ماثيو يجليسياس يكتب: “بايدن”.. ينبغي أن يوفر حزم إنقاذ لقطاع البترول
اعتاد رئيس موظفي البيت الأبيض رون كلاين، التغريد بسعر جالون البنزين يومياً، وهي عادة مناسبة له طالما استمرت في الانخفاض المستمر، والفكرة القائلة بأن حكومة الرئيس جو بايدن مسؤولة إلى حد ما عن هذا الانخفاض هي فكرة خاطئة بالطبع، لكن البيت الأبيض أخذ اللوم بالتأكيد عندما ارتفعت الأسعار، لذا فمن الإنصاف إذا أراد أن يأخذ الائتمان عند انخفاضه.
في الوقت نفسه، يجب على الحكومة الأمريكية أن تضع في اعتبارها أنه من المفارقات أن أحد أكبر المخاطر التي تواجه استمرار إمدادات البترول هو الخوف من احتمال انهيار الأسعار، ولتأمين الاقتصاد ضد ارتفاعات الأسعار في المستقبل، تحتاج الحكومة إلى تشجيع الاستثمار في إنتاج البترول – ولذا يجب أن تحاول تقديم للقطاع تأميناً ضد مخاطر انهيار الأسعار.
بمعنى آخر، يتعين على الرئيس بايدن، التعهد بتقديم حزم إنقاذ لقطاع البترول.
لننظر إلى الأداة الرئيسية التي استخدمتها حكومة بايدن لتخفيف الألم في محطات الوقود، وهي الاحتياطي البترولي الاستراتيجي، وتقدر وزارة الخزانة أن الإفراج الكبير تاريخيا عن البراميل قلص سعر البنزين بما يتراوح بين 17 و42 سنتا للغالون الواحد.
في مارس 2020، عندما كان البترول رخيصاً، اقترحت حكومة دونالد ترامب شراء ما يكفي من البترول لملء احتياطي البترول الاستراتيجي بالكامل، ورفض الديمقراطيون الفكرة، وهنأ زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر المفاوضين على “إلغاء خطة حزم إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار لقطاع البترول”.
ولو حصل ترامب على ما يريد، لكانت إصدارات بايدن الاحتياطية أكبر قليلاً وأكثر فاعلية، وستكون أسعار البنزين الآن أرخص قليلاً، ولكن بخلاف ذلك، فإن الإنقاذ الجزئي لقطاع البترول كان من شأنه أن يجعل الاستثمار في الإنتاج الجديد أقل خطورة عندما ارتفعت الأسعار العام الماضي، وكان من الممكن أن تفعل الشركات ذلك بشكل أسرع.
بالعودة إلى 2022، يدرك الحزب الديمقراطي أن ارتفاع أسعار البنزين مسموم سياسيا، والآن بعد أن مرر الديمقراطيون أكبر استثمار في الطاقة الخالية من الكربون في العالم، لا يمكنهم فقط الشعور بالرضا تجاه انخفاض أسعار البنزين، وإنما يتعين عليهم أن يتذكروا كيف ساءت الأمور عندما ارتفعت الأسعار، وأن يدركوا أن معارضة عمليات الإنقاذ كانت خطأ تكتيكيًا واستراتيجيًا.
ولا تزال أرقام قطاع البترول تعاني من ندوب حرب أسعار البترول في 2014-2015، عندما سئمت أوبك من مواجهة المنافسة من البترول الصخري الأمريكي وقادت أسعار البترول عمداً إلى النقطة التي يصبح فيها البترول الصخري في أمريكا الشمالية غير اقتصادي، وخسر المستثمرون أطناناً من المال.انتعش الإنتاج خلال السنوات اللاحقة، لكنه انهار مرة أخرى خلال الوباء عندما خسر المستثمرون مرة أخرى أطنانًا من المال. لهذا السبب، بحلول فبراير 2022، قال كبار اللاعبين في البترول الصخري إنهم لن يقوموا باستثمارات كبيرة حتى لو وصل البترول إلى 200 دولار للبرميل.
لحسن الحظ بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، كانت تلك مبالغة، ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة، فإن إنتاج البترول الأمريكي لعام 2022 سيكون أعلى من أي عام باستثناء عام 2019، وفي ظل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، يحتاج الإنتاج مواصلة الارتفاع لمساعدة الاقتصاد العالمي على التعافي من الوباء.
وكانت الخطوة الأخيرة التي اتخذتها أوبك، وهي خفض الإنتاج بشكل طفيف لمنع الأسعار من الانخفاض أكثر، مثالية من وجهة النظر الأمريكية إذ لم يكن التخفيض كبيرًا بما يكفي لرفع الأسعار، لكن النية المعلنة للحيلولة دون انخفاض أسعار البترول كثيراً تشجع المنتجين الأمريكيين. لمواصلة الاستثمار.
المشكلة هي أن عملية صنع القرار في أوبك يمكن أن تكون متقلبة، ويدرك لاعبو البترول الصخري في الولايات المتحدة أنهم حالياً رهينة الأحداث الدولية.
يمكن أن يحسّن بايدن الموقف من خلال الإفصاح بوضوح عن نية إعادة ملء احتياطي البترول الاستراتيجي إذا بدأت أسعار البترول في الانخفاض بشكل كبير أي شراء البترول بسعر لا يزال مربحًا للمنتجين الأمريكيين، ولن يُحدث هذا الالتزام فرقًا في النتيجة النهائية للصناعة فحسب، بل سيُظهر أيضًا أن الحزب الديمقراطي لم يعد يحاول إفلاس صناعة البترول والغاز المحلية.
سيكون ذلك مفيدًا بالإضافة إلى أي تأثير مالي للوعد، ويمكن أن يعزز بايدن التزامه من خلال إشراك الجمهوريين في الكونجرس في محادثات حول توسيع قدرة الاحتياطي الاستراتيجي أو إيجاد حلول تشريعية أخرى لمساعدة القطاع على التعامل مع تداعيات حرب أسعار افتراضية في المستقبل.
لا يعتبر الديمقراطيين أنفسهم عادة الحزب الذي يدير التدخل في صناعة البترول، لكن يجب عليهم أن يروا أن استقرار الأسعار لا يتوافق فقط مع أهدافهم المناخية ولكنه أيضاً مكمل لها.
الأسعار الباهظة مؤلمة سياسياً، لكن خفض الأسعار من شأنه أن يثني عن تبني السيارات الكهربائية وغيرها من الإجراءات الصديقة للبيئة، ويتماشى تفضيل الإنتاج المحلي على الإنتاج الأجنبي مع أهداف السياسة الخارجية لبايدن، ويدعم اهتمامه بتشجيع التصنيع المحلي، ويخدم احتياجاته السياسية قصيرة الأجل ويساعد مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.
بقلم: ماثيو يجليسياس كاتب مقالات رأي في “بلومبرج”.
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”.
بصراحة مقال رائع لماثيو لخص الموضوع بالكامل