الفرع الأوَّل: نجاسة الخِنزير
الخِنزيرُ نَجِسٌ نجاسةً عينيَّةً في جميعِ أجزائه، حتى ما انفصَلَ عنه كعَرقِه ولُعابه؛ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة
(1) ، والشافعيَّة
(2) ، والحنابلة
(3) ، وهو قولٌ للمالكيَّة
(4) ، وحُكيِ فيه الإجماعُ
(5) .
الدليل من الكتاب:
قوله تعالى
: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام: 145
].
وجه الدَّلالة:
أنَّه نصَّ على أنَّ لحمَ الخنزيرِ رِجسٌ، والرِّجسُ بمعنى النَّجِس (6) .
الفرع الثَّاني: كيفيَّةُ التطهُّر من نجاسةِ الخِنزير
نجاسةُ الخِنزير تُغسَلُ كما تُغسَلُ باقي النَّجاساتِ الأخرى؛ وهذا مَذهَبُ الحنفيَّة (7) ، والمالكيَّة (8) ، وقولُ الشَّافعيِّ في القَديمِ (9) ، وروايةٌ عن أحمد (10) ، وهو اختيارُ النوويِّ (11) ، وابنِ حَزمٍ (12) ، وابن باز (13) ، وابنِ عُثيمين (14) ؛ وذلك لأنَّه لا يُوجَد نصٌّ من الشَّارِعِ يُوجِبُ غسْلَ نجاسةِ الخِنزيرِ كغَسلِ نجاسةِ الكَلبِ؛ فالأصلُ المعتبَرُ في ذلك هو زوالُ النَّجاسةِ، فمتى ما زالت، زال حُكمُها (15) .
الفرع الثَّالث: التَّداوي بالخِنزير وبأجزائِه
التَّداوي بالخِنزير وبأجزائِه لا يجوزُ (16) ؛ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة (17) ، والمالكيَّة (18) ، والحنابلة (19) ، ووجهٌ للشافعيَّة (20) .
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((نهَى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الدَّواءِ الخَبيثِ )) (21) .
ثانيًا: من الآثار
عن أبي وائلٍ، أنَّ رجلًا أصابه الصَّفَر (22) ، فنُعِت له السَّكَر (23) ، فسأل عبدَ الله عن ذلك، فقال: (إنَّ اللهَ لم يجعلْ شِفاءَكم فيما حرَّمَ عليكم