجرات الأندلسية إلى شمال أفريقيا، حيث استوطنها من تركوا ديارهم الأندلسية خشية على أنفسهم وعلى عائلاتهم من جحيم محاكم التفتيش لملكي قشتالة والأراغون إيزابيلا وفرديناند. وبقيت دقة مدينة أثرية متكاملة وقائمة بذاتها وراسخة في أرضها ولم تفلح السنين في محوها من الوجود وفي مسح معالم حضارتها وتطورها في كافة المجالات سواء خلال العصر القرطاجي أو النوميدي أو الروماني أو الوندالي أو البيزنطي.
ذوق فني ومعماري
تمتد مدينة دُقة الأثرية على مساحة 70 هكتارا، وتتميز بكثرة معالمها التي بقيت صامدة إلى اليوم، ذلك أن إدراجها ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو سنة 1997 سببه أنها أفضل مدينة تاريخية محفوظة في شمال أفريقيا. وتعود هذه المعالم إلى حقب مختلفة، فمنها ما بني في العصر القرطاجي، ومنها ما شيده النوميديون باعتبارها مهد مملكتهم وعاصمتهم الأصلية والأولى، ومنها ما قام الرومان بإضافته وورثه الوندال والبيزنطيون الذين أضافوا إليها بدورهم وطوروا في معمارها.
ولعل أهم معالم دُوقة هو صرحها الثقافي، أي مسرحها المهيب والذي لا يقل هيبة عن مسرح قرطاج الأثري والذي تم تشييده بين سنتي 166 و169 للميلاد ويتميز بطاقة استيعابه الهامة وهو ما يؤكد ولع أغلب سكان المدينة بالأنشطة الثقافية. كما يتميز المسرح الأثري بدُقة بسعة ركحه وبإطلالته على مناظر طبيعية جميلة متمثلة بسهول ممتدة على مرمى البصر وسماء فسيحة تمنح نجومها وكذا قمرها ليلا أثناء العروض مشهدا أسطوريا مهيبا جعل من دقة لؤلؤة المدن التاريخية التونسية القديمة بامتياز.
ومن معالم دقة أيضا الحمامات الرومانية التي لم تكن مجرد أماكن للاستحمام بل نواد فيها أنشطة عديدة مثل الرياضة والمطالعة وأيضا هي مكان لعقد الصفقات التجارية. كما يوجد سوق بجانب الفوروم مورست فيه مختلف الأنشطة التجارية في مدينة مزدهرة اقتصاديا ومنفحة على محيطها وغير بعيدة عن قرطاج المنفتحة على بحار ومحيطات العالم بفعل أسطولها البحري الاستثنائي في ذلك العصر.
ومن معالم المدينة أيضا لوحات الفسيفساء أو الموزاييك الموجودة في البيوت، وهي لوحات أرضية تتضمن أشكالا هندسية جميلة وحائطية تصور الحياة اليومية لسكان دُقة في أدق تفاصيلها بالإضافة إلى مشاهد دينية وأسطورية، وتعتبر جميعها وثائق تاريخية للباحثين حول معالم الحضارة في هذه المدينة ومعتقدات أهلها. وقد تم نقل عدد من هذه اللوحات إلى المتحف الوطني بباردو أشهر المتاحف التونسية والعالمية الذي يتضمن كنوزا ونفائس لا تقدر بثمن من دقة ومن قرطاج ومن غيرها من المدن التاريخية التونسية جعلت هذا المتحف يحوز على شهرته العالمية.
تعددية سياسية ودينية
ومن معالم مدينة دُقة أيضا الساحة العمومية، وتسمى الفوروم وكانت تعقد فيها الاجتماعات العامّة لتكون على مرأى ومسمع من جميع سكان المدينة وبحضورهم. فالمدينة عرفت الديمقراطية القرطاجية خلال فترة ما من تاريخها وكانت فيها مؤسسات منتخبة تم القضاء عليها مع تأسيس مملكة نوميديا فيها، وتحول الحكم مع الأسرة النوميدية إلى ملكية وراثية فردية تم فيها جمع جميع السلطات بيد شخص واحد. ومن المؤكد أن انتخاب المؤسسات المحلية وممارسة الشأن العام خلال فترة النفوذ القرطاجي والقرنين الأخيرين من الحقبة الرومانية كان يتم في الفوروم أو الساحة العامة كفضاء بإمكانه أن يجمع أغلب سكان المدينة.
ومن المعالم الهامة أيضا معبد الكابيتول وهو معبد روماني لعبادة آلهة الرومان من الثالوث المقدس لمرحلة ما قبل تبني الإمبراطورية الرومانية للديانة المسيحية، وهذه الآلهة هي جوبيتير كبير الآلهة وجينو زوجته وكبيرة الآلهة بدورها وأكثرها نفوذا ومينارفا آلهة العقل والحكمة. كما يوجد بالمدينة معبد للإله الروماني ماركور إله التجارة والمكاسب المالية، وقد شُيد هذا المعبد حسب أغلب المصادر التاريخية في نهاية القرن الثاني وأكد تواجده أهمية الاقتصاد بالنسبة لسكان هذه المدينة خلال الحقبة الرومانية، وهي أهمية موروثة عن القرطاجيين الذين برعوا في التجارية البحرية وأسسوا لها أعرافا أصبحت قوانين في عصرنا الحالي وتدرس في كليات الحقوق.
ومن المعالم أيضا معبد الإله بعل حمون أو بعل آمون أو أشمون، وهو كبير آلهة القرطاجيين الذي حظي أيضا بقداسة النوميديين الذين تحدثوا لغة قرطاج البونيقية أو البونية واستعملوا عملاتها وكتبوا بحروفها. وتوجد أيضا آثار قرطاجية أخرى ونوميدية على غرار اللوحات التذكارية القرطاجية والقبور التي تخص القرطاجيين والنوميديين ومنها ضريح دُقة الذي يرجح على أنه للملك النوميدي ماسينيسا الذي ولد في دُقة ودفن فيها وفق أهم المراجع التاريخية ذات المصداقية.
مدينة استثنائية
إن ما تجدر الإشارة إليه أن كل ما في دُقة، هي معالم أثرية هامة، بما في ذلك أبوابها وأقواس نصرها وتحصيناتها القرطاجية والنوميدية والرومانية والوندالية والبيزنطية، وكذلك أعمدتها وقصور ومنازل سكانها الفخمة والعادية التي تدل آثارها على ذوق فني استثنائي أمكن تخيله بالاعتماد على ما بقي منها سليما من جدران وأرضيات وتخطيط هندسي. كما أن نقوشها التي تقدر بألفي نقشة وتعود إلى مختلف الحضارات، هي معالم هامة، وكذا طرقاتها وطريقة ترصيف حجارتها والطبقات التي تضمنتها والمواد المستعملة في تشييدها. فهذه المسالك هي مرجع في هندسة الطرقات باعتبارها صمدت بوجه الزمن وحافظت على صلابتها خلافا لطرقات شيدت حديثا طالها التخريب بعد مرور سنوات قليلة.
وبالتالي ليس من باب الصدفة أن يتم إدراج دُقة ضمن لائحة التراث العالمي الإنساني لمنظمة اليونسكو باعتبارها أفضل مدينة تاريخية محفوظة في شمال أفريقيا، وتتحول إلى مزار سياحي عالمي لسياح الفئة الراقية من المثقفين والباحثين والراغبين في الاستفادة من تجارب مختلف الحضارات. فالمدينة قادرة وحدها أن تروي تاريخ تونس القديم لحقبة ما قبل الإسلام بما في ذلك الحضارة القبصية المنسوبة إلى مدينة قفصة أو قبصة والتي تعتبر مهد نشأة الحضارة التونسية واستفادت منها جميع الحضارات التي عرفتها الخضراء لاحقا.
ورغم أن دُقة غير مأهولة بالسكان في الوقت الحاضر وتوقف تطورها العمراني مع الفتح الإسلامي إلا أن لديها مهرجانا فنيا دوليا يحمل إسمها يقام بمسرحها الأثري سنويا خلال فصل الصيف ويأتيه الزوار من أهالي المناطق القريبة ومن مختلف أنحاء البلاد ومن الخارج بالنظر إلى أهمية عروضه الوطنية والعربية والعالمية، وبالنظر أيضا إلى جمالية المسرح الأثري بدُقة وجمال المدينة ككل، وجمال الطبيعة المحيطة بها والفضاء المفتوح على السماوات الشاسعة والممتدة.