البرنامج النووي الإسرائيلي أحداث الماضي والمستقبل

إنضم
10 يناير 2009
المشاركات
1,481
التفاعل
21 0 0
توافقت احتياجات فرنسا وإسرائيل في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات. فكلتا الدولتين كانت مقصرة في امتلاك المعرفة الفنية لصنع قنبلة نووية، ولم يكن هناك إجماع داخلي في أي منهما على امتلاك تلك القنبلة.

وكان بن جوريون وبيريز وبيرجمان يمضون جزءاً كبيراً من وقتهم في جدل عنيف، داخل الحكومة الإسرائيلية، حول أحلامهم الخاصة ببرنامج تسليح نووي لإسرائيل. بينما كان معظم الأعضاء الكبار في حزب "ماباي"( العمال) الحاكم في ذلك الوقت يعتبرون امتلاك إسرائيل للقنبلة النووية عملاً انتحارياً وذا تكلفة غير محتملة وتذكرة مريرة للأهوال التي نزلت باليهود أثناء الحرب العالمية الثانية.
أما المفوض الفرنسي السامي للشئون النووية "فريدريك جوليو كوري" الحائز على جائزة نوبل، الذي قام بأبحاث مهمة في الفيزياء النووية وعمل عضوا في الحزب الشيوعي الفرنسي المعارض للخيار النووي الفرنسي، فهو أول من وقع في عام 1950م نداء استكهولم وهو الالتماس الذي سانده السوفيت والداعي إلى فرض حظر على الأسلحة النووية بكافة أنواعها.
وتجدر الإشارة إلى انه على الرغم من مشاركة العلماء الفرنسيين الواسعة في أبحاث الانشطار النووي في فترة ما قبل الحرب، فقد جرى استبعادهم من الأدوار الرئيسية في برنامج الذرة الأمريكي والبريطاني خلال الحرب العالمية الثانية.
كذلك فقد كان "بيرين" ذا فائدة عظمى للعلاقة بالإسرائيليين، فهو اشتراكي كان قد فر من إنجلترا عام 1940م بعد سقوط فرنسا، وارتبط بصداقة مع "بيرجمان" ثم سافر إلى تل أبيب عام 1949م. وبعد إتمام تلك الزيارة على وجه الخصوص سمح لبعض العلماء الإسرائيليين بالمجيء إلى "ساكلاي" وهو مركز الأبحاث النووية الوطنية الفرنسية الذي أقيم أخيراً قرب فرساي، واشتركوا في بناء المفاعل النووي الاختبارى الصغير في "ساكلاى". كان ذلك اختباراً تثقيفيا للعلماء النوويين في كلا البلدين، مما ساعد إسرائيل على التمكن من نقل التكنولوجيا النووية إلى وطنهم.
كان عام 1951م هو عام القرار الحاسم بالنسبة لفرنسا وكذلك إسرائيل، ففيه تجاوز جيبوما اعتراضات بيرين وأجاز بناء مفاعل نووي يستخدم اليورانيوم الطبيعي وقوداً له، ويمكنه ان ينتج بعد المعالجة الكيميائية ما يقرب من 22 رطلاً في السنة من البلوتونيوم الصالح لصنع أسلحة نووية، ويستخدم الجرافيت في ضبط رد الفعل المتسلسل، وقد تم العثور على كميات ضخمة من اليورانيوم الطبيعي على مقربة من ليموجي في وسط فرنسا، وهو ما سهل لجيبوما وبيرين الاستغناء عن الطريقة البديلة في استخدام اليورانيوم المخصب كوقود للمفاعل. وحيث أن الفنيين الفرنسيين كانوا في هذا الوقت لا يتقنون عملية تخصيب اليورانيوم، فانه كان لابد من الاعتماد على الموردين الأجانب في هذا المجال، مما يحرم فرنسا من فرصة بلوغ هدفها الأساسي وهو الاستقلال في المجال النووي.
وبدأ البناء في العام التالي في ماركول في جنوب وادي الراين، ومنحت شركة (سان جوبين تكنيك نوفيل) وهى شركة كيمائية ضخمة، العقد لبناء مصنع المعالجة الكيمائي في ماركول.
وقد تجدد الخلاف داخل إسرائيل بشأن الوجود الإسرائيلي المتعاظم في فرنسا. إلا ان بن جوريون أصر على موقفه، ويقول شمعون بيريز في مقابلة مع أحد الإسرائيليين عام 1952م:"كنت وحدي أقف مؤيداً بناء خيار نووي إسرائيلي، وكنت في موقف صعب بسبب معارضة الجميع لي". إلا ان بن جوريون كان يقول: "سترون ان الأمور ستجرى على خير مايرام". وكان هناك من يذهب إلى بن جوريون ويقول له: "لا تصغ إلى شمعون"، انه وبيرجمان ينسجان القصص، فإسرائيل لن تستطيع ان تقييم مشروعاً كهذا. كانوا يقولون اشتر من الكنديين أو الأمريكيين، إلا أنني كنت أريد التعاون مع الفرنسيين، لأن بيرجمان كان معروفاً جداً في أوساط العلماء النوويين الفرنسيين.
وعلى أية حال، فإنه بالرغم من برنامج "الذرة من اجل السلام"، ومفاعل ناحالسوريك، فإن فرنسا، ليست الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كانت هي الطرف الرئيسي الذي أخذ بيد إسرائيل في سعيها للحصول على القنبلة النووية، فعلى مدار 14عاماً منذ 1953م وحتى 1967متعاونت فرنسا في البدء في ظل حكومة جى موليه ثم في عهد شارل ديجول مع إسرائيل وبصورة سرية في مجال الأسلحة وكذا التكنولوجيا النووية.
دوافع ثلاثة
وهناك ثلاثة دوافع تقف بوضوح وراء قرار موليه ثم ديجول في مساعدة إسرائيل على ان تصبح دولة نووية
الدافع الأول:

أن فرنسا كانت متورطة في حرب ميئوس منهاضد الثوار الجزائريين، وربما كانت فرنسا تأمل ان يؤدي التهديد الذي يمثله حصول إسرائيل على الأسلحة النووية إلى إرهاب جمال عبدالناصر والمصريين وحملهم على وقف دعمهم للجزائريين في حربهم ضد الاستعمار الفرنسي.
الدافع الثاني:

أن فرنسا كانت ترغب في تخطى العقبة النووية وهى مستقلة عسكريا عن المظلة النووية الأمريكية. فعمدت إلى تقديم المساعدة الفنية إلى إسرائيل في ميدان إنتاج الماء الثقيل، وحصلت من إسرائيل في المقابل على تكنولوجيا الكمبيوتر الأمريكية وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد فرضت خطراً على بيع أنواع معينة من الكمبيوتر إلى فرنسا خشية ان تستخدمها الأخيرة في تصميم القنابل النووية خاصة ان فرنسا أظهرت اهتماما واضحا بهذا الموضوع. كما حصلت أيضا على أساس عملية استخلاص اليورانيوم من الخامات التي يتواجد بها هذا العنصر بدرجة تركيز منخفضة.
الدافع الثالث

أن فرنسا، وقبل ان تجري تفجيرها النووي الأول عام 1960م، ربما كانت قد اعتبرت التعاون بينها وبين إسرائيل في الميدان النووي بمثابة سند تأمين ضد الفشل في بناء القنبلة النووية. فرحبت بإسهام إسرائيل بإمكاناتها العلمية والمادية في برنامج الصواريخ الفرنسي وربما أيضا في البرنامج النووي الفرنسي، باعتباره عامل تعزيز، ان يكن صغيراً، ولكنه ذو فائدة، في صراع فرنسا من أجل تحقيق المزيد من طموحاتها النووية.
وطبقاً لما ورد في كتاب هاركابى ووليم بادر "الولايات المتحدة وانتشار الأسلحة النووية"، أصبح التعاون الفرنسي -الإسرائيلي في الميدان النووي وثيقاً جداً بعد ان رفض جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكي في إدارة الرئيس ايزنهاور، الطلب الذي تقدم به ديجول من أجل قيام علاقة نووية متميزة بين فرنسا والولايات المتحدة على غرار ما تتمتع به بريطانيا. وقد اسهم هذا الرفض في نفور فرنسا من منظمة معاهدة شمال الأطلسي "الناتو" في الستينات، ودفع بها إلى مزيد من التعاون الأوثق مع إسرائيل.
وبغض النظر عما إذا كان التعاون الفرنسي -الإسرائيلي قد بلغ ذروته قبل عام 1960م أم بعده، فان جميع المتخصصين يجمعون على القول ان هذا التعاون المتبادل في المجال في المجال النووي بين البلدين استمر بعد عام 1960م حياً ومؤثراً. وعلى اثر الرفض الأمريكي للمقترحات التي تقدم بها ديجول وبعد ان فجر العلماء الفرنسيون قنبلتهم النووية الأولى في 13فبراير 1960م، نشر الجنرالان الفرنسيان بوفر وبيرجالوا مقالات وكتباً يروجان فيها للنظرية القائلة ان انتشار الأسلحة النووية قد يسهم في تحقيق الاستقرار الدولي، لأن ذلك يتيح للدول الصغيرة المعرضة ان تصبح من الناحية العسكرية نداً لجيرانها الأكبر منها.
ولعل الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي، كان في بداية الستينات على علم بأن إسرائيل تتعاون مع فرنسا في ميدان الأسلحة النووية. وفيما بعد، عرض الرئيس جونسون على إسرائيل ان يبيعها أسلحة تقليدية على أمل تسكين مخاوفها من العرب ومن وضعها العسكري كي تتراجع عن السعي لإنتاج القنبلة النووية.
وقد كتب أحد المؤلفين يقول:

"عندما أخذت إدارة الرئيس كيندي تشعر بالانشغال المتزايد بسبب مسألة الانتشار النووي بشكل عام، بدأت هذه الإدارة بالضغط على إسرائيل لإغراء هذه الأخيرة على التراجع عن مشروعها لإنتاج أسلحة نووية. إلا أن الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة لوقف التعاون النووي بين فرنسا وإسرائيل قد باءت بالفشل كما تدل على ذلك التطورات التي جدت في الستينيات".
خلال تلك السنوات من المشاركة الفرنسية الإسرائيلية في الميدان النووي، اكتسبت إسرائيل القدرات العلمية والمادية الضرورية لها كي تصبح دولة نووية. فقد أمكن للمهندسين وعلماء الفيزياء النظرية الإسرائيليين ان يعمقوا كفاءاتهم ويطوروها في مركز الأبحاث الذرية الفرنسي في ساكلى ومن المحتمل حسب قول أحد المصادر واسعة الاطلاع، ان يكون ديجول الذي كان علماؤه يقومون بإجراء التفجيرات النووية ما بين 1960م، 1964م في مناطق شمال إفريقيا، قد سمح للعلماء الإسرائيليين بالاطلاع على المعلومات التي تم التوصل إليها في اختبارات التفجيرات النووية الفرنسية. وان صح هذا القول، تصبح المساعدة الفرنسية هذه بمثابة إسهام ذي أهمية خاصة، لأن إسرائيل حسب المعلومات المتوفرة حتى الآن، لم تقم بإجراء أي تفجير نووي اختباري حتى الآن.
وفى نهاية الحديث عن الدور الفرنسي في التسليح النووى الإسرائيلي، يمكن القول ان أهم إسهام فرنسي معروف في ميدان العلوم النووية لدى الإسرائيليين في ذلك الوقت كان بناء المفاعل النووي في ديمونا والذي ساعد إسرائيل على تخطى العتبة النووية.
الدور الأمريكي في دعم البرنامج النووي الإسرائيلي:
كانت المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) تعلم منذ اللحظة الأولى لإنشاء مفاعل ديمونا النووي، ان الهدف من إقامته في منطقة قاحلة في صحراء النقب هو تطوير سلاح نووي. وأشارت مذكرة أعدها رئيس المخابرات الأمريكية إلى وزير الخارجية جون فوستر دالاس عام 1963م، ان بن جوريون أصدر في عام 1956م، أمراً بالبدء في إقامة المفاعل المذكور الذي تستخرج من نفاياته مادة البلوتونيوم الصالحة لإنتاج رؤوس نووية.
بدأت المخابرات الأمريكية في تقديم المساعدات سراً من اجل تمكين إسرائيل من امتلاك السلاح النووي، وكانت حرب 1967م عاملاً رئيسياً وراء تقديم تلك المساعدة. وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على تزويد إسرائيل بوسائل لتمكينها من الدفاع عن السكان ضد أي هجمات صاروخية بلاستيكية روسية، حيث أشارت تقارير المخابرات الإسرائيلية، بهدف ابتزاز أمريكا، وأن مصر وسوريا سوف تحصلان عليها قريباً.
أصدرت الإدارة الأمريكية تعليماتها إلى المخابرات المركزية الأمريكية بسرية تامة، ان تقوم بمساعدة إسرائيل على امتلاك قدرة على الرد ضد أي هجوم محتمل بالأسلحة المتطورة. هذه الحقيقة وردت في وثيقة أعدها مسئول كبير في المخابرات المركزية من معامل أبوللو (Apollo).
وفي عام 1960م قدمت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى الرئيس الأمريكي تقريراً حول ما يجرى في مفاعل ديمونا، وأشار التقرير إلى ان المفاعل يساعد الإسرائيليين على إنتاج قنبلة نووية واحدة كل عام على الأقل.
ولم يكن الرئيس دويت ايزنهاور يجهل حقيقة البرنامج الإسرائيلي لتطوير سلاح نووي بل كان مشاركاً فيه. فقد بدأت الولايات المتحدة في عهده تمويل البرنامج الذي كان يتم تنفيذ معظمه في معهد وايزمان للأبحاث. وقام السلاح الجوى الأمريكي وكذلك البحرية الأمريكية بتمويل بحث في الفيزياء النووية، تم إجراؤه في المعهد. وكانت واشنطن تعلم تماما أن ما يسمى بالبرنامج النووي الإسرائيلي للأغراض السلمية كان يدار من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية وانه قد تم إعداده لتطوير خيار نووي عسكري.
وفى مطلع عام 1961م، عندما زعم بن جوريون أن مفاعل ديمونا ليس إلا مصنعاً للنسيج ثم تراجع وادعى انه معهد لأبحاث المناطق الصحراوية، طلب الرئيس جون كيندي الذي كان يشغل منصبه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية من بن جوريون السماح للوكالة الدولية للطاقة النووية إجراء تفتيش على مفاعل ديمونا. ولم تقبل إسرائيل تنفيذ التفتيش وطار بن جوريون إلى نيويورك في مايو 1961م، والتقى بكيندى وتم تسوية الأمر عندها همس كيندى في أذن بن جوريون قائلاً:
"إنني لا أستطيع ان أعارض، واعرف جيداً إنني انتخبت بأصوات اليهود الأمريكان وأنا مدين لكم بفوزي".
كان شيرمان كانت رئيس هيئة تقديرات الموقف القومي في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، قد توصل في شهر مارس 1963م، إلى استنتاج يتلخص في ان إسرائيل أصبحت تمتلك أسلحة نووية، وحذر من الخطورة المترتبة على ذلك، وقال ان إسرائيل نجحت في إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بل وجرها لمساعدتها على امتلاك قدرة نووية.
وأيد الرئيس كيندي البرنامج النووي الإسرائيلي، وعبر عن هذا التأييد على مسامع شمعون بيريز مدير عام وزارة الدفاع، عندما قال إن الولايات المتحدة الأمريكية ترى في البرنامج الوطني الإسرائيلي تعويضاً لها عن خطة تطوير الصواريخ المصرية، التي تمت بمساعدة السوفيت. كما لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دوراً مهماً في التغطية على البرنامج النووي الإسرائيلي، من خلال إخفاء الحقائق ومساعدته سراً.
في عام 1969م وصل إلى أبوللو رفائيل ايتان من الموساد الإسرائيلي وهو متخصص في سرقة المعرفة الفنية العسكرية، يرافقه ابراهام حرموني الذي كان يعمل مستشاراً للشئون العلمية في السفارة الإسرائيلية في واشنطن موفداً من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي. كان الهدف من الزيارة تقرير ودور الفعل الناجمة عن سرقة كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بواسطة الدكتور زلمان شابيرا العالم الأمريكي الذي كان يعمل في معمل أبوللو. وكانت الشعبة العلمية في الموساد التي يرأسها رفائيل ايتان وراء اختفاء هذه الكمية من اليورانيوم وكمية كبيرة من المعلومات التي تم جمعها من آلاف الوثائق حول الشئون النووية.
ومن المعروف ان شابيرا الذي جندته الشعبة العلمية في الموساد الإسرائيلي كان مطلعاً على الكثير من أسرار الصناعات النووية الأمريكية، وكان يلتقي بمنزله مع أبرز علماء الذرة في الولايات المتحدة الأمريكية بحضور حرموني. وبالإضافة إلى ذلك فقد جند، شابيرا عشرات العلماء الأمريكان ليضعوا خبرتهم لصالح البرنامج النووي الإسرائيلي، كما جند عدداً من العلماء اليهود والأمريكان الذين تطوعوا للسفر إلى إسرائيل وعملوا في فاعل ديمونا. وكان شابيرا يستعين بابراهام بن تسفي الذي أصبح رئيساً لجهاز "الشين بيت"، الذي كان يدير مكتب رعاية الإسرائيليين من أصحاب المهن الحرة في نيويورك وهو واجهة للمخابرات الإسرائيلية استخدام لتجنيد الخبراء والعلماء لصالح البرنامج النووي الإسرائيلي.
وقد استطاعت إسرائيل، عن طريق نقل التكنولوجيا النووية الأمريكية المتطورة، حل جميع المشاكل والتغلب على كافة المعوقات التي كانت تقف حجر عثرة في طريق تصميم السلاح النووي وإنتاجه، وكذلك تطوير وسائل استخدامه وذلك من خلال شعبة لكام.
وعلى الرغم من انه ثبت من خلال تقارير المخابرات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي من ان حرموني ويروحام كنكافى أحد مسئولي الموساد ينشطان في نقل التكنولوجيا النووية وانهما وراء حملة واسعة لتجنيد علماء الذرة الأمريكان، من اليهود وغيرهم، للعمل في ديمونا، إلا ان وزارة الخارجية الأمريكية لم تتخذ أي إجراء بحقهما مثل الإعلان عنهما كشخصيات غير مرغوب فيها، مما يؤكد الاشتراك الفعلي للسلطات الأمريكية في بناء البرنامج النووي الإسرائيلي.
عندما ابتاعت شركة أتلانتك ديشفيلد شركة بيوميك استمر الدكتور شابيرا في العمل بالشركة. وعلى الرغم من أنه ثبت ان شابيرا كان مسئولاً عن أهم المجالات بالشركة والمتعلقة بالتكنولوجيا النووية خاصة في مجال تخصيب اليورانيوم، وانه قد تم تصنيفه بأنه "خطر" من الناحية الأمنية بعد تسريبه كميات من اليورانيوم إلى إسرائيل، وانه أيضا عميل لصالح المخابرات الإسرائيلية، فقد أحجم هنري كيسنجر بوصفه مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي، وكذا جون أرلنجمان بوصفة مستشار الرئيس الأمريكي للشئون الداخلية، عن اتخاذ أية إجراءات ضده، بل على العكس فقد تمت التغطية على نشاطه لصالح إسرائيل.
وفي بداية عام 1976م، أعد كبير الخبراء الفنيين في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA كارل دوكت، تقريراً أشار فيه إلى ان إسرائيل تمتلك من عشر إلى عشرين قنبلة نووية... وقد وجد هذا التقرير سبيله إلى الصحافة، ونفى جورج بوش الذي كان يشغل حينئذ منصب رئيس المخابرات المركزية الأمريكية وجود مثل هذا التقرير على الرغم من انه كان يحفظه في أدراج مكتبه. وقد تم إرغام كارل دوكت على الاستقاله لأسباب صحية بسبب إعداده لهذا التقرير.
وقد عمل خمسة من الرؤساء الأمريكيين، ايزنهاور، كيندي، جونسون، كارتر، ريجان، ثم جورج بوش وكلينتون على إخفاء المعلومات المتعلقة ببرنامج التسلح النووي الإسرائيلي عن الشعب الأمريكي، وعلى ستر الأنشطة التجسسية الإسرائيلية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، هذا بالإضافة إلى مساعدة وتشجيع إسرائيل على مواصلة تنفيذ برنامجها النووي الطموح.
وأشار دنيس هيل وزير الدفاع البريطاني في الحكومة العمالية عام 1963م- 1970م، في مذكراته الى دور الولايات المتحدة الأمريكية في دعم وتطوير برنامج التسلح النووي الإسرائيلي، قائلاً: "أن المجال النووي ليس هو فقط المجال الذي حققت من خلاله أمريكا التزاماتها حيال إسرائيل لكي تبلغ أهدافها الطموحة، ان البيت الأبيض الأمريكي ظل يتصور انه لا حاجة للشعب ان يعرف شيئاً عن البرنامج النووي الإسرائيلي"، كانت ومازالت وستظل متمتعة "بالحصانة" ضد أية رقابة أو تدخل دولي أو أمريكي، فالولايات المتحدة الأمريكية وإدراتها المتعاقبة، ظلت على مر العقود، تنفى وجود مثل هذا السلاح لدى إسرائيل على الرغم من تأكدها بأنها تمتلكه، بل وتعمل جاهدة على تطويره.
عناصر مقومات
القدرة النووية الإسرائيلية
يمكن القول أن هناك العديد من العناصر الداخلية التي ساعدت إسرائيل في الوصول إلى قدرتها النووية الحالية.
ويمكن تلخيص تلك العناصر في الآتي:
1 - توفر القاعدة العلمية والتكنولوجية والخبرات النووية.
2 - توفر المفاعلات والمنشآت النووية.
3 - تدبير الخامات النووية اللازمة.
4 - توفر تكنولوجيا تصميم السلاح النووي.
5 - القدرة الاقتصادية على تنفيذ برنامج نووي.
أولاً توفر القاعدة العلمية والتكنولوجية والخبرات النووية:

لقد اهتمت إسرائيل منذ قيامها بتوفير واعداد العناصر البشرية اللازمة للعمل في المجالات النووية المختلفة، وفي هذا الإطار قامت بتشجيع هجرة العلماء والخبراء والمهندسين والفنيين في المجالات النووية المختلفة من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية والشرقية لتوفير الكوادر الفنية اللازمة لمشروعها النووي. كما أنها حرصت على إرسال البعثات الدراسية للتخصص في الدراسات النووية المتقدمة، وأنشأت المعاهد العلمية ومراكز البحوث النووية كي تستوعب ما تحتاجه من كوادر بشرية متخصصة في المجال النووي.
مؤسسة الطاقة الذرية الإسرائيلية:

منذ نشأة إسرائيل في 15 مايو1948م، أخذ المسئولون فيها يخططون للحاق بركب الدول الكبرى في ميدان العلوم النووية. وقد أصبحت مؤسسة الطاقة النووية الإسرائيلية حقيقة واقعة ولم يمض على القيام إسرائيل سوى ثلاثة اشهر. ففي أغسطس 1948م بدأت هذه اللجنة تباشر نشاطها تحت الإشراف المباشر لوزارة الدفاع، ثم استقلت فيما بعد.
وكان من بين أعضائها البارزين علماء في الكيمياء أمثال دى شاليت وكوتييلى وهما فرنسيا الأصل وجولدرنج البريطاني وتالمى التشيكوسلوفاكي وبيلاج النمساوي وهابرشاييم من ألمانيا الشرقية. وقد تم إرسال هؤلاء للتخصص خارج البلاد في إبريل عام 1949م. فذهب دى شاليت وكوتيلى وجولدرنج إلى بريطانيا، وتالمى إلى ألمانيا، وبيلاج وهابرشاييم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
إن مؤسسة الطاقة الذرية تعتبر مسئولة عن تقديم التوصيات والتخطيط بعيد المدى، وطبقاً للأسبقيات الخاصة بأعمال التطوير والبحث النووي، بالإضافة إلى جميع المعلومات النووية ورعاية ودعم البحوث في المجال النووي والتعاون مع المؤسسات العالمية.
الجامعات والمعاهد والمراكز الخاصة بالنشاط النووي
ولابد من الإشارة إلى مجموعة الجامعات والمعاهد العليا ومراكز الأبحاث التي لها علاقة بالنشاط النووي في إسرائيل ومنها الجامعة العبرية في القدس، جامعة تل أبيب، جامعة حيفا، جامعة بار ايلان في رامات جان.
المعاهد التكنولوجية العالية فهي:

معهد التخنيون في حيفا، ومعهد وايزمان للعلوم في رحبوت، والمعهد الإسرائيلي للأبحاث البيولوجية. ذلك علاوة على المؤسسات العلمية المهمة وهى: مختبر الفيزياء الإسرائيلي، مؤسسة المقاييس الإسرائيلية، المجلس الوطني للأبحاث والتنمية، وشعبة التطوير في وزارة الدفاع الإسرائيلية.
مشاركة إسرائيل في النشاط العلمي الدولي :

تعتبر إسرائيل من اكثر الدول اهتماما بالمؤتمرات والحلقات والندوات العلمية في المجال النووي. مما يعكس اهتماما منقطع النظير من جانبها بتطوير نشاطها النووي طبقاً لآخر تطورات العصر.
وبالإضافة لذلك فهناك الوفود العلمية الأجنبية التي توجهت إلى المراكز والمختبرات العلمية الإسرائيلية للتدريب بموجب اتفاقيات ثنائية للمساعدة الفنية، حيث يقضى عشرات الطلبة من اليونان وقبرص والهند وغانا ونيجريا والحبشة وجنوب إفريقيا وغيرها دورات تدريبية في المختبرات الإسرائيلية. وهكذا نجح العلماء الإسرائيليون في اجتذاب الفنيين والعلماء، ولم يكتفوا بحضور المؤتمرات والندوات والاجتماعات الدولية، بل انهم دعوا إلى عقد مثلها داخل إسرائيل نفسها.
كما تشارك إسرائيل بجهود واسعة في أنشطة الوكالة الدولية للطاقة النووية، حيث يرأس العلماء الإسرائيليون معظم اللجان العلمية التابعة للوكالة، وتعتبر الوفود الإسرائيلية التي تشارك في مؤتمرات الوكالة من اكبر الوفود المشاركة حيث تضم كبار علمائها العاملين في مؤسسة الطاقة النووية الإسرائيلية.
تمتلك إسرائيل أربعة مفاعلات نووية هي:
مفاعل ريشون ليزيون
ومفاعل نا حال سوريك
ومفاعل ديمونا ومفاعل النبي روبين.
ثالثاً: توفر الخامات النووية اللازمة:
يقوم وجود المعامل الحارة لدى الإسرائيليين شاهداً على أنهم يعملون في المقام الأول على إنتاج أسلحة نووية من البلوتونيوم لأنه أفضل من اليورانيوم وأيضا يجعل صناعتهم النووية مكتفية ذاتياً من حيث المواد الخام، ويكاد يجمع كل من تناول هذا الموضوع بالبحث على ان القنابل الإسرائيلية مصنوعة من البلوتونيوم 239، وقد تكون إسرائيل قد قامت بصنع عدد قليل من القنابل النووية من اليورانيوم 235 مستخدمه كميات مهربة من هذه المادة إلا أن ذلك لايشكل برنامجاً متواصلاً يتصف بالاستمرار والتطور.
رابعاً وسائل استخدام الأسلحة النووية:

من المعروف ان إسرائيل قادرة على إطلاق رؤوسها النووية بواسطة مجموعة متنوعة من الأنظمة غير المألوفة وتشمل:
الصواريخ البلاستيكية قصيرة المدى.
صواريخ كروز.
مدافع الهاوتزر.
الطائرات العمودية أو الطائرات المدنية أوالعسكرية.
وإذا كانت إسرائيل قادرة على تصغير الرؤوس الحربية النووية حتى وزن ألف رطل فإنه يمكن لها في هذه الحالة أن تستخدم الصواريخ أريحا ولانس كوسائل استخدام رؤوس نووية.
إن تطور الصواريخ الإسريلية أرض- أرض يمثل خطراً كبيراً على المنطقة العربية وقد ازدادت هذه الخطورة مع إطلاق القمر الصناعي الإسرائيلي أُفق 2في مداره اعتبارا من يوم 3 إبريل 1990م، حيث أنه سوف يسهل إلى حد كبير الحصول على المعلومات اللازمة لتوجيه هذه الصواريخ إلى أهدافها بدقة كبيرة ويضاعف من تلك الخطورة تنوع أعيره الرؤوس النووية التي تمتلكها إسرائيل.
مخاطر الاحتكار النووي الإسرائيلي:

هناك خطر داهم يتهدد الأمة العربية بأسرها بسبب احتكار إسرائيل للسلاح النووي، وليس أدل على ذلك من إعلان زعماء إسرائيل، ومنهم شمعون بيريز عام 1984م، بأن جميع العواصم العربية من مراكش إلى بغداد رهينة في يد إسرائيل. ومن إعلان يوفال نئمان وزير العلوم الأسبق، والذي يلقب بأبي القنبلة النووية الإسرائيلية، بأن إسرائيل تستطيع ان تدمر المنطقة العربية عدة مرات.
وفي الوقت الذي تتحلى فيه الولايات المتحدة الأمريكية بالصمت على الترسانة النووية الإسرائيلية، ولا تتخذ أي إجراء من شأنه السعي لإصدار قرارات من مجلس الأمن لنزع أسلحة الدمار الشامل لدى إسرائيل، وتتواطأ معها حول إخفاء السلاح النووي في قواعد عسكرية لتجنب أية محاولة لتطبيق أي إجراءات دولية عليها وفى نفس الوقت تشجع إسرائيل وتبارك خطواتها في ضرب المنشآت النووية العربية المخصصة للأغراض السلمية وفى اغتيال العلماء والكوادر العربية، بل وتسعى جاهدة لاستصدار القرارات الدولية لتدمير القدرات النووية العربية السلمية، ثم هي أيضا تتغاضى عن عدم انضمام اسرائيل لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، ومؤخراً تكيل الاتهامات لمصر وسوريا وليبيا بامتلاك قدرات فوق تقليدية من غازات حربية وأسلحة بيولوجية.
وتأكيداً لما سبق ذكره نورد بعض الفقرات التي وردت في كتاب صادر عن المركز التربوي الإسرائيلي عام 1992م، عن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية من عهد ايزنهاور وحتى بوش فقد ورد فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت ضمانات بمنح الحصانة للمنشآت الإسرائيلية مع عدم السماح بإخضاع تلك المنشأت النووية للتفتيش الدولي بالإضافة إلى إعطاء تعهدات أخرها "إسحاق رابين" أثناء إحدى زياراته لواشنطن باستخدام "الفيتو" في حالة المطالبة بالتفتيش على المنشآت النووية الإسرائيلية، وجاء فيه أيضا ان الولايات المتحدة الأمريكية مارست وتمارس الضغط على الصين حتى تمتنع عن بيع أي مفاعلات نووية للأغراض السلمية لمصر، مع التراجع عن أي تعهدات سابقة أعطتها الصين لمصر بهذا الخصوص، هذا بالإضافة إلى وجود التزام أمريكي قاطع بعدم السماح بانتقال أية تكنولوجيا نووية أو مفاعلات نووية إلى الدول العربية حتى الدول المعتدلة منها والتي تساير السياسة الأمريكية

صور قديمه لمفاعل ديمونه

4dim031.jpg

dimona11.jpg


صاروخ Jerichco
shavit1.jpg



ارجوا ان يكون الموضوع حاز على اعجابكم
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
رد: البرنامج النووي الإسرائيلي أحداث الماضي والمستقبل

فرنسا هي المجرم الأول في عمل اول مفاعل لاسرائيل وامدادها بخرائط صناعه صواريخ جريكو الفرنسية ومنها انطلق اليهود مثل الصاروخ يعملون في صمت لجعل ترسانتهم النووية تحيط بالعالم العربي في ظل صمت وخوف غريب من الدول العربية
مشكوور اخي الجاسوس
 
رد: البرنامج النووي الإسرائيلي أحداث الماضي والمستقبل

طالما اسرائيل خارج مظلة الكشف عن مفاعلاتها النووية فحق لها ان تفعل ماتشاء
 
رد: البرنامج النووي الإسرائيلي أحداث الماضي والمستقبل

مشكوور اخي الجاسوس
 
عودة
أعلى