الرقابة العسكرية ”الإسرائيلية” تفرض مزيداً من التعتيم على المُستندات السرية بسبب جرائم الحرب

Sophocles

عضو
إنضم
4 فبراير 2021
المشاركات
5,302
التفاعل
9,258 34 0
الدولة
Palestine
%D9%85%D8%B0%D8%A8%D8%AD%D8%A9.jpg



في صباح يوم 9 أبريل/ نيسان 1948 أغار حوالي 130 مقاتلاً من عصابات الإيتسل وليحي السرية على قرية دير ياسين العربية بمساعدة الهاغاناه كجزء من عملية نحشون لكسر الحصار عن”مدينة القدس”، بعد مرور أكثر من 70 عام، لا يزال ما حدث غير واضح بعد دخول القوات إلى القرية.

يقول معظم المؤرخين إن 100 شخص من سكان القرية من بينهم نساء وأطفال وشيوخ قُتلوا بنيران المقاتلين اليهود، ولا تزال مسألة ما إذا كانت المذبحة قد حدثت في المكان أو ما إذا كانت المعركة شرسة مثيرة للجدل حتى اليوم، قلة من الناجين هم الذين شاهدوا الحقيقة المرعبة.

يعود سبب التعتيم الإعلامي الذي لا يزال يحيط بالقضية إلى قيام اللجنة الوزارية المعنية بفحص المواد الأرشيفية المُصنفة، والتي تخضع لصلاحيات مكتب رئيس الوزراء، في حين أن القليل من الناس قد سمعوا عن هذه اللجنة، فهي تعمل على فرض الرقابة على الوثائق – خاصة تلك التي تعتبرها الحكومة مواد حساسة، وتلك التي تتعامل مع قلب “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، الآن يتم الكشف عن القائمة الكاملة للوثائق الخاضعة للرقابة لأول مرة، وتشمل القائمة مواد تتعلق بطرد العرب عام 1948 وارتكاب جرائم حرب.

وفقًا لقانون المحفوظات يمكن تقييد فحص الوثائق المحفوظة في أرشيف “دولة إسرائيل” لمدة تتراوح بين 15 إلى 90 عاماً من تاريخ إنشائها، اعتماداً على محتوى الوثيقة ومصدرها، على سبيل المثال يتم توفير محاضر الاجتماعات السرية للجان الكنيست بعد 20 عاماً فقط، بينما يتم تقييد المواد من مجلس الوزراء “ووزارة العدو والجيش الإسرائيلي” لمدة 50 عاماً، يتم إغلاق المواد من جهاز الأمن العام (الشاباك) والموساد لمدة 90 عاماً من تاريخ إنشائها.






في حالة الوثائق التي يُعتقد أنها تشكل “خطراً” على الأمن القومي أو العلاقات الخارجية “لإسرائيل”، يمكن تمديد حظر الإفراج عنها بموافقة اللجنة الوزارية.

تلك اللجنة التي نادراً ما تجتمع ليس لديها أعضاء في الوقت الحالي، وكانت آخر مرة مؤلفة من الوزيرين السابقين ميري ريجيف ويوفال شتاينتس، على الرغم من الأنشطة المحدودة للغاية، فإن عمل اللجنة له أهمية وتأثير كبير.





الوثائق الخاضعة للرقابة

ملفات وزارة شؤون الأقليات: 1948-1949

المضمون: إبعاد العرب لمرات كثيرة “المحتويات غير سارة”

الوضع: في عام 1985 قررت اللجنة الوزارية إبقاء الملفات مختومة، بناءً على طلب أمين أرشيف الدولة، تم رفع السرية عن 40 وثيقة من ضمن 80 وثيقة حتى يومنا هذا، ومن غير الواضح ما هي الملفات المقصودة ويبدو أن معظمها لم يتم الإعلان عنه مطلقاً.


تقرير ريفتين: 1948

مضمون الاعلان: تفاصيل تحقيق أجريت بناءً على طلب من رئيس الوزراء بن غوريون بشأن سلسلة من الحوادث، حيث اشتبهت بارتكاب جنود الهاغاناه جرائم قتل وتعذيب وسرقة ونهب خلال “حرب الاستقلال”.

الوضع: قررت اللجنة عدة مرات فرض الرقابة على الوثيقة المعنية، جادل أمين أرشيف الدولة السابق بأنه يجب رفع السرية عن التقرير لكن اللجنة رفضت طلبه واعتُبر التقرير “سرّياً” حتى عام 2022، تم الكشف عن محتوياته الرئيسية في صحيفة هآرتس.


بحث اللاجئين: 1964

مضمون الاعلان: تقرير بطلب من رئيس الوزراء بن غوريون حول “أسباب فرار اللاجئين عام 1948”.

الوضع: أيّد أمين أرشيف الدولة رفع السرية عن التقرير لكن أرشيف “جيش العدو الإسرائيلي” رفض هذه الفكرة، وتبقى الوثيقة سرية حتى عام 2022 بسبب الخوف من أن يؤدي نشرها إلى الإضرار بالمكانة الدولية “لإسرائيل” و”التأثير على المفاوضات المستقبلية مع الفلسطينيين أو قرارات الأمم المتحدة المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين”.


ملف دير ياسين: 1948

مضمون الاعلان: تقرير الهاغاناه حول المجزرة التي ارتكبتها ميليشيات الايتسل والليحي السرية في القرية العربية قبل “حرب الاستقلال” والتي تضمنت صور الضحايا.

الحالة: في عام 2000 قضى النائب العام بأنه “لا داعي للاطلاع على المواد المتعلقة بهذه القضية المؤلمة والمشحونة عاطفياً، ووافقت اللجنة الوزارية على هذا القرار ومددت مراراً فترة سريان التقرير، في عام 2007 قررت اللجنة أن “المشاكل المتعلقة “بالعلاقات الخارجية الإسرائيلية” والتي تتعلق بأحداث عام 1948 لم يتم حلها كما أن النزاع لم يصل إلى نهايته”، وتم رفض الالتماس الذي قُدّم إلى المحكمة العليا – من قبل المخرجة السينمائية نيتا شوشاني وشريكها الصحفي جيدي ويتز وصحيفة هآرتس – للمطالبة برفع التعتيم عن التقرير في عام 2010، في عام 2017 تم تمديد الرقابة على المواد المعنية حتى عام 2022.


39 صفحة من محاضر الاجتماعات الحكومية: 1948-1949

مضمون الاعلان: إبعاد العرب وتدمير القرى العربية وأعمال نهب وسطو واغتصاب وقتل من قبل الهاغاناه و”جنود الجيش الاسرائيلي”.

الحالة: كان من المفترض رفع الرقابة على المحضر في عام 2007 لكن لم يتم الإعلان عن محتوياته.


عشرة ملفات من أرشيف “جيش العدو الإسرائيلي”: 1948

المحتوى: وثائق عسكرية من حرب الاستقلال، محتواها غير معروف.

الوضع: كان من المفترض رفع الرقابة على الوثائق في عام 2007، لكن لم يتم الإعلان عن محتوياتها.


تقرير يعقوب شمشون شابيرا: 1948

المضمون: تقرير كتبه “النائب العام الإسرائيلي” الأول بناءً على تعليمات من رئيس الوزراء بن غوريون، كان الهدف من التقرير “فحص ما إذا كانت الإصابات في أرواح العرب في الجليل والجنوب قد نتجت عن الجنود والجيش، والتي لا تتفق مع قوانين الحرب المقبولة”.

الحالة: كتب أمين أرشيف الدولة في عام 1985 أن التقرير تضمن “وصفاً للأحداث المروعة”، وطلب الموافقة على تصنيف الوثائق على أنها “سرية”، بسبب احتمال إلحاق الضرر بالأمن القومي والعلاقات الخارجية للدولة، ووافقت اللجنة على طلبه ولم يصدر التقرير حتى يومنا هذا.

تم استلام قائمة الوثائق استجابة لطلب قانون حرية المعلومات من معهد أكيفوت لأبحاث “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، وأشار معهد أكيفوت إلى أن وراء العديد من قرارات اللجنة “اعتبارات سياسية وصور لا تستند إلى أسباب واقعية ومشروعة”، في تقرير جديد يوثق عمل اللجنة قال المدير التنفيذي لمعهد أكيفوت ليور يفني وكبير الباحثين آدم راز إن الوثائق لا تزال تخضع للرقابة “بحجة الاهتمام بالأمن القومي والعلاقات الخارجية للدولة”، وقال معهد أكيفوت: “إن تصرفات اللجنة “تسببت في تشويه تاريخ تأسيس الدولة وألحقت الضرر بالخطاب العام والسياسي في “دولة إسرائيل”.

تأسست اللجنة الوزارية المعنية بمسألة التصريح بفحص المواد التي تم أرشفتها في عهد حكومة مناحيم بيغن، كان على جدول أعمال اللجنة المشكلة حديثاً وقد طلب من مكتب رئيس الوزراء إغلاق عشرات الملفات من وزارة شؤون الأقليات المُنحلة الآن، والتي كانت تعمل في الأيام الأولى “لإسرائيل”، وزعم مكتب رئيس الوزراء أن السبب هو “أنهم يذكرون طرد السكان العرب ومصادرة ممتلكاتهم وأعمال وحشية قام بها الجنود”.



كتب أمين أرشيف الدولة آنذاك والذي كان متورطاً في الأمر أن الطرد تممن قبل قادة يتمتعون بمكانة مرموقة في مجالنا السياسي”، كما أشار أمين الأرشيف إلى أن “المحتويات غير سارة في كثير من الأحيان”، ومع ذلك أيّد أمين المحفوظات الإفراج عن الوثائق ولم يتمكن من إيجاد مبرر لإغلاقها على الجمهور، وبدلاً من تنفيذ قراره أحال أمين أرشيف الدولة الأمر إلى اللجنة الوزارية التي أصدرت قرارها ضده، وظلّت الملفات مغلقة خوفاّ من أن تضُر “بالعلاقات الخارجية الإسرائيلية”.

تجاوز قرار اللجنة الصلاحيات في الأصل، والتي منحها المجلس التشريعي سلطة الموافقة أو الرفض للقرارات التي يتخذها أمين المحفوظات بشأن الرقابة على المواد الأرشيفية، في هذه الحالة وفي العديد من الحالات التي تلت ذلك، انعكست العملية: وقامت اللجنة بمراقبة الوثائق على عكس موقف أمين أرشيف الدولة.

بعد عام اجتمعت اللجنة مرة أخرى لفرض الرقابة على الوثائق التاريخية، وجاء الاجتماع استجابة لطلب المؤرخ بيني موريس الذي طلب الاطلاع على تقرير من نهاية عام 1948 كتبه النائب العام الأول يعقوب شمشون شابيرا، بناءً على تعليمات من رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون، وكان من المفترض أن يُفحص التقرير “ما إذا كانت هناك إصابات سببها الجنود والجيش لحياة العرب في الجليل والجنوب والتي لم تكن متوافقة مع قوانين الحرب المقبولة” خلال عمليتي يوآف وعملية حيرام و”حرب الاستقلال”.

كتب أمين المحفوظات الحكومية في ذلك الوقت بول أفراهام إلسبرغ أن التقرير تضمّن “وصفاً للأحداث المروعة”، في طلب إلسبرغ إلى اللجنة الوزارية الموافِقة على تصنيف الوثائق على أنها “سرية”، وهي أعلى تصنيف، بسبب الضرر المحتمل على الأمن القومي والعلاقات الخارجية للدولة، اجتمعت اللجنة بعد أيام قليلة، وحضر الاجتماع واحد فقط من أعضائها وزير العدل أفراهام شرير، وقد سجّل في المحضر أن وزير دفاع العدو إسحاق رابين وموشيه أرينز “صرّحا بموقفهما” بأن المواد يجب أن توضع عليها علامة “سرية” وتم ذلك، ولم يتم إصدار التقرير حتى يومنا هذا.

مرت سنوات عديدة حتى انعقدت اللجنة مرة أخرى، في عام 2000 عُقد اجتماع في مكتب النائب العام حول ضرورة إخفاء تقرير الهاغاناه عن قضية دير ياسين بالإضافة إلى عدد من الصور التي توثّق تداعيات ذلك، وجاء في محضر الاجتماع أن القرار كان يتعلق بـ “صورة دولة إسرائيل” وتصورها، وفي رأي جميع المشاركين في الاجتماع، ليس هذا هو الوقت المناسب للسماح بنشر مفتوح لمثل هذه المواد الحساسة، أن تُلحق ضرراً شديداً بعلاقات “إسرائيل” الخارجية”.



اجتمعت اللجنة الوزارية بعد ثمانية أشهر ووافقت على استمرار سرية المواد لمدة عام واحد، في عام 2002 تم التعتيم لمدة خمس سنوات أخرى، نتيجة لطلب عرض المواد الحساسة، التي تم استلامها من قبل أرشيف الدولة في عام 2007 من المخرجة نيتا شوشاني – اجتمعت اللجنة مرة أخرى لمناقشة الأمر.

وقالت اللجنة “قضية العلاقات الخارجية “لإسرائيل” فيما يتعلق بأحداث عام 1948 لم تحل، والصراع لم ينته بعد، ومددت عدم الإفصاح لمدة خمس سنوات أخرى، وقد تم رفض التماس قُدّم لمحكمة العدل العليا ضد القرار من قبل عدد من المدعين ومن بينهم صحيفة “هآرتس”، في عام 2017 مددت اللجنة الوزارية مرة أخرى التعتيم عن الملفات لمدة خمس سنوات أخرى، هذه الفترة ستنتهي العام المقبل.


أعمال الانتقام

في عام 2017 دخلت اللجنة في صراع مباشر مع أمين أرشيف الدولة، وقررت اللجنة – للمرة الخامسة – عدم رفع الرقابة عن وثيقة أرشيفية تعرف باسم “تقرير ريفتين”، وتضمن التقرير تفاصيل تحقيق أجري بناءً على طلب من “بن غوريون” بشأن الاشتباه في أن جنود الهاغاناه ارتكبوا جرائم قتل وتعذيب وسرقة ونهب خلال حرب الاستقلال، ثم اتخذ رئيس المحفوظات “ياكوف لوزويك” قراراً مفاجئاً، عكس موقف الرئيس السابق، وأيّد إصدار التقرير موضحاً: “دولة إسرائيل” قوية و”المجتمع الإسرائيلي” قوي ولا يوجد سبب لعدم السماح لمواطنيها بإجراء بحث مطلق في توثيق حروبها البعيدة”.

رفضت اللجنة رأي لوزويك، وقالت اللجنة إن التقرير لا يزال مصنفاً على أنه سري جزئياً، لأن نشره من شأنه أن يتسبب في “عاصفة وربما أعمال انتقامية”، في هذه الحالة أيضاً تجاوزت اللجنة سلطتها القانونية في الرقابة على الوثائق التي سعى أمين أرشيف الدولة في البوح بها – على عكس ما يحق للجنة القيام به بموجب القانون.

قصة أخرى تم الكشف عن محتوياتها الرئيسية في مقال في صحيفة “هآرتس” عام 2018 واكتشف أكيفوت محتوياتها كاملة في بداية هذا العام تختبئ خلف هذه الوثيقة، لم تحدث الضجة العامة وأعمال الانتقام أبداً بعد نشرها، الأمر الذي أصبح ممكناً بعد أن عثر فريق أكيفوت على نسخة من التقرير في أرشيف “ياد تابينكين” مركز البحث والتوثيق التابع لحركة الكيبوتس، الأرشيف ليس جزءاً من أرشيف الدولة مما يعني أن القانون الذي يسمح لأمين محفوظات الدولة بدعوة اللجنة الوزارية للرقابة على الوثيقة لا ينطبق، بناءً على طلب أكيفوت قام الرقيب العسكري أيضاً بفحص التقرير وقرر أنه “لا يوجد سبب للرقابة يَمنع نشر التقرير”، يحارب أكيفوت حالياً حول نشر 35 مُلحق للتقرير والتي لا تزال طي الكتمان.

الرقابة المستمرة ليس المقصود منها حماية المصالح الخارجية للدولة لكنها موجهة داخلياً”، كما جاء في تقرير أكيفوت: “الإخفاء لا يجعل الأمر صعباً على المؤرخين فقط؛ كان لها تأثير ملموس على النقاش الأكاديمي “الإسرائيلي” الداخلي، العام والسياسي في عصرنا، لقد كتب أكيفوت أن الهدف منه هو الحفاظ على رواية أن الدولة محايدة في إرساء أسس “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني” ويتضح هنا أن “إسرائيل” لها مصلحة ملموسة وحاسمة في الحفاظ على سرية “تاريخها الدموي”.

من حين لآخر تحاول الرقابة التستر على جهود التستر نفسها، هذا ما حدث في حالة الوثيقة المعروفة باسم وثيقة المحاور، والتي كُتبت في عام 1988 من قبل أرشيف “جيش العدو الإسرائيلي” وكان القصد منها تحديد الاتجاهات “بحساسية أمنية ودبلوماسية وشخصية” والتي من شأنها تحديد المواد التي يجب أن تخضع للرقابة.

في الآونة الأخيرة فقط في نهاية معركة طويلة تمكّن أكيفوت من الحصول على الوثيقة رسمياً، الوثيقة لم تعد سارية المفعول ومحفوظات الدولة ومحفوظات “جيش العدو الإسرائيلي” لا تعمل وفقاً لها، لكن في الممارسة العملية في كثير من الحالات يستند المنطق وراء الرقابة على المواد – حتى لو لم يتم الاعتراف بها رسمياً – على نفس المبادئ التوجيهية الواردة في الوثيقة، وقد وُصفت إحداها بأنها “مواد يمكن أن تُلحق الضرر بصورة “الجيش الإسرائيلي” كجيش مُحتل يفتقر إلى الأسس الأخلاقية”.

 
إسرائيل تعترف بجرائمها وإرتكابها المجازر فيما يستمر بعض الناعقون بإنكار تلك الحقائق
 
بعض الفتيات الناجيات التي قتل ذويهن في مجزرة دير ياسين التي نفذتها العصابات الصهيونية في ٩-٤-١٩٤٨


٢٠٢١١٠٣١_١٦١٥٥٣.jpg
 
عودة
أعلى