وجدة لم تكن يوماً بعهد السعديين تحت حكم الترك، بل حتى في أضعف فترات حكم السعديين وانقسام دولتهم بين ابناء المنصور الذهبي، بعهد المولى زيدان، بقيت تلك المنطقة منطقة بلاد السيبة.
ومن الدلائل على ذلك، محمد الصغير الإفراني يؤكد ذلك في كتابه نزهة الحادي وهو مؤرخ عاش بالقرن 17 بتلك الحقبة.
السلطان زيدان بن أحمد المنصور بصراعه مع إخوته يحدد مجال حكمه وبيعة القبائل له من وجدة إلى السوس الأقصى.
هنا حسب المصادر الفرنسية، الترك لم يستطيعوا حتى السيطرة على مملكة كوكو في منطقة القبائل، وكان البشا التركي حاكم الجزائر يختبئ خوفاً من هجمات القبائل بمملكة كوكو على مدينة الجزائر، وهزمته قبائل مملكة كوكو مرتين هزيمة نكراء.
وأيضاً وقتها كان الغرب الجزائري بأغلب الأحيان بلاد السيبة وخارج سيطرة الترك.
هنا الفرنسيون يذكرون في 1624 أن الباشا خوسرو الذي حكم الجزائر وقتها، أنه قام بحملات لمحاولة إخضاع القبائل ، وإعادة السيطرة على الغرب الجزائري إلى حدود تلمسان، لأن كل تلك المناطق كانت تعيش الفوضى.
وستلاحظ أنهم قالوا إلى حد تلمسان، وليس وجدة ولا ملوية، وهذا حدث في 1624 قبل سنوات من استيلاء السلطان محمد الأول العلوي حاكم سجلماسة على الشرق وتوغله إلى حدود واد تافنة.
حسب المصادر الفرنسية أن السلطان محمد الأول وقت هجم على وجدة وتلمسان، لم يجد أي تواجد تركي وعساكر من الانكشارية بتلك المنطقة، فقط أخضع القبائل الثائرة التي تعيش السيبة تحت سلطته، ودعمته القبائل التي كانت تعادي الأتراك في إخضاع المدينة، وهنا سارع الاتراك ليعقدوا معه اتفاقية الهدنة على حد واد تافنة.
ستجدني قلت " ذكر الرجل..." أنا كنت أناقشه من خلال البحث الذي أرسله
و ما ذكره الباحث الجزائري من حروب بين الترك و السعديين صحيح و لكن الباحث كان يصور الأمر على أنه خسائر دائمة للسعديين مع العلم أن الأمر كان عبارة عن كر و فر و ليس خسارات من جانب واحد
و ستجدني أنا في مشاركتي ركزت على فترة العلويين حتى لا أغرق في التفاصيل
أنا لا تجلب لي الحدود أيام ما قبل الميلاد و عصر الرومان و حجة الحدود الجغرافية و أيام الزيانيين و بني وطاس أنا أتكلم عن عهد العلويين
و قد ذكرت هذا في مشاركتي أيضاً
و لكنه ذكر ايضاً لم يكن الأمر ثابتاً و ان السعديين يشنون غارات دائماً و كانت الحدود دائماً متغيرة و متوترة بين العثمانيين و السعديين
لذلك تلمسان و وجدة و ضواحيهما تجد أنه تم وصف حالة تلك المناطق بأنها تعاني من l'anarchie أي اللاسلطة أو انعدام السلطة
و هذا منطقي كونها جائت في منطقة حدودية مشتعلة
وطبعاً ما يجدر الإشارة له أن العثمانيين لم يخضعوا كل الجزائر بل بقي عدد معتبر من الإمارات و السكان لم يخضعوا لهم و لم يقبلوا بسلطتهم
على غير امارة كوكو نذكر إمارة تقرت الصحراوية التي بقيت تدفع الضرائب فقط و نذكر سكان جبال الأوراس الذي ارتكب فيهم العثمانيين جرائم حتى يخضعوهم هذه امارات صغيرة ناهيك عن اخضاع سلطنة كبيرة مثل المغرب
فلذا نعلم مباشرة واد ملوية و غيرها خرافات
العجيب في هذا البحث ايضاً يذكر الباحث أن العثمانيين وصلوا الى اسوار فاس أكثر من مرة !!
هذا حدث مرتين المرة الأولى أيام أبو حسون الوطاسي و كلنا نعلم ضعف الدولة الوطاسية التي لم تقدر على توحيد المغرب
والمرة الثانية أيام صعود السعديين بقيادة المهدي الشيخ و كلنا نعلم واقعة "وادي اللبن" التي حطمت حلم الأتراك باخضاع المغرب
أما خرافة معركة ملوية مع المولى اسماعيل و حكاية "انت الموس و انا اللحم" هي مجرد خرافة متأخرة ذُكرت في القرن 19 ميلادي في كتب الأوربيين و بالذات الفرنسية مثل كتاب ليون غاليبير الصادر سنة 1840 على ما أتذكر ( نشر هذه الخرافة في فرنسا كان له هدف سياسي و هو تأليب فرنسا على احتلال المغرب )
و المفترض أن هذه المعركة الوهمية وقعت في أواخر القرن السابع عشر و لكن لا تجد ذكر لها لا في المصادر العثمانية و لا في المصادر المغربية المعاصرة لها و لا حتى المتأخرة
و حتى هذا الكتاب "الجزائر خلال العهد التركي" الذي اعتمد حتى المصادر الأوربية لم يذكر هذه الخرافة في خلال تأريخه حملات المولى اسماعيل و قال أن الحرب لم تقع و الاتفاق بقي على حدود واد تافنة
و ايضاً حتى لو سلمنا بالرواية الجزائرية التي تقول أن تلك المناطق ( وجدة و شرق المغرب ) بايعت سلطان المغرب خوفاً من الفرنسيين
فإنتهى النقاش مباشرة لأن البيعة هي أهم دليل عندنا على الخضوع لسلطة المغرب و الإنتماء إليه !!
يعني حتى لو أرادوا التخريف و التزوير كمنهج لتطويع التاريخ و صنع نسخة خاصة بهم سيقعون في نفس الواقع و يعترفون بمغربية تلك الأراضي دون قصد