يُمَثِّلْ مُصطلح الفوضى الخلاقة أحد أهم المفاتيح التي أنتجها العقل الاستراتيجي الأمريكي في التعامل مع القضايا الدولية، حيث تمت صياغة هذا المصطلح بعناية فائقة من قبل النخب الأكاديمية وصناع السياسة في الولايات المتحدة، وعلى خلاف مفهوم الفوضى المُثقل بدلالات سلبية كعدم الاستقرار أُضيف إليه مصطلح آخر يتمتع بالإيجابية وهو الخلق أو البناء، ولا يُخفى خُبث المقاصد الكامنة في صلب مصطلح (الفوضى الخلاقة) لأغراض التضليل والتمويه.
حيث كَشفت تسريبات ويكليكس - WikiLeaks أنَّ المُؤسسات العالمية الأمريكية وفي طليعتها وزارة الخارجية الأمريكية ومؤسساتها الإستخبارية، ومؤسسات بحثية أُخرى، تقوم بجمع مدى وحجم من المعلومات تشمل - تقريباً كل - ما يتعلق بالخلافات المحلية وأطرافها ورموزها وأسبابها وحجمها. ولا يقف الأمر عند حد الخلافات، بل يتعداه إلى قراءة تركيبة القوى الإجتماعية ومطالبها وطبيعة الأنظمة والقدرة على استجابتها لتلك المطالب أو عجزها عن ذلك. لقد طورت الولايات المتحدة الأمريكية هذا النهج، وصاغته في نظرية تعامل استراتيجي، تتيح لها أن لا تضطر للجوء إلى العمل العسكري المباشر إلا كخيار أخير، خاصة بعد التجربة الفيتنامية. فماهي الفوضى الخلاقة؟
إنَّ الفوضى الخلاقة هي عبارة عن فجوة وفراغ ينعكس عن استقرار المجتمع وتماسكه، وهو نتيجة رغبة في التغير أملتها تطلعات الفاعلين إلى تحقيق الحراك والتغير في شتى المستويات وخاصة منها السياسية والاقتصادية، وهي غالباً ما يتم تمويلها من الخارج. حتى وإنْ كانت عوامل التغيير داخلية فإنَّه يتم استثمارها وتطويعها بما يخدم مصالح الآخر الغربي الذي يسعى إلى الحفاظ على مصالحه. وعلى هذا النحو فإنَّها، أي الفوضى الخلاقة التي هي على حد تعبير صموئيل هنتنجتون: "الفجوة التي يشعر بها المواطن بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، فتنعكس بضيقها أو اتساعها على الاستقرار بشكل أو بآخر.“
- العنصر الأول: دراسة النسيج القومي لبلد ما من الناحية الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإثنية ومعرفة الفروق والتوازنات المختلفة، ومحاولة استغلال أي مشكلة قائمة في الثقوب القومية وتضخيمها تضخيماً يؤدي إلى التوتر ثم الصراع.
- العنصر الثاني: تصميم مجموعة من الانقلابات الظاهرة والباطنة ومجموعة من الاغتيالات بين صفوف القيادات الوطنية ورشوة كثير من المتنفذين في الأجهزة الحاكمة وفي مجالات الإعلام المختلفة، والتركيز على شخصية مختارة وإزاحة كل العوائق أمامها بالقتل سواء الحقيقي أو المعنوي، وذلك كله من أجل إضعاف نظام الحكم وتركيزه في أيدٍ تخضع تماما لهيمنتها، أو الإبقاء على مجموعة من الرؤوس المتساوية والمتصارعة والتضحية بالنظام كله حتى تفرغ هي للموارد تنهبها وللأسواق تحتلها.
- العنصر الثالث: الإفساد التنموي الذي ينتهي بالاقتصاد الوطني إلى اقتصاد تابع، وتفقد الملايين قدرتها على الإنتاج، ويتحول الوطن إلى مستهلك كبير لعالم الأشياء الذي يأتيه من الخارج والذي يدفع ثمنه كاملاً من موارده الطبيعية وركائزه المدفون تحت أرضه من معادن وبترول وخامات متعددة. وفي إطار هذا الإفساد التنموي يتم خلق مجموعة من رجال الأعمال المزيفين حيث تُسهَّل لهم عمليات الإقراض من القطاع العام ويحولونه إلى قطاع خاص، كما يحولون وجهته في توفير المنتجات وتوفير الأعمال إلى وجهة أخرى تذهب من خلالها ملايين فرص العمل وتتلاشى نسبة الإنتاج المحلي في كل المنتجات لصالح الاستيراد. وباختصار فإن التنمية الوطنية تحيط بها تنمية قهرية تحاول أنْ تَخنُقَهَا ليفقد الوطن قدرته على إنتاج أشيائه وتضعُف إرادته أمام القوى المهيمنة.
- العنصر الرابع: محاربة كل تجمع إقليمي يخدم دول المنطقة اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً، والسعي لتفتيت الموحد عن طريق الحروب الداخلية، مستغلة في ذلك بعض الأمراض الوطنية التي كانت هي السبب في خلقها بدعمها لحكام مستبدين ورجالات الدولة الفاسدين.
- العنصر الخامس: اختراق الحياة الثقافية عن طريق الدعم المالي لبعض المثقفين والفنانين والإعلاميين وإحداث فوضى ثقافية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
- العنصر السادس: تجنيد بعض المتخصصين أثناء دراستهم بالغرب وتوظيفهم في المؤسسات الدولية وتقديمهم للمناصب العليا في بلادهم.
- العنصر السابع: تجنيد بعض رجالات الأجهزة الحساسة لتوجيه هذه الأجهزة ليخدموا مصالحهم.
- المرحلة الأولى: تستهدف خلخلة حالة الجمود والتصلب غير المرغوب في النظام المستهدف.
- المرحلة الثانية: تسعى الوصول إلى حالة من الحراك والفوضى المربكة والمقلقة لذلك النظام.
- المرحلة الثالثة: تهتم بتوجيه تلك الفوضى وإدارتها للوصول إلى الوضع المرغوب فيه.
- المرحلة الأخيرة: تشمل استخدام المُدخلات التي أجَّجَت الفوضى لإخمادها وتثبيت الوضع الجديد بشكله النهائي، إلى جانب الاطمئنان لترسانة القوة العسكرية، والأساطيل الأمريكية في المنطقة، وهي أهم عناصر المعادلة التي تستند إليها الفوضى.
حيث كَشفت تسريبات ويكليكس - WikiLeaks أنَّ المُؤسسات العالمية الأمريكية وفي طليعتها وزارة الخارجية الأمريكية ومؤسساتها الإستخبارية، ومؤسسات بحثية أُخرى، تقوم بجمع مدى وحجم من المعلومات تشمل - تقريباً كل - ما يتعلق بالخلافات المحلية وأطرافها ورموزها وأسبابها وحجمها. ولا يقف الأمر عند حد الخلافات، بل يتعداه إلى قراءة تركيبة القوى الإجتماعية ومطالبها وطبيعة الأنظمة والقدرة على استجابتها لتلك المطالب أو عجزها عن ذلك. لقد طورت الولايات المتحدة الأمريكية هذا النهج، وصاغته في نظرية تعامل استراتيجي، تتيح لها أن لا تضطر للجوء إلى العمل العسكري المباشر إلا كخيار أخير، خاصة بعد التجربة الفيتنامية. فماهي الفوضى الخلاقة؟
مفهوم الفوضى الخلاقة
ربما يعتقد الكثيرون أنَّ مُصطلح الفوضى الخلاقة مصطلح جديد ظهر بعد التفرد الأمريكي بزعامة العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، والواقع أنَّ المصطلح ظهر لأول مرَّة عام 1902 م على يد المؤرخ الأمريكي تاير ماهان - Alfred Thayer Mahan، ليتوسع فيما بعدها مايكل ليدين - Michael Ledeen ويسميها الفوضى البنَّاءة أو التدمير البناء وذلك بعد أحداث سبتمبر بعامين في 2003 ، وهذا يعني الهدم، ومن ثم البناء، ويعني هذا إشاعة الفوضى، وتدمير كل ما هو قائم، ومن ثم إعادة البناء حسب، المخطط الذي يخدم مصالح القوى المتنفذة، وقد يكون أكثر المفكرين الذين تحدثوا عن هذا الأمر هو الأمريكي اليميني صامويل هنتنجتون - Samuel P. Huntington صاحب نظرية صراع الحضارات. وقد تلقفت مراكز البحوث والدراسات نظرية الفوضى الخلاقة، وأشبعتها بحثاً ودراسةً، والنظرية تعني باختصار أنَّه عندما يصل المجتمع إلى أقصى درجات الفوضى المتمثلة في العنف الهائل وإراقة الدماء، وإشاعة أكبر قدر ممكن من الخوف لدى الجماهير، فإنَّه يُصبح من الممكن بناؤه من جديد بهوية جديدة تخدم مصالح الجميع.إنَّ الفوضى الخلاقة هي عبارة عن فجوة وفراغ ينعكس عن استقرار المجتمع وتماسكه، وهو نتيجة رغبة في التغير أملتها تطلعات الفاعلين إلى تحقيق الحراك والتغير في شتى المستويات وخاصة منها السياسية والاقتصادية، وهي غالباً ما يتم تمويلها من الخارج. حتى وإنْ كانت عوامل التغيير داخلية فإنَّه يتم استثمارها وتطويعها بما يخدم مصالح الآخر الغربي الذي يسعى إلى الحفاظ على مصالحه. وعلى هذا النحو فإنَّها، أي الفوضى الخلاقة التي هي على حد تعبير صموئيل هنتنجتون: "الفجوة التي يشعر بها المواطن بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، فتنعكس بضيقها أو اتساعها على الاستقرار بشكل أو بآخر.“
عناصر الفوضى الخلاقة:
الفوضى الخلاقة تعتمد جوهرياً على عناصر متعددة يَصْلُح بعضها للهيمنة على بلد ويصلح بعضها الآخر لبلد آخر نذكر منها:- العنصر الأول: دراسة النسيج القومي لبلد ما من الناحية الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإثنية ومعرفة الفروق والتوازنات المختلفة، ومحاولة استغلال أي مشكلة قائمة في الثقوب القومية وتضخيمها تضخيماً يؤدي إلى التوتر ثم الصراع.
- العنصر الثاني: تصميم مجموعة من الانقلابات الظاهرة والباطنة ومجموعة من الاغتيالات بين صفوف القيادات الوطنية ورشوة كثير من المتنفذين في الأجهزة الحاكمة وفي مجالات الإعلام المختلفة، والتركيز على شخصية مختارة وإزاحة كل العوائق أمامها بالقتل سواء الحقيقي أو المعنوي، وذلك كله من أجل إضعاف نظام الحكم وتركيزه في أيدٍ تخضع تماما لهيمنتها، أو الإبقاء على مجموعة من الرؤوس المتساوية والمتصارعة والتضحية بالنظام كله حتى تفرغ هي للموارد تنهبها وللأسواق تحتلها.
- العنصر الثالث: الإفساد التنموي الذي ينتهي بالاقتصاد الوطني إلى اقتصاد تابع، وتفقد الملايين قدرتها على الإنتاج، ويتحول الوطن إلى مستهلك كبير لعالم الأشياء الذي يأتيه من الخارج والذي يدفع ثمنه كاملاً من موارده الطبيعية وركائزه المدفون تحت أرضه من معادن وبترول وخامات متعددة. وفي إطار هذا الإفساد التنموي يتم خلق مجموعة من رجال الأعمال المزيفين حيث تُسهَّل لهم عمليات الإقراض من القطاع العام ويحولونه إلى قطاع خاص، كما يحولون وجهته في توفير المنتجات وتوفير الأعمال إلى وجهة أخرى تذهب من خلالها ملايين فرص العمل وتتلاشى نسبة الإنتاج المحلي في كل المنتجات لصالح الاستيراد. وباختصار فإن التنمية الوطنية تحيط بها تنمية قهرية تحاول أنْ تَخنُقَهَا ليفقد الوطن قدرته على إنتاج أشيائه وتضعُف إرادته أمام القوى المهيمنة.
- العنصر الرابع: محاربة كل تجمع إقليمي يخدم دول المنطقة اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً، والسعي لتفتيت الموحد عن طريق الحروب الداخلية، مستغلة في ذلك بعض الأمراض الوطنية التي كانت هي السبب في خلقها بدعمها لحكام مستبدين ورجالات الدولة الفاسدين.
- العنصر الخامس: اختراق الحياة الثقافية عن طريق الدعم المالي لبعض المثقفين والفنانين والإعلاميين وإحداث فوضى ثقافية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
- العنصر السادس: تجنيد بعض المتخصصين أثناء دراستهم بالغرب وتوظيفهم في المؤسسات الدولية وتقديمهم للمناصب العليا في بلادهم.
- العنصر السابع: تجنيد بعض رجالات الأجهزة الحساسة لتوجيه هذه الأجهزة ليخدموا مصالحهم.
مراحل تنفيذ الفوضى الخلاقة:
تخضع عملية تنفيذ الفوضى الخلاقة لأربع مراحل متتابعة:- المرحلة الأولى: تستهدف خلخلة حالة الجمود والتصلب غير المرغوب في النظام المستهدف.
- المرحلة الثانية: تسعى الوصول إلى حالة من الحراك والفوضى المربكة والمقلقة لذلك النظام.
- المرحلة الثالثة: تهتم بتوجيه تلك الفوضى وإدارتها للوصول إلى الوضع المرغوب فيه.
- المرحلة الأخيرة: تشمل استخدام المُدخلات التي أجَّجَت الفوضى لإخمادها وتثبيت الوضع الجديد بشكله النهائي، إلى جانب الاطمئنان لترسانة القوة العسكرية، والأساطيل الأمريكية في المنطقة، وهي أهم عناصر المعادلة التي تستند إليها الفوضى.