هى ثلاث جزر يتكون منها ارخبيل الجزر الجعفرية المغربى وتقع قبالة السواحل الشمالية للمغرب بالقرب من الحدود الجزائرية، على مسافة 27 ميلا إلى الشرق من مدينة مليلية وتفصلها حوالي أربعة كيلومترات عن الشاطئ المغربي ، جزيرتين منهم مقفرتين والجزيرة الوسطى هي الوحيدة المأهولة باعتبارها موطنا لعينات نادرة من الكائنات البحرية وملجأ لأنواع مختلفة من الطيور ، وهذه الجزر الثلاث الصغيرة تشهد صراعا عنيفا بين المغرب واسبانيا حيث يعود النفوذ الاسبانى فى الأرخبيل إلى سنة 1848.
والجزر الثلاث هم جزيرة نكور وصخرة بادس وجزيرة ليلى التى اثارت المشكلات بين البلدين فى الآونة الاخيرة . أولهما جزيرة " نكور" وهي عبارة عن صخرة بارزة تتوسط الجزيرتين الاخرتين وتقع فى خليج صغير يحمل نفس الاسم ، وتمتد هذه الجزيرة على طول 12 كيلومترا ويفصلها حوالي كيلومترين عن البر المغربى ، وتتمتع جزيرة نكور بأهمية إستراتيجية كبيرة نظرا لموقعها الذى يسمح بالسيطرة على خليج الحسيمة ، لذا فقد تعرضت الجزيرة للاحتلال الاسبانى فى وقت مبكر وذلك فى 1560 عندما احتلها الإسبان بشكل مؤقت ثم احتلتها اسبانيا نهائيا فى أواخر القرن السابع عشر وترابط حاليا حامية إسبانية على الجزيرة الصغيرة التى تنطلق منها الأسلاك البحرية الممتدة إلى شبه الجزيرة الإيبيرية ومدينتي سبتة ومليلية.
الجزيرة الثانية هى "صخرة بادس" والتى اتخذت اسمها من تكوينها الصخرى وتقع على بعد أقل من 100 متر من الساحل المغربي وهى الجزيرة التى كادت أن تتحول إلى مجرد لسان رملي بعد تعرضها لعاصفة قوية سنة 1934 ، وكانت هذه الجزيرة هى اولى الجزر الثلاث التى تتعرض للاستعمار وذلك عام 1508 ولكن المغاربة استردوها سنة 1522 ثم قامت اسبانيا بمحاولة لاعادة احتلالها بعد استقلالها بثلاث سنوات ولكنها فشلت ثم ما لبثت الجزيرة ان سقطت فى ايدى الاحتلال الاسبانى بمساعدة من المالطيين والدوريين والتوسكانيين وذلك فى 1564 ، وقد ظلت إسبانيا تحتفظ بالجزيرة منذ ذلك التاريخ رغم أن هيئة المنتخبين الإسبانية اقترحت سنة 1872 التخلى عنها لافتقارها إلى الأهمية العسكرية.
الجزيرة الثالثة هى اشهرهم وأجملهم وهى جزيرة " ليلى" تبلغ مساحتها 13.5 هكتارا وتقع على بعد أقل من 200 متر من الشواطئ المغربية فى نقطة تفصلها 40 كيلومترا عن مدينة طنجة وتبعد 8 كيلومترات إلى الغرب من مدينة سبتة التى تخضع لإسبانيا ، وهى الجزيرة التى عرفها العالم اجمع منذ خمس سنوات عندما ظهرت قضية السيادة عليها الى السطح مرة اخرى ، وتمثل أزمة جزيرة ليلى جزء صغير من الخلاف المغربى الاسبانى المتعلق بقضية السيادة على مدينتي سبتة ومليلية والجزر الثلاثة الموجودة بمحاذاة السواحل المغربية .
وقد انتهت الحماية الاسبانية على الجزيرة الجرداء فى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي بعد إلغاء الحماية الإسبانية التى كانت سارية على أجزاء من شمال المغرب، وبذلك اعتبر المغرب أن الجزيرة عادت إلى حوزته وظلت الجزيرة مهجورة إلا من بعض الصيادين ورعاة الماشية الذين كانوا يترددون عليها انطلاقا من منطقة جبل موسى المجاورة وكذلك بعض ممارسى رياضة الغوص .
وجزيرة ليلى تحمل العديد من الاسماء فالبعض يطلق عليها جزيرة "تورة" وهو الاسم الذى يطلقه عليها المغاربة أما تسميتها بليلى فهى تسمية أسبانية وأصلها (لائيلا) أي "الجزيرة" والبعض يقول ان "ليلى" هي البنت الصغيرة ل"مليلة" لأن أصل التسمية هو "أم ليلى" وإنها من فرط الترداد على ألسنة العامة أصبحت "مليلة".
ويعود تاريخ الاستعمار الاسبانى لجزيرة ليلى إلى بداية القرن ال19 فى 28 مارس 1808 عندما قامت بريطانيا باحتلال الجزيرة بمباركة من السلطان المغربي المولى سليمان بن المولى محمد الذى استعان بهم بعدما عجز فى
مواجهة القوة الإسبانية الضاربة واستمر الوجود البريطاني بالجزيرة خمس سنوات. وقد حاولت إسبانيا مرارا احتلال الجزيرة إلا أن مقاومة الإنجليز كانت صارمة وفي سنة 1848 استطاعت اسبانيا استعادة نفوذها بالجزيرة وقامت وزارة الأشغال العمومية الإسبانية فى 13 نوفمبر 1848 بوضع حجر الأساس لبناء منارة بالجزيرة ثم قامت السلطات الاسبانية بتحطيمه وأنزال العلم الأسباني ، ثم توارت جزيرة ليلى عن الانظار ، ولم تذكر اتفاقية الحماية الموقعة بين فرنسا وبريطانيا بتاريخ 8 أبريل 1904، كما وقعت فرنسا وإسبانيا اتفاقية أخرى فى نفس العام نصت بعض بنود هذه الاتفاقيات على أنه لضمان حرية المرور عبر مضيق جبل طارق لا يحق لأي دولة أن تبني منشآت إستراتيجية على الشواطئ المغربية وخاصة ما بين مليلية ووادي سبو الواقع على الشاطئ الأطلسي المغربي ، ثم وقعت كل من فرنسا والمغرب اتفاقا آخر فى 30 مارس 1912 وكذلك وقعت إسبانيا والمغرب يوم 27 نوفمبر من نفس العام اتفاقا ينفى وجود أي علاقة بين إسبانيا وجزيرة ليلى. ومنذ 40 سنة والمغرب وإسبانيا متفقان على عدم استغلال جزيرة ليلى اى اعتبار الموقع "أرضا خلاء" من الناحية العملية.
وتعتبر أزمة جزيرة ليلى جزءا صغيرا على هامش الخلاف الأصلي المتعلق بقضية السيادة على مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتان للسيطرة الإسبانية منذ 1668 و1497 على التوالي ، حيث يعتبر المغرب أن بقاء الثغور المذكورة على الوضع الراهن يمثل حالة شاذة تنتمى إلى المرحلة الاستعمارية وأن تطاول عهد الوجود الإسباني فيها ليست له قيمة قانونية، خاصة أن مطالبة المغرب باستعادتها لم تتوقف قط وأن جهودا كبيرة بذلت فى ذلك الاتجاه مثلما حدث فى القرن ال 18 فى عهد السلطان محمد الثالث ، وقد تحول الموضوع إلى إحدى ثوابت خطاب الحركة الوطنية المغربية قبل تبنيه رسميا عند الاستقلال حيث بدأ يطرح بإلحاح خاصة منذ سنة 1975. وتواجه إسبانيا هذا الخطاب عادة بالتجاهل وتكتفى بالتأكيد على أن المدينتين تشكلان مع توابعهما جزءا من التراب الإسباني وأن تلك المواقع ليست موضوعا لأي نزاع ، ويشار إلى أن سبتة ومليلية تعدان مصدرا لتهريب البضائع الإسبانية والأوربية إلى الأسواق المغربية حيث تعيش عشرات الآلاف من الأسر المغربية على الاتجار في هذه البضائع.
التعديل الأخير: