في الحقيقة أخي الكريم، عناصر المقاومة العراقية أثبتوا في كونهم قوة متكيفة adaptive force، بحيث هم كانوا يستخدمون فرق صغيرة متكونة من ثلاثة إلى خمسة رجال، طبقت تكتيكات أضرب واهرب ببراعة shoot-and-run tactics. هم أيضاً اعتمدوا على مهارات أفراد القناصة لديهم والذين استطاعوا زرع الرعب في قلوب الجنود الأمريكان. المقاومة استخدمت نيران قذائف الهاون والمدفعية الصاروخية والأسلحة الكتفية الصاروخية الأخرى على نحو عشوائي، ومن مسافة إطلاق آمنة غالباً safe distance عن مواضع تمركز جنود البحرية.
لإدارة المعركة، كانت لديهم منظومة قيادة وسيطرة مبسطة لكنها فاعلة، التي استعملت الهواتف الخلوية والإشارات البصرية visual signals وكل ما هو متاح وآمن للتواصل بين مجاميعهم. المخزون الاحتياطي الضخم للأسلحة والمواد المتفجرة المتبقي من الحرب، كان متوفر بسهولة لتسليح المجندين الجدد وفي صناعة قنابل الطرق المرتجلة IED. الأسلحة والذخيرة والمعدات المخبئة لدى مواقع مختلفة ومتفرقة في أنحاء المدينة سمحت لعناصر المقاومة بحرية المناورة.
لقد استغلوا الطبيعة المميزة للأرض التي يقاتلون عليها ويدركون تفاصيلها ونفذوا الكثير من الكمائن الناجحة successful ambushes. واحدة منها ما تعرض له فصيل استطلاع بحري بقيادة النقيب "برنت موريل" Brent L. Morel أثناء مرافقة رتل عسكري كان متجهاً لمحافظة الأنبار وفي طريقه إلى موقع جيد التحصين في المنطقة الجنوبية الغربية من الفلوجة (الحادث وقع بتاريخ 7 أبريل 2004).
إذ وعلى نحو مفاجئ، عربة الفصيل الأولى ضربت بمقذوف RPG مضاد للدروع والذي تسبب في إعطابها. طلب موريل من عرباته الأخرى محاصرة المهاجمين الذين كانوا في مواقع محصنة وقدر عددهم بنحو 30-40 مقاتل، لكن نيران قذائف الهاون والأسلحة الرشاشة التي أطلقها هؤلاء كانت في تزايد.
ترجل موريل من عربته وحاول مع رجاله التقدم عبر الحقل المكشوف وتوجيه نيرانهم نحو مواضع المهاجمين الذين كانوا يطلقون نيرانهم من خلف تل رملي على ارتفاع ثلاثة أمتار تقريباً. هكذا وأثناء الرد على مصادر النيران، تلقى النقيب موريل انفجار قاتل fatal burst من أسلحة العدو، وتحولت القيادة إلى العريف "ويلي كوبلاند" Willie L. Copeland الذي واصل مع جنود البحرية الرد على مصادر الهجوم. وتحت غطاء من القنابل اليدوية، انسحبت قوات الفصيل بأمان وهي تحمل جسد قائدها موريل.