ما تقوله صحيح في كثير من الجوانب..
الدولة المركزية المغربية لم تتخلى أبدا عن عقلية فرض الطاعة، لكن هذا سببه أساسا عقلية النخب المغربية في تلك الفترة واستشراء الفساد والمحسوبية، المناصب تتوارث، وحتى أولئك الذين درسوا في الخارج تم تهميشهم حينما عادوا بالرغم من أنهم كانوا كفاءات بارزة كل في مجالهم (تم تكوين مئات الشباب في المجال العسكري ومجالات علمية أخرى).
فترة السلطان الحسن الأول مثلا شهدت محاولات جادة للإصلاح لكن بعد خراب مالطة كما يقال، نسب الأمية كانت مرتفعة جدا وربما تجاوزت التسعين بالمئة، السياسات الصحية كانت كارثية والمستشفيات كانت معدودة.
البنيات التحتية حدث ولا حرج.
وفوق هذا وذاك كانت نخبة المخزن ترفض أي نوع من الإصلاح لأنه يضر بمصالحها.
رجال الدين والزوايا تسببوا بشكل خاص بتأخر المغرب بسبب فتاواهم الغريبة، تم تحريم الهاتف والتليغراف مثلا وتسبب ذلك في مهاجمة المتعصبين لخطوط التليغراف، واعترض هؤلاء على مشاريع ربط البلاد بشبكة الخطوط الحديدية بدعوى أن ذلك يخالف الشريعة!
لكن الحديث عن أن تجهيز الجيش المغربي كان مشابه للجيوش الأوروبية وأنه ليس سبب الهزيمة أمر فيه نظر، وإن كنا لا ننفي أن المغرب كان له من العتاد والرجال ما يسمح بمقارعة الفرنسيين والإسبان، ولكن الحقيقة أن المغرب لم يواكب تطور التكتيكات الحربية الغربية، وكان الجنرال بيجو قد قال في تصريحه بعد معركة إسلي أن الجندي المغربي لا تعوزه الشجاعة، لكنه كان يتقدم حينما كان يجب عليه أن يتراجع ويتراجع حينما كان يجب عليه أن يتقدم.
هذا بالإضافة إلى أن السلاطين المغاربة توجب عليهم الحصول على موافقة رجال الدين ذوي العقول المتحجرة على الإصلاحات العسكرية، وقد رفضوها جملة وتفصيلا بدعوى "تقليد الكفار"!
الموضوع معقد وشائك جدا، لكن الأكيد أن المغاربة شعبا ونظاما في تلك الفترة أخلفوا موعدهم مع التاريخ.