معركة سيرتا او batle of cirta هي احد معارك الحرب البوننيقية الثانية بين قرطاجنة وروما ، شهدت هذه المعركة هزم واسر الملك الامازيغي سيفاكس ملك نوميديا الغربية او مازيسيليا التي كانت تحكم غرب الجزائر الحالية وعاصمته سيكا او عين تيموشنت حاليا
صيفاقس (Syphax) أو "سيفاقس" أو "سيفاغس" أو "سفك" ملك نوميدي امازيغي او سفك عند ابن خلدون وقد عاش الملك صيفاقس في القرن الثالث قبل الميلاد. وينتمي إلى الأسرة المازيسولية التي كان موطنها نوميديا الغربية. وقد صار ملكا لها، واتخذ عاصمة له أو ما يسمى الآن في سيكا أو سيگا (عين تيموشنت حاليا). وهناك مملكة أخرى تقابلها في الشرق تسمى ماسيليا التي ينتمي إليها الملك ماسينيسا ويفصلها عن الأولى نهر الشلف الحالي ، وتمتد في حدودها الترابية حتى قرطاجنة في تونس وبتعبير آخر، هناك نوميديا الشرقية (ماسيليا) ، ونوميديا الغربية (مملكة ماسيسيليا). ودخل صيفاقس في معركة السهول الكبرى مع القرطاجيين لإيقاف زحف جيش سكيبيو الإفريقي من التقدم داخل إفريقية لكنه انهزم وانسحب إلى مملكته الموجودة في نوميديا ، ولكنه لم يسلم من الهزيمة مرة أخرى؛ حيث قد تبعه اثنان من القادة الطامعين في هزيمته لصالح سكيبيو (يعتقد أنه منهم ماسينيسا الموالي لروما) واستطاعا هزيمته في معركة أخرى عُرفت باسم معركة سيرتا، حيث أسر ومن ثم قتل سنة 203 قبل الميلاد
سعى كل من القرطاجيين، بقيادة حنبعل، والرومان إلى التحالف مع زعيم قبائل المازيسيل صيفاقس، حتى يساعد إحداهما في حربها ضد الأخرى.
لكن الملك سيفاكس اختار طريقا آخر تمثل في محاولة الصلح بينهما، وهذا لتجنيب نوميديا الحرب، إذ كان يعمل على بناء جيوشه استعدادا لأيام عصيبة ضد روما.
اشتدت الحرب (Les guerres puniques) بين الرومان والقرطاجيين فحاولت كل من روما و قرطاجة أن تجذب الملك "صيفاقس" لصالحها كي يساعدها في حروبها الطويلة الأمد ضد منافستها اللدودة. وتدخل صيفاقس في البداية للصلح بين الطرفين، ولكن الحكومة الرومانية كانت متعنتة في مواقفها المعادية للقرطاجنيين. فمال صيفاقس إلى قرطاجنة وتزوج بالجميلة الفينيقية الحسناء “صوفونيسبا” التي ستكون سببا في تغيير تاريخ شمال افريقيا. وأصبح "صيفاقس" مواليا للقوات القرطاجنية في حين، التجأت الحكومة الرومانية إلى شاب أمازيغي طموح ألا وهو الملك ماسينيسا فأغرته بامتيازات عدة تتمثل في غرامات مالية والسماح له بالتوسع في أراضي القرطاجنيين التي سيحصل عليها بمجرد القضاء على منافسه صيفاقس والتحالف مع الرومان للقضاء على القوات القرطاجنية. وهكذا استطاع بعد التحاق القواتا لرومانية بجيش هذا الاخير أن يهزم صيفاقس الماسايسولي؛ ثم مكّن الرومان من الانتصار على أمهر جنرال عرفه التاريخ القديم، ألا وهو هانيبال القرطاجي؛ وذلك في معركة زاما الشهيرة، سنة 202 ق.م حيث كان للخيالة النوميديين قصب وسبب فوز الرومان بالمعركة.كان ماسينيسا قد انقلب على حليفته قرطاجة بسبب معاملتها له كتابع وكان تمسكه بـمبدأ افريقيا للافارقة سبب خلافه مع قرطاجة
ومما أثار حفيظته ضدها بشكل خاص، حسب ما روي، هو تزويج القرطاجيين صيفاقس مخطوبته صوفونيسبا. والواقع أن جيرانه القرطاجنيين كانوا متواطئين مع خصمه الماسولوسي قصد القضاء على ملكه. فلم يجد بدا من محالفة الرومان، مع إضمار غايته القصوى في نفسه، وهي إنشاء المملكة البربرية موحدة مستقلة عن كل نفوذ أجنبي، ولاسيما أن اتفاقية الصلح بين روما وقرطاجة (201 ق.م) كانت تنص على أن من حقه أن يعمل من أجل استرجاع جميع الأراضي التي كانت بقبضة أجداده، في غير تحديد لتلك الأراضي.” ومن المعلوم أيضا، أن الملك "صيفاقس" قد تحالف في البداية مع الرومان إبان الحرب البونيقية الثانية، وكان في نفس الوقت معارضا لغايا ملك نوميديا الشرقية وابنه ماسينيسا المتحالفين مع القرطاجنيين. لكن صيفاقس سيتوسع في مملكة نوميديا الشرقية بعد وفاة ملكها غايا وسيتحالف مع القرطاجنيين الذين قدّموا إليه يد العون في توسعه الترابي، وزوجوه حسناء قرطاجنة، وهي من أعلى طبقة اجتماعية وهي الفتاة “صوفونيسبا” بنت هادربال جيسكو قائد قوات قرطاجنة. وهكذا، نجد صيفاقس يدخل في تحالف عسكري مع القرطاجنيين ضد الرومان من أجل أن يحظى برضى عشيقته. وبالتالي، سيخوض صراعا مريرا ضد أخيه البربري ملك ماسينيسا الذي كان في بداية الأمر مواليا للفينيقيين، ولما رأى تهاون قرطاجنة وعدم مبالاتها تجاه حقه في الولاية على عرش أبيه، خرج عن طاعة قرطاجنة عام158 قبل الميلاد وتحالف مع الحكومة الرومانية وخاصة مع القائد الروماني الأكبر سيپيون الأفريقي لمحاصرة قرطاجنة وتطويق ملك صيفاقس في مملكته مازولة. ولقد استطاع القائد الروماني "گايوس لايليوس" أن ينتصر على "صيفاقس" وأن يوقعه أسيرا سنة 203 قبل الميلاد و أرسل صيفاقس بعد ذلك أسيرا من قبل الجنرال الروماني سيبون الأفريقي حيث مات سنة 202 أو203 قبل الميلاد. وقد تولى الحكم بعد صيفاقس ابنه فيرمينا الذي يعد آخر ملك مازوليسي قبل أن توحد مملكة نوميديا من قبل ماسينيسا
+ ضريح الملك سيفاكس في تاخمارت ولاية تيارت +
عرف صيفاقس كيف يتعامل مع السكان النوميديين بانتهاجه نظام اللامركزية في تسيير الحكم وفي تنظيم إدارة مملكته الموحدة، فكانت له عاصمتان: سيكا على نهر التافنة وسيرتا في شرق المملكة، حيث كان لهما مسيّرون محلّيّون يستندون في حكمهم إلى مجالس شبه قبلية ورجال الدين، زيادة على جباة الضرائب وضباط الجيش".
ورغم قصر المدة الزمنية التي تولى فيها صيفاقس الزعامة على نوميديا بشطريها الشرقي والغربي، إذ لم تتعدّ الثلاث سنوات، أي من 205 إلى 203 قبل الميلاد، إلا أنه استطاع أن يضع اللبنة الأولى لقيام الدولة النوميدية الموحدة من وادي ملوية غربا الى حدود مدينة قرطاجة شرقا
انتقل "صيفاقس" من زعيم قبلي إلى ملك يحكم سلطنة البربرية شاسعة الأطراف، ثم حمل التاج والصولجان، وضرب العملة باسمه، ونظم الجيش البربري تنظيما محكما متأثرا في ذلك بالتنظيمين: القرطاجي والروماني. واستعان كذلك بابنه "فيرمينا" في تسيير الشؤون الحربية والعسكرية. ” ومع أنه تأثر كثيرًا بتقاليد اليونان السياسية، إلا أنه كان يعتمد في ممارسة سلطته على مساعدة زعماء القبائل. كانت له علاقات دبلوماسية مع كل من قرطاجة و روما. كانت لغة الحياة اليومية والتخاطب في مملكته هي البربرية و الخط المستخدم هو التيفيناغ، وكانت لغة اسمه هو المقصود فيما كتبه ابن خلدون عن أصل البربر إذ قال إن جدهم هو “سفك”؛ يعزز هذا الفرض أن بلوتارك (Plutarkhos) زعم شيئا من هذا القبيل.” ويعد صيفاقس أيضا من الملوك البربريين الأوائل الذين سعوا إلى توحيد البربر وجمع شملهم تحت دولة واحدة وهي دولة تامازغا (دولة البربريين). ويتضح هذا عندما أراد أن يوحد مملكة نوميديا الشرقية مازيلة (ماسيليا) ومملكة نوميديا الغربية مازيسولة (ماسيليسيا) في إطار دولة بربرية كبرى تمتد من قرطاجنة التونسية شرقا إلى نهر ملوية غربا.
هذا، ولم يتحالف صيفاقس مع القرطاجنيين عسكريا ونسبا إلا من أجل محاربة روما والوقوف في وجه قواتهم الغازية التي كانت تستهدف إذلال البربريين وتركيعهم. وكان الملك "صيفاقس" يرى أن توحيد تامازغا لن يكون إلا على يديه؛ بيد أن سلطانه السياسي سينهار غدرا سنة 203 قبل الميلاد على يد منافسه البربري النوميدي الملك ماسينيسا ويكشف لنا هذا المآل التاريخي التراجيدي صراع البربريين مع بعضهم البعض، وتطاحنهم حول السلطة وتنافسهم حول الامتيازات والمصالح الشخصية عن طريق التقرب من الرومان من أجل الحصول على الجوائز والهبات والغنائم على حساب التنكيل بقرطاجنة وضرب حضارة الفينيقيين التي أسدت الكثير إلى الحضارة البربرية. وفي هذا الصدد يقول الأستاذ العربي اكنينج: «يتضح من تاريخ الممالك البربرية، أن علاقة البربر بفينيقيي قرطاجة، لم تكن تتسم بالتصادم والجفاء. فقد تفاعل سكان شمال إفريقيا مع الفينيقيين، واندمجوا معهم لأنهم كانوا يشعرون أنهم من أصل واحد وتربطهم أكثر من رابطة، لذا تحالفوا معهم ضد روما. وكان صيفاقس رئيس مملكة مازيسولة وزوج "صفان بعل" ابنة هاسدروبال، حليف قرطاج …هو الوطني الذي ناضل وحارب دفاعا عن إمبراطورية شمال إفريقيا ضد الإمبراطورية الغربية عن المنطقة والمتمثلة.»
وهكذا نجد القائد الروماني سيبون يستغل النوميد للقضاء على قرطاجة أولا واحتلال نوميديا ثانيا عن طريق ضرب ملكين ببعضهما البعض الملك "صيفاقس" والملك ماسينيسا وجرهما إلى الصراع البونيقي والصراع المحتدم بين الرومان والقرطاجيين. لذلك كان ماسينيسا شخصية مفضلة بلا ريب في كتابات المؤرخين الرومان؛ لكونه ساعد كثيرا القوات الرومانية على دك كل معاقل القوات القرطاجية. بيد أن الرومان سينقلبون ضده ويوزعون تركته بين أولاده الثلاث. وفي هذا الصدد يقول الكاتب المغربي عبد الله العروي في كتابه تاريخ شمال افريقيا «ثم يحتد الصراع بين روما وقرطاج أثناء الحربين البونيقيتين الأولى والثانية ويجتاز شيبو(سيپيون) إلى أفريقيا مبحرا من الجزيرة الأيبيرية قصد إيجاد حلفاء بربر ضد أعدائه. فينتهزها المؤرخون فرصة ثالثة ويقدمون لنا الجماعات المقيمة غرب التراب القرطاجي والتي كانت تسمى كلها آنذاك بالنواميد وتنقسم إلى قسمين: الماسيل شرقا والماسيسيل غربا. تتلخص أخبار تلك الحقبة في سيرتي رجلين، يمثل كل واحد منهما إحدى الجماعتين البربريتين: ماسينيسا الزعيم المسيلي وصيفاقس الزعيم المزسيلي. يسوق المؤرخون القدامى أخبارا طويلة حول ماسينيسا، جاعلين منه بطل مغامرات شيقة، ليست في الواقع سوى انعكاسات لسياسة روما في المغرب الاوسط ، بل يرويها پوليپ، المؤرخ اليوناني، ضمن تاريخ عائلة شيبو (سيپيون) التي يعترف بالولاء لها الزعيم النوميدي والمؤرخ اليوناني معا. قد يتنازع المؤرخون إلى ما لانهاية حول السؤال التالي: هل استغلت روما ماسينيسا للقضاء على قرطاج أم بالعكس استخدم ماسينيسا روما لبناء دولة نوميدية قوية بقصد توحيد شمال أفريقيا بعد استيعاب الحضارة البونيقية؟ لكن الأمر المحقق هو أن كل المبادرات كانت بيد مشيخة روما، بعد انتهاء الحرب البونيقية الثانية سنة 202 قبل الميلاد. كان الرومان يستطيعون في أي وقت توقيف أي حركة يشمون فيها خطرا على مصلحتهم.» وعليه، فقد أوشك صيفاقس أن يؤسس دولة البربرية كبرى تمتد شرقا وغربا، وتستطيع أن تقف في وجه القوات الرومانية المتوحشة لولا ماسينيسا الذي خيب طموحات صيفاقس السياسية والعسكرية حيث أدخله في حروب استنزافية أدت بصيفاقس إلى مقتله في العاصمة الرومانية.
نجح صدر بعل و سيفاكس في الفرار بعد الهزيمة في معركة اوتيكا وفرّ معهما عدداً قليلاً من الجنود الذين فروا من المذبحة التي حدثت في المعسكر القرطاجي بعد المعركة. مع وصول 4,000 جندي من المرتزقة الايبيريين من غاليا و اسبانيا، قرر القرطاجيون إيقاف جيش سكيبيو الإفريقي عن التقدم عبر إفريقية. جمع جنوداً جدد في قرطاجنة وفي نوميديا، وأصبح لدى صدربعل جيسكو وصيفاقس 30,000 جندي. وفي عام 203 ق.م، غادر سكيبيو معسكره في يوتيكا لمواجهة صدربعل جيسكو وصيفاقس في مكان يدعى السهول الكبرى.
ضغط الفرسان الرومان و النوميديين على المشاة والفرسان القرطاجيين في الجناحين حتى أبعدوهم عن ميدان المعركة، ليبقى المشاة الأيبيريين فقط في الميدان. قاتل المشاة الأيبيريون بضراوة، غير أن عددهم كان مساوياً للصف الأول من حاملي الرماح الرومان. أمر سكيبيو مشلته الخفيفة والثقيلة بمهاجمة الأيبيريين من الجانبين. وبهذه الطريقة، وقع المرتزقة الأيبيريون في الفخ. لم يتمكن سوى عدداً قليلاً من الأيبيريين من الفرار من القتل.
فر صيفاقس عائداً إلى مملكته في نوميديا، لكن ماسينيسا لاحقه مع تعزيزات رومانية بقيادة لايوس، وهزموه في معركة سيرتا، والتي وقع فيها أسيراً، وبذلك أصبح ماسينيسا ملكاً على نوميديا، تلك الأرض التي كان قد نُفي منها من قبل.
صيفاقس (Syphax) أو "سيفاقس" أو "سيفاغس" أو "سفك" ملك نوميدي امازيغي او سفك عند ابن خلدون وقد عاش الملك صيفاقس في القرن الثالث قبل الميلاد. وينتمي إلى الأسرة المازيسولية التي كان موطنها نوميديا الغربية. وقد صار ملكا لها، واتخذ عاصمة له أو ما يسمى الآن في سيكا أو سيگا (عين تيموشنت حاليا). وهناك مملكة أخرى تقابلها في الشرق تسمى ماسيليا التي ينتمي إليها الملك ماسينيسا ويفصلها عن الأولى نهر الشلف الحالي ، وتمتد في حدودها الترابية حتى قرطاجنة في تونس وبتعبير آخر، هناك نوميديا الشرقية (ماسيليا) ، ونوميديا الغربية (مملكة ماسيسيليا). ودخل صيفاقس في معركة السهول الكبرى مع القرطاجيين لإيقاف زحف جيش سكيبيو الإفريقي من التقدم داخل إفريقية لكنه انهزم وانسحب إلى مملكته الموجودة في نوميديا ، ولكنه لم يسلم من الهزيمة مرة أخرى؛ حيث قد تبعه اثنان من القادة الطامعين في هزيمته لصالح سكيبيو (يعتقد أنه منهم ماسينيسا الموالي لروما) واستطاعا هزيمته في معركة أخرى عُرفت باسم معركة سيرتا، حيث أسر ومن ثم قتل سنة 203 قبل الميلاد
سعى كل من القرطاجيين، بقيادة حنبعل، والرومان إلى التحالف مع زعيم قبائل المازيسيل صيفاقس، حتى يساعد إحداهما في حربها ضد الأخرى.
لكن الملك سيفاكس اختار طريقا آخر تمثل في محاولة الصلح بينهما، وهذا لتجنيب نوميديا الحرب، إذ كان يعمل على بناء جيوشه استعدادا لأيام عصيبة ضد روما.
اشتدت الحرب (Les guerres puniques) بين الرومان والقرطاجيين فحاولت كل من روما و قرطاجة أن تجذب الملك "صيفاقس" لصالحها كي يساعدها في حروبها الطويلة الأمد ضد منافستها اللدودة. وتدخل صيفاقس في البداية للصلح بين الطرفين، ولكن الحكومة الرومانية كانت متعنتة في مواقفها المعادية للقرطاجنيين. فمال صيفاقس إلى قرطاجنة وتزوج بالجميلة الفينيقية الحسناء “صوفونيسبا” التي ستكون سببا في تغيير تاريخ شمال افريقيا. وأصبح "صيفاقس" مواليا للقوات القرطاجنية في حين، التجأت الحكومة الرومانية إلى شاب أمازيغي طموح ألا وهو الملك ماسينيسا فأغرته بامتيازات عدة تتمثل في غرامات مالية والسماح له بالتوسع في أراضي القرطاجنيين التي سيحصل عليها بمجرد القضاء على منافسه صيفاقس والتحالف مع الرومان للقضاء على القوات القرطاجنية. وهكذا استطاع بعد التحاق القواتا لرومانية بجيش هذا الاخير أن يهزم صيفاقس الماسايسولي؛ ثم مكّن الرومان من الانتصار على أمهر جنرال عرفه التاريخ القديم، ألا وهو هانيبال القرطاجي؛ وذلك في معركة زاما الشهيرة، سنة 202 ق.م حيث كان للخيالة النوميديين قصب وسبب فوز الرومان بالمعركة.كان ماسينيسا قد انقلب على حليفته قرطاجة بسبب معاملتها له كتابع وكان تمسكه بـمبدأ افريقيا للافارقة سبب خلافه مع قرطاجة
ومما أثار حفيظته ضدها بشكل خاص، حسب ما روي، هو تزويج القرطاجيين صيفاقس مخطوبته صوفونيسبا. والواقع أن جيرانه القرطاجنيين كانوا متواطئين مع خصمه الماسولوسي قصد القضاء على ملكه. فلم يجد بدا من محالفة الرومان، مع إضمار غايته القصوى في نفسه، وهي إنشاء المملكة البربرية موحدة مستقلة عن كل نفوذ أجنبي، ولاسيما أن اتفاقية الصلح بين روما وقرطاجة (201 ق.م) كانت تنص على أن من حقه أن يعمل من أجل استرجاع جميع الأراضي التي كانت بقبضة أجداده، في غير تحديد لتلك الأراضي.” ومن المعلوم أيضا، أن الملك "صيفاقس" قد تحالف في البداية مع الرومان إبان الحرب البونيقية الثانية، وكان في نفس الوقت معارضا لغايا ملك نوميديا الشرقية وابنه ماسينيسا المتحالفين مع القرطاجنيين. لكن صيفاقس سيتوسع في مملكة نوميديا الشرقية بعد وفاة ملكها غايا وسيتحالف مع القرطاجنيين الذين قدّموا إليه يد العون في توسعه الترابي، وزوجوه حسناء قرطاجنة، وهي من أعلى طبقة اجتماعية وهي الفتاة “صوفونيسبا” بنت هادربال جيسكو قائد قوات قرطاجنة. وهكذا، نجد صيفاقس يدخل في تحالف عسكري مع القرطاجنيين ضد الرومان من أجل أن يحظى برضى عشيقته. وبالتالي، سيخوض صراعا مريرا ضد أخيه البربري ملك ماسينيسا الذي كان في بداية الأمر مواليا للفينيقيين، ولما رأى تهاون قرطاجنة وعدم مبالاتها تجاه حقه في الولاية على عرش أبيه، خرج عن طاعة قرطاجنة عام158 قبل الميلاد وتحالف مع الحكومة الرومانية وخاصة مع القائد الروماني الأكبر سيپيون الأفريقي لمحاصرة قرطاجنة وتطويق ملك صيفاقس في مملكته مازولة. ولقد استطاع القائد الروماني "گايوس لايليوس" أن ينتصر على "صيفاقس" وأن يوقعه أسيرا سنة 203 قبل الميلاد و أرسل صيفاقس بعد ذلك أسيرا من قبل الجنرال الروماني سيبون الأفريقي حيث مات سنة 202 أو203 قبل الميلاد. وقد تولى الحكم بعد صيفاقس ابنه فيرمينا الذي يعد آخر ملك مازوليسي قبل أن توحد مملكة نوميديا من قبل ماسينيسا
+ ضريح الملك سيفاكس في تاخمارت ولاية تيارت +
عرف صيفاقس كيف يتعامل مع السكان النوميديين بانتهاجه نظام اللامركزية في تسيير الحكم وفي تنظيم إدارة مملكته الموحدة، فكانت له عاصمتان: سيكا على نهر التافنة وسيرتا في شرق المملكة، حيث كان لهما مسيّرون محلّيّون يستندون في حكمهم إلى مجالس شبه قبلية ورجال الدين، زيادة على جباة الضرائب وضباط الجيش".
ورغم قصر المدة الزمنية التي تولى فيها صيفاقس الزعامة على نوميديا بشطريها الشرقي والغربي، إذ لم تتعدّ الثلاث سنوات، أي من 205 إلى 203 قبل الميلاد، إلا أنه استطاع أن يضع اللبنة الأولى لقيام الدولة النوميدية الموحدة من وادي ملوية غربا الى حدود مدينة قرطاجة شرقا
انتقل "صيفاقس" من زعيم قبلي إلى ملك يحكم سلطنة البربرية شاسعة الأطراف، ثم حمل التاج والصولجان، وضرب العملة باسمه، ونظم الجيش البربري تنظيما محكما متأثرا في ذلك بالتنظيمين: القرطاجي والروماني. واستعان كذلك بابنه "فيرمينا" في تسيير الشؤون الحربية والعسكرية. ” ومع أنه تأثر كثيرًا بتقاليد اليونان السياسية، إلا أنه كان يعتمد في ممارسة سلطته على مساعدة زعماء القبائل. كانت له علاقات دبلوماسية مع كل من قرطاجة و روما. كانت لغة الحياة اليومية والتخاطب في مملكته هي البربرية و الخط المستخدم هو التيفيناغ، وكانت لغة اسمه هو المقصود فيما كتبه ابن خلدون عن أصل البربر إذ قال إن جدهم هو “سفك”؛ يعزز هذا الفرض أن بلوتارك (Plutarkhos) زعم شيئا من هذا القبيل.” ويعد صيفاقس أيضا من الملوك البربريين الأوائل الذين سعوا إلى توحيد البربر وجمع شملهم تحت دولة واحدة وهي دولة تامازغا (دولة البربريين). ويتضح هذا عندما أراد أن يوحد مملكة نوميديا الشرقية مازيلة (ماسيليا) ومملكة نوميديا الغربية مازيسولة (ماسيليسيا) في إطار دولة بربرية كبرى تمتد من قرطاجنة التونسية شرقا إلى نهر ملوية غربا.
هذا، ولم يتحالف صيفاقس مع القرطاجنيين عسكريا ونسبا إلا من أجل محاربة روما والوقوف في وجه قواتهم الغازية التي كانت تستهدف إذلال البربريين وتركيعهم. وكان الملك "صيفاقس" يرى أن توحيد تامازغا لن يكون إلا على يديه؛ بيد أن سلطانه السياسي سينهار غدرا سنة 203 قبل الميلاد على يد منافسه البربري النوميدي الملك ماسينيسا ويكشف لنا هذا المآل التاريخي التراجيدي صراع البربريين مع بعضهم البعض، وتطاحنهم حول السلطة وتنافسهم حول الامتيازات والمصالح الشخصية عن طريق التقرب من الرومان من أجل الحصول على الجوائز والهبات والغنائم على حساب التنكيل بقرطاجنة وضرب حضارة الفينيقيين التي أسدت الكثير إلى الحضارة البربرية. وفي هذا الصدد يقول الأستاذ العربي اكنينج: «يتضح من تاريخ الممالك البربرية، أن علاقة البربر بفينيقيي قرطاجة، لم تكن تتسم بالتصادم والجفاء. فقد تفاعل سكان شمال إفريقيا مع الفينيقيين، واندمجوا معهم لأنهم كانوا يشعرون أنهم من أصل واحد وتربطهم أكثر من رابطة، لذا تحالفوا معهم ضد روما. وكان صيفاقس رئيس مملكة مازيسولة وزوج "صفان بعل" ابنة هاسدروبال، حليف قرطاج …هو الوطني الذي ناضل وحارب دفاعا عن إمبراطورية شمال إفريقيا ضد الإمبراطورية الغربية عن المنطقة والمتمثلة.»
وهكذا نجد القائد الروماني سيبون يستغل النوميد للقضاء على قرطاجة أولا واحتلال نوميديا ثانيا عن طريق ضرب ملكين ببعضهما البعض الملك "صيفاقس" والملك ماسينيسا وجرهما إلى الصراع البونيقي والصراع المحتدم بين الرومان والقرطاجيين. لذلك كان ماسينيسا شخصية مفضلة بلا ريب في كتابات المؤرخين الرومان؛ لكونه ساعد كثيرا القوات الرومانية على دك كل معاقل القوات القرطاجية. بيد أن الرومان سينقلبون ضده ويوزعون تركته بين أولاده الثلاث. وفي هذا الصدد يقول الكاتب المغربي عبد الله العروي في كتابه تاريخ شمال افريقيا «ثم يحتد الصراع بين روما وقرطاج أثناء الحربين البونيقيتين الأولى والثانية ويجتاز شيبو(سيپيون) إلى أفريقيا مبحرا من الجزيرة الأيبيرية قصد إيجاد حلفاء بربر ضد أعدائه. فينتهزها المؤرخون فرصة ثالثة ويقدمون لنا الجماعات المقيمة غرب التراب القرطاجي والتي كانت تسمى كلها آنذاك بالنواميد وتنقسم إلى قسمين: الماسيل شرقا والماسيسيل غربا. تتلخص أخبار تلك الحقبة في سيرتي رجلين، يمثل كل واحد منهما إحدى الجماعتين البربريتين: ماسينيسا الزعيم المسيلي وصيفاقس الزعيم المزسيلي. يسوق المؤرخون القدامى أخبارا طويلة حول ماسينيسا، جاعلين منه بطل مغامرات شيقة، ليست في الواقع سوى انعكاسات لسياسة روما في المغرب الاوسط ، بل يرويها پوليپ، المؤرخ اليوناني، ضمن تاريخ عائلة شيبو (سيپيون) التي يعترف بالولاء لها الزعيم النوميدي والمؤرخ اليوناني معا. قد يتنازع المؤرخون إلى ما لانهاية حول السؤال التالي: هل استغلت روما ماسينيسا للقضاء على قرطاج أم بالعكس استخدم ماسينيسا روما لبناء دولة نوميدية قوية بقصد توحيد شمال أفريقيا بعد استيعاب الحضارة البونيقية؟ لكن الأمر المحقق هو أن كل المبادرات كانت بيد مشيخة روما، بعد انتهاء الحرب البونيقية الثانية سنة 202 قبل الميلاد. كان الرومان يستطيعون في أي وقت توقيف أي حركة يشمون فيها خطرا على مصلحتهم.» وعليه، فقد أوشك صيفاقس أن يؤسس دولة البربرية كبرى تمتد شرقا وغربا، وتستطيع أن تقف في وجه القوات الرومانية المتوحشة لولا ماسينيسا الذي خيب طموحات صيفاقس السياسية والعسكرية حيث أدخله في حروب استنزافية أدت بصيفاقس إلى مقتله في العاصمة الرومانية.
نجح صدر بعل و سيفاكس في الفرار بعد الهزيمة في معركة اوتيكا وفرّ معهما عدداً قليلاً من الجنود الذين فروا من المذبحة التي حدثت في المعسكر القرطاجي بعد المعركة. مع وصول 4,000 جندي من المرتزقة الايبيريين من غاليا و اسبانيا، قرر القرطاجيون إيقاف جيش سكيبيو الإفريقي عن التقدم عبر إفريقية. جمع جنوداً جدد في قرطاجنة وفي نوميديا، وأصبح لدى صدربعل جيسكو وصيفاقس 30,000 جندي. وفي عام 203 ق.م، غادر سكيبيو معسكره في يوتيكا لمواجهة صدربعل جيسكو وصيفاقس في مكان يدعى السهول الكبرى.
واجه الجيش الروماني بقيادة سكيبو وحليفة النوميدي ماسينيسا جيشاً من القرطاجيين والنوميديين، مدعماً بالمرتزقة الأيبيريين، تحت قيادة هاسدروبال جيسكو وسيفاكس. وضع صدربعل المرتزقة الأيبيريين في القلب، وفي الجناحين المشاة والفرسان القرطاجيين، بينما تشكل الجيش الروماني من ثلاثة صفوف، الأول من حاملي الرماح والثاني من المشاة الخفيفة والثالث من المشاة الثقيلة. ووزع فرسان ماسينيسا على الاجنحةضغط الفرسان الرومان و النوميديين على المشاة والفرسان القرطاجيين في الجناحين حتى أبعدوهم عن ميدان المعركة، ليبقى المشاة الأيبيريين فقط في الميدان. قاتل المشاة الأيبيريون بضراوة، غير أن عددهم كان مساوياً للصف الأول من حاملي الرماح الرومان. أمر سكيبيو مشلته الخفيفة والثقيلة بمهاجمة الأيبيريين من الجانبين. وبهذه الطريقة، وقع المرتزقة الأيبيريون في الفخ. لم يتمكن سوى عدداً قليلاً من الأيبيريين من الفرار من القتل.
فر صيفاقس عائداً إلى مملكته في نوميديا، لكن ماسينيسا لاحقه مع تعزيزات رومانية بقيادة لايوس، وهزموه في معركة سيرتا، والتي وقع فيها أسيراً، وبذلك أصبح ماسينيسا ملكاً على نوميديا، تلك الأرض التي كان قد نُفي منها من قبل.