اولا سأقوم بوضع تعريف لمعنى كلمه ( الامن القومى) وهذه الكلمه تستحق موضوع كامل لكننى سأختصرها فى8 اسطر حتى تعم الفائده.
و تعريف (الامن القومى) هو: مفهوم حديث في العلوم السياسية ، وقد أدى دلك إلى اتسامه بالغموض مما أثار عدة مشاكل ، فلا يعد اصطلاح " الأمن " هو أفضل المصطلحات للتعبير عن الأمن الوطني للدولة المعاصرة من ناحية ، كما لم يتبلور المفهوم لكي يصبح حقلاً علمياً داخل علم السياسة منفصلاً عن علوم الاستراتيجية – تطبق عليه قواعد تأسيس النظرية ، بدءاً من وضع الفروض وتحديد مناهج البحث الملائمة ، واختيار أدوات التحقق العلمي ، وقواعد الإثبات والنفي وإمكانية الوصول إلى نظرية عامة ، وبالتالي الوصول إلى قانون يحكم ظاهرة " الأمن القومى " ويعود استخدام مصطلح " الأمن " إلى نهاية الحرب العالمية الثانية ، حيث ظهر تيار من الأدبيات يبحث في كيفية تحقيق الأمن وتلافي الحرب ، وكان من نتائجه بروز نظريات الردع والتوازن ، ثم أنشئ مجلس الأمن القومي الأمريكي عام 1974م ، ومند دلك التاريخ انتشر استخدام مفهوم " الأمن " بمستوياته المختلفة طبقاً لطبيعة الظروف المحلية والإقليمية والدولية .
لاري فرانكلين المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل
إن ارتباط اسم الجاسوس لاري فرانكلين بأسماء المحافظين الجدد العاملين فى البنتاجون، ونعني بهم دوجلاس فيث - الرجل الثالث فى وزارة الدفاع الأمريكية
الذى كان فرانكلين يعمل فى مكتبه، بالإضافة إلى بول وولفوفيتز نائب وزير الدفاع، وريتشارد بيرل، وغيرهم، وكلهم من اللوبى اليهودى الموالين لإسرائيل والمتحمسين بشدة لخدمتها والدفاع عن مصالحها، وتكريس السياسة الخارجية والدفاعية الأمريكية لتحقيق ذلك، ولو على حساب المصالح الأمريكية ..
إن هذه الحقيقة تؤكد الانطباع الموجود لدى الكثيرين بأن المحافظين الجدد فى الإدارة الأمريكية كلهم جواسيس لإسرائيل، وأن الفارق بين واحد وآخر هو هل يكتشف الجاسوس أو لا يكتشف، لذلك فإن ماأكتشف من عمليات تجسس عديدة قام بها هؤلاء المحافظون الجدد لا يقارن بما لم يكتشف حتى الآن أو اكتشف ولم يعلن عنه:
في عام 1970 تنصت عملاء FBI على محادثة تليفونية أجراها ريتشارد بيرل وناقش فيها أسرار مجلس الأمن القومى الأمريكى مع السفارة الإٍسرائيلية، وفى سنة 1978 طلب ستانفيلد تيرنر - رئيس وكالة المخابرات المركزية - من السيناتور الديموقراطى جاكسون طرد بيرل لأنه حصل على معلومات سرية لا حق له برؤيتها. كما تعرض بيرل إلى مساءلات مالية على امتداد نشاطه العملي من تلقي أجر استشاري من شركة (تاما ريس) الإسرائيلية لصنع السلاح عام 1981، إلى تليى ملايين الدولارات من شركة (هولنجر) عبر صديقه الليكودى كونراد بلاك عام 2004 مما أدى إلى سقوطه.
وفى عام 1982 أجري تحقيق مع دوجلاس فيث بسبب إعطائه وثائق سرية للسفارة الإسرائيلية فى واشنطن، وبعد أن تم طرده من مجلس الأمن القومى، أخذه ريتشارد بيرل معه فى البنتاجون. وعندما غادر فيث البنتاجون عام 1986 أسس شركة قانونية فى إسرائيل، وبعد ذلك عينه رامسفيلد فى وزارة الدفاع عام 2001 حيث شكل مكتب الخطط الخاصة الذى قدم للبيت الأبيض معلومات استخبارية حصل عليها من إسرائيل سهلت على الإدارة الأمريكية تبرير قرار الحرب على العراق عام 2003، وتبين بعد ذلك أنها معلومات زائفة.
وفى عام 1986 اشترك بيرل وفيث وشخص ثالث يدعى (وورمر) فى كتابة ورقة بحثية لرئيس وزراء إسرائيل الأسبق ناتنياهو، تدعو للتخلص من اتفاقيات أوسلو بالمكر والخداع، وإعادة احتلال الضفة الغربية والإطاحة بنظام صدام حسين، باعتبار هذه الخطوات "هدفاً استراتيجياً إسرائيلياً مهماً".
وفى عام 1998وقع وولوفيتز وبيرل على رسالة مفتوحة من مجموعة جبهة المحافظين الجدد (بناك) إلى الرئيس كلينتون تحثه على نبذ السبل الدبلوماسية وشن الحرب على العراق، متعهدين بدعمه بكل قواهم. وكان من الواضح لإدارة كلينتون (الديموقراطية) أن إسرائيل كانت وراء هذه الرسالة. وفى 1-1-2001 وقبل ثلاثة أشهر فقط من أحداث 11 سبتمبر، دعا (وورمر) - الذى كان يشغل مقعداً فى معهد (أميركان انتربرايز) - إلى شن غارات جوية أمريكية-إسرائيلية مشتركة ضد كل من العراق وإيران وسوريا وليبيا.
وبجانب معارضة فيث كل اتفاقات السلام فى الشرق الأوسط، ومعاهدة الحد من الأسلحة البيولوجية 1986، ومعاهدة الأسلحة النووية 1988، ومعاهدة الأسلحة الكيماوية 1997، فقد كتب مقالاً فى مجلة (كومنتري) 1992 زعم فيه "أن من مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل إزالة العوائق فى وجه التعاون التكنولوجى بينهما، وأن التكنولوجيا فى أيدي بلدان صديقة مسئولة تواجه خطراً عسكرياً، بلدان من نوع إسرائيل، سيعمل على الحد من خطر العدوان وتعزز فرص الاستقرار الإقليمى، وبالتالى تساعد على السلام". ومعنى هذا الكلام أن فيث يبرر التجسس لصالح إسرائيل حتى تفرض هيمنتها التوسعية على منطقة الشرق الأوسط، وذلك بتزويدها بأسرار أمريكا التكنولوجية، وباعتبار أن كل ما لدى الولايات المتحدة ينبغي أن يكون حلاً لإسرائيل، رغم أن قانون التجسس الأمريكى يمنع فى إحدى فقراته نقل المعلومات إلى طرف آخر من دون إذن.
وطبقاً لشهادة ريتشارد كلارك، الرئيس السابق لشئون مكافحة الإرهاب فى البيت الأبيض، فإن وولفوفيتز أراد فى إبريل عام 2001 بتأخير أولوية الإمساك بابن لادن فى قائمة اهتمام السياسة الأمريكية، وأن يعطى أولوية وتركيز لموضوع العراق فى المقابل. وطبقاً لما ذكره الكاتب الأمريكى بوب وودوارد فإن وولفوفيتز بعد ساعات من هجمات 11سبتمبر دعا إلى غزو العراق وليس أفغانستان، وقد اختارت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية بول وولفوفيتز للقب (رجل العام)، وذلك للدور المهم الذى لعبه فى دفع الولايات المتحدة إلى حرب العراق.
وقد ذكر الكاتب الأمريكى باتريك بوكانان فى كتابه (مواضع الخطأ فى مسيرة التيار اليميني): "أن أمريكا تحتاج لسياسة خاصة بالشرق الأوسط تُصنع فى الولايات المتحدة وليس فى تل أبيب أو في أروقة إيباك أو معهد أميركان انتربرايز". كما طالب بوكانان الرئيس الأمريكى بوش بتعيين باتريك فيتزجيرالد على رأس فريق التحقيق فى أنشطة التجسس الإسرائيلية، التى ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى ضد أمريكا مادامت هذه الأنشطة التجسسية قد وصلت إلى عمق البنتاجون، وأن على الرئيس الأمريكى أن يتحرك بسرعة فى هذا الاتجاه.
ويقول الكاتب الصحفى (ستيفن جرين) أن وولفوفيتز الذى كان يعمل فى سنة 1978 بوكالة الحد من التسلح، تعرض أيضاَ لتحقيق معه بتهمة تقديم وثيقة سرية عن بيع أسلحة أمريكية للسعودية إلى الحكومة الإسرائيلية عبر وسيط من (إيباك). وقد عاد وولفوفيتز إلى مثل هذا السلوك التجسسى لصالح إسرائيل فى عام 1990، وكان يعمل وكيلاً لوزير الدفاع للشئون السياسية عندما كان ديك تشينى وزيراً للدفاع فى إدارة بوش الأب. كما أجري تحقيق آخر معه أظهر أن وولفوفيتز روَّج داخل البنتاجون لبيع صواريخ متقدمة EIM-9-M، وترك وولفوفيتز وزارة الدفاع فى أيام الرئيس كلينتون، وبقي يعمل لإسرائيل من الخارج.
ويعتبر (ستيفن برايان) السابق الإشارة إليه أحد المحافظين الجدد الذين اتهموا أيضاً بالتجسس لإسرائيل، عندما كان يعمل عام 1979فى لجنة الشئون الخارجية لمجلس الشيوخ واتهمه المدعى العام بالتجسس لصالح إسرائيل، حيث سرّب وثائق سرية بعضها يتعلق بالقواعد العسكرية السعودية إلى رئيس عمليات الموساد فى واشنطن (زيفي رافيا) بحضور مندوب (إيباك)، ولكن بضغوط من اللوبى الصهيونى لم يحاكم برايان، بل على العكس من ذلك فقد عينه ريتشارد بيرل مساعداً لوزير الدفاع لسياسة الأمن الدولى، واختاره بيرل مساعداً له أيضاً، الوضع الذى مكن برايان من الاطلاع على الوثائق السرية، التى وجدت طريقها بسهولة إلى إسرائيل. وتأكيداً لولائه لإسرائيل، نجده فى عام 1988 عندما احتاجت إسرائيل إلى قطع حساسة لصاروخها المضاد للصاروخ (آرو) - عبارة عن مكبرات مايكرويف دقيقة تسمى "كليسترونز" وهى من أهم نتاج التكنولوجيا الأمريكية المفروض عليها درجة عالية من السرية وغير مسموح بتصديرها- نجد أن برايان طلب من وزارة الدفاع إذناً لشركة (فاريان) بتصديرها إلى إسرائيل، ولكن مساعد وزير الدفاع (ريتشارد آرميتاج) أصر على رفض تصدير هذه القطع إلى إسرائيل، وكانت النتيجة أن منعت شركة (فاريان) من التعامل مع وزارة الدفاع.
أما (مايكل ليدين) فإنه يعتبر أحد أخطر منظري المحافظين الجدد، والمدافع عن سياسة شارون، فقد انضم ليدين - بتوصية من ريتشارد بيرل - إلى وزارة الدفاع 1983 ليعمل مستشاراً فى شئون الإرهاب، وقد أثار شكوك رئيسه (نيل كوتش) بسبب حرصه على قراءة التقارير السرية، وعندما ذهب الرجلان إلى إيطاليا كشف ممثل المخابرات المركزية هناك اتصالات (ليدين) مع ممثل الموساد فى روما. كما حاول ليدين فى وقت لاحق الحصول على تقريرين بالغي السرية، ولكن كوتش رفض طلبه. ورغم ماضي ليدين التجسسي فقد انتقل إلى مجلس الأمن القومى رغم اعتراض مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI، ورغم أن وزارة العدل كانت فى عام 1986 قد فتحت تحقيقات عدة حول عمليات التجسس التى تجرى لصالح إسرائيل وسرقة تكنولوجيا عسكرية أمريكية كان (ليدين) طرفاً فيها.
وقد أبدى (روبرت ماكفارلين) رئيس مجلس الأمن القومى عام 1985شكوكاً فى ولاء (ليدين)، لذلك منعه من الحصول على معلومات عملياتية عن الأزمة مع إيران، كما طلب (جورج شولتز) وزير الخارجية الأمريكية آنذاك إبعاده عن مجالات التعاون الإستخباراتى مع إسرائيل. كما طلب(أوليفر نورث) من رئيس مجلس الأمن القومى (جون بويندكستر) فى عام 1986 أن يعرض (ليدين) على جهاز كشف الكذب بانتظام لعدم الثقة فيه. وقد سقط (ليدين) بعد ذلك بشكل واضح فى فضيحة (إيران كونترا). وفى 30 أبريل 2003 كتب مقالا للمعهد اليهودى لشئون الأمن القومى (جينسا) كشف فيه أوراقه حين قال: "حان الوقت للتركيز على إيران .. أمّ الإرهاب المعاصر .. انتهى زمن الدبلوماسية، والآن زمن تحرير إيران وتحرير سوريا وتحرير لبنان".
ويذكر الصحفى المحقق (جيم لوب) نقلاً عن العقيد المتقاعدة (كارين كوياتكوفسكي) التى عملت فى مكتب الشرق الأدنى وجنوب آسيا فى الوزارة قولها: أإن مجموعة من الإسرائيليين بينهم بعض الجنرالات زاروا مكتب فايث فى الوزارة، وتجولوا بين الأروقة من دون مساعدة، مما يدل على معرفتهم الجيدة بالمكان دون تسجيل أسمائهم رغم التعليمات التى صدرت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 والتى تقضى بتسجيل أسماء جميع الزوار، إلا أن فايث طلب عدم تسجيل أسماء الإسرائيليين، حتى لا يكون هناك محضر للاجتماع.
وتضيف كوياتكوفسكى أنها بين مايو 2002وفبراير 2003 شاهدت تأسيس مكتب الخطط الخاصة، وكيف انتزع المحافظون الجدد السيطرة على السياسة والاستخبارات لدفع البلاد نحو غزو العراق، كما تعمدوا توتير العلاقة بين أركان الإدارة والمسئولين فى الاستخبارات، واستغلوا المعلومات بما يناسب خدمة أهداف ومخططات إسرائيل، بعد أن استبعدوا كل المعتدلين العاملين فى الأقسام الرئيسية بالبنتاجون. ولقد اتضح لها بعد دراسة أسلوب عمل المحافظين الجدد فى البنتاجون أن عددهم قليل، وأنهم يجتمعون بانتظام مع مسئولين إسرائيليين لتنسيق ورسم خطط العمل فى الإدارة الأمريكية وخارجها، ويتابعون ما يوضع منها موضع التنفيذ بالإضافة لشئون الأمن القومى، وذلك منذ عدة عقود.
كما يذكر الكاتب الأمريكى (جيسون فيست) - الذى كتب كثيراً فى قضايا الشئون العسكرية والمخابراتية الأمريكية - فى صحيفة الديلى ستار: "يمكننى أن أصف رد فعل هذه الفضيحة على مجتمع المخابرات الأمريكية بأنه شعور مليء بالغضب والازدراء. إلا أن ما حدث رغم وقعه الشديد لم يكن مفاجأة لمن يتابعون العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية، وتسلل النفوذ الإسرائيلى لدوائر صنع القرار الأمريكى، كما لا يصدق أحد ما ذكره المسئولون الإسرائيليون حول امتناعهم عن ممارسة عمليات تجسس على أمريكا بعد قضية جوناثان بولارد".
ويضيف فيست: "إن عملية فرانكلين يمكن اعتبارها من عمليات المخابرات غير الرسمية - مثل عملية إيران-كونترا - كما أنها مشروع عمل بدون هيكل رسمى، إلا أن خطورتها أنها جرت على مستوى عال، لاعتقاد من قاموا بها أنها يمكن أن تحقق نتائج أفضل لصالح إسرائيل عما يجرى من اتصالات رسمية .. إن هذه القضية من المؤكد أنها ستشعل وتثير أسئلة كثيرة حول مدى النفوذ الإسرائيلى على السياسة الأمريكية تجاه إيران، إلى جانب ما أثير حول دور إسرائيل فى تحفيز أمريكا على شن الحرب ض العراق عام 2003، خاصة أن فرانكلين الذى سبق له العمل فى إسرائيل ومعروف بتأييده ودعمه لها، يعمل تحت رئاسة اثنين من أقوى صقور المحافظين الجدد، هما ويليام ج. لوتى نائب وكيل وزارة الدفاع، ودوجلاس فيث وكيل وزارة الدفاع للشئون السياسية. إلا أن فيست حذَّر فى مقاله، أنه برغم أهمية الكشف عن كل أجناب الحقيقة فى هذه القضية، إلا أن هناك خطراًَ بأن يؤدي ذلك إلى توجيه اتهامات غير عادلة ضد اليهود الأمريكيين بالولاء المزدوج.
أما (جيمس بامفورد) - مراقب قديم لمجتمع المخابرات الأمريكية، ومؤلف كتاب صدر أخيراً بعنوان Pretext for War-) ذريعة الحرب)، فقد قال: "إن التحقيقات فى قضية فرانكلين لم تفاجئنى إطلاقاً، ذلك أن فرانكلين يعمل مع فيث، الذى يعد من أكبر المتطرفين المؤيدين لإسرائيل. وهو ما يتطلب من المسئولين الأمريكيين توافر الشجاعة الكافية لإلقاء نظرة أخرى على نفوذ إسرائيل فى دوافع الحرب ضد العراق. لقد كان شارون يدفع أمريكا للدخول فى هذه الحرب منذ أغسطس 2002م . إن المحافظين الجدد فى الإدارة الأمريكية يحيطون أنفسهم دائماً بأناس متطرفين فى تأييدهم لإسرائيل, وممن لديهم ثقة زائدة بالنفس لذلك فهم يشعرون بأن لا أحد باستطاعته إيقافهم أو حتى ملاحظتهم. ولكن من حسن الحظ أن مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI يعتبر جهازاً مستقلاً عن البنتاجون. لذلك فإن من الأمور ذات المغزى فى قضية فرانكلين وتثير كثيراً من التساؤلات أن الFBI سبق وأبلغت وزير الدفاع رامسفيلد ونائبه وولفوفيتز بهذه المعلومات، ولكنها لإدراكها حقيقة تورط فيث فى القضية، فإنها لم تبلغه بما لديها من معلومات.
يتضح مما سبق أن هناك وكراً إسرائيلياً فى وزارة الدفاع الأمريكية، ينفذ سياسة ليكودية متطرفة تعمل لخدمة إسرائيل وتحقيق أهدافها فى الأمد البعيد. وأن المحافظين الجدد فى البنتاجون هم العاملون فى هذا الوكر، وهم ليسوا ديموقراطيين أو جمهوريين، وإنما دائماً يتنقلون بين الحزبين، والذى يجمعهم جميعاً هو خدمة إسرائيل. و"نيوكونز" هو مصطلح مختصر لهؤلاء المحافظين New Cons الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وحدها ولو على حساب مصالح أمريكا نفسها، لذلك فإن وصفهم بالولاء المزدوج يعتبر صحيحاً، لأنهم كلهم متطرفون يتجسسون لخدمة إسرائيل،وبما يشكل تهديداً خطيراً للمصالح الأمريكية والأمن القومى الأمريكى.
وأغرب ما فى فضيحة التجسس الإسرائيلى الأخيرة، أن أطرافها متهمون بالتجسس لإسرائيل على مدى عقود، لذلك فإن اكتشاف هذه الفضيحة ليس بغريب، ولكن الغريب فى هذه القضية أن يسمح لأطرافها بشغل مراكز حساسة فى الإدارة الأمريكية بعد أن تعرضوا لتحقيقات سابقة تكاد تكون نسخة طبق الأصل من التحقيق الجارى حالياً فى قضية لاري فرانكلين الأخيرة
و تعريف (الامن القومى) هو: مفهوم حديث في العلوم السياسية ، وقد أدى دلك إلى اتسامه بالغموض مما أثار عدة مشاكل ، فلا يعد اصطلاح " الأمن " هو أفضل المصطلحات للتعبير عن الأمن الوطني للدولة المعاصرة من ناحية ، كما لم يتبلور المفهوم لكي يصبح حقلاً علمياً داخل علم السياسة منفصلاً عن علوم الاستراتيجية – تطبق عليه قواعد تأسيس النظرية ، بدءاً من وضع الفروض وتحديد مناهج البحث الملائمة ، واختيار أدوات التحقق العلمي ، وقواعد الإثبات والنفي وإمكانية الوصول إلى نظرية عامة ، وبالتالي الوصول إلى قانون يحكم ظاهرة " الأمن القومى " ويعود استخدام مصطلح " الأمن " إلى نهاية الحرب العالمية الثانية ، حيث ظهر تيار من الأدبيات يبحث في كيفية تحقيق الأمن وتلافي الحرب ، وكان من نتائجه بروز نظريات الردع والتوازن ، ثم أنشئ مجلس الأمن القومي الأمريكي عام 1974م ، ومند دلك التاريخ انتشر استخدام مفهوم " الأمن " بمستوياته المختلفة طبقاً لطبيعة الظروف المحلية والإقليمية والدولية .
لاري فرانكلين المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل
إن ارتباط اسم الجاسوس لاري فرانكلين بأسماء المحافظين الجدد العاملين فى البنتاجون، ونعني بهم دوجلاس فيث - الرجل الثالث فى وزارة الدفاع الأمريكية
الذى كان فرانكلين يعمل فى مكتبه، بالإضافة إلى بول وولفوفيتز نائب وزير الدفاع، وريتشارد بيرل، وغيرهم، وكلهم من اللوبى اليهودى الموالين لإسرائيل والمتحمسين بشدة لخدمتها والدفاع عن مصالحها، وتكريس السياسة الخارجية والدفاعية الأمريكية لتحقيق ذلك، ولو على حساب المصالح الأمريكية ..
إن هذه الحقيقة تؤكد الانطباع الموجود لدى الكثيرين بأن المحافظين الجدد فى الإدارة الأمريكية كلهم جواسيس لإسرائيل، وأن الفارق بين واحد وآخر هو هل يكتشف الجاسوس أو لا يكتشف، لذلك فإن ماأكتشف من عمليات تجسس عديدة قام بها هؤلاء المحافظون الجدد لا يقارن بما لم يكتشف حتى الآن أو اكتشف ولم يعلن عنه:
في عام 1970 تنصت عملاء FBI على محادثة تليفونية أجراها ريتشارد بيرل وناقش فيها أسرار مجلس الأمن القومى الأمريكى مع السفارة الإٍسرائيلية، وفى سنة 1978 طلب ستانفيلد تيرنر - رئيس وكالة المخابرات المركزية - من السيناتور الديموقراطى جاكسون طرد بيرل لأنه حصل على معلومات سرية لا حق له برؤيتها. كما تعرض بيرل إلى مساءلات مالية على امتداد نشاطه العملي من تلقي أجر استشاري من شركة (تاما ريس) الإسرائيلية لصنع السلاح عام 1981، إلى تليى ملايين الدولارات من شركة (هولنجر) عبر صديقه الليكودى كونراد بلاك عام 2004 مما أدى إلى سقوطه.
وفى عام 1982 أجري تحقيق مع دوجلاس فيث بسبب إعطائه وثائق سرية للسفارة الإسرائيلية فى واشنطن، وبعد أن تم طرده من مجلس الأمن القومى، أخذه ريتشارد بيرل معه فى البنتاجون. وعندما غادر فيث البنتاجون عام 1986 أسس شركة قانونية فى إسرائيل، وبعد ذلك عينه رامسفيلد فى وزارة الدفاع عام 2001 حيث شكل مكتب الخطط الخاصة الذى قدم للبيت الأبيض معلومات استخبارية حصل عليها من إسرائيل سهلت على الإدارة الأمريكية تبرير قرار الحرب على العراق عام 2003، وتبين بعد ذلك أنها معلومات زائفة.
وفى عام 1986 اشترك بيرل وفيث وشخص ثالث يدعى (وورمر) فى كتابة ورقة بحثية لرئيس وزراء إسرائيل الأسبق ناتنياهو، تدعو للتخلص من اتفاقيات أوسلو بالمكر والخداع، وإعادة احتلال الضفة الغربية والإطاحة بنظام صدام حسين، باعتبار هذه الخطوات "هدفاً استراتيجياً إسرائيلياً مهماً".
وفى عام 1998وقع وولوفيتز وبيرل على رسالة مفتوحة من مجموعة جبهة المحافظين الجدد (بناك) إلى الرئيس كلينتون تحثه على نبذ السبل الدبلوماسية وشن الحرب على العراق، متعهدين بدعمه بكل قواهم. وكان من الواضح لإدارة كلينتون (الديموقراطية) أن إسرائيل كانت وراء هذه الرسالة. وفى 1-1-2001 وقبل ثلاثة أشهر فقط من أحداث 11 سبتمبر، دعا (وورمر) - الذى كان يشغل مقعداً فى معهد (أميركان انتربرايز) - إلى شن غارات جوية أمريكية-إسرائيلية مشتركة ضد كل من العراق وإيران وسوريا وليبيا.
وبجانب معارضة فيث كل اتفاقات السلام فى الشرق الأوسط، ومعاهدة الحد من الأسلحة البيولوجية 1986، ومعاهدة الأسلحة النووية 1988، ومعاهدة الأسلحة الكيماوية 1997، فقد كتب مقالاً فى مجلة (كومنتري) 1992 زعم فيه "أن من مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل إزالة العوائق فى وجه التعاون التكنولوجى بينهما، وأن التكنولوجيا فى أيدي بلدان صديقة مسئولة تواجه خطراً عسكرياً، بلدان من نوع إسرائيل، سيعمل على الحد من خطر العدوان وتعزز فرص الاستقرار الإقليمى، وبالتالى تساعد على السلام". ومعنى هذا الكلام أن فيث يبرر التجسس لصالح إسرائيل حتى تفرض هيمنتها التوسعية على منطقة الشرق الأوسط، وذلك بتزويدها بأسرار أمريكا التكنولوجية، وباعتبار أن كل ما لدى الولايات المتحدة ينبغي أن يكون حلاً لإسرائيل، رغم أن قانون التجسس الأمريكى يمنع فى إحدى فقراته نقل المعلومات إلى طرف آخر من دون إذن.
وطبقاً لشهادة ريتشارد كلارك، الرئيس السابق لشئون مكافحة الإرهاب فى البيت الأبيض، فإن وولفوفيتز أراد فى إبريل عام 2001 بتأخير أولوية الإمساك بابن لادن فى قائمة اهتمام السياسة الأمريكية، وأن يعطى أولوية وتركيز لموضوع العراق فى المقابل. وطبقاً لما ذكره الكاتب الأمريكى بوب وودوارد فإن وولفوفيتز بعد ساعات من هجمات 11سبتمبر دعا إلى غزو العراق وليس أفغانستان، وقد اختارت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية بول وولفوفيتز للقب (رجل العام)، وذلك للدور المهم الذى لعبه فى دفع الولايات المتحدة إلى حرب العراق.
وقد ذكر الكاتب الأمريكى باتريك بوكانان فى كتابه (مواضع الخطأ فى مسيرة التيار اليميني): "أن أمريكا تحتاج لسياسة خاصة بالشرق الأوسط تُصنع فى الولايات المتحدة وليس فى تل أبيب أو في أروقة إيباك أو معهد أميركان انتربرايز". كما طالب بوكانان الرئيس الأمريكى بوش بتعيين باتريك فيتزجيرالد على رأس فريق التحقيق فى أنشطة التجسس الإسرائيلية، التى ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى ضد أمريكا مادامت هذه الأنشطة التجسسية قد وصلت إلى عمق البنتاجون، وأن على الرئيس الأمريكى أن يتحرك بسرعة فى هذا الاتجاه.
ويقول الكاتب الصحفى (ستيفن جرين) أن وولفوفيتز الذى كان يعمل فى سنة 1978 بوكالة الحد من التسلح، تعرض أيضاَ لتحقيق معه بتهمة تقديم وثيقة سرية عن بيع أسلحة أمريكية للسعودية إلى الحكومة الإسرائيلية عبر وسيط من (إيباك). وقد عاد وولفوفيتز إلى مثل هذا السلوك التجسسى لصالح إسرائيل فى عام 1990، وكان يعمل وكيلاً لوزير الدفاع للشئون السياسية عندما كان ديك تشينى وزيراً للدفاع فى إدارة بوش الأب. كما أجري تحقيق آخر معه أظهر أن وولفوفيتز روَّج داخل البنتاجون لبيع صواريخ متقدمة EIM-9-M، وترك وولفوفيتز وزارة الدفاع فى أيام الرئيس كلينتون، وبقي يعمل لإسرائيل من الخارج.
ويعتبر (ستيفن برايان) السابق الإشارة إليه أحد المحافظين الجدد الذين اتهموا أيضاً بالتجسس لإسرائيل، عندما كان يعمل عام 1979فى لجنة الشئون الخارجية لمجلس الشيوخ واتهمه المدعى العام بالتجسس لصالح إسرائيل، حيث سرّب وثائق سرية بعضها يتعلق بالقواعد العسكرية السعودية إلى رئيس عمليات الموساد فى واشنطن (زيفي رافيا) بحضور مندوب (إيباك)، ولكن بضغوط من اللوبى الصهيونى لم يحاكم برايان، بل على العكس من ذلك فقد عينه ريتشارد بيرل مساعداً لوزير الدفاع لسياسة الأمن الدولى، واختاره بيرل مساعداً له أيضاً، الوضع الذى مكن برايان من الاطلاع على الوثائق السرية، التى وجدت طريقها بسهولة إلى إسرائيل. وتأكيداً لولائه لإسرائيل، نجده فى عام 1988 عندما احتاجت إسرائيل إلى قطع حساسة لصاروخها المضاد للصاروخ (آرو) - عبارة عن مكبرات مايكرويف دقيقة تسمى "كليسترونز" وهى من أهم نتاج التكنولوجيا الأمريكية المفروض عليها درجة عالية من السرية وغير مسموح بتصديرها- نجد أن برايان طلب من وزارة الدفاع إذناً لشركة (فاريان) بتصديرها إلى إسرائيل، ولكن مساعد وزير الدفاع (ريتشارد آرميتاج) أصر على رفض تصدير هذه القطع إلى إسرائيل، وكانت النتيجة أن منعت شركة (فاريان) من التعامل مع وزارة الدفاع.
أما (مايكل ليدين) فإنه يعتبر أحد أخطر منظري المحافظين الجدد، والمدافع عن سياسة شارون، فقد انضم ليدين - بتوصية من ريتشارد بيرل - إلى وزارة الدفاع 1983 ليعمل مستشاراً فى شئون الإرهاب، وقد أثار شكوك رئيسه (نيل كوتش) بسبب حرصه على قراءة التقارير السرية، وعندما ذهب الرجلان إلى إيطاليا كشف ممثل المخابرات المركزية هناك اتصالات (ليدين) مع ممثل الموساد فى روما. كما حاول ليدين فى وقت لاحق الحصول على تقريرين بالغي السرية، ولكن كوتش رفض طلبه. ورغم ماضي ليدين التجسسي فقد انتقل إلى مجلس الأمن القومى رغم اعتراض مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI، ورغم أن وزارة العدل كانت فى عام 1986 قد فتحت تحقيقات عدة حول عمليات التجسس التى تجرى لصالح إسرائيل وسرقة تكنولوجيا عسكرية أمريكية كان (ليدين) طرفاً فيها.
وقد أبدى (روبرت ماكفارلين) رئيس مجلس الأمن القومى عام 1985شكوكاً فى ولاء (ليدين)، لذلك منعه من الحصول على معلومات عملياتية عن الأزمة مع إيران، كما طلب (جورج شولتز) وزير الخارجية الأمريكية آنذاك إبعاده عن مجالات التعاون الإستخباراتى مع إسرائيل. كما طلب(أوليفر نورث) من رئيس مجلس الأمن القومى (جون بويندكستر) فى عام 1986 أن يعرض (ليدين) على جهاز كشف الكذب بانتظام لعدم الثقة فيه. وقد سقط (ليدين) بعد ذلك بشكل واضح فى فضيحة (إيران كونترا). وفى 30 أبريل 2003 كتب مقالا للمعهد اليهودى لشئون الأمن القومى (جينسا) كشف فيه أوراقه حين قال: "حان الوقت للتركيز على إيران .. أمّ الإرهاب المعاصر .. انتهى زمن الدبلوماسية، والآن زمن تحرير إيران وتحرير سوريا وتحرير لبنان".
ويذكر الصحفى المحقق (جيم لوب) نقلاً عن العقيد المتقاعدة (كارين كوياتكوفسكي) التى عملت فى مكتب الشرق الأدنى وجنوب آسيا فى الوزارة قولها: أإن مجموعة من الإسرائيليين بينهم بعض الجنرالات زاروا مكتب فايث فى الوزارة، وتجولوا بين الأروقة من دون مساعدة، مما يدل على معرفتهم الجيدة بالمكان دون تسجيل أسمائهم رغم التعليمات التى صدرت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 والتى تقضى بتسجيل أسماء جميع الزوار، إلا أن فايث طلب عدم تسجيل أسماء الإسرائيليين، حتى لا يكون هناك محضر للاجتماع.
وتضيف كوياتكوفسكى أنها بين مايو 2002وفبراير 2003 شاهدت تأسيس مكتب الخطط الخاصة، وكيف انتزع المحافظون الجدد السيطرة على السياسة والاستخبارات لدفع البلاد نحو غزو العراق، كما تعمدوا توتير العلاقة بين أركان الإدارة والمسئولين فى الاستخبارات، واستغلوا المعلومات بما يناسب خدمة أهداف ومخططات إسرائيل، بعد أن استبعدوا كل المعتدلين العاملين فى الأقسام الرئيسية بالبنتاجون. ولقد اتضح لها بعد دراسة أسلوب عمل المحافظين الجدد فى البنتاجون أن عددهم قليل، وأنهم يجتمعون بانتظام مع مسئولين إسرائيليين لتنسيق ورسم خطط العمل فى الإدارة الأمريكية وخارجها، ويتابعون ما يوضع منها موضع التنفيذ بالإضافة لشئون الأمن القومى، وذلك منذ عدة عقود.
كما يذكر الكاتب الأمريكى (جيسون فيست) - الذى كتب كثيراً فى قضايا الشئون العسكرية والمخابراتية الأمريكية - فى صحيفة الديلى ستار: "يمكننى أن أصف رد فعل هذه الفضيحة على مجتمع المخابرات الأمريكية بأنه شعور مليء بالغضب والازدراء. إلا أن ما حدث رغم وقعه الشديد لم يكن مفاجأة لمن يتابعون العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية، وتسلل النفوذ الإسرائيلى لدوائر صنع القرار الأمريكى، كما لا يصدق أحد ما ذكره المسئولون الإسرائيليون حول امتناعهم عن ممارسة عمليات تجسس على أمريكا بعد قضية جوناثان بولارد".
ويضيف فيست: "إن عملية فرانكلين يمكن اعتبارها من عمليات المخابرات غير الرسمية - مثل عملية إيران-كونترا - كما أنها مشروع عمل بدون هيكل رسمى، إلا أن خطورتها أنها جرت على مستوى عال، لاعتقاد من قاموا بها أنها يمكن أن تحقق نتائج أفضل لصالح إسرائيل عما يجرى من اتصالات رسمية .. إن هذه القضية من المؤكد أنها ستشعل وتثير أسئلة كثيرة حول مدى النفوذ الإسرائيلى على السياسة الأمريكية تجاه إيران، إلى جانب ما أثير حول دور إسرائيل فى تحفيز أمريكا على شن الحرب ض العراق عام 2003، خاصة أن فرانكلين الذى سبق له العمل فى إسرائيل ومعروف بتأييده ودعمه لها، يعمل تحت رئاسة اثنين من أقوى صقور المحافظين الجدد، هما ويليام ج. لوتى نائب وكيل وزارة الدفاع، ودوجلاس فيث وكيل وزارة الدفاع للشئون السياسية. إلا أن فيست حذَّر فى مقاله، أنه برغم أهمية الكشف عن كل أجناب الحقيقة فى هذه القضية، إلا أن هناك خطراًَ بأن يؤدي ذلك إلى توجيه اتهامات غير عادلة ضد اليهود الأمريكيين بالولاء المزدوج.
أما (جيمس بامفورد) - مراقب قديم لمجتمع المخابرات الأمريكية، ومؤلف كتاب صدر أخيراً بعنوان Pretext for War-) ذريعة الحرب)، فقد قال: "إن التحقيقات فى قضية فرانكلين لم تفاجئنى إطلاقاً، ذلك أن فرانكلين يعمل مع فيث، الذى يعد من أكبر المتطرفين المؤيدين لإسرائيل. وهو ما يتطلب من المسئولين الأمريكيين توافر الشجاعة الكافية لإلقاء نظرة أخرى على نفوذ إسرائيل فى دوافع الحرب ضد العراق. لقد كان شارون يدفع أمريكا للدخول فى هذه الحرب منذ أغسطس 2002م . إن المحافظين الجدد فى الإدارة الأمريكية يحيطون أنفسهم دائماً بأناس متطرفين فى تأييدهم لإسرائيل, وممن لديهم ثقة زائدة بالنفس لذلك فهم يشعرون بأن لا أحد باستطاعته إيقافهم أو حتى ملاحظتهم. ولكن من حسن الحظ أن مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI يعتبر جهازاً مستقلاً عن البنتاجون. لذلك فإن من الأمور ذات المغزى فى قضية فرانكلين وتثير كثيراً من التساؤلات أن الFBI سبق وأبلغت وزير الدفاع رامسفيلد ونائبه وولفوفيتز بهذه المعلومات، ولكنها لإدراكها حقيقة تورط فيث فى القضية، فإنها لم تبلغه بما لديها من معلومات.
يتضح مما سبق أن هناك وكراً إسرائيلياً فى وزارة الدفاع الأمريكية، ينفذ سياسة ليكودية متطرفة تعمل لخدمة إسرائيل وتحقيق أهدافها فى الأمد البعيد. وأن المحافظين الجدد فى البنتاجون هم العاملون فى هذا الوكر، وهم ليسوا ديموقراطيين أو جمهوريين، وإنما دائماً يتنقلون بين الحزبين، والذى يجمعهم جميعاً هو خدمة إسرائيل. و"نيوكونز" هو مصطلح مختصر لهؤلاء المحافظين New Cons الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وحدها ولو على حساب مصالح أمريكا نفسها، لذلك فإن وصفهم بالولاء المزدوج يعتبر صحيحاً، لأنهم كلهم متطرفون يتجسسون لخدمة إسرائيل،وبما يشكل تهديداً خطيراً للمصالح الأمريكية والأمن القومى الأمريكى.
وأغرب ما فى فضيحة التجسس الإسرائيلى الأخيرة، أن أطرافها متهمون بالتجسس لإسرائيل على مدى عقود، لذلك فإن اكتشاف هذه الفضيحة ليس بغريب، ولكن الغريب فى هذه القضية أن يسمح لأطرافها بشغل مراكز حساسة فى الإدارة الأمريكية بعد أن تعرضوا لتحقيقات سابقة تكاد تكون نسخة طبق الأصل من التحقيق الجارى حالياً فى قضية لاري فرانكلين الأخيرة
يتـــــــــــــــبع
التعديل الأخير بواسطة المشرف: