نعم يمكن… قصة الميغ 25

الحاج سليمان

صقور الدفاع
إنضم
5 سبتمبر 2007
المشاركات
6,022
التفاعل
15,298 156 33
الدولة
Algeria
الميغ 25
افضل طائرة في وقتها وفي فئتها

نعم . . . يمكن فعل ذلك!! (الميغ-25) (01)
.
هذا ما خلص له الاستفتاء :)
.
سنة 1960 حين قرر السوفييت تطوير الميغ-25 "Ye-155" للرد على تطوير الأمريكان للقاذفة XB-70 فالكيري وجدوا أنفسهم أمام عقبة لم يعتلوها آنفا . . . سرعة ماخ 3 (حوالي 3400 كلم/سا على ارتفاعات شاهقة).
.
الأمريكان تجاوزوا هذه السرعة سنة 1956 عبر طائرة Bell X-2 ذات الدفع الصاروخي التي ترمى جوا من طائرة حاملة و توقد محركها لفترة 15 ثانية فقط تصل بها لسرعتها القصوى ثم تحط. . . و رغم بساطة شكل الطائرة و خلوها من أي أحمال أو مهمة معينة و رغم بساطة خطة التحليق التي تبدأ أساسا من ارتفاع آمن في الجو فقد تحطمت الطائرتان المبنيتان عقب 13 مهمة تحلبق مع تشغيل للمحرك.
.
التحدي كان صنع طائرة قوية قادرة على التحليق المتواصل بسرعات عالية مع حمولة جيدة و على ارتفاعات شاهقة و لزمن ملائم لمهمة الاعتراض ، هيكلها كان مطلوبا منه تحمل الحرارة الناجمة عن السرعة و تحمل التمددات و التقلصات التي تفرضها حرارة التحليق (أكثر من 300 درجة في مواضع من غلاف الهيكل) و برودة الارتفاعات (أقل من 55 درجة تحت الصفر) كما أن تصميمها لابد أن يتلاءم مع متطلبات الزبائن المحتملين (برودة سيبيريا و سخونة المنطقة العربية) و سوء الاهتمام المتعمد بمدرجات الطيران السوفييتية . . . و غيرها من المتطلبات الصعب الإجابة عنها في تصميم واحد,
.
الحل كان في المحرك القوي الذي صمم لدفع درون Tupolev Tu-121 قبل أن يصير مفتاح نجاح مشروع ميغ-25 . السوفييت أثناء تطوير محرك تومانسكي Tumansky R-15 وجدوا عائقا كبيرا في توفير و استعمال المواد اللازمة خصوصا التيتانيوم . لذا لجؤوا لدمج الفولاذ و في أماكن معينة غلفوا الفولاذ بطبقة من الفضة. المحرك كان قويا بما يكفي . . .لكنه ضخم . ثقيل و شره جدا للوقود.
.
المصممون السوفييت بنوا طائرتهم المشروع على محركين من هذا الصنف بحكم غياب حل بديل رغم كم التحديات الرهيب الذي ينتظرهم . . .
 
IMG_6904.jpeg
 
نعم . . . يمكن !! (الميغ-25) (02)

ثم حين أرادوا ادماج المحركين و لغرض تلبية متطلبات الطيران المذكورة افرز التصميم طائرة عظيمة البنيان كل شيء فيها مصمم حول المحركين و خزان الوقود الضخم الذي يسع 10أطنان.
.
ثم إن شح المواد حينها أدى إلى تصميم ثقيل 39 طنا ( بوزن دبابة تي-62) ما حتم توسيع الجناحين جدا .
الطائرة كانت حمولتها التصميمية أربع صواريخ جو-جو R40 (AA-6) أكبر ما أنتج في التاريخ بوزن نصف طن للصاروخ الواحد.

كان اختيار المواد الإنشائية المناسبة مسألة فاصلة. فقد استبعدت خلائط الألومنيوم بحكم الحرارة العالية التي يفرضها التحليق بماخ 3 ( نصف حرارة ذوبان الألمنيوم تقريبا) .

نظريا و بحكم تصميم أغلب بدن الطائرة و جناحيها كخزان وقود ضخم فيمكن تصنيعها من الألومنيوم ، حيث سيعمل الوقود على تبريد الهيكل... و لكن ما إن يقل أو ينفذ فستتعرض البنية كلها لإرتفاع الحرارة بشكل خطير. حتى و إن حل مشكل الحرارة على الألمنيوم فلابد من تثبيت الهيكل وختمه بمواد عازلة مانعة للتسرب مقاومة للحرارة كانت غائبة حينها في الاتحاد السوفياتي.
البديل الوحيد المعقول كان التيتانيوم.
لكنه كان من الصعب تصنيع التيتانيوم حينها أيضا وكان لديه ميل مزعج للتشقق بعد اللحام كما كان باهظ الثمن و كلفة التصنيع.

الحل جاء من "خارج الصندوق" .... الفولاذ الذي يمكن لحمه دون مشاكل و يغني عن الحاجة لمواد العزل الغائبة أو إلى التثبيت الكثيف بالبراشيم Rivets ، العمل استفاد أساسا من جهود السوفييتي الأوكراني Yevhen Oskarovych Paton الذي طور اساليب اللحام خلال الحرب العالمية الثانية.
 
الروس وضعوا شروط تعجيزية لبناء مقاتلة ميغ25 منافسة للطائرات الأمريكية آنذاك كان أبرز تحدي هو جعل هذه منصة قابلة للتحمل الضغط الناتج عن تسلق للأعلى و سرعة كبيرة و كان دور هندسة كاملة في جعل تطوير قدرة على بناء و تصميم مناسب و هنا إنتقلت فكرة توسيع مدخل الهواء و توسيع حجم مقصورة محرك هذا نمط هندسي يشبه تماما مبدء عمل الغواصة تحت الماء فكلما إحتاجت ميغ25 تسلق أكثر زاد سحب الهواء و تخزينه داخل مقصورة هواء لانعدام الفراغ مكنت تلك طريقة من جعل ميغ 25 معجزة في الطيران
 
السوفييت ليهم ابداعاتهم
ده فيديو عن الطائرة اذا كان أحد مهتم
 
نعم . . . يمكن فعل ذلك!! (الميغ-25) (03)
.
المعاهد المتخصصة في علوم المعادن Metallurgical institutes و المختبرات الخاصة عملت على تطوير عدد من اصناف الفولاذ المقاوم للصدأ و المقاوم للحرارة (الممزوجة بالكروم و النيكل بنسب متفاوتة) كما طورت طرق تصنيعها و لحامها و هيأتها للاستعمال الفعلي.
.
شكلت هذه الخلائط ما يعادل 80 % من الوزن الفازغ للطائرة و توزعت على في خزان الوقود و ما بني حوله من بدن عدى مقدمة الطائرة الى غاية القمرة، كما أن دعامات الجناح الثلاث و الهياكل الداخلية كانت من الفولاذ مثلها مثل مجموعة الذيل.
خلائط الألمنيوم شكلت 11% من الوزن الكلي مشكلة بعض صفائح الغلاف و القطع التي لا تتعرض للحرارة كالقلابات flaps و الجنيحات ailerons و أطراف الأجنحة Wigtips.
التيتانيوم شكل 8% من وزن الطائرة موزعة على المناطق الأكثر تحميلا و الأكثر عرضة للحرارة كمؤخرة البدن و وصلات ربط الاجنحة و الدفات.
(البقية كانت الياف زجاج و مطاط و غيرها من المواد).
.
طائرة SR-71 ذات غلاف الطيران الشبيه شكل التيتانيوم 85 % من وزنها فارغة و كانت قمة التقنية حينها لكن لم يصنع منها إلى بضع و ثلاثون وحدة SR-71 للتجسس و 13 وحدة A-12 مقاتلة

مكثت الSR-71 في الخدمة 22 سنة ثم تم تمديد عمر 4 طائرات لسنة الى اربع سنوات اضافية، أما النسخة المقاتلة A-12 فلم تصمد في الخدمة أكثر من سنة واحدة و سحبت لأسباب مالية.
.
بينها طارت قرابة ال1200 ميغ 25 بعشرات النسخ و صدرت لعدد كبير من الدول كانت "الجزائر" أولها سنة 1979 قبل أن يخرج من الخدمة نهائيا أخر سرب عامل (جزائري أيضا) سنة 2022 أي بعد 58 عاما من الوجود و 50 عاما من الخدمة (43 عام في الجزائر)
.
أحيانا الحلول البسيطة الغير متفق عليها أفيَد.
و لأن الرائي ليس كالسامع ففي الصور الرائعة أدناه تظهر صفائح الفولاذ و هي ملحومة نقطيا Spot welding/soudage par points
 
عودة
أعلى