الأسباب الميدانية لتراجع وتيرة المقاومة الفلسطينية في عزة
مقدمة:
بابا الفاتيكان سيد المسحية الأوربية، ينصح الأوكران بالتحلي بالشجاعة برفع الرايات البيضاء أمام القوات الروسية، لأنه يعلم يقيناً، أن المعركة منتهية بكل الأحوال لصالح القوات المهاجمة الروسية!
ويعلم أن القوات الغربية التي بالمرحلة الحالية ارتزاقية لن تملك ما يملكه الأوكران من عناد وشجاعة قتالية أمام الروس مع الخبرة بالتعامل مع البيئة الأوكرانية، أو حتى الحافز القتالي والمحفزات المعنوية، خاصة مع تطور الأساليب القتالية الروسية، بل وتطور آلته القتالية العسكرية.
خاصة مع عجز الناتو بتعبئة قوة كافية أوكرانية ارتدادية هجومية! فالمسعى اليوم هو حشد وتعبئة 800 ألف جندي أوكراني، يشمل ذلك تبديل القوات المنهكة بالجبهة الحالية، وذلك للتحول من جديد للحالة الهجومية لوقف المد الروسي الذي يبدو أنه سوف يأخذ بشكل متسارع حالة تصاعدية!
فعلى أرض الواقع قمة الحشد الجديد لن يتجاوز نصف مليون جندي أوكرانيا مع جهد استجلاب ما أمكن من الأوكران في أوربا الشرقية والغربية!
وفي غزة هذه العملية عكسية، مع الصهاينة! فرغم الطاقة التقنية وتفوق آلة الحرب الصهيونية، إلا أن زمام المبادرة والمحفزات المعنوية لا زالت بيد المقاومة الفلسطينية! والصهاينة اليوم بحاجة إلى 10 آلاف مقاتل محترف قومي لمعادلة الأوضاع الميدانية تفتقر لوجودها وزارة الدفاع الصهيونية، لحسم المعركة الفلسطينية!
وقبل الخوض في جوهر المقالة، علينا أن نفهم وجهة النظر الأمريكية، تجاه حل الأزمة الفلسطينية في قطاع غزة، فالدعوة الأمريكية ظاهرها سلمية، ولكن باطنها الهدف منه على المدى الطويل هو انهاء حماس من الناحية الفكرية، أو حتى الوجودية بطريقة استخباراتية!
فالبعد السياسي والاستخباراتي بالمخطط الأمريكي هو إزالة الغطاء الشعبي الفلسطيني عن حماس، وخلق نزاع سلطوي وأيدلوجي بين فصائل المقاومة الفلسطينية الإسلامية! والتي هي الآن منضوية ومتحدة بالمقاومة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والمرشح الأكبر اليوم هي حركة الجهاد الإسلامي الشيعية الفلسطينية المدعومة من إيران، وهذا الأمر قد يدعم بشدة من قبل إيران لبسط السيادة السلطوية والأيدلوجية في القطاع بالمرحلة الحالية، وفي مجمل الأراضي الفلسطينية، في حالة الموافقة على استبدال حركة فتح العلمانية بالسلطة الشيعية، كما أن هذه الحركة قد تهادن بشكل حقيقي مع الصهاينة كمهادنة حزب الله اللبناني مع إسرائيل! وجعل الخلاف والمقاومة تأخذ الشكل الصوري، وموافقة إيران على ذلك من باب توسع السيطرة الشيعية حتى داخل فلسطين بعد أن نجحت من قبل بالعراق وسوريا واللبنان وخلق جبهة ضغط جنوبية على الصهاينة، وربما تتوسع حتى الضفة الغربية الفلسطينية!
فالذئب يجمع العنم، لذلك اتجهت أمريكا لسياسة العصا والجزرة المعهودة عنها لإنهاء هذه الأزمة، فهي تعطي الأسلحة والذخائر للصهاينة من جانب بل تلقيها بالطائرات فوق الفلسطينيين بطريقة سرية! ثم تنزل المساعدات الغذائية بالجو أيضاً بطريقة علنية، أي تلعب دور الصقر أولاً ودور حمامة السلام بالمرحلة الحالية.
بل وتسعى من خلال النوايا الحسنة الظاهرية لبناء ميناء تريد أن تولي حمايته أو المشاركة بحمايته وتنظيم موارده للعشائر الفلسطينية، بمشاركة دحلان أحد قيادات حركة فتح، لخلق أول حلات الشقاق الوطني الفلسطيني!
أما أسباب تراجع وتيرة المقاومة الفلسطينية في غزة فتعزى لأسباب عدة ولكن تراكمية، السبب الأول هو نجاح الصهاينة بعملية خنق الأنفاق السطحية! أي نعم لم تدمر قوات الصهاينة إلا نسبة 20 % من الأنفاق السطحية الغزاوية وفق تسريبات المخابرات المركزية الأمريكية، ولكن تمكنت من عملية خنقها من الناحية العملية!
فقد زودت أمريكا الصهاينة بآلاف الرؤوس الاختراقية من فئة مدمرة للتحصينات من نوع BLU-109 زنة 2000 رطل المدعومة بشحنة تفجيرية تأخيريه عصفيه، جهزت بها قنابل بيف وي (الممهدة) المنزلقة على الليزر وقنابل جيدام التخطيطية، وتلك الأخيرة زودت أمريكا الصهاينة منها بكمية إضافيةـ في الآونة الأخيرة، دون العودة للكونغرس! بغرض تنفيذ ضربة خاطفة ودقيقة ربما تكون هي تلك الضربة الجوية المتزامنة للمخابئ المفترضة لوجود نائب القائد الميداني لحماس والمسؤول عن العمليات الشبحية الحالية، وأعني مروان عيسى الذي يزعم الصهاينة أنهم تمكنوا منه، دون اثبات مادي أو تأكيد لذلك من حماس.
مشكلة هذه الرؤوس المدمرة للأنفاق التخصصية، أنها كانت تضرب هذه الأنفاق بطريقة دقيقة جراحية، بمساعدة قوات كوماندوس متخصصة احترافية تابعة للمخابرات المركزية الأمريكية، بشكل يتم تعطل معه المفاصل الحركية بالإضافة لعملية تفجير فتحات الأنفاق السطحية من خلال وحدات تفجير خاصة أيضاً تخصصية.
أما الخنق الثاني لنشاط المقاومة فكان بواسطة الخنق الجوي، والذي عماده بالدرجة الأولى الدرونات المجنحة العسكرية الاستطلاعية والضاربة والكميكازية، ومن ثم الدرونات المروحية الفردية الخاصة بالمجموعات القتالية الراجلة لتفادي ما أمكن عملية الوقوع بكمائن المقاومة الفلسطينية بطريقة مستمرة وآنية.
وقد أسفر هذا الضغط الخانق الصهيوني إلى ارتفاع عدد شهداء المقاومة الفلسطينية إلى ستة آلاف شهيد! أي 10% من مجمل عموم المقاومة الفلسطينية.
وتسعى القوى الصهيونية اليوم إلى تعزيز هذا الضغط الميداني على الجبهة المقاومة بالخنق اللوجستي العسكري والخنق الغذائي الشامل لكافة الأطياف الفلسطينية لسحق الحماس الشعبي لحماس، إلا أن هذا الإجراء إلى اليوم أعطى نتيجة عكسية!
إلا أن تحول المقاومة بالكامل للحرب الشبحية النوعية وزيادة الاعتماد على العمليات الحرة المباغتة السريعة والكمائن وعمليات القنص الفردية، عقد العمليات المضادة الصهيونية، وبددها، رغم شدة تدابيرها!
وأكبر دليل على ذلك محاولة الصهاينة السرية للوصول لتسوية سلمية، أو تحويل الحرب ولو بشكل صوري إلى الجبهة الشمالية مع اللبنان، لحفظ ماء الوجه تجاه بعض التنازلات لوقف معركة غزة، والذهاب إلى الخطة لأمريكية.