عباءة الرسول الكريم تحتجب في رمضان تركيا
"بعدما لاحظ المشرفون على تخزين العباءة ما ألمَّ بطياتها، سارعوا إلى إخطار محافظة إستانبول في نوفمبر الماضي، طالبين منها سرعة مد يد المساعدة لترميمها".
إفتكار البنداري
مع فرحة الأتراك بحلول شهر رمضان الكريم اليوم الجمعة فإن أفئدتهم يحاصرها الضيق لحرمانهم هذا العام من رؤية عباءة الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي تتشرف بها إستانبول بسبب حاجتها إلى الترميم؛ فمن المعتاد أن تعرض كل رمضان أمام زوارها المشتاقين لعبق المصطفى، والمتلهفين لفيض من بركاته التي حلت عليهم مع العباءة ومقتنيات نبوية أخرى حملها إلى تركيا السلطان سليم الأول قبل أربعة قرون ونصف.
وأضيئت تركيا بالعباءة ومقتنيات نبوية أخرى في القرن السادس عشر بعد دخول الحجاز تحت السيادة العثمانية في عصر السلطان سليم الأول.
ونقلت صحيفة "زمان" التركية الخميس عن مفتي إستانبول مصطفى شاغريجي -في مؤتمر صحفي عقده خصيصا لإعلان آخر أخبار العباءة التي يسميها الأتراك "خرقة شريف"- أن الترميم سيتم في طيات العباءة الشريفة التي أصابها الضعف بسبب تخزينها في ظروف سيئة، وكذلك تعرضها للكي مرات كثيرة.
وأضاف أنه: "بعدما لاحظ المشرفون على تخزين العباءة ما ألمَّ بطياتها، سارعوا إلى إخطار محافظة إستانبول في نوفمبر الماضي، طالبين منها سرعة مد يد المساعدة لترميمها".
وفي إشارة لسبب تأخر عملية الترميم طوال الشهور الماضية قال المفتي: "لعظمة العباءة ومكانتها الجليلة في نفوسنا فإننا لن نعهد بترميمها إلى أحد سوى من نثق في قدرته على إصلاحها دون المس بقيمتها الأثرية، ووجدنا أنها بحاجة إلى خبير متخصص بشكل دقيق، ويمتلك مهارة فائقة للاضطلاع بهذه المهمة الكبيرة، وللأسف فإن هذا الخبير غير موجود في تركيا، وجار الاتصال بخبراء أجانب لاختيار الشخص المناسب، على أن تكون جاهزة للعرض أمام الجماهير -إن شاء الله- في رمضان 2010".
وهدَّأ المفتي من ورع مسلمي البلاد الذين يفخرون بوجود العباءة بينهم، مؤكدا أن العباءة رغم ذلك هي "في حالة جيدة؛ فالمناطق التي تحتاج لإصلاح فيها لم يصبها الضعف بسبب انتهاء عمر العباءة، ولكن بسبب ظروف تتعلق بدرجة الحرارة والرطوبة والإضاءة الموجودة في الجناح المحفوظة فيه العباءة"، لافتا إلى أن الخبراء سوف "يعملون على تحسين ظروف حفظها".
ومن العادات الشهيرة عند الأتراك في الشهر المعظم توافدهم من كل أنحاء الدولة لزيارة جامع الخرقة الشريفة، المسمى باسم العباءة، بحي الفاتح في إستانبول، والمحفوظة بداخله في جناح مميز، وهذا الجناح لا يفتح إلا في النصف الثاني من شهر رمضان، للمساهمة في التعبئة الإيمانية التي يفيض بها الشهر الكريم في هذه الأيام؛ حيث يتوافد إليها الحشود الغفيرة كل يوم لإلقاء نظرة.
وأضاءت تركيا بنور هذه العباءة ومقتنيات نبوية أخرى على يد السلطان العثماني سليم الأول في القرن السادس عشر الميلادي، وذلك أنه عندما ضم مصر في عام 1517 بعث أمير مكة الشريف بركات بوفد يعلن فيه قبوله دخول الحجاز تحت السيادة العثمانية، ولتأكيد ذلك أرسل معه هدايا للسلطان تعود معظمها للرسول -صلى الله عليه وسلم- منها عباءته المشرفة التي يسميها الأتراك "خرقة شريف"، وسجادة صلاة، والبيرق النبوي -أي العلم النبوي- وقوس وسهم وحدوة فرس، وسن من أسنانه، وشعيرات من لحيته، وحجر يحمل أثر قدمه صلى الله عليه وسلم.
كما حمل السلطان العثماني معه من هدايا الحجاز الثمينة بعض مفاتيح الكعبة ونسختين من القرآن الكريم يقال إنهما كانتا للخليفتين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، ويحفظ الأتراك هذه الهدايا تحت اسم "أمانات مقدسة" في قصر توب كابي "الباب العالي" بحي الفاتح في إستانبول.
تعديل ظروف التخزين
ولفت مفتي إستانبول إلى أن من الأخطاء التي تسببت فيما ألم بالعباءة هو حفظها مطوية "وهو ما كان له أكبر الأثر فيما حل بها من ضعف"، وتعهد بأنه في المستقبل لن يتم عرض العباءة إلا وهي مفرودة، وفي مستويات من الحرارة والرطوبة والإضاءة المعدلة وفق أفضل المعايير لحفظها، وستخضع لمراقبة دائمة لتعديلها في الوقت المناسب".
وتأكيدا لاهتمام الحكومة التركية بصيانة العباءة المشرفة قال صبري كايا الأمين العام لمحافظة إستانبول -الذي كان حاضرا في المؤتمر الصحفي-: إن "ترميم العباءة سيقوم به خبراء لهم باع كبير في ترميم الآثار المقدسة، مثل تلك الموجودة في قصر الباب العالي"، وهو القصر الذي يحوي "الأمانات المقدسة".
وللتقليل من ضيق الأتراك لغياب العباءة المشرفة عن أجواءهم الرمضانية المميزة، قررت أمانة إستانبول استمرار فتح أبواب صالة العرض أمام الزوار المشتاقين؛ ليمتعوا أعينهم ويهدئوا خواطرهم، ولكن ليس برؤية العباءة مباشرة، ولكن عبر شاشات تعرض صورها وأفلام فيديو مسجلة لها، وذلك لحين عودتها سالمة إلى الجناح الخاص بها.
وبحسب ما جاء في كتاب "الدولة العثمانية.. دولة إسلامية مفترى عليها" للدكتور عبد العزيز الشناوي، فإنه بمجرد وصول "الأمانات المقدسة" التي تسلمها السلطان سليم الأول من وفد الحجاز بالقاهرة إلى إستانبول خصصت لها الدولة قوة عسكرية تتكون من 40 فردا لحراستها، وكان يقام لها في منتصف رمضان من كل عام حفل ديني يطلق عليه "خرقة سعادات" يرتل فيه القرآن الكريم إلى ما بعد منتصف الليل، بحضور السلطان وشيخ الإسلام (مفتي السلطنة) والصدر الأعظم وكبار رجال الدولة من رجال الدين والساسة وقادة أسلحة الجيش والأسطول وغيرهم.
واستهدفت الدولة -وفق الدكتور الشناوي- من إقامة هذا الحفل الكبير تعميق الانتماء الديني في نفوس رعاياها، وحملهم على مزيد من الالتصاق به، ونشر أجوائه العطرة في شهر رمضان المعظم.
عن أخبار العالم
"بعدما لاحظ المشرفون على تخزين العباءة ما ألمَّ بطياتها، سارعوا إلى إخطار محافظة إستانبول في نوفمبر الماضي، طالبين منها سرعة مد يد المساعدة لترميمها".
إفتكار البنداري
مع فرحة الأتراك بحلول شهر رمضان الكريم اليوم الجمعة فإن أفئدتهم يحاصرها الضيق لحرمانهم هذا العام من رؤية عباءة الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي تتشرف بها إستانبول بسبب حاجتها إلى الترميم؛ فمن المعتاد أن تعرض كل رمضان أمام زوارها المشتاقين لعبق المصطفى، والمتلهفين لفيض من بركاته التي حلت عليهم مع العباءة ومقتنيات نبوية أخرى حملها إلى تركيا السلطان سليم الأول قبل أربعة قرون ونصف.
وأضيئت تركيا بالعباءة ومقتنيات نبوية أخرى في القرن السادس عشر بعد دخول الحجاز تحت السيادة العثمانية في عصر السلطان سليم الأول.
ونقلت صحيفة "زمان" التركية الخميس عن مفتي إستانبول مصطفى شاغريجي -في مؤتمر صحفي عقده خصيصا لإعلان آخر أخبار العباءة التي يسميها الأتراك "خرقة شريف"- أن الترميم سيتم في طيات العباءة الشريفة التي أصابها الضعف بسبب تخزينها في ظروف سيئة، وكذلك تعرضها للكي مرات كثيرة.
وأضاف أنه: "بعدما لاحظ المشرفون على تخزين العباءة ما ألمَّ بطياتها، سارعوا إلى إخطار محافظة إستانبول في نوفمبر الماضي، طالبين منها سرعة مد يد المساعدة لترميمها".
وفي إشارة لسبب تأخر عملية الترميم طوال الشهور الماضية قال المفتي: "لعظمة العباءة ومكانتها الجليلة في نفوسنا فإننا لن نعهد بترميمها إلى أحد سوى من نثق في قدرته على إصلاحها دون المس بقيمتها الأثرية، ووجدنا أنها بحاجة إلى خبير متخصص بشكل دقيق، ويمتلك مهارة فائقة للاضطلاع بهذه المهمة الكبيرة، وللأسف فإن هذا الخبير غير موجود في تركيا، وجار الاتصال بخبراء أجانب لاختيار الشخص المناسب، على أن تكون جاهزة للعرض أمام الجماهير -إن شاء الله- في رمضان 2010".
وهدَّأ المفتي من ورع مسلمي البلاد الذين يفخرون بوجود العباءة بينهم، مؤكدا أن العباءة رغم ذلك هي "في حالة جيدة؛ فالمناطق التي تحتاج لإصلاح فيها لم يصبها الضعف بسبب انتهاء عمر العباءة، ولكن بسبب ظروف تتعلق بدرجة الحرارة والرطوبة والإضاءة الموجودة في الجناح المحفوظة فيه العباءة"، لافتا إلى أن الخبراء سوف "يعملون على تحسين ظروف حفظها".
ومن العادات الشهيرة عند الأتراك في الشهر المعظم توافدهم من كل أنحاء الدولة لزيارة جامع الخرقة الشريفة، المسمى باسم العباءة، بحي الفاتح في إستانبول، والمحفوظة بداخله في جناح مميز، وهذا الجناح لا يفتح إلا في النصف الثاني من شهر رمضان، للمساهمة في التعبئة الإيمانية التي يفيض بها الشهر الكريم في هذه الأيام؛ حيث يتوافد إليها الحشود الغفيرة كل يوم لإلقاء نظرة.
وأضاءت تركيا بنور هذه العباءة ومقتنيات نبوية أخرى على يد السلطان العثماني سليم الأول في القرن السادس عشر الميلادي، وذلك أنه عندما ضم مصر في عام 1517 بعث أمير مكة الشريف بركات بوفد يعلن فيه قبوله دخول الحجاز تحت السيادة العثمانية، ولتأكيد ذلك أرسل معه هدايا للسلطان تعود معظمها للرسول -صلى الله عليه وسلم- منها عباءته المشرفة التي يسميها الأتراك "خرقة شريف"، وسجادة صلاة، والبيرق النبوي -أي العلم النبوي- وقوس وسهم وحدوة فرس، وسن من أسنانه، وشعيرات من لحيته، وحجر يحمل أثر قدمه صلى الله عليه وسلم.
كما حمل السلطان العثماني معه من هدايا الحجاز الثمينة بعض مفاتيح الكعبة ونسختين من القرآن الكريم يقال إنهما كانتا للخليفتين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، ويحفظ الأتراك هذه الهدايا تحت اسم "أمانات مقدسة" في قصر توب كابي "الباب العالي" بحي الفاتح في إستانبول.
تعديل ظروف التخزين
ولفت مفتي إستانبول إلى أن من الأخطاء التي تسببت فيما ألم بالعباءة هو حفظها مطوية "وهو ما كان له أكبر الأثر فيما حل بها من ضعف"، وتعهد بأنه في المستقبل لن يتم عرض العباءة إلا وهي مفرودة، وفي مستويات من الحرارة والرطوبة والإضاءة المعدلة وفق أفضل المعايير لحفظها، وستخضع لمراقبة دائمة لتعديلها في الوقت المناسب".
وتأكيدا لاهتمام الحكومة التركية بصيانة العباءة المشرفة قال صبري كايا الأمين العام لمحافظة إستانبول -الذي كان حاضرا في المؤتمر الصحفي-: إن "ترميم العباءة سيقوم به خبراء لهم باع كبير في ترميم الآثار المقدسة، مثل تلك الموجودة في قصر الباب العالي"، وهو القصر الذي يحوي "الأمانات المقدسة".
وللتقليل من ضيق الأتراك لغياب العباءة المشرفة عن أجواءهم الرمضانية المميزة، قررت أمانة إستانبول استمرار فتح أبواب صالة العرض أمام الزوار المشتاقين؛ ليمتعوا أعينهم ويهدئوا خواطرهم، ولكن ليس برؤية العباءة مباشرة، ولكن عبر شاشات تعرض صورها وأفلام فيديو مسجلة لها، وذلك لحين عودتها سالمة إلى الجناح الخاص بها.
وبحسب ما جاء في كتاب "الدولة العثمانية.. دولة إسلامية مفترى عليها" للدكتور عبد العزيز الشناوي، فإنه بمجرد وصول "الأمانات المقدسة" التي تسلمها السلطان سليم الأول من وفد الحجاز بالقاهرة إلى إستانبول خصصت لها الدولة قوة عسكرية تتكون من 40 فردا لحراستها، وكان يقام لها في منتصف رمضان من كل عام حفل ديني يطلق عليه "خرقة سعادات" يرتل فيه القرآن الكريم إلى ما بعد منتصف الليل، بحضور السلطان وشيخ الإسلام (مفتي السلطنة) والصدر الأعظم وكبار رجال الدولة من رجال الدين والساسة وقادة أسلحة الجيش والأسطول وغيرهم.
واستهدفت الدولة -وفق الدكتور الشناوي- من إقامة هذا الحفل الكبير تعميق الانتماء الديني في نفوس رعاياها، وحملهم على مزيد من الالتصاق به، ونشر أجوائه العطرة في شهر رمضان المعظم.
عن أخبار العالم