احتفظ المغول بديانتهم الوثنية حتى منتصف القرن الثالث عشر، واعتنق البعض منهم على مر تاريخ حملاتهم الطويلة المسيحية والبوذية، ثم تحولوا إلى الإسلام وبات الدين الرسمي لدولتهم.
يقول باحثون عن دخول المغول إلى الإسلام إنه بدأ بعد خمسة وثلاثين عاما من وصولهم إلى المناطق الإسلامية في حملتهم المدمرة التي توقفت في عين جالوت عام 1260.
وبعد مرور نحو نصف قرن من ذلك التاريخ، انتشر الإسلام بشكل واسع في صفوف المغول، وأصبح دين الغالبية العظمى.
لا توجد مصادر مكتوبة توضح طبيعة "وثنية" المغول التي جاءوا بها من سهوب الشرق الأقصى، إلا أنه يفترض أنها تتعلق بعبادة قوى الطبيعة والأرواح.
على الرغم مما يوصف به المغول من وحشية وقسوة والذي ظهر في حملاتهم الدموية غربا وصولا إلى تدمير بغداد وإبادة معظم سكانها عام 1258، وقتل المستعصم بالله، آخر خليفة عباسي، إلا أنهم من جهة أخرى كانوا متسامحين دينيا، ولم يدمروا معابد الأديان الأخرى.
ويُنسب لهم أيضا أنهم كانوا يعاملون رجال دين الشعوب الأخرى التي وقعت تحت سيطرتهم باحترام، ولم يضعوا عقبات أمام ممارسة معتنقي الأديان الأخرى لعباداتهم، وهم كما يقول أحد الباحثين، لم يرغبوا في "إفساد العلاقات" مع الآلهة الأخرى.
دخول المغول إلى الإسلام:
يُسجل أن أول مسلم بارز بين المغول كان ابن عم هولاكو، بركة خان "1256-1267". وتروي حكاية عن أن هذا الحاكم المغولي التقى ذات مرة بقافلة تجارية من بخارى في الطريق، وتحدث إلى التجار الذين أخبروه بالتفصيل عن الإسلام.
أفتتن بركة خان بالدين الإسلامي واعتنقه، ودعا إخوته الصغار إلى الدخول فيه من دون تردد. وبعد سنوات قليلة من ذلك، أشهر إيمانه بالإسلام علانية، وبدأ في الترويج له بسرعة بين الجموع.
وتقول رواية تفصيلية إن هذا الخان المغولي التقى في بخاري مع عالم مسلم يدعى نجم الدين مختار الزاهدي، واستفسر بركة خان منه عن الإسلام، وبعد أن سمع منه، طلب أن يكتب ما يؤيد بالبراهين عقيدة الإسلام ويرد على منكريه، ففعل، وبعد أن قرأ ما كتب الزاهدي، دخل الإسلام بحماسة.
أما صاحب الفضل الكبير في تحول المغول إلى الإسلام فينسب إلى أوزبك خان "1312-1341"، الذي جعل من الإسلام دينا رسميا لدولته.
وبالمناسبة، يقر مؤرخون بأن المغول بعد اعتناقهم الإسلام حافظوا على تسامحهم الديني، ولم يظهروا أي عداء للأديان الأخرى حتى مع تراجع إمبراطوريتهم في نهاية القرن الخامس عشر.
الحملة الصليبية الصفراء:
مع كل ذلك، يوصف الغزو المغولي للشرق الإسلامي، وزحفهم المدمر نحو الشرق بهدف نهائي يتمثل في "غسل أحذية" مقاتليهم في مياه المتوسط، ما يعني وصولهم إلى شواطئ فلسطين، بأنه بمثابة "حملة صليبية صفراء".
أصحاب هذا الرأي يقولون في هذا السياق إن هولاكو كان وثنيا إلا أن زوجته كانت مسيحية، وأنها رعت أبناء ديانتها، كما أن اليد اليمنى للخان هولاكو وهو كتبغا نويان كان هو الآخر مسيحيا.
ويشير هؤلاء إلى أن المسيحية كانت منتشرة في ذلك الوقت في العديد من قبائل المغول. علاوة على ذلك حين عبرت جحافل هولاكو في عام 1256 نهر آمور داريا ودخل الأراضي الواقعة حاليا في غيران، كان خلفاء الخان في الأراضي المجاورة من المسيحيين.
وحين أعمل المغول سيوفهم في عاصمة الخلافة العباسية بغداد في عام 1258، ونهبوها وعاثوا فيها فسادا، حافظوا على أرواح المسيحين بأمر صارم من هولاكو.