لأن الإمام علي كان بيرفض رفض قاطع أن يسبي رجاله من نساء أعداءهم سواءا في موقعة الجمل أو صفين ودي كانت أحد "مآخذ" الخوارج الشرعية عليه أنه "حارب ولم يسبي"، وكذلك إنه كان بيمنع رجاله من أخذ أي غنائم أكثر مما يتركه أعداءهم في أرض المعركة، وفي ذلك قيل القولة الشهيرة "أحل لنا دماءهم وحرم علينا أموالهم"، والعرب كانوا معتادين علي السبي والغنم في كل معاركهم سواءا ضد بعضهم في الجاهلية أو في غزواتهم ضد الكفار في صدر الإسلام.
كذلك كان يستحرم الإنفاق من بيت المال لتأليف القلوب معه ضد معاوية وشراء الولاءات، بينما معاوية كان ينفق من سعة من خراج الشام ومصر في هذا الغرض، وذكر في عدة مواضع أن بعض من أعيان وأكابر العراق كان في بينهم وبين معاوية مراسلات وتلقوا منه هدايا رغم بيعتهم علي (عملا بقول أبي هريرة "مضيرة معاوية ألذ وأدسم، والصلاة خلف علي أفضل وأتم" LOL
الخلاصة والعبرة ان الملحمة الإنسانية المسماة بفتنة الإسلام الكبري كان الشق الحربي منها -بل وحتي الصراع علي الحكم- هو أهون جوانبها وأكثرهم سطحية، وإنما هي كانت في الواقع صراع بين الغيبي (الدين والحق) وبين الملموس (المصالح والأموال والعصبيات القبلية) والصراع ده إنتهي بانتصار الأرضي علي السماوي متمثل في إنتصار السياسي علي الفقيه، وده كان الأساس الفكري لمبدأ الخلافة فيما بعد
عموم الناس لا يجتمعوا إلا حول ما هو أرضي محسوس ملموس، والإنتماءات المتجردة لمباديء وغيبيات هتفضل دايما حبيسة النخب والخواص ولن يجتمع حولها الناس وتؤسس لها دولة، علشان كده سقطت الدولة الدينية وعلشان كده سقطت الدولة الأيديولوجية وعلشان كده هتسقط أي دولة تقام علي مباديء متجردة ولا تحقق مصالح دنيوية ملموسة لأهلها
جبهة معاوية: القبلية العربية الارستقراطية 1
جبهة علي: كل ما هو ديني سماوي متجاوز 0
كذلك استقرار السلطوية الإسلامية الشيعية..يبدوا ان الخميني تعلم دروس الماضي: ليس بالدين وحده تحيا الشعوب، لذلك دمج القومية الفارسية مع التشيع الاثناعشري بطريقة يلهم بها شعبه استحقاقهم لاستاذية العالم الاسلامي واسترجاع أمجاد إمبراطورية فارس.
-المثير للضحك ان العكس تماما حدث مع التنظيمات الاسلامية السُنية، عداءهم الغبي مع القومية العربية -على عكس جدهم العبقري معاوية- هو الي لبسهم في الحيط