لا تخانقوا يمكن يطلع فارسي
طارق بن زياد …عربي أم أمازيغي أم فارسي؟
علي محمد الصلابي
لا تتوسع المصادر والروايات التاريخية العربية والإسلامية كثيراً في الحديث عن أصل ونسب قائد جيش الأندلس والفاتح الإسلامي المعروف طارق بن زياد (رحمه الله) قبل ولايته لطنجة.
الآراء والروايات حول نسب طارق بن زياد
إننا نجد اختلافاً واضحاًفي الآراء بين المؤرخين وعلماء التاريخ والاجتماعوالرحالة حول أصل طارق بن زياد ونسبه،و
قيل إنه من سبي البربر (
الأمازيغ)، وقيل إنه
فارسي من همذان كان مولى لموسى بن نصير، كما نجد أيضاً من يؤكد على نسبه العربي.وسنحاول أن نستعرض عدد من الروايات التاريخية حول طارق بن زياد وأصله:
الرأي الأول:تؤكدبعض الروايات التاريخية المصدرية، بأن أصل طارق بن زياد بربري (أمازيغي) من قبيلة الصدف، وكانت مضارب خيام هذه القبيلة في جبال المغرب العالية، وهي قبيلة شديدة البأس وديانتها القديمة الوثنية. وكان طارق بن زياد فارساً شجاعاً ومقداماً بطاشاً، وعندما دخلت القبائل الوثنية في الإسلام، ومن بينها قبيلة طارق بن زياد ذلك الفارس الشاب الذي أَعجب موسى بن نصير بشجاعته، فأوكل إليه مهمة قيادة جيوش الفتح.
و
يؤكد أصحاب هذا الرأي، بأن طارق بن زياد وُلد في إحدى مدن المغرب، والتي كانت تسكنها قبيلة نفزة في منتصف القرن الهجري الأول. وذكر ابن عذارى المراكشي نقلاً عن صالح بن أبي صالح في نسبه قائلاً هو: طارق بن زياد بن عبد الله (ابن عذاري، ج2/ 5 -6) وانظر: (الحميري، الروض المعطار في خبر الأقطار، ص 9) و(المقري: نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب، ج1/ ص 228)، (حسين مؤنس، فجر الأندلس، ط1 القاهر، 1959، ص 67 – 68).
في الواقع، فإنَّ المؤرخ والجغرافي الكبير
أبو عبد الله محمد الإدريسي هو أوَّل من قال بأصول طارق بن زياد الأمازيغية، وذلك في
القرن الثاني عشر الميلادي، وأشار إليه باسم طارق بن عبد الله بن ونامو
الزناتي، دون الإشارة إلى أنه ابن زياد (
الإدريسي، أبو عبد الله محمد، المؤلف العربي. المجلَّد5/ ص 539-540؛ والمجلَّد 2/ص. 17).
كلها في زمانه تستوطن
إقليم طرابلس.
الرأي الثاني:يثبتالمؤرخ محمد بن موسى الرازي في كتابه الروايات برواية المقري
أن طارق بن زياد كان فارسياً همذانياً، حيث يذكر أن موسى بن نصير دعا مولى له كان على مقدمته يسمى طارق بن زياد بن عبد الله فارسياً همذانياً (نفح الطيب، ج1/ص 159).
الرأي الثالث:يقول محمد عبد الله عنان: إنه إزاء الغموض الذي يُحيط بسيرة طارق بن زياد، فليس في وسعنا أن نتحدث عن صفاته أو ترجمته الشخصية (دولة الإسلام في الأندلس، ص 59)، ويقول: إن طارق بن زياد تلقى الإسلام عن أبيه زياد عن جده عبد الله، وهو اسم عربي إسلامي في نسبته ثم ينحدر مساق النسبة بعد ذلك خلال أسماء أمازيغية محضة حتى ينتهي إلى نفزة (دولة الإسلام في الأندلس، ص 40).
ويتبين كذلك مما ذكره المؤرخ ابن عبد الحكم، وهو يرجع إلى نسب طارق بن زياد في قوله: “طارق بن زياد بن عمرو”، فإن أباه زياد بن عمرو
من بني الصائد إحدى بطون قبيلة همذان العربية، حيث ينتسب إليها جده ثمامة الصائدي، واسمه زياد بن عمرو بن عريب بن حنظلة بن دارم بن عبد الله الصائدي، وبرأيه معروف أن صدف وبني الصائد هم من همذان بن مالك بن زيد بن أوسله بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان ابن سبأ (ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، ص. ص 392 – 395، 475 – 476).
وهناك آراء ابن خلدون والبلاذري والمقري في اعتبار أن طارق بن زياد من أصل عربي.
قراءة تحليلية حول حقيقة نسب طارق بن زياد
كما ان طبيعة الأمة الإسلامية ومقوماتها وهويتها وعقيدتها وحضارتها وتاريخها تنصهر في بوتقة كل القوميات وكل مسلمٍ رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً يعتز بكل ما قدَّم للأمة من جهود
سواء كان عربياً أم أمازيغياً أم فارسياً أم أوروبياً أم إفريقياً أم آسيوياً. فقد قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ(.
مراجع:
- أبو العباس ابن خلكان، وفيات الأعيان وانباء أبناء الزمان، دار صادر، بيروت، 1400-1980، ج5/ ص 320.
- أبو العباس بن عذاري المراكشي، البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب، تحقيق، بشار عواد معروف، ومحمد بشار عواد، دار الغرب الإسلامي، تونس،2013، ج2/ ص11.
- ابن حزم، جمهرة أنساب العرب.
- أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحكم، فتوح مصر والمغرب، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 1999م.
- أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي البلاذري، فتوح البلدان، مطبعة الموسوعات، القاهرة، 1991م.
- حسين شعيب، طارق بن زياد فاتح الأندلس، دار الفكر العربي، بيروت، 1425-2004، ص11.
- سوادي عبد محمد، طارق بن زياد، الطبعة الأولى، هيئة كتابة التاريخ، العراق، 1988.
- عبد الرحمن بن خلدون، العبر، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت،1971، ج4/ ص 188.
- عبد العزيز سالم، طارق بن زياد، دائرة معارف الشعب، العدد 67، مجلد 20، ص 1959.
- محمود شلبي، حياة طارق بن زياد فاتح الأندلس، دار الجيل، بيروت، 1412-1992، ص87.