مواضـــع القتـــل فـــي الدبابـــة الإسرائيليـــة ميركافـــا
تعود قصة صناعة الدبابة "ميركافا" Merkava إلى العام 1966 عندما قررت إسرائيل التعاون مع بريطانيا والسعي من أجل إنتاج مشترك للدبابة البريطانية Chieftain. ففي ذلك الوقت، تقدمت بريطانيا باقتراح تاريخي إلى إسرائيل من أجل توفير المال المطلوب لإكمال تطوير دبابتهم الجديدة، مقابل السماح بإنتاجها محلياً في إسرائيل. الدبابة Chieftain التي جهزت بمدفع من عيار 120 ملم، كانت في مرحلة التطوير النهائي وقد صممت لكي تكون الأحدث والأكثر قوة في الغرب، لذا سارع الجانب الإسرائيلي بالموافقة على صفقة شاملة وتقديم الدعم المالي المطلوب عن طريق شراء المئات من دبابات Centurion البريطانية المتقادمة.
في البداية، نموذجان من دبابة Chieftain سلما للجيش الإسرائيلي من أجل التقييم والاختبار، لكن لاحقاً وتحديداً في نوفمبر العام 1969 بريطانيا تراجعت وانسحبت من مشروع التعاون بسبب الضغط العربي الشديد والتهديد بسحب احتياطاتهم النقدية من البنوك البريطانية وذلك على الرغم من المساهمة التقنية والتكتيكية الإسرائيلية الكبيرة لتطوير الدبابة، خصوصاً القدرة للاشتغال في البيئات الصحراوية. بالنتيجة، إسرائيل قررت في أغسطس العام 1970 العمل منفردة على صناعة دبابة وطنية لخدمة قواتها المسلحة.
بالنتيجة، تقرر في بداية السبعينات تأسيس الفريق الذي سيراجع عملية تطوير وإنتاج الدبابة الإسرائيلية. هكذا، تأسست إدارة برنامج الدبابة وجرى آنذاك تكليف قائد الفرقة المدرعة الرابعة والثمانون، اللواء "إسرائيل تال" Israel Tal بتزعم فريق التطوير. خلال عملية التطوير، اللواء تال أخذ بنظر الاعتبار الخصائص والدروس المكتسبة لساحة المعركة التي خاضتها بلاده في حروبها السابقة مع جيرانها العرب، وبدأ فريقه بتصميم الدبابة الجديدة التي حملت التعيين "ميركافا" Merkava وتعني بالعبرية "العربة" chariot (الجنرال تال عمل مباشرة لفترة ثلاث سنوات مع البريطانيين في مشروع تطوير الدبابة Chieftain واكتسب خبرة كبيرة من ذلك العمل).
في الحقيقة، البعض ينسب للجنرال تال فضل العمل المبدع الذي ساهم في رفع كفاءة وحدات الدرع الإسرائيلية وتطويعها لتنفيذ المهام الهجومية، الأمر الذي أدى إلى النجاحات الإسرائيلية المهمة خلال الهجوم المفاجئ على سيناء أثناء حرب الأيام الستة Six-Day War العام 1967. لقد سيطر الجنرال تال على هيئة الدروع الإسرائيلية ونظمها لكي تكون العنصر القيادي لقوات الدفاع الإسرائيلية، وميزها بقابلية الحركة العالية والهجوم العنيد/المستمر relentless assault.
هكذا واعتماداً على تجربتهم القتالية الغنية، ركز المصممين الإسرائيليين على تطوير ماكينة قتالية تناسب الخصائص والظروف المحلية. على سبيل المثال، بينما كان لزاماً على المصممين السوفييت التعامل مع معايير السكك الحديدية railroad standards عند تطوير دباباتهم الجديدة، فإن المصممين الإسرائيليين كانوا قادرين على تغطية مسرحهم المحتمل للحرب بالنقل على عربات ذات عجلات أو باستخدام جنازير الدبابات الخاصة.
أيضاً، المصممين درسوا وقارنوا عدة أنظمة تعليق suspension systems في البلدان المختلفة، بضمن ذلك الدبابات السوفيتية المأسورة، وقرروا بأن التعليق الزنبركي/النبضي spring suspension سيكون أفضل أداء فوق تضاريسهم. في هذه الجزئية هو أعتبر لكي يكون ملغي وبطل استخدامه، لكنه مع ذلك عرض مقاومة متزايدة إلى الألغام الأرضية superior resistance بالإضافة للقدرة على استبدال عجلات الطريق المتضررة بشكل أسرع.
برنامج تطوير الدبابة Merkava صدق عليه رسمياً في أغسطس العام 1970، وفي أبريل العام 1971 تم الانتهاء من بناء نموذج فولاذي للدبابة. خلال العام 1972، مفهوم التثبيت الأمامي لمقصورة المحرك جرى اختباره على دبابة Centurion محورة. وفي ديسمبر العام 1974، نموذجان أوليان من الدبابة تم بنائهم، وفي 29 أكتوبر العام 1979 دخلت Merkava Mk1 الخدمة رسميا في جيش الاحتلال الإسرائيلي واستمر انتاجها حتى العام 1983.
الدبابة كانت مسلح بمدفع محلزن من عيار 105 ملم وجرى تصميمها خصيصاً لمناسبة الطبيعة الوعرة rugged nature لقطاع شمال إسرائيل ومرتفعات الجولان السورية المحتلة، لتشارك أولاً في حرب لبنان العام 1982 أو ما سمي بعملية "سلام الجليل" Peace for Galilee.
الدبابة كانت مميزة بمحرك الديزل الذي وضع في مقطعها الأمامي. موقع مقصورة القتال في المؤخرة وفر الحماية لجميع أفراد الطاقم والركاب أثناء المعركة، بالإضافة إلى التصميم المميز للبرج ودروع الحماية. في مقصورتها الخلفية، الدبابة وبالإضافة لطاقمها كانت قادرة على حمل نحو 6 جنود بكامل تجهيزاتهم وبما يعادل جندي واحد تقريباً مقابل كل 12 قذيفة خاصة بالسلاح الرئيس يتم استبعادها من مقصورة الركاب.
أثناء عمليات التطوير، جرى التأكيد على العوامل التي تساهم في زيادة قابلية بقاء الدبابة، مثل استبعاد المواد قابلة للاشتعال من مقصورة الطاقم، وكذلك تخزين ذخيرة السلاح الرئيس إلى الخلف من الهيكل، في حاويات خاصة مقاومة للحريق fireproof containers.
يتبع إن شاء الله..