خلال الآونة الأخيرة، عاد الكلوروكين ومشتقاته للواجهة. فبعد الضجة التي أثارها البروفيسور الفرنسي المختص بالأمراض المعدية ديدي راؤول حول قدرة هذه الأدوية المضادة للملاريا على مجابهة فيروس كورونا المستجد الذي أزهق أرواح حوالي 325 ألف شخص، تحدّث الرئيس الأميركي دونالد ترمب مؤخرا عن تناوله لدواء هيدروكسي كلوروكين، المشتق من الكلوروكين، كإجراء وقائي، مصنفا هذا القرار على أنه شخصي لتوفير حماية إضافية.
ومع بروز نجم هذا الدواء مجددا، يتساءل كثيرون عن تاريخ الكلوروكين ومشتقاته وكيفية ظهوره وتحوله لدواء هام في وجه الملاريا.
فخلال القرن السابع عشر، لاحظ الأوروبيون عادة غريبة لدى السكان الأصليين بالبيرو جنوب القارة الأميركية، حيث لجأ السلكان منذ فترة الإنكا، في المناطق الاستوائية عند سلسلة جبال
الأنديز (Andes) لاستخراج دواء من لحاء شجر الكينا (Cinchona)، التي وصفها بشكل دقيق عالم النباتات السويدي كارل لينيوس (Carl Linnaeus) بالقرن 18، واستخدموه لعلاج الحمى والارتجاف.
ولعب الرهبان اليسوعيون، الذين أخذوا على عاتقهم مهمة نشر المسيحية نحو العالم الجديد، الدور الأهم في التعرف على طبيعة هذه النبتة ونقلها نحو أوروبا.
فأثناء تواجده بمدينة ليما (Lima) خلال النصف الأول من القرن السابع عشر، نقل الراهب والصيدلي أغسطينو سالومبرينو (Agostino Salumbrino) بعضا من لحاء شجر الكينا لروما لتجربتها في علاج عدد من الأمراض كالملاريا.
ومع تحقيقه لنجاح محدود، تحوّل لحاء شجر الكينا لإحدى أهم السلع التي صارت تنقل من جنوب القارة الأميركية لأوروبا. وقد انتظر الجميع حينها حلول العام 1820 ليتمكن عالما الكيمياء الفرنسيان جوزيف بيليتييه (Joseph Pelletier) وجوزيف كافينتو (Joseph Caventou) من اكتشاف العنصر النشط بهذه المادة والذي عرف لاحقا باسم الكينين (Quinine) وتميّز بكونه مركبا أبيض بلوريا شبه قلوي.
عام 1934، اكتشف العالم الألماني هانس أندرساج (Hans Andersag)، العامل لصالح مؤسسة باير (Bayer)، الكلوروكين، الذي مثّل نظيرا للكينين، وأطلق عليه في البداية تسمية ريسوكين (Resochin)، المعروف أيضا بفوسفات الكلوروكين، كما ابتكر أيضا بعد بضع سنوات مكونا آخر عرف بسونتوكين (Sontochin) واشتهر أيضا باسم 3-methyl-chloroquine.
وصنّف الكلوروكين عقب ابتكاره كمادة مضرة وسامة واعتبر خطرا على صحة الإنسان فتجاهله بذلك العالم لمدة قاربت العقد من الزمن واتجهوا بدلا من ذلك للتركيز على السونتوكين. مع سقوط فرنسا في قبضة الألمان خلال الحرب العالمية الثانية ودخول الفيلق الإفريقي الألماني لتونس لاحقا، اتجه بعض الأطباء الفرنسيين، كالطبيبين جون فيليب ديكورت (Philippe Jean Decourt) وجان شنايدر (Schneider)، لنقل كميات من السونتوكين، عقب اتفاق مع مؤسسة فاربن (IG Farben)، لتونس بهدف إجراء تجارب سريرية لهذا الدواء أملا في التأكد من مدى فاعليته في مجابهة الملاريا.
وقد عرفت هذه التجارب في تونس نهايتها مع بداية غزو الحلفاء لشمال إفريقيا خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1942 وسقوط تونس وهزيمة الألمان خلال شهر أيار/مايو 1943. وأمام هذا الوضع، قرر الطبيب شنايدر عرض خدماته على الحلفاء فنقل للجزائر العاصمة يوم 23 ايار/مايو 1943 أين حلّ مصحوبا بنحو 5 آلاف قرص من السونتوكين ونتائج أشهر من الأبحاث ليعرضها على الأميركيين الذين أبدوا اهتماما شديدا بالأمر.
مع بلوغ هذه العينات الولايات المتحدة الأميركية خلال شهر تموز/يوليو 1943، اتجه العلماء الأميركيون لإدخال تحويرات عليها وأعادوا تسميتها بكلوروكين، خاصة مع تشابه تركيبتها بتركيبة الريسوكين، خلال شهر شباط/فبراير 1946 بعد التأكد من دورها في مجابهة الملاريا. وبالعام التالي، اعتمد الكلوروكين كدواء للملاريا واستخدم بالمستشفيات الأميركية.
خلال السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، تحول المبيد الحشري المعروف بالدي دي تي (DDT) والكلوروكين لأسلحة منظمة الصحة العالمية لمجابهة مرض الملاريا حيث استخدم الأول للقضاء على البعوض الناقل للطفيليات بينما استخدم الثاني للوقاية ومعالجة المرض.
إلى ذلك، شهدت أيضا فترة الخمسينيات اعتماد دواء هيدروكسي كلوروكين، المشتق من الكلوروكين، بالولايات المتحدة الأميركية والذي استخدم لمجابهة أمراض عدة كالملاريا والتهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة الحمامية والبرفيرية الجلدية الآجلة.
ومع بروز نجم هذا الدواء مجددا، يتساءل كثيرون عن تاريخ الكلوروكين ومشتقاته وكيفية ظهوره وتحوله لدواء هام في وجه الملاريا.
فخلال القرن السابع عشر، لاحظ الأوروبيون عادة غريبة لدى السكان الأصليين بالبيرو جنوب القارة الأميركية، حيث لجأ السلكان منذ فترة الإنكا، في المناطق الاستوائية عند سلسلة جبال
ولعب الرهبان اليسوعيون، الذين أخذوا على عاتقهم مهمة نشر المسيحية نحو العالم الجديد، الدور الأهم في التعرف على طبيعة هذه النبتة ونقلها نحو أوروبا.
فأثناء تواجده بمدينة ليما (Lima) خلال النصف الأول من القرن السابع عشر، نقل الراهب والصيدلي أغسطينو سالومبرينو (Agostino Salumbrino) بعضا من لحاء شجر الكينا لروما لتجربتها في علاج عدد من الأمراض كالملاريا.
ومع تحقيقه لنجاح محدود، تحوّل لحاء شجر الكينا لإحدى أهم السلع التي صارت تنقل من جنوب القارة الأميركية لأوروبا. وقد انتظر الجميع حينها حلول العام 1820 ليتمكن عالما الكيمياء الفرنسيان جوزيف بيليتييه (Joseph Pelletier) وجوزيف كافينتو (Joseph Caventou) من اكتشاف العنصر النشط بهذه المادة والذي عرف لاحقا باسم الكينين (Quinine) وتميّز بكونه مركبا أبيض بلوريا شبه قلوي.
عام 1934، اكتشف العالم الألماني هانس أندرساج (Hans Andersag)، العامل لصالح مؤسسة باير (Bayer)، الكلوروكين، الذي مثّل نظيرا للكينين، وأطلق عليه في البداية تسمية ريسوكين (Resochin)، المعروف أيضا بفوسفات الكلوروكين، كما ابتكر أيضا بعد بضع سنوات مكونا آخر عرف بسونتوكين (Sontochin) واشتهر أيضا باسم 3-methyl-chloroquine.
وصنّف الكلوروكين عقب ابتكاره كمادة مضرة وسامة واعتبر خطرا على صحة الإنسان فتجاهله بذلك العالم لمدة قاربت العقد من الزمن واتجهوا بدلا من ذلك للتركيز على السونتوكين. مع سقوط فرنسا في قبضة الألمان خلال الحرب العالمية الثانية ودخول الفيلق الإفريقي الألماني لتونس لاحقا، اتجه بعض الأطباء الفرنسيين، كالطبيبين جون فيليب ديكورت (Philippe Jean Decourt) وجان شنايدر (Schneider)، لنقل كميات من السونتوكين، عقب اتفاق مع مؤسسة فاربن (IG Farben)، لتونس بهدف إجراء تجارب سريرية لهذا الدواء أملا في التأكد من مدى فاعليته في مجابهة الملاريا.
مع بلوغ هذه العينات الولايات المتحدة الأميركية خلال شهر تموز/يوليو 1943، اتجه العلماء الأميركيون لإدخال تحويرات عليها وأعادوا تسميتها بكلوروكين، خاصة مع تشابه تركيبتها بتركيبة الريسوكين، خلال شهر شباط/فبراير 1946 بعد التأكد من دورها في مجابهة الملاريا. وبالعام التالي، اعتمد الكلوروكين كدواء للملاريا واستخدم بالمستشفيات الأميركية.
خلال السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، تحول المبيد الحشري المعروف بالدي دي تي (DDT) والكلوروكين لأسلحة منظمة الصحة العالمية لمجابهة مرض الملاريا حيث استخدم الأول للقضاء على البعوض الناقل للطفيليات بينما استخدم الثاني للوقاية ومعالجة المرض.
إلى ذلك، شهدت أيضا فترة الخمسينيات اعتماد دواء هيدروكسي كلوروكين، المشتق من الكلوروكين، بالولايات المتحدة الأميركية والذي استخدم لمجابهة أمراض عدة كالملاريا والتهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة الحمامية والبرفيرية الجلدية الآجلة.
من البيرو إلى تونس.. هذه قصة دواء ترمب
خلال الآونة الأخيرة، عاد الكلوروكين ومشتقاته للواجهة. فبعد الضجة التي أثارها البروفيسور الفرنسي المختص بالأمراض المعدية ديدي راؤول حول قدرة هذه الأدوية
www.alarabiya.net